مجلة أميركية: هل تستطيع الصين حقا بناء نظام عالمي جديد؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
لا يكاد يمرّ يوم دون صدور المزيد من التصريحات حول نية الصين إعادة تشكيل النظام العالمي. وفي تقريره الذي نشرته مجلة "ذا ديبلومات" الأميركية، قال الكاتب نيكولاس بيكيلين إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حذّر من أن الصين هي الدولة الوحيدة التي لديها النية والقوة لإعادة تشكيل النظام الدولي.
وأكدت رئيسة المفوضيّة الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن "الهدف الواضح لبكين يتمحور حول إحداث تغيير منهجي في النظام الدولي الذي ترأسه الصين".
ولا يمر أسبوع دون أن يعبر باحثون بارزون في العلاقات الدولية أو زعيم عالمي سابق عن رأيهم حول ما ينبغي القيام به للحفاظ على ما يسمى بـ"النظام القائم على القواعد" الذي تهدده الصين الرجعية، حسب رأي الكاتب.
تقويض النظام القديموتتراوح الأدلة التي جُمعت بين تصريحات بكين الخاصة حول طموحها للدخول في "نوع جديد من العلاقات الدولية" من أجل بسط نفوذها الاقتصادي على معظم العالم النامي، وإنجازاتها في توسيع التجمّعات التي تتمحور حول الصين مثل مجموعة بريكس أو منظمة شنغهاي للتعاون، وتفوّقها الذي لا جدال فيه على القوى النظيرة السابقة مثل روسيا والهند، ونجاح المبادرات الدبلوماسية الجديدة مثل الاتفاق بين إيران والسعودية، والانحدار العام للقوى الغربية.
وذكر الكاتب أن الصين أصبحت قوة عالمية عظمى، وبالتالي فهي تريد أن تنعكس تفضيلاتها وقيمها في النظام الدولي بالطريقة نفسها التي فرضت من خلالها الولايات المتحدة بصماتها على مؤسسات ما بعد الحرب. ولكن السؤال الحقيقي هو مدى نجاح بكين حقا في إنشاء نظام جديد بدلاً من تقويض النظام القديم.
ولا يمكن إنكار حقيقة أن الصين دعمت إلى حد كبير طموحها لتعزيز مكانتها على الساحة الدولية. منذ سبتمبر/أيلول 2021، كشفت بكين النقاب عن نحو 3 "مبادرات عالمية" حول التنمية والأمن والحضارة على التوالي. وإلى جانب مبادرة الحزام والطريق، تشكل هذه المبادئ حاليا الركائز الأربع لمبادرة الرئيس "مجتمع من أجل مستقبل مشترك"، التي أشادت بها بكين باعتبارها خطة لتحقيق "السلام والاستقرار العالميين" و"قوة دافعة قوية للتنمية العالمية".
كما أن نفوذها المتنامي داخل الأمم المتحدة ليس محل نزاع، إذ تعد بكين ثاني أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة، وتدير "صندوقها الائتماني للسلام والتنمية" المنفصل بقيمة 200 مليون دولار تحت إشراف الأمين العام مباشرة. ومع ذلك، فإن فكرة أن الصين تسعى بكل إصرار إلى اتباع إستراتيجية متماسكة لا يمكن أن تكون أبعد عن الحقيقة، لأن الدبلوماسية الصينية في الواقع مليئة بالتناقضات وعدم التماسك، والارتباك.
وحسب الكاتب، من الصعب فهم تصوير الصين نفسها على أنها بطلة للجنوب العالمي. فمن ناحية، استثمرت بكين قدرًا كبيرًا من رأس المال الدبلوماسي والاقتصادي مع البلدان النامية في جميع أنحاء العالم، ولا تفوت قط فرصة للتأكيد من جديد على أنها دولة نامية.
