مؤامرة عين الحلوة تفضحُ إمارة جديدة.. المسلحون باقون ويتمددون!
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
بعد طول انتظار، خرج مسلحو جماعتي "الشباب المسلم" و "جند الشام" من المدارس التي احتلوها في مخيم عين الحلوة خلال الإشتباكات التي اندلعت قبل شهرين. الخطوة هذه كانت مطلوبة ميدانياً وتعتبر مؤشراً على أن التوتر بدأ يسلك طريقه نحو الحل، إلا أن بعض الخلفيات لا توحي بذلك، وهناك مخطط من نوع آخر يفرض نفسه ويؤسس لـ"تسوية" جديدة سيشهدها المخيم لاحقاً على غرار ما كان يحصل سابقاً.
بكل بساطة، الجماعات التي تورطت بالاشتباكات ما زالت قائمة كما هي بعتادها وعديدها الذي يهدد أمن صيدا، وما حصل فقط يوم أمس هو إنسحاب المسلحين من نقطة إلى أخرى ضمن إطار تفاوضي اتضح أنه أسس لترسيخ وجودهم أكثر داخل المخيم. حتماً، النقطة هذه تعد خطيرة، فالذين خططوا وسعوا لتنفيذ أجندات تدميرية أبقوا على وجودهم العلني، وبالتالي باتت الشكوك كبيرة تحوم حول وجود قرار يهدف لإبقائهم يسرحون ويمرحون مع وجود إمكانية للجوئهم مجدداً إلى توتير الأوضاع من جديد، إما عبر حوادث أمنية أخرى قد تحصل لاحقاً أو من خلال نقل "الانغماسيين" إلى الداخل اللبناني، وهي خطوة فعلها سابقاً المسؤول العسكري في "جند الشام" وممثل "داعش" في المخيم عماد ياسين قبل توقيفه عام 2016 من قبل مخابرات الجيش في حي الطوارئ الذي يبدأ من خارج المخيم ويمتد إلى داخله. إستعراض ورسائل حاسمة
وسط كل ذلك، كان لافتاً "الإستعراض الإعلامي" الذي أدّاه المطلوب هيثم الشعبي داخل مخيم عين الحلوة. الشعبي الذي ظهر للمرة الثانية علناً منذ بدء التوتر في المخيم أواخر تموز الماضي، أراد تصوير نفسه على أنه "الآمر الناهي" في جزء جغرافي أساسي داخل المخيم وخارجه، الأمر الذي يحمل رسائل عديدة وهي:
- الرسالة الأولى: أراد الشعبي إظهار "حسن النية" لضبط التوتر الذي شهده المخيم، وذلك من خلال إشارته إلى أن ما حصل يمكن أن يأخذ مساره نحو الحل إلتزاماً بقرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك. هنا، بدا الشعبي وكأنه ملتزم بقرار تلك الهيئة علماً أنه لا يتمثل بها ولم يأخذ بقراراتها السابقة لضبط التوتر، كما أنه كان في طليعة المواجهين لفصيل أساسي فيها وهي"حركة فتح".
- الرسالة الثانية: "الاستعراض" الذي أداه الشعبي كان يهدف لإظهار الأخير نفسه على أنه ليس "بُعبعباً" ويريد إنهاء المشكلة. كذلك، هدف الشعبي من خلال ظهوره علناً أمام الصحافيين إلى ترسيخ وجوده كـ"مرجعية" وإلى تصوير عناصره على أنهم "مسالمون" ولا يعترضون عمل الإعلام الذي كشف عن هول الدمار الذي أحدثه مسلحو الشعبي داخل مدارس وكالة "الأونروا" في عين الحلوة.
- الرسالة الثالثة: ما فعله الشعبي كان هادفاً لإظهار أنه "الآمر الناهي" في صفوف المسلحين وأنه هو الذي "يمون عليهم" وليس شقيقه محمد الذي كان رافضاً لخطوة إخلاء المدارس من المسلحين التابعين له. ما فعله المطلوب الخطير هيثم، كان أسس أيضاً لإظهار قوة تنظيمي "الشباب المسلم" و "جند الشام" على صعيد المسلحين وحجم العتاد والتأثير من الناحية التخريبية. حتماً، الأمر هذا كان لافتاً، وخلفيته البارزة هنا تهدف إلى القول إن الإشتباكات الأخيرة لم تكسر من هيبة المسلحين وأن الحصار القائم لم يسلبهم سيطرتهم أو نفوذهم، وأن القوة التي امتلكوها وعززوها فرضتهم على طاولة التفاوض بدلاً من الظهور بحالة "استسلام".
- الرسالة الرابعة: ظهور الشعبي داخل حي الطوارئ الذي يبدأ من خارج المخيم ويمتد إلى داخله، يشير إلى أنّ تنظيمي "جند الشام" و "الشباب المسلم" سيبقيان على إنتشارهما هناك رغم أنه يحق للدولة اللبنانية بسط سيطرتها هناك بكل قوة. وعليه، فإن ما جرى كان بمثابة عنوان تحدّ للدولة وهو: نحن هنا وباقون في معاقلنا.
