الزي الصبري… اليمنيات بملابسهن التقليدية
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
يمن مونيتور/العربي الجديد
للفنان اليمني الكبير محمد مرشد ناجي أغنية شهيرة كتب كلماتها الشاعر سعيد الشيباني، يقول فيها: “جبل صَبِر كم لي عليك قضايا/ قضايا حب تمسي القلوب طوايا”. لم يكن للفنان أن يتغنى بجبل صبر في مدينة تعز اليمنية لو لم تسحره بنات الجبل اللواتي اشتهرن بزيهن التقليدي الذي يتجاوز بجمالياته أزياء تقليدية كثيرة، فأصبح رمزاً للمرأة اليمنية، والتعزّية على وجه الخصوص.
يتكون الزي التقليدي الصبري من الثوب أو ما يسمى بالقميص، فضلاً عن السروال، والمَصَر وهو حجاب يلف على الرأس بطريقة معينة، والمقرمة التي تلف بشكل دائري على الرأس من فوق المَصَر، وتتزين المقرمة بالمَشْقُر، وهو عبارة عن وردة طبيعية أو أزهار نباتات عطرية كالزنبق أو الريحان أو المطابق.
“العربي الجديد” طافت على عدد من محال الخياطة في جبل صبر للتعرف على الزي عن قرب، وأنواعه المختلفة. ويُقسّم الزي الصبري حسب نوع القماش، وحسب نقشة الصدر الذي يمثل واجهة القميص، فلكل منطقة في الجبل نوع مخصص ولكل مناسبة زيها الخاص، كما أن لكل فئة عمرية زياً مختلفاً.
القميص الصبري ينقسم إلى نوعين: نوع قديم يسمى “عِقْرة”، ويكون الثوب الصبري فيه أشبه بالبنطلون والبلوزة، ونوع آخر هو السائد حالياً ويسمى “موادمي” يكون القميص فيه أشبه بالفستان. تتراوح أسعار الزي الصبري التقليدي من 50 إلى 100 دولار، وفقاً لنوع القماش، وخياطة الصدر، إذ إن الصدر المحبوك يدوياً يكون أغلى سعراً.
ويلبس الزي التقليدي الصبري في جبل صبر، كزيٍّ رسمي للنساء خصوصاً في مديرية مشرعة وحدنان، وبعض عزل (مناطق) مديريات المسراخ والموادم التابعة للجبل. كما يلبس في الأعراس، وترتديه بعض الناشطات في الفعاليات المجتمعية.
بحسب ما يقول الباحث عبد الغني الصبري لـ”العربي الجديد”، فإنّ الزي التقليدي الصبري قديم جداً، ويعود أصله إلى الدولة الحميرية، إذ إن جبل صبر نفسه يعد من أهم المناطق التي سكنها الحميريون، وسمي الجبل بهذا الاسم نسبة لصَبِر بن حِمير. وخلال مراحل تاريخية متعددة، تعرض الزي للتطوير مع المحافظة على الجوهر المتمثل بأجزائه وطريقة خياطته ولبسه. وبحسب الباحث، فالزي الصبري تأثر بالمجتمعات التي تداخلت مع المجتمع اليمني بثقافاتها خلال المراحل التاريخية المختلفة، فمثلاً الحجاب أو ما يسمى بالمَصَر تأثر في طريقة لبسه من قبل النساء العثمانيات خلال احتلال الدولة العثمانية لليمن.
ولأن الزي التقليدي الصبري أصبح رمزاً وهوية للمرأة اليمنية، تحرص الكثير من الناشطات اليمنيات على ارتدائه في المناسبات الرسمية داخل البلاد وخارجها، فعام 2013، صعدت الروائية والأديبة اليمنية بشرى المقطري إلى مسرح قاعة MK2 التابعة لمكتبة فرنسوا ميتران في باريس، لاستلام جائزة مؤسسة فرانسوا جيرو للدفاع عن الحريات، وهي ترتدي الزي التقليدي الصبري باعتباره رمزاً لهويتها. كما ظهرت الناشطة توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، في أكثر من مناسبة، وهي ترتدي الزي الصبري الذي يبهر بجماله وتصميمه الفريد والمميز.