الذئب المحاربوإلقاء نظرة فاحصة على سلوك الصين على الساحة الدبلوماسية يكشف العديد من التناقضات المماثلة. فبينما تدعي الصين تقديم وجه "ودود" للعالم، لا تزال سياستها الخارجية تهيمن عليها دبلوماسية "الذئب المحارب"، وهي مزيج من التهديد والتضليل والتشهير، والتي اقتصرت في البداية على منصات التواصل الاجتماعي ولكنها أصبحت الآن شائعة في البيئة الدبلوماسية.
وأضاف الكاتب أن كل هذه التناقضات تتضاءل مقارنة بالتناقض الأساسي الذي وصل الآن إلى قلب السياسة الخارجية للصين، والذي يتمحور حول ارتباطها المقدس بمبادئ السيادة والسلامة الإقليمية. ومنذ تأسيسها في عام 1949، جعلت بكين هذه المبادئ حجر الزاوية في دبلوماسيتها على الدوام، وذلك كانعكاس لتاريخ الصين المرير كضحية للتعديات الإمبريالية الغربية واليابانية في القرنين الـ19 والـ20.
وتفترض الصين الآن بشكل فعال وجود "مخاوف أمنية مشروعة" كاستثناءات صالحة لمبادئ السيادة والسلامة الإقليمية عبر جميع دبلوماسيتها، بدءًا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وصولا إلى مبادرة الأمن العالمي، وذلك دون تقديم أي إشارة حول ما يمكن وصفه بالضبط بأنه "مخاوف أمنية مشروعة". ومن سيقرر ما هو "الشرعي"؟ ووفق أي معايير؟ وعلى أي أساس قانوني؟
ويرى الكاتب أنه من الصعب رؤية كيف يمكن لأي دولة أن تستبدل الأمن النسبي الذي يوفره نظام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بنظام عالمي صيني، حيث يتم تقييد سيادتها الإقليمية من خلال "مخاوف أمنية مشروعة" غير محددة قد تكون لدى أي دولة أخرى.
وبعبارة أخرى، تستطيع الصين إما أن تحاول حشد البلدان حول مواقفها بشأن الحوكمة العالمية، كما تؤكد بقوة متزايدة، وإما يمكنها أن تدفع باتجاه رؤية نظام دولي جديد يتسم بتقليص السيادة الإقليمية. ومن الواضح أن الترويج لكلا الأمرين في الوقت نفسه، كما تفعل بكين حاليا، غير متماسك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أن الصین
إقرأ أيضاً:
10.5 ألف عامل استفادوا من نظام التأمين ضد التعطل العام الماضي
سامي عبدالرؤوف (أبوظبي)
أخبار ذات صلة الإمارات: هدنة غزة خطوة أولى على الطريق الطويل نحو السلام «حكومة أبوظبي» تطلق استراتيجيتها الرقمية 2025-2027أعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين أن 10500 عامل استفادوا من نظام التأمين ضد التعطل خلال عام 2024، ليوفر النظام للمستفيدين مظلة حماية اجتماعية تكفل ديمومة الحياة الكريمة للعاملين في القطاعين الحكومي الاتحادي والخاص من المواطنين والمقيمين في الدولة، خلال فترة التعطل عن العمل، من خلال تعويض المؤمن عليه بمبلغ نقدي، وفق ضوابط واشتراطات محددة.
وأشارت الوزارة إلى أن عدد المشتركين في نظام التأمين ضد التعطل عن العمل حتى الآن بلغ 9 ملايين عامل وموظف من المواطنين والمقيمين.
وأكدت الوزارة الأثر الإيجابي لنظام التأمين ضد التعطل عن العمل، كونه يشكل إحدى ركائز منظومة التشريعات الرامية إلى استقطاب الكوادر والكفاءات الإماراتية والمهارات العالمية وتحفيزها وتوفير أفضل سبل الرعاية لها، يعتبر قوة دافعة لمسيرة نمو القطاعات الاقتصادية في الدولة.