- الرسالة الخامسة: إصرار الشعبي على عدم وصف المطلوبين بجريمة إغتيال المسؤول في حركة "فتح" أبو أشرف العرموشي بـ"القتلة" وحرصه على تسميتهم بـ"المشتبه بهم"، يدل بشكل أو بآخر على أن إطار تسليم هؤلاء لن يكون سهلاً ويجب أن يسلك طريقه نحو المفاوضات العميقة التي سيكون للمسلحين قوة خلالها بسبب الحفاظ على وجودهم ! كل ذلك يعني أن المسلحين قد يفرضون خطوة عدم التسليم والإستعاضة عنها بـ"تسوية" تتماهى مع قوتهم ووجودهم، وفي حال حصل هذا الأمر يمكن القول إن معركة عين الحلوة ثبتت التنظيمات المسلحة وتوابعها إلى أجل غير مسمى وبتغطية علنية. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: عین الحلوة جند الشام على أن
إقرأ أيضاً:
صواريخ اليمن .. دلالات التوقيت والرسائل
للمرة الخامسة على التوالي، في غضون أسبوع، تعيد صفّارات الإنذار، التي دوّت في مدينة يافا المحتلة، رسم خريطة فلسطين في وعي المحتل الإسرائيلي، عندما تردد صداها في العمق الإسرائيلي بعد وصول صاروخ “فلسطين 2” فرط صوتي، الذي أطلقته القوات المسلحة اليمنية نصرةً لمظلومية الشعب الفلسطيني، وإسناداً لمقاومته في قطاع غزة، لتؤكد أن فلسطين ليست وحدها.
الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، التي تطلقها القوات المسلحة اليمنية، تقطع مسافة تصل إلى 2040 كيلومتراً، وتصل إلى قلب فلسطين المحتلة، في غضون 11 دقيقة ونصف دقيقة، كأول بلد عربي يمتلك هذا النوع من الصواريخ، الأمر الذي يجعل هذه الصواريخ، التي تحمل رأساً متفجراً، تحمل في الوقت ذاته رسائل سياسية وعسكرية، تبعث تأثيراً كبيراً في المشهد الساخن منذ عام وأكثر، في مواجهة حرب إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة، ساندتها كل قوى محور المقاومة ودوله بأغلى ما تملك، بصورة متوازية أو متفاوتة.
ثمة سؤال يطرح نفسه في هذا السياق: لماذا يقف اليمن مع غزة؟ والجواب هنا واضح وضوح الشمس في وضح النهار، لكن البعض يعيش عمى البصر والبصيرة. هي الأخلاق والقيم والمبادئ، وعلى رأسها فلسطين هي البوصلة.. واليمن، كحزب الله في لبنان، وغيره، ساند غزة ووقف معها في وجه الغطرسة الأمريكية الإسرائيلية، وحرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي المستمر، بحق شعب أعزل، ودعماً لمقاومة صامدة عنيدة.
سجل اليمن، كما سجل حزب الله، مواقف محفورة في الذاكرة والوجدان، وكانا صوت فلسطين يوم صمت العالم أجمع، وتخلى عنها القريب والبعيد، فكانا نِعْم السند والحليف، ليؤكد اليمن من جديد أن التهديدات لا تخيفه، وأن معركة إسناد غزة مستمرة وواضحة، وهي ليست خياراً، بل واجب، وأن معركة كسر الهيمنتين الإسرائيلية والأمريكية مستمرة.
ثمة رسائل سياسية وعسكرية متعددة تبعثها صواريخ اليمن، التي باتت تصل إلى العمق الإسرائيلي، وتضرب أهدافها بدقة:
الرسالة الأولى: أفسدت الصواريخ اليمنية فرحة نتنياهو وتبجحه مؤخراً بعد أن خرج بصورة استعراضية بنجاحه في القضاء على قوى ودول في محور المقاومة، وتفكيك ساحات المساندة وجبهاتها بعد انهيار النظام في سوريا، وزعمه نجاح “إسرائيل” في فرض شرق أوسط جديد في المنطقة، يصب في مصلحتها ومصلحة حلفائها في الدرجة الأولى، وادعائه أن حماس بقيت وحيدة يمكن تركيعها على طاولة المفاوضات، وانتزاع ما فشلت في تحقيقه على مدار الأشهر الماضية.
الرسالة الثانية: أثبت اليمن، عبر قواته المسلحة، أنه قادر على توجيه ضربات مركزة من صواريخ فرط صوتية، بعد أن روّج نتنياهو مؤخراً أنه لم يعد هناك صفّارات إنذار تدوي في “إسرائيل”، ويجب أن تعود الحياة في “إسرائيل” إلى طبيعتها، ليعود اليمن ويجدد ويثبت معادلة الإسناد من جديد.
الرسالة الثالثة: سجلت فشلاً جديداً لكل منظومات الدفاع الجوية في “إسرائيل”، ومعها منظومة الدفاع الجوي، “ثريد”، التي وصلت مؤخراً خصيصاً لصد هذا النوع من الصواريخ الباليستية.
الرسالة الرابعة: الإصرار على خيار الإسناد للمقاومة والشعب الفلسطينيَّين في قطاع غزة حتى يتوقف العدوان ويُرفع الحصار. وهذا الموقف يدلّل على أن اليمن بمنزلة الظهر الذي لا ينكسر، فلم تُخفه الغارات الجوية ولا التهديدات، وهو ماضٍ في إسناد غزة حتى النهاية.
* كاتب ومحلل سياسي فلسطيني