“سوق الحد” المغربي.. 15 بوابة لخدمة المتسوقين
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
المغرب – منذ أن كان “علي الصافي” في الثالثة عشر من عمره وهو منخرط في مهنة التجارة، الأمر بمثابة قدر يلاحق شباب منطقة سوس بأكادير المغربية، لاسيما عندما تكون ممارسة المهنة داخل السوق الأكبر في البلاد، الذي يعرف باسم “سوق الحد”.
ومنذ عام 2012، يعكف الصافي(23 عاما) على فتح متجره في الصباح الباكر بنشاط ملحوظ لاستقبال زواره.
يوفر الصافي، مختلف أنواع العسل، والزيوت، وخليط أملو (مزيج سائل من زيت الأركان إضافة إلى اللوز والعسل، وتشتهر به منطقة سوس)، وعدد من المنتجات الأخرى المرتبطة بثقافة البلد وعاداتها.
ورغم تنوع برنامج اليومي، إلا أن همه الوحيد هو “إرضاء الزوار طيلة اليوم”، خاصة أن سمعة السوق وصورته تبقى “فوق كل شيء”.
يعمل الكثير من الشباب منذ فترة المراهقة في “سوق الحد”، كعمال في المتاجر المختلفة، وبعدما يتمكنون من جني الأموال، يفتتحون متاجرهم الخاصة، سواء داخل المدينة أو خارجها.
يعد ارتباط شباب أكادير بـ”سوق الحد”، وراء شهرتهم الواسعة في المجال التجاري، حتى بات يضرب بهم المثل لقدرتهم الكبيرة على إتقان هذه المهنة، والتعامل بشكل سهل مع مواطني باقي مناطق البلاد.
وروى الصافي للأناضول عن تجربته قائلا: “متجري يوفر زيت الأركان المستخرج من شجرة الأركان النادرة، وجميع أنواع العسل والزيوت”.
وأوضح أن العمل بـ”سوق الحد” مرتبط بشكل وثيق بحركة الزبائن، مضيفا: “عندما يكون الإقبال شديد، يمكن أن نظل نعمل حتى الحادية عشرة مساء، وإذا كان الإقبال ضعيفا نغلق عند صلاة المغرب”.
وأشار إلى أن من بين الصعوبات التي واجهته في عمله خلال العامين الماضيين، ارتفاع سعر زيت الأركان بسبب قلة المتوفر منه على خلفية الجفاف، الذي ضرب بعض المناطق.
ويبلغ سعر لتر زيت الأركان في الوقت الحالي، نحو 400 درهم مغربي (40 دولارا أمريكيا).
من جهته، قال عبد الحي حميد، أمين التجار بالسوق إن “سوق الحد” تضم 15 بوابة، كلها تفضي إلى الداخل.
وأضاف للأناضول، أن البوابات تنظم عملية عرض المنتجات، حيث تفضي كل بوابة إلى عدد من المتاجر المشتركة في منتجات بعينها.
ويتم انتخاب أمين تجار “سوق الحد” من خلال التجار، للدفاع عن مصالحهم.
وفي السياق، لفت حميد إلى أن “سوق الحد” تضم كل ما يحتاجه المواطنون، مثل خليط أملو، والخضروات، والفواكه، والأواني، باعتباره السوق الأكبر في المغرب.
وأوضح أن السوق تشهد إقبالا طيلة شهور العام، خاصة أنها تسجل “توافد المواطنين من داخل المدينة وخارجها، وأيضا الأجانب”.
وتتميز “سوق الحد” بأن أبوابها تظل مفتوحة طوال اليوم، حيث يحرص التجار على إعداد الطعام بداخلها، كما تضم مسجدا كبيرا، ومطاعم، ومقاهي.
كما تعرف “سوق الحد” بنظام عمل متقن ومحدد، حيث تسمح البوابات بأن تكون كل جهة منها، مخصصة لنوعية محددة من المنتجات.
ويتواجد الزوار بشكل كثيف في “سوق الحد”، خلال عطلة نهاية الأسبوع، وخلال ساعات معينة من الصباح، وبعد صلاة العصر.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
سوريا بوابة وَحدة الأمة أو تمزقها
شهد العالم الإسلامي، والمنطقة العربية خاصة، نقاشا موسَّعا عن العلاقة بين السنة والشيعة عقب حرب تموز/ يوليو عام 2006، وكان الود يغلب على هذه النقاشات، واندفعت تظاهرات مؤيدة لحزب الله في مصر حاضنة الأزهر؛ أكبر مؤسسة سُنية في العالم، كما أخرج الإخوان المسلمون -أكبر تيار سني سياسي- أنصارهم في الشوارع يرفعون أعلام حزب الله وصور الراحل السيد حسن نصر الله.
بعد نهاية الحرب استمر علماء المذهبين في نقاشات التقريب، وروى لنا الدكتور محمد عمارة رحمه الله عام 2008 تقريبا، أن هناك لجنة تجمع الأحاديث المتفق عليها بين المذهبين، وصنفوا خمسة مجلدات حتى باب الصلاة فقط، وكان الدكتور محمد سليم العوا يذكر ذلك المصنَّف في محاضراته في جمعية مصر للثقافة والحوار، وقال إن 90 في المئة من المتون الفقهية مشتركة بين المذهبين، ولا يوجد خلاف بينهما في الأحاديث القدسية، إلا اختلاف روايات. وقال شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب بعيد توليه المشيخة ما معناه: إنه شيخ للمسلمين كلهم، سنة كانوا أم شيعة، وكان هذا وقت سار فيه مسلك التقريب إلى مدى جيد، وإن شابته مناظرة الدكتور القرضاوي مع آية الله علي أكبر هاشمي رفسنجاني عام 2009، لكن جاءت الكارثة في سوريا بعد ثورة الشعب ضد نظام بشار الأسد.
يتحدث الرئيس السوري أحمد الشرع عن وجود دولة خارجية تدعم الاضطراب الأمني في مدن الساحل التي ينشط فيها أتباع ومجرمو نظام الأسد الزائل، وإذا كانت إيران متورطة في ذلك فستبدأ إعادة الوضع إلى نقطة الصفر مرة أخرى، وتثير توترات لن يستفيد منها سوى العدو المشترك للمنطقة كلها
وقف النظام الإيراني وحزب الله داعمين لنظام بشار الأسد، وكانت الذريعة الحفاظ على خط إمداد المقاومة اللبنانية بالأسلحة، وكانت هذه النقطة ممكنة التفهُّم إن وقفت عند هذا الحد، لكن انخراط الحزب والإيرانيين في القتال إلى جانب بشار، وتداوُل شهادات عن ممارسات طائفية في قتل وتعذيب وإذلال السنة أو الثائرين على نظام بشار، أحدث ذلك شرخا واسعا وإذكاء غير مسبوق للصراع الطائفي والتباغض والتعادي على أساس المذهب، ولم يربح من هذه المعركة أحد سوى الصهاينة والأنظمة الاستبدادية. ولم يكن ينبغي لقادة الحزب أن يتصوروا أن نظاما أتى بإرادة شعبية سيقف حائلا أمام شيء قد يُسهم في تحرير الجولان السوري، أو يؤثر في المشروع الصهيوني.
كان درْس العراق عام 2003 قريبا للأذهان، فقد اندلع قتال وتفجيرات بين السنة والشيعة عقب الاحتلال الأمريكي، وقبلها حرب السنوات الثماني بين العراق وإيران، ورغم ذلك فإن هذه الدماء لم تكن عائقا عند قتال حزب الله لإسرائيل عام 2006، واصطفَّ الجميع خلف الحزب واحتفل معه، وبعدها لم يستطع الساسة من الحركات الشيعية الحفاظ على هذا الرصيد بانخراطهم في سوريا.
جاء طوفان الأقصى عام 2023، وانخرط حزب الله والمقاومتان العراقية واليمنية وإيران في دعم فلسطين، وهذا التدخل كان ولا يزال محل تقدير عظيم، وكان شيخ الأزهر -مرة أخرى- واقفا موقفا صلبا في دعم لبنان، ما يتضمن دعم مقاومته التي يقف حزب الله على رأسها.
هذا الود بدأ يتعكر منذ الإطاحة ببشار الأسد، فقد كانت هناك تعليقات سلبية تصدر عن حزب الله وإيران، نظرا لأن الحكام الجدد كانوا في موضع قتالهم، واليوم يتحدث الرئيس السوري أحمد الشرع عن وجود دولة خارجية تدعم الاضطراب الأمني في مدن الساحل التي ينشط فيها أتباع ومجرمو نظام الأسد الزائل، وإذا كانت إيران متورطة في ذلك فستبدأ إعادة الوضع إلى نقطة الصفر مرة أخرى، وتثير توترات لن يستفيد منها سوى العدو المشترك للمنطقة كلها.
إن الجراح السورية لن تندمل بين الأطراف المتقاتلة، بل ستحتاج إلى عامل الزمن لنسيان الجراح أو على الأقل هدوئها، وهذا مفهوم بعد سنوات من التخريب والقتل المتبادل، لكن الوعي العام لباقي الأمة استطاع تجاوز هذه الأزمة لوجود عدو مشترك، وفهموا أنه لا ينبغي للسنة والشيعة أن يكونوا أعداء، وذلك بالقدر الذي لا يستسيغ لأحد أن يطالب بإذابة الفوارق بين الطائفتين، فهذا لن يحدث على الإطلاق، فالخلافات مميِّزة للطرفين ولن تذوب، والمطلوب التعايش بينهما لا إذابة الفوارق، خاصة أن المشترك أكبر بكثير من دواعي الافتراق، إذ السياسة بوابة الافتراق، والدين بوابة الائتلاف، وغريب أن علماء الدين ينجرون وراء سلوكيات الساسة في طلب الدنيا والجاه والسيطرة، فهؤلاء إما مخادعون لجمهورهم المطمئن لمظهرهم الديني، أو أنهم مخدوعون من الساسة وسذَّج، والمخادع والمخدوع لا ينبغي أن يكون مسموع الكلمة.
نجد مسار إفشال التجربة السورية يتفق عليه الأعداء، فحزب الله وإيران ليسا محل ترحيب من النظام الصهيوني ولا من أنظمة الإقليم، والعكس بالعكس، لكن الجميع اتفق على إفشال سوريا. وسيتبع ذلك إضعاف للشعب السوري، وأيضا إضعاف للمحور الإيراني وحلفائه، فتغيير النظام السوري كان بغرض إضعاف هذا المحور، وفشله لن يعيد نظاما مواليا لإيران وحلفائها، فالأوْلى فتح صفحة جديدة مع شعوب المنطقة لا حكامها، ووقف نزيف الصراعات المفيدة للصهاينة
إن مفهوم المواطنة الذي يقبله علماء الطرفين يضع جميع الفرقاء في إطار الدولة الواحدة موضع المساواة وإلزام التعايش، وكذا يقبل علماء الطرفين مفهوم الأمة الواحدة، ويجتمعون في صعيد واحد في مكة المكرمة، يتجهون إلى قبلة واحدة ويتبعون نبيّا واحدا ومصحفا واحدا، فإذا قبلوا المواطنة، وهي مفهوم سياسي، فكيف يصدرون عن مفهوم الأمة الواحدة وهو مفهوم دين؟!
لا نريد تأليب الماضي ولا صنع خطاب يمزق، بل نذكِّر في إطار المحبة والنصح وقد قال شيخ الأزهر في شباط/ فبراير الماضي في الحوار الإسلامي- الإسلامي في البحرين: "إن فكرة دار التقريب نبتت في الأزهر مع الشيخ شلتوت -شيخ الأزهر الأسبق- ومع المرجع الديني الكبير محمد تقي القمي منذ عام 1949، واستمرت هذه الدار حتى 1957، وأصدرت تسعة مجلدات، تضم أكثر من 4 آلاف صفحة". وقد أراد بذلك أن يلقي الضوء على مساحة الاتفاق بين السنة والشيعة في وقت يعود فيه تهديدهم بصراع طائفي جديد، وعلى أرض سوريا مرة أخرى.
لذا ينبغي على العلماء أن ينتبهوا إلى دورهم هو الدعوة إلى الائتلاف لا الاختلاف، وحسنا سيفعلون إنْ أعلنوا لجمهور الأمة أنَّ عليهم الامتثال إلى إرادة الشعوب والوقوف بقوة خلف الديمقراطية حتى لو أتت بالمخالف، وهي مشروطة بأن تكون هناك حريات سياسية وفكرية وإعلامية، وذلك سيضمن لأي طرف تمثيلا لائقا بالقبول الشعبي له، أما رفض الاختيار الشعبي فإنه لا يعني سوى الفساد والرغبة في فرض الإرادة على غير ما ينادي الشرع الحنيف والأئمة الفقهاء من المذهبين.
تقف سوريا اليوم على مفترق طرق شديد الخطورة، فمن جهة هناك الصهاينة الذي يعربدون في سوريا، ومن جهة أخرى هناك شبح الطائفية الذي يطل برأسه، ومن جهة ثالثة هناك الدول التي ترفض نجاح مسار التغيير السياسي وتلاغب في بقاء الأنظمة المستبدة أو فشل الأنظمة التي تفتح باب المشاركة الشعبية. والنظام السوري الجديد شديد الضعف أمام هذه الاختبارات القاسية من أطراف قوية ولها أدوات ضغط هائل، وبدلا من توجيه الضغط نحو الديمقراطية وصناعتها ثم ترسيخها، نجد مسار إفشال التجربة السورية يتفق عليه الأعداء، فحزب الله وإيران ليسا محل ترحيب من النظام الصهيوني ولا من أنظمة الإقليم، والعكس بالعكس، لكن الجميع اتفق على إفشال سوريا. وسيتبع ذلك إضعاف للشعب السوري، وأيضا إضعاف للمحور الإيراني وحلفائه، فتغيير النظام السوري كان بغرض إضعاف هذا المحور، وفشله لن يعيد نظاما مواليا لإيران وحلفائها، فالأوْلى فتح صفحة جديدة مع شعوب المنطقة لا حكامها، ووقف نزيف الصراعات المفيدة للصهاينة لا للأطراف المتخاصمة.