ويضم نظام التأمين ضد التعطل عن العمل فئتين: تشمل الأولى من يبلغ راتبهم الأساسي 16 ألف درهم فأقل، وقيمة اشتراك الموظف المؤمن عليه ضمن هذه الفئة 5 دراهم شهرياً (أو 60 درهم سنوياً)، ويعتبر الحد الأقصى لقيمة التعويض الشهري 10 آلاف درهم.
أما الفئة الثانية فتشمل من راتبهم الأساسي 16 ألف درهم فأكثر، وتبلغ قيمة الاشتراك لهذه الفئة 10 دراهم شهرياً (أو 120 درهم سنوياً)، ويبلغ الحد الأقصى لقيمة التعويض الشهري 20 ألف درهم.
ويكون التعويض مستحقاً بشرط ألا تقل مدة اشتراك المؤمن عليه عن 12 شهراً متصلة في نظام التأمين، ويسقط حق المؤمن عليه بالمطالبة عن قيمة التعويض حال مغادرته الدولة أو التحاقه بعمل جديد، ولا تتجاوز مدة سداد قيمة التعويض أسبوعين كحد أقصى من تاريخ المطالبة المتوافقة مع الشروط ومعايير الاستحقاق.
ويعوض البرنامج التأميني المؤمن عليه بمبلغ نقدي لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، شريطة عدم تقديمه للاستقالة أو إقالته لأسباب تأديبية.
ويحتسب التعويض الذي يحصل عليه الموظف المستحق 60% من راتبه الأساسي في الشهور الستة الأخيرة قبل التعطل عن العمل.
ويستثنى من الاشتراك في النظام كل من المستثمر (صاحب المنشأة التي يعمل بها)، والعمالة المساعدة، والعاملون بعقد مؤقت، والأحداث دون 18 عاماً، والمواطنون الذين استوفوا شروط الإحالة إلى التقاعد، أو المتقاعدون الذين يحصلون على معاش تقاعدي والتحقوا بعمل جديد.
ودعت وزارة الموارد البشرية والتوطين، المشمولين بالنظام إلى الإسراع في الاشتراك للتمتع بالمزايا التأمينية التي يوفرها لهم، مؤكدة في الوقت ذاته أهمية تحفيز جهات العمل لموظفيها وتشجيعهم للاشتراك بالنظام.
وتتوافر قنوات عدة للتسجيل في النظام، تشمل الموقع الإلكتروني للمجمع التأميني www.iloe.ae والتطبيق الذكي للمجمع التأميني ILOE أو عبر أجهزة الخدمة الذاتية Kiosk وأجهزة الصرافة الآلية ومراكز خدمات الأعمال، ومراكز الصرافة (كالأنصاري للصرافة)، والتطبيقات الهاتفية الذكية للبنوك والمصارف، بالإضافة إلى الرسائل النصية SMS أو فاتورة شركات الاتصالات، أو مركز اتصال المجمع التأميني المزود للخدمة 600599555. كما دعت الوزارة المشتركين بالنظام «المؤمن عليهم» إلى الالتزام بسداد الأقساط التأمينية، وفقاً لدورية السداد المتفق عليها، لافتة إلى أن الانقطاع عن السداد يعرضهم لغرامات مالية بقيمة 200 درهم وإلغاء وثيقة التأمين.
ويمكن لكافة العاملين غير المشتركين في النظام الاطلاع على قيمة الغرامة وسدادها من خلال التطبيق الذكي للوزارة أو موقعها الإلكتروني أو زيارة أحد مراكز خدمات الأعمال المعتمدة، كما تتيح القنوات الرقمية خاصية التقدم بطلبات لتقسيط الغرامة المستحقة بهدف تقليل الأعباء على المتعاملين، وتستقبل الوزارة طلبات الإعفاء من الغرامة في حال تم تقديم المستندات الداعمة للطلب، ويتم إشعار مقدم الطلب بالنتيجة خلال 15 يوم عمل من تاريخ التقديم، وذلك عبر القنوات الرسمية للوزارة.