روح الأمة الصينية: مشاعر تخدشها نظارة شمس
وواجه الزي الصبري العديد من التحديات التي هددته بالانقراض. ففي فترة سيطرة العثمانيين على تعز حاولوا فرض النقاب التركي على النساء، كما تعرض لموجة أخرى من التهميش من خلال محاولات فرض التيارات الدينية، في تسعينيات القرن الماضي، الخمار ليحل بديلاً عن الزي التقليدي، ونجحت هذه المحاولات في بعض المناطق، في حين بقيت مناطق أخرى محافظة عليه مثل مشرعة وحدنان.
مديرة مركز التراث في تعز سعاد العبسي قالت لـ”العربي الجديد” إن الزي الصبري متعدد، فلكل عزلة (منطقة) زي خاص بها، ولكل حياكة تسمية، ولكن الزي الذي اشتهر هو القميص الصبري، ويسمى المحرر بأكمامه الطويلة، وجاءت شهرته من حياة المرأة الصبرية، خصوصاً لناحية مساهمتها في سوق العمل والحياة الاقتصادية، إذ إن نساء صبر يعملن في التجارة، ببيع كل أنواع الخضراوات والفواكه والقات، وكذا التجارة بالذهب. لذا اكتسب الزي الصبري هوية تراثية مرتبطة بشخصية المرأه المكافحة في الحياة.
وأشارت العبسي إلى أن بعض الأزياء الصبرية انقرضت لأسباب اقتصادية نتيجة ارتفاع سعرها، إلى جانب أسباب سياسية تتمثل ببروز الأفكار الأيديولوجية للجماعات الدينية التي فرضت الخمار، حتى عزف المشتغلون بالتراث عن إنتاج الزي الصبري.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الفن اليمن العربی الجدید
إقرأ أيضاً:
وانتصر الدم على السيف …
وانتهى العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة الذي استمر لمدة 471 يوماً، وكانت نتائجه واضحة للجميع، بأن المقاومة انتصرت ووضعت الشروط التي تريدها وأخضعت هذا الكيان على الانصياع لها دون أي تأخير يذكر.
توهم هذا الكيان بأنه يستطيع أن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني وتحديداً شعب غزة الذي عانى وتحمل مرارة هذا العدوان الصهيوأمريكي عليه، وكل هذا الضغط كانت نتائجه انتصاراً تاريخياً وأسطورياً بامتياز.
أراد هذا الكيان أن يكسر إرادة أهل غزة وفشل فشلاً ذريعاً وبشهادة القاصي والداني، ونسي وتناسى بأن الدم هو المنتصر دائماً على السيف، وكانت النتيجة بغزة أكبر دليل على ذلك.
لم يستطيع أن يحقق هذا الكيان أي هدف من أهداف الحرب التي أعلنها منذ بداية هذا العدوان على القطاع، وكان الدعم الأمريكي له واضحاً بكل الطرق العسكرية والمادية، واستعمال حق النقض الفيتو للاعتراض على وقف العدوان على غزة، واستمر العدوان كل هذه الأشهر حتى انتصرت غزة بكل ما تحمله كلمة الانتصار من معنى، وهذا بشهادة العالم الذي دعم فلسطين وغزة تحديداً طيلة فترة هذا العدوان.
هذه الحرب على غزة لو اعتبرناها جولة من جولات القتال، لاتضح بشكل لا لبس فيه بأن إسرائيل هزمت بامتياز في هذه الجولة، وانتصرت غزة على هذا العدوان، فالسلاح الذي استعملته في هذا العدوان كانت نتائجه خسارة مادية كبيرة جداً، ويرى محللون اقتصاديون بان إسرائيل إذا أرادت الوقوف من جديد فإنها تحتاج لعشرات السنوات كي تعيد ترميم جيشها المهزوم في قطاع غزة.
بينما النتائج في الجهة المقابلة المنتصرة كان هناك دمار هائل في القطاع، والجميع يعلم أن الفلسطينيين منذ التاريخ يضحون بالغالي والنفيس من أجل فلسطين وتحريرها من أي عدوان، فعملية البناء التي ستتم في قطاع غزة ستذهل العالم، من حيث الإرادة في إعادة الإعمار وتجاوز هذه الأزمة بكل امتياز، والذي سيكون مدعوماً من قبل دول العالم الحر.