الجزيرة:
2025-03-03@11:09:15 GMT

قد يصيب طفلك.. ماذا تعرفين عن الجهل التعددي؟

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

قد يصيب طفلك.. ماذا تعرفين عن الجهل التعددي؟

هل سبق أن كان طفلك يعلم إجابة سؤال يطرحه المعلم، لكنه أعرض عن رفع يده للإجابة فقط لأن أحدا من زملائه لم يرفع يده؟

ربما يكون صغيرك في هذه الحالة مصابا بما يطلق عليه "الجهل التعددي"، أو ما يسمى بـ"تأثير المتفرج"، وهو عبارة عن حالة من التثبيط والتراجع عن اتخاذ القرارات والأفعال فقط لأن الآخرين لم يفعلوها.

وعادة ما يتخذ المصابون بهذه الحالة قرارا باتباع "القطيع"، فإن لم يفعل الجميع نفس الأمر، لن يقوموا هم بأي فعل وإن كان ضروريا، هكذا يلتزم المرء سلوك المجموعة، ولو كان غير صحيح، ولهذا السبب أيضا لن يقدم طفلك على صداقة طفل معين في الفصل لأن بقية زملائه لم يفعلوا، ويتدرج تأثير المتفرج ليتضمن تطورات لاحقة أكثر خطورة.

ما الجهل التعددي؟

في عام 1931 أخضع عالما النفس الاجتماعي الأميركيان فلويد ألبورت ودانييل كاتز مجموعة من الطلبة لتجربة من أجل تقييم ردود أفعالهم تجاه مطالبتهم بتسكين زملائهم من طلاب الأقليات معهم، ورغم أن الطلاب محل البحث لم يعترضوا تقريبا، فقد شاركوا مخاوفهم في دوائر ضيقة، صحيح أن الرأي العام الغالب كان الموافقة، إلا أن الطلاب في الواقع لم يكونوا راضين كليا عن الفكرة.

هكذا صاغ العالمان مصطلح "الجهل التعددي" لوصف الموقف الذي يرفض فيه أعضاء المجموعة معايير معينة على المستوى الشخصي، لكنهم يعلنون دعمها علنا على افتراض خاطئ أن بقية أعضاء المجموعة يقبلون هذه المعايير.

"الجهل التعددي" يشير إلى تشوه معرفي عام ليس مقصورا على عالم الدراسة ولكنه يؤثر على أداء الفرد وقناعاته (بيكسلز)

المصطلح الذي يشير إلى تشوه معرفي عام، ليس مقصورا على عالم الدراسة، ولكنه يؤثر على أداء الفرد وقناعاته، وقدرته على التعبير، بداية من علاقاته الشخصية وانتهاء بأدائه كفرد في المجتمع بشكل عام، الأمر الذي يتسبب في عدة أزمات على المستوى الفردي أبرزها:

الشعور بالقلق. الشعور بالتوتر. الشعور بالعزلة. الخوف من رفض الآخرين. تنمر أكثر.. معرفة أقل

يسهم الجهل التعددي في انتشار التنمر داخل المدارس، ذلك ما توصلت إلى دراسة أشارت إلى أن المتنمر يواصل اصطياد الضحايا وسط صمت زملائهم، حيث حالة من الجهل التعددي التي تمنع الأطفال من الموازنة بين مواقفهم الخاصة الرافضة للتنمر والمتعاطفة مع الضحية، وتصوراتهم لمواقف أقرانهم الذين لم يهبوا للدفاع عن الضحية، ومن ثم يصمت الجميع.

ثلاثون عاما قضتها معلمة العلوم المصرية هدى علاء في سلك التدريس، رأت خلالها صنوفا عديدة من الطلبة، وتابعت كيف تطور أمر "الجهل التعددي" على مدار الأعوام، لدى الطلبة، حتى إنه أعاد تشكيل العملية التعليمية بالكامل.

تقول للجزيرة نت "صار الطلبة يتعاملون مع العملية التعليمية في مجموعات، نادرا ما أجد طالبا يملك تصورا واضحا حول ما يريد ومن ثم يتخذ قرارا واضحا، حتى إن قرارا مهما مثل التخصص في المرحلة الثانوية يتم اتخاذه بناء على رأي المجموعة، وهو ما تكرر كثيرا، حيث صرت أفاجأ بطلاب كانوا يرغبون في التخصص بالقسم العلمي، يدخلون إلى القسم الأدبي، فقط لأن الأغلبية من حولهم اتخذت نفس القرار".

يذهب الأمر إلى أبعد من ذلك، حيث ضربت معلمة المرحلة الإعدادية مثالا للكيفية التي يسيطر بها رأي المجموعة على مستقبل أفرادها في المرحلة الثانوية، وتقول إن "هناك أستاذا للغة الإنجليزية، يعمل داخل مركز شهير للدروس الخصوصية، أرادت ابنتي أن تلتحق بمجموعاته كأقرانها، لكنها فوجئت أن أقل مجموعة لديه تضم 450 طالبا، فيما يبلغ إجمالي الحضور في بعض الأحيان 2200 طالب:

وتضيف أنه "يتم تخيير الطلبة بين الجلوس أمام الشاشة أو الحصول على مقعد مميز أمام المدرس نفسه، يومها عادت ابنتي وأخبرتني أن الأمر لا يستحق العناء، لكنني ظللت أتأمل مشهد مئات الطلبة وهم يجلسون وسط الزحام، فقط لأن الجميع يقول إنه الأفضل من بين جميع مدرسي اللغة الإنجليزية".

الجهل التعددي يسهم في انتشار التنمر داخل المدارس (غيتي) مستقبل أسوأ للمتفرجين

يلعب الجهل التعددي دورا محوريا في الأحداث الفاصلة، حين يفهم أفراد المجموعة أن عدم تحركهم يضر بالموقف، لكن لأن أحدا ممن حولهم لم يتدخل، فيتم التعامل مع الوضع على أنه ليس طارئا ولا يتطلب تدخلهم وإن كان ضروريا.

في دراسة قديمة نشرت في المجلد 35 من مجلة الجمعية الأميركية لعلم الاجتماع عام 1972، اكتشف الباحث تشارلز كورتي أن المسألة لا تتوقف لدى الطلاب عند التحيز الجذري في تقدير آراء زملائهم حول مختلف القضايا، وبالتالي اتباعها بناء على فهمهم الخاطئ، ولكن الأمر يذهب لأبعد من ذلك، حيث يزداد التحيز بمرور الموقف، ويصير أكثر تطرفا.

ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق بشأن الجهل التعددي هو أنه يفسح المجال لسيطرة مجموعة بعينها من الأشخاص، هؤلاء الذين يملكون القدرة على أن يكونوا أكثر وضوحا، وأن يخلقوا هالة من الإجماع الزائف لإرغام الناس على الاعتقاد بأنهم جزء من الأقلية ومن ثم عليهم التزام الصمت.

يجب تعليم الطلاب الاستماع إلى أنفسهم في المقام الأول وأخذ مواقفهم الشخصية على محمل الجد (بيكسلز) هكذا يمكنك حل المشكلة

يعد الصمت العنصر الرئيسي الذي يولد الفهم الخاطئ، فيدفع غالبية الأفراد بسرعة إلى التزام الصمت دون الكشف عن معتقداتهم الحقيقية.

ورغم أنها ظاهرة غير صحية، فإنه لحسن الحظ يمكن تجنبها بسهولة، إذ إن كل ما يتطلبه الأمر لتنشئة طفل غير مصاب بالجهل التعددي، هو أن تتبع معه مجموعة من الأمور الأساسية في رحلة التربية على رأسها:

ضرورة مشاركة معتقداته وآرائه الشخصية بشكل علني. عدم الخجل من إثارة انتباه المجموعة. عدم الانصياع للرأي العام أو الخوف من مخالفته. التأكيد على ضرورة التصرف وفق ما يشعر به طفلك لا الآخرون. يجب تدريب الطفل حتى يصل إلى مرحلة نضج يصبح فيها مستقلا فكريا ونفسيا، ومسؤولا عن أفكاره (شترستوك)

أشار الدكتور شريف عرفة، المحاضر في مجال التنمية الذاتية وعلم النفس الإيجابي، إلى ضرورة التعامل مع الأمر باعتباره مرحلة من مراحل التطور النفسي للطفل، مع توجيهه حتى يصل إلى مرحلة نضج يصبح فيها مستقلا فكريا ونفسيا، ومسؤولا عن أفكاره، ليس عن جهل ولكن عن ضمير ذاتي وأساس معرفي وفكري وثقافي.

يقول عرفة للجزيرة نت "في كتابي (إنسان بعد التحديث) هناك فصل كامل عن "التفتح الذهني"، يدور حول الرغبة في التعرف على الآراء المخالفة، وضرورة غرس نسبية المعرفة، فالإنسان في مرحلة بدائية من النضج النفسي يتعامل مع الأمور بمنطق الأبيض والأسود، مع أو ضد، هكذا يقرر أن رأي بابا وماما هو الصواب، ورأي الأغلبية هو الأصح، وما سواهم خطأ".

ويشير صاحب كتاب "لماذا من حولك أغبياء؟" إلى دور الوالدين، وكذلك المدرسة في تعليم الطفل أن الأمور ليس بالأبيض والأسود، وأن هناك أفكارا مركبة ووجهات نظر مختلفة، لدينا ولدى الآخرين أيضا، ولتنمية تلك المهارة، يتطلب الأمر:

تنمية الفضول وحب القراءة، خاصة في المسائل الخلافية، وحب التعلم والاطلاع. تشجيع الطفل على الحوار والتعرف على المختلف، مع طرح وجهة نظره الشخصية. تفعيل تدريبات في المدارس على تبادل وجهات النظر في الأمور الخلافية كما كان عليه الأمر قديما في حصص الخطابة، حيث كان يُطلب من الطلبة اختيار مسألة خلافية، وكتابة الأدلة التي تدعم وجهة النظر المغايرة، ثم يتم تقسيم الطلبة إلى فريقين يعبر كل منهما عن وجهة نظر مختلفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فقط لأن

إقرأ أيضاً:

“التعليم والمعرفة ” بأبوظبي تطلق مبادرة جمعة التعلم المجتمعي

 

 

أطلقت دائرة التعليم والمعرفة – أبوظبي، مبادرة جمعة التعلم المجتمعي، والتي تعيد رسم ملامح آلية التواصل بين الطلبة والمحيط الخارجي بعيداً عن إطار الصفوف الدراسية، وذلك بمناسبة اليوم الإماراتي للتعليم وعام المجتمع 2025 في دولة الإمارات.
وتخصص المدارس أيام الجمعة طيلة شهر رمضان المبارك للتعلم المجتمعي، في خطوة تعتمد على منهجية عملية في التعليم، تجمع بين المعارف الأكاديمية والتأثير على أرض الواقع، وعوضاً عن أخذ الدروس التقليدية، يحظى الطلبة بفرصة التفاعل مع مجتمعاتهم، والمساهمة في دعم القضايا الهادفة، وتطوير المهارات التي يحتاجونها في حياتهم.
ولا تندرج هذه المبادرة ضمن إطار الأنشطة اللاصفية أو البرامج التطوعية، بل تمثل عنصراً أساسياً من عملية التعليم.
وتتيح مبادرة جمعة التعلم المجتمعي، للطلبة فرصة تطبيق معارفهم في سياقات الحياة الواقعية، مما يساعدهم في رؤية التأثير المباشر للدروس التي يتعلمونها في المدرسة.
وتنطلق المبادرة بالتعاون مع مجموعة من الهيئات المحلية، لتتيح للطلبة المشاركة في مشاريع الحفاظ على البيئة ودعم أصحاب الهمم والحفاظ على التراث الثقافي والمشاركة في المبادرات الرامية إلى تعزيز الصحة والسلامة.
ويستفيد الطلبة من النشاطات المتنوعة مثل التشجير وتسجيل الإرث الثقافي الشفهي مع كبار السن، لتطوير قيم التعاطف والقيادة وحس المسؤولية، وهي مبادئ لا يمكن تعليمها باستخدام الكتب الدراسية بمفردها.
ومن المقرر دمج مبادرة جمعة التعلم المجتمعي في المنهاج الدراسي لضمان اشتراك الطلبة من جميع الفئات العمرية في تجارب هادفة مناسبة لأعمارهم.
ويستطيع طلبة الحلقة الأولى المشاركة في أنشطة بسيطة حول “التعامل اللطيف” أو المشاريع البيئية أو النشاطات الصفية، فيما يمكن لطلبة الحلقتين الثانية والثالثة المشاركة في المشاريع الخدمية التعاونية التي توفر صلة وصل بين المعارف الأكاديمية والتأثير الاجتماعي، أو المشاركة في تصميم مبادرات خاصة بهم وتطبيقها.
وتعود المبادرة بالفائدة على العائلات أيضاً، حيث تتيح لهم فرصة المشاركة في الأنشطة إلى جانب أبنائهم، مما يعزز الحوار الهادف في المنزل حول قيم المسؤولية والتعاطف والعطاء.
كما تشكل المبادرة فرصة فريدة لتسليط الضوء على دور التعليم خارج الصفوف الدراسية، والفرص التي يوفرها للطلبة للمشاركة في الخدمات المجتمعية، مما يرسخ ثقافة العطاء عبر الأجيال.وام


مقالات مشابهة

  • "الغياب بالحصة".. نظام جديد لتقييم حضور طلبة المدارس في الإمارات
  • الاحتلال يصيب طفلا ويعتقل شابا خلال اقتحام بلدة بديا بسلفيت
  • «إقامة دبي» تحتفي بأبناء الموظفين المتفوقين في الثانوية
  • أكاديمية مصر للطيران تستقبل وفدا من الطلبة المتفوقين بالإدارات التعليمية
  • طفلك يصوم لأول مرة.. 6 أفكار لسحور صحي ومتوازن
  • عوائد مالية ضخمة.. ماذا ينتظر الأهلي في