الأسواق الحضارية هدفها القضاء على الأسواق العشوائية وتحسين المظهر الحضاري بأسيوط
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
تم تنفيذ مشروع تطوير الأسواق العشوائية في محافظة أسيوط كجزء من التحركات التنموية التي قامت بها الحكومة خلال السنوات الأخيرة. وضعت الحكومة خطة قومية لتحسين وتطوير الأسواق العشوائية بهدف تحسين الظروف المعيشية للسكان، تحسين الاقتصاد المحلي، وتوفير بدائل للأسواق التقليدية.
أحد أهم الأسواق التي تم تطويرها في إطار هذا المشروع هو سوق الحمراء بحي شرق أسيوط.
تم اعتماد خمسة أسواق تاريخية أخرى في مناطق القرى والمدن بمحافظة أسيوط لتكون جزءًا من هذا المشروع. يهدف ترميم هذه الأسواق إلى الحفاظ على التراث المعماري والثقافي في المنطقة وتعزيز السياحة المحلية. ومن المأمول أن يساهم تطوير هذه الأسواق في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة.
تم النقل وإعادة توطين الباعة الجائلين إلى الأسواق الجديدة التي تم تطويرها، وتم توفير بنية تحتية مناسبة بما في ذلك الطرق والمرافق التي تحفظ سلامة الجميع. يتم مراقبة وإدارة هذه الأسواق بشكل دوري لضمان توفير بيئة تجارية آمنة ونظيفة.
جانب من الاسواق الحضارية باسيوطحيث سعت الأجهزة التنفيذية خلال السنوات القليلة الماضية إلى تغيير أوضاع السوق في مدن وبلدات محافظة أسيوط. المشروع الوطني لتطوير الأسواق العشوائية كان من أهم المشاريع التي عملت عليها الحكومة، واهتمت الحكومة بالحد من ظاهرة إشغال الأرصفة والسعي لإعطاء صورة حضارية وبعد جديد للأسواق والاقتصاد المحلي، وتوفير البدائل نظرًا للأسواق القديمة ونقل البائعين، تم النظر في ضرورة أن تكون هذه الأسواق الجديدة قريبة من المجمع السكني. مثل سوق الحمراء بحي شرق أسيوط، بالإضافة إلى خمسة أسواق حضرية بمناطق المحافظة.
يقول المهندس مصطفى عبد الفتاح، مدير فرع هيئة الأبنية التعليمية بأسيوط، بصفته الجهة المسئولة عن تنفيذ الأسواق الحضارية بأسيوط، إن مشروعات السوق كان لها مشاركة كبيرة في مبادرة "حياة كريمة"، وذلك في الأسابيع الأخيرة، تم بالفعل الانتهاء من إنشاء خمسة أسواق حضارية سيتم افتتاحها قريبا، اثنان منها في ديروط الأول في قرية مسارة، والثاني في دشلوط، والثالث في المعابدة الشرقية مركز ابنوب، الرابعة في عرب مطير بمركز الفتح، والأخيرة في قرية المطمر بساحل سليم. وستمثل هذه الأسواق تغييراً مهماً في الخدمات المقدمة للمواطنين كبديل للأسواق القديمة.
أكد اللواء عصام سعد، محافظ أسيوط، أن محافظة أسيوط تشهد اهتماما عاليا غير مسبوق بالأسواق بالمشروعات التنموية والخدمية، خاصة مشروعات المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" والتي تم تنفيذها ويجري تنفيذها في الفترة الأولى مرحلة. حيث تم الانتهاء من 14 مشروع سوق حضري ومواقف نموذجية ونقاط إطفاء قيد التنفيذ تم تنفيذها تحت إشراف هيئة المباني التعليمية وتم استلام 5 أسواق حضرية.
وأوضح محافظ اسيوط، أنه تفقد موقع إنشاء السوق الحضري للخضروات والفواكه بقرية الكوم الأحمر بمركز البداري، ضمن مشروعات برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر بتمويل جزئي من البنك الدولي.
وأشار محافظ اسيوط إلى أن سوق البداري الحضري ظهر لتلبية احتياجات مدينة البداري، حيث سيضم أقسام الخضار والفواكه التي تتميز بها بلدات ومراكز البداري والمحاصيل المجاورة وخاصة الرمان والحمضيات والخضروات. مشيراً إلى أنه التقى ببعض أهالي مركز البداري وتجار الفواكه والخضروات بالمركز وبعض مزارعي المركز وناقش معهم مخططات إقامة السوق والاستماع إلى مقترحات السادة السكان والتجار لتقديم الخدمات والتسهيلات للسوق وفق أحدث المواصفات والاشتراطات الفنية، موضحاً أن السوق سيخدم محصولي الرمان والحمضيات. ويتم تصدير الخضار والفواكه التي تتميز بها مدن ومراكز الحكومة إلى معظم دول العالم وإلى الأسواق المحلية والخارجية.
وأشار اللواء عصام سعد إلى أن المشروعات المقرر تنفيذها ضمن برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر تشمل “إنشاء وتطوير مواقف السيارات والأسواق الحضرية والمجمعات التجارية”، وتضم في مرحلتها الحالية 7 مشروعات من بينها مشروع إنشاء سوق ومجمع تجاري وإداري في منطقة المملوكية العشائرية بمدينة الأربعين بمديرية غرب، وإنشاء سوق عام للخضار والفواكه بالمركز. ومدينة البداري إنشاء سوق حضري للباعة المتجولين في مدينة أبنوب، وإنشاء سوق للماشية في قرية الزرابي مركز أبوتيج، بالإضافة إلى تطوير الكتل الاقتصادية”. من الرمان والنباتات الطبية العطرية."
وأوضح اللواء عصام سعد، أن مشروعات الأسواق تهدف بشكل أساسي إلى القضاء على الأسواق العشوائية بالقرى وتحسين المظهر الحضاري وتوفير الأماكن المناسبة لتمكين صغار التجار من ممارسة نشاطهم، بالإضافة إلى أن الأسواق ستساهم في تنظيم العملية التجارية. السلع والسماح لصغار المزارعين بتسويق منتجاتهم دون الحاجة إلى تحمل تكاليف كبيرة. وفي عملية النقل، أشار إلى أن هذه المشاريع ساهمت في خلق فرص عمل مؤقتة خلال مراحل الإنشاء وأخرى دائمة بعد التشغيل، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال الأنشطة المصاحبة لها.
من المتوقع أن يساهم مشروع تطوير الأسواق العشوائية في محافظة أسيوط في تعزيز روح التجارة المحلية وتعزيز الاقتصاد المحلي. كما سيساهم هذا المشروع في تحسين جودة الحياة للمواطنين وتوفير خيارات تسوق متنوعة ومناسبة للجميع. تعتبر هذه الجهود تحت مظلة الحكومة جزءًا من التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة في محافظة أسيوط.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أسيوط محافظة أسيوط محافظ أسيوط اللواء عصام سعد رئيس الوحدة المحلية رئيس حي شرق أسيوط غرب أسيوط ديروط القوصية منفلوط مركز أسيوط ابوتيج صدفا الغنايم البداري ساحل سليم الفتح أبنوب محافظة أسیوط هذه الأسواق إنشاء سوق
إقرأ أيضاً:
كيف زيِّفت أوروبا ذاتها الحضارية؟!
••هل تنهض المجتمعات لخصائص ثقافية متأصلة فيها أم يعود الأمر لسبب آخر؟ إن هذا السؤال يحتل موقعاً مركزياً في البحوث الاجتماعية المعاصرة، ويراد به فحص الجدل الدائر حول أسباب النهضة والتقدم الاجتماعي، ولعل طرحه يعود لفترة أقدم حين اطمئن علماء الأنثروبولوجيا إلى فرضية علاقة القيم الثقافية بقضية النهضة في الحياة الاجتماعية من مناحيها كافة، فالبعض منهم وضع شرطاً أساسياً لتركيز عمليات النهضة، وهو تحصيل التعليم وبناء المؤسسات، ولكن أكبر انعطافة هددت وثوقيات الاجتماعيين حول دور القيم الثقافية واعتبارها المرتكز الأساس في نهضة الشعوب، كانت على يد جاك غودي (توفي 2015م) الأنثربولوجي الإنجليزي والمحاضر الأشهر في جامعة كمبريدج، وغودي ومنذ الستينيات حين أصدر كتابه «محو الأمية في المجتمعات التقليدية «1968م» استطاع هدم الأساس الذي تقوم عليه المركزية الأوروبية ابتداءً من عصر النهضة وحتى الآن، وهي فرضة تشدد على أن ثمة خصائص «أوروبية بالطبع» موروثة من الحضارات اليونانية واللاتينية ثم من الأديان يهودية ومسيحية كلها هي التي مكَّنت لهذا الغرب من إنجاز عمليات النهضة، وما أعاق هذه العمليات في المجتمعات الأخرى هو فقدانها هذه الخبرة الثقافية المستندة إلى العقلانية والتي تنتشي فيها روحانية الشرق، وبذا فإن العالم الغربي تقدم لأنه صنع تاريخاً علمياً تسنده قيم ثقافية مكتسبة من سياق معرفي خاص، هو سياق الذات الغربية من اليونان وحتى عصر التنوير لينتج نهضةً ثقافية شاملة، أما غودي فإنه يقف على النقيض من ذلك تماماً، ويرى أن هذه السردية معرضة دائماً إلى التزوير وطغيان الأنا أكثر منها حقيقة اجتماعية، ليقول في تحليله أن تقدم جزء من العالم في الوقت الذي يتزامن معه ركود في أجزاء أخرى لا يعود إلى الخصائص الثقافية المتأصلة في طرف وغائبة في آخر، بل إن مسألة التقدم خاضعة وباستمرار لديناميكيات يمكنها أن تتوفر وفق عمليات مستمرة من التحديث الذاتي.
•وغودي نشر في العام 2007م كتابه «سرقة التاريخ» وهو بيان متماسك عن الكيفية التي استطاعت بها أوروبا أن تنسب لنفسها تراثاً علمياً لا يخصها بالدرجة الأولى، بل الأمر يشبه «السرقة» وأنها بموجب هذا التراث المركب بعنف التدوين بنت عليه قيماً إنسانية، قالت أنها أوروبية، أوروبية فقط، ويشير غودي إلى أن هذه المركزية أجبرت بقية العالم على ارتداء أقنعة تفكير لا تبصر معالم للتقدم إلا من وجهة نظر غربية في الأساس، واستمراراً في مشروعه صدر كتابه «الشرق في الغرب» والذي يعد نظرية في فضح الإدعاء الغربي بامتلاك العالم وصناعته بل وصياغة قيمه بشكل أحادي ومطلق، وقد صدر هذا الكتاب في نسخته العربية بترجمة محمد الخولي، والحقيقة أنه لا عذر لمن يشتغلون في المسألة الاجتماعية متخصصون ومهتمون من الإطلاع عليه ودراسته ونقده، وذلك للفائدة العظمى، ليس فقط كونه يفضح عمليات التنهيب التي مارستها أوروبا على العالم، وكيف صنعت أقانيم خالدة تحط من قدر كل ما هو غير أوروبي، بل الفائدة الأكبر تعود إلى كونه منجز محكم التأسيس قوي الحجة، ولدقة أحكامه فإنه يطرح التساؤل حول، متى أصبح الأوروبيون على وعي بتفوقهم بالنسبة إلى سائر الأمم؟» وفي إجابته عن هذا السؤال يقدم لنا مادة تحليلية عميقة وذات تكوين متسق يفسر بها بعض المقولات التي صنعت هذا التمايز، بل ويقوم بتفكيكها بشكل منهجي عظيم. ويستمر الرجل في هدم التصورات الأوروبية حول مركزية الغرب ضد الشرق، ويرى أن حضارات أوروبا وآسيا نشأتا من أصل واحد، بل ويرى في منجزات الفكر السياسي الأوروبي المرتبط بتطور ظاهرته الاجتماعية كونها استندت على ترسانة فكرية هي أسس عمليات التطور الاقتصادي، فإنه يرى من ضمن مقولاته الهادمة لخديعة الغرب بأن الديموقراطية ليست صناعة غربية، فهو يرى أنه إذا كان القرن الخامس عشر هو بدايات هيمنة أوروبا على العالم، وهي هيمنة أفصحت عن نفسها بمقولة رئيسة وهي أن الشرق المتخلف يحتاج إلى النهضة، والتي لن تتم إلا على يد الغرب، فإن وسم الشرق بالتخلف لا يعدو إلا عملية احتيال ممتازة العرض، فالصين ظلت البلد الأقوى في صناعة البارود منذ زمن بعيد، وهي الصناعة التي مكنت لأوروبا التوسع وغزو العالم، ولولا البارود الصيني لما استطاعت القيام بهذا الكم من عمليات الغزو لعدد من البلدان، وهو هنا يشتبه بقوة في رواية التقدم الغربية تلك التي صنعت لنفسها مساراً خطياً يبدأ من بترارك «فرانشيسكو، أحد أعمدة التفكير الإنساني في عصر النهضة» وحتى ديكارت صاحب نظرية الشك وقواعد المنهج، ويرى الأمر مجرد خدعة، فكونها «أوروبا» اعتمدت في نهضتها على بناء أسطوريتها القومية، هي تلك التي استعادت اليوناني وأدمجته في ذاتها الاجتماعية لتقول بثبات عمليات النسب الحضاري فيها، والرجل محق فالأمر ليس إبداعاً أوروبياً فالحقيقة أن عمليات استثمار الماضي هي دينامية مستقرة في أي بناء اجتماعي متحرك.
•لقد تركز نقد غودي على «عصر النهضة» أو بالأدق على الجانب المظلم في هذه السردية، وأن الأمر ليس كما تعرضه المركزية الغربية وهي تبشر بحداثتها إبان عصر التنوير، وأنه لا صحة لهذه السردية القائلة بتواصل عمليات الانتقال الحضاري منذ اليونان وحتى إيطاليا النهضة، بل يرى أنها فترات عاشت فيها الذات الحضارية الأوروبية انقطاعاتها الكبرى، فسقوط الإمبراطورية الرومانية، وبدأ اعتناق شعوبها المسيحية، ثم ظهور عهد الإقطاع وما تلاه من تطور في الاقتصاد السياسي فإنه لا يمكن والحال كذلك أن نطمئن لوجود منظومة قيم ثقافية هي سبيل لأوروبا للحصول على التفوق الحضاري دون غيرها من الأمم..
•إن جملة المناقشات حول الغرب والشرق ظلت خامدة ودون تأثير إلى أن قام جاك غودي وبفضل قدراته استخدام مناهج التحليل التاريخية والتجريبية والمقارنة في علم الاجتماع من فتح مسارات جديدة لفهم هذه العلاقة، نعم هو يريد الذات الغربية محل للدرس، وليس الآخر، فالآخر يظل انعكاس لعمليات التحليل عنده، ولذا فإن سجالات النهضة العربية لن تفلح في بناء حقائقها دون الوقوف الجاد على جدل النهضة والتقدم في الكتابة الغربية، وغودي هو أحد أهم الأمثلة المنتجة لفهم جديد في سياق علاقات الغرب والشرق، بل إن حتى الفضاء السياسي الذي يصر على احتقاب نظرة متعالية ضد كل ما هو شرق، وبالتالي عربي هو الآخر فضاء يقوم على بنية معرفية أهم ملامحها الخديعة بوجود تفوق وامتياز غربي مطلق كونه عقلاني النزعة، ضد تخبط وتراجع مستمر لشرق عاطفي التوجه، والدعوة هنا أن نبنى فضاءً تداولياً بين المعرفي في الغرب والشرق، لا أن نكتفي بالصدى دون فهم حقيقي لجذور الوعي الغربي، حينها فقط ستكون أشغالنا مستقلة وليست مجرد ردود أفعال مكتومة.
غسان علي عثمان كاتب سوداني