مفكر وسياسي وفيلسوف عرفه المثقفون العرب من خلال كتبه وبشكل خاص كتابه "نهاية الحداثة".

يساري إيطالي ساند الفلسطينيين على نحو خاص، ولم يبق صامتا أمام جرائم الحرب التي ارتكبت في العدوان على غزة.

أحد أشهر الفلاسفة الإيطاليين ومن أكبر دعاة "الفلسفة التأويلية" المعروفة أيضا باسم "الهيرمينوطيقا الفلسفية"على المستوى العالمي، ومن أكبر دعاة تيار ما بعد الحداثة.



ولد جياني فاتيمو عام 1946 في تورينو بإيطاليا، ودرس الفلسفة الوجودية في جامعة تورينو، وأصبح أستاذا مساعدا عام 1964 في نفس الجامعة، ومن ثم أستاذا في الأخلاقيات عام 1969، وفي عام 1982 أصبح أستاذا في الفلسفة النظرية، كما كان أستاذا زائرا في عدد من الجامعات الأمريكية.


انضم إلى الحزب الشيوعي الإيطالي، وانتخب عضوا في البرلمان الأوروبي لأول مرة في عام 1999، ولولاية ثانية في عام 2009 وحتى عام 2014.

اشتهر فلسطينيا وعربيا بمداخلاته وتعليقاته وكتاباته الناقدة سياسيا لدولة الاحتلال وللإيديولوجية الصهيونية، وبدعمه لحقوق الشعب الفلسطيني، كما يظهر في كتابه "تفكيك الصهيونية...نقد الميتافيزيقا السياسية"، واعتبر المنظمات الفلسطينية بمختلف اتجاهاتها وأساليب نضالها، "صوتا مشروعا للشعب الفلسطيني"، كما يتضح ذلك من نقاش اللائحة التي وقعها مع مثقفين آخرين، من بينهم صديقه ورفيقه أومبرتو إيكو عام 2009، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى إزالة حركة حماس من "قائمة المنظمات الإرهابية"، ومنحها الاعتراف الكامل كصوت مشروع للشعب الفلسطيني.

وأثار تصريحه الشهير الذي عبر فيه عن رغبته في: "إطلاق النار على أولئك الصهاينة الأنذال" بحسب قوله، ردود فعل متباينة والذي جاء على وقع الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014، وقال: "لو كان الأمر بيدي لدعوت لاكتتاب عالمي لشراء أسلحة للفلسطينيين لوقف الإسرائيليين الذين يقومون بذبح جماعي لهم"، وأضاف "إسرائيل أسوأ قليلا من النازيين" على حد وصفه.

مواقفه هذه دفعت حركة حماس إلى نعيه مؤكدة "أنها وشعبنا الفلسطيني تفتقد إلى رجل طالما دافع عن حقوق الشعب الفلسطيني وحق مقاومته ضد الاحتلال وجرائمه". بحسب بيان النعي الصادر عن "حماس".

وثمنت "حماس" مواقف الراحل التي أطلقت دفاعا عن "حماس" أمام الاتحاد الأوروبي، ومواقفه المعلنة ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وفي فلسطين.

ونتيجة لمواقفه الناقدة لدولة الاحتلال و دعمه للحقوق الوطنية والإنسانية للشعب الفلسطيني لم يسلم من تهمة "معاداة السامية"، التهمة المعلبة التي تستخدم لإخافة من ينتقد جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين.

قدم فاتيمو للمكتبة الفلسفية والفكرية والأدبية والسياسية 19 كتابا وقد ترجمت كتابات فاتيمو إلى عدد كبير من اللغات من بينها العربية. فقد اهتم فاتيمو بالفلسفة الألمانية بوقت مبكر وذلك عندما حصل على زمالة دراسية لمدة سنتين في هايدلبرج أقدم جامعة في ألمانيا حيث درس هناك فلسفة هيدجر. وهو صاحب كتاب "مغامرة الاختلاف..الفلسفة بعد نيتشه وهايدجر". وكتاب "نيتشه..الفلسفة كنقد ثقافي".

حرر في عام 2013 كتاب "تفكيك الصهيونية.. نقد الميتافيزيقا السياسية" ضمن سلسلة النظرية السياسية والفلسفة المعاصرة، مقدما نقدا سياسيا وفلسفيا للصهيونية.

وشارك في الكتاب مفكرون عالميون بارزون، مفككين الأساطير السياسية الميتافيزيقية والغيبية التي تشكل إطار وجود "إسرائيل".

ويعتبر الكتاب أنه في حين تكيفت القوميات الأخرى مع حقائق القرن 21 والمفاهيم المتغيرة للدولة والأمة، ظلت الصهيونية إلى حد كبير مقيدة بعقلية القرن 19، بما في ذلك تمجيد الدولة باعتبارها الوسيلة الوحيدة للتعبير عن روح الشعب.

ويقدم الكتاب نقدا متعدد الأوجه للأسس اللاهوتية والسياسية للمشروع الصهيوني والنتائج الاقتصادية والجيوسياسية والثقافية لهذه الأسس، ويعد مساهمة كبيرة في المناقشات المحيطة بدولة الاحتلال اليوم.

وكان معه زميله الروائي والفيلسوف الإيطالي أومبرتو إيكو الذي شارك معه الصداقة والاهتمامات حيث اشتركا معا في عام 1954 وفازا في مسابقة "راي" لتوظيف مسؤولين جدد، وتركا مؤسسة التلفزيون في أواخر الخمسينيات.

وأثار كتابه "نهاية الحداثة..العدمية والتأويل في ثقافة ما بعد الحداثة" الذي ترجم إلى العربية عام 2014 جدلا في الأوساط الثقافية، وطور دراسة نظريات التأويل واستخدمها في علم الألسُنية وفي النقد الأدبي، كما اهتم بتطوير تحليل التحولات الفكرية والثقافية في عصر ما بعد الحداثة. والتي تؤسس لما يعرف بـ "التفكير الضعيف.

كما أحدث كتابه "المسيحية والحقيقة والإيمان الضعيفة"، و"مستقبل الدين"، جدلا واسعا حولهما، وكذلك في كتابه "مطالبة الفن بالحقيقة".

كان جياني فاتيمو عضوا في الأكاديمية الأوروبية للعلوم والآداب، وأكاديمية تورينو للعلوم، وحصل على عدة جوائز من بينها الميدالية الذهبية لدائرة الفنون الجميلة، وجائزة هانا أرندت، وجائزة أبحاث ماكس بلانك، والدكتوراه الفخرية من جامعة بوينس آيرس، والدكتوراه الفخرية من جامعة سان ماركوس الوطنية .


لم يكن يتردد عن الإفصاح عن هويته الجنسية والدينية باعتباره كاثوليكيا غير مؤمن. حيث عرف على نفسه بأنه إشتراكي ديمقراطي. داعيا لاحترام كاثوليكية أكثر تسامحا ومحبة، خصوصا مع حقوق الأقليات والمهاجرين والمثليين.

توفي في أيلول/ سبتمبر الماضي في مدينة ريفولي شمال إيطاليا في إقليم بييمونتي، في مقاطعة تورينو حيث ولد، عن عمر ناهز 87 عاما بعد إصابته بمرض بالشلل الارتعاشي (الباركنسون)، وتدهور حالته الصحية.

كان جياني فاتيمو مناهضا للظلم والتهميش وفيلسوف المضطهدين والمهمشين، وكان يحظى بشعبية واسعة بين الطلبة وأوساط الثقافة والفن، رحيله كان خسارة للوسط الثقافي في أوروبا والعالم عزاءه الوحيد أن تلاميذه وطلابه يواصلون مسيرته الفلسفية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه الفلسطينيين الصهيونية فلسطين الصهيونية بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه عالم الفن تغطيات سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی عام

إقرأ أيضاً:

حزب “الإصلاح”: الصهيونية في ثوبٍ إسلامي

عدنان ناصر الشامي

عندما يتحول الدين إلى قناع، والسياسة إلى وسيلة للعمالة، والمواقف إلى مزادٍ علني، فاعلم أنك أمام حزب “الإصلاح”، الوجه الآخر للصهيونية، ولكن بنكهة عربية.

خيانة فلسطين لم تكن عَرَضًا في مسيرة هذا الحزب، بل كانت جزءًا من عقيدته السياسية، فهو داعمٌ غير مباشرٍ للتطبيع، ومتواطئٌ في تصفية القضية، ومحاربٌ لكل مقاومٍ شريفٍ يسعى لتحرير الأرض والمقدسات. أما في اليمن، فقد كان اليد التي تبرّر العدوان، والسلاح الذي يُشهره تحالف الهيمنة ضد كُـلّ من يرفض الخضوع لأمريكا وإسرائيل، وخادمًا وفيًّا لبني سعود بلا تردّد أَو خجل.

حزبٌ لا يتحَرّك إلا، حَيثُ تشير بُوصلته الخليجية، فتُصنع قراراته في واشنطن، وتُمول في الرياض، وتُبارك في تل أبيب. ليس سِرًّا أن الإصلاح يسارع لإرضاء بني صهيون، ليس فقط عبر المواقف السياسية، بل حتى في عقيدته ومنهجه، فمن تبرير التطبيع إلى ترويج خطاب يخدم المشروع الأمريكي، إلى لعب دور الوسيط بين العملاء، كُـلّ ذلك يجعله النسخة العربية من الصهاينة، لكن بقناعٍ إسلاميٍ زائف.

لم يكن حزب الإصلاح يوماً حزبًا إسلاميًا حقيقيًّا، بل كان مشروعًا وظيفيًا يستخدم الدين كوسيلة، ويبيع القيم مقابل المال والسلطة. لكنه، مهما سارع في مرضاة بني صهيون، لن ينجو من مصير الخونة، فالتاريخ لا يرحم، والقناع سيسقط أمام الأُمَّــة.

الولاء في هذا الحزب لم يكن لله ولا للأُمَّـة، بل لمن يدفع أكثر، ومنذ نشأته لم يكن سوى خادمٍ للنفوذ الصهيو-أمريكي في المنطقة. تحالفه مع بني سعود لم يكن تحالفًا اضطراريًا، بل كان تحالفًا وجوديًا، فهو ابن الوهَّـابية التكفيرية التي صنعتها بريطانيا، ورعتها أمريكا، وأطلقتها السعوديّة لضرب أي مشروع تحرّري داخل الأُمَّــة.

لم يكن حزب الإصلاح يوماً ضد أمريكا، بل كان ذراعها في اليمن. منذ غزو العراق وأفغانستان، كان الإصلاح يقدم خطابًا يُرضي واشنطن، فالجهاد عنده مشروطٌ بمصالح الغرب، والعدوّ الحقيقي عنده ليس إسرائيل، بل كُـلّ من يرفض الهيمنة الأمريكية!

الصهيونية ليست مُجَـرّد احتلال عسكري، بل مشروع متكامل لإنتاج العملاء، ومنظومة فكرية تستخدم أدوات محلية لتدمير الأُمَّــة من الداخل. أي كيان يبرّر التطبيع، فهو صهيوني، وأية جهة تحارب قوى التحرّر، فهي خادمة للصهاينة، وأي حزب يتحالف مع أعداء الأُمَّــة، فهو امتداد للمشروع الصهيوني. حزب الإصلاح يحقّق كُـلّ هذه المعايير، مما يجعله امتدادا للمنظومة الصهيونية، حتى لو تحدث بالعربية ورفع شعارات إسلامية.

قد يتلوَّن حزب الإصلاح، ويرفع الشعارات، لكن جوهره مكشوف. فالتاريخ شاهد على سقوط كُـلّ عميل خائن، ومزبلة الخيانة مليئة بأمثاله. أما اليمن، فسيبقى حصنًا منيعًا، وسيدوس العملاء تحت أقدام الأحرار!

مقالات مشابهة

  • عبد المنعم سعيد: نحن أمام لحظة حرجة وشديدة التعقيد في قضية فلسطين
  • الفلسفة الغربية واختبار طوفان الأقصى
  • أحمد الشرع: هذا هو الدرس الذي تعلمته الأجيال من فلسطين
  • حماس: الشعب الفلسطيني لن يغادر أرضه وسندافع عن غزة ضد الاحتلال
  • حزب “الإصلاح”: الصهيونية في ثوبٍ إسلامي
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • بالصور.. ما الرسائل التي توصلها كتائب القسام خلال تسليم الأسرى؟
  • 5 أسئلة يجيب عنها 5 خبراء فلسطينيون حول مستقبل فلسطين
  • قصة السلاح الذي ظهر بيد أحد مقاتلي القسام خلال عملية تسليم الاسرى 
  • سيرة الفلسفة الوضعية (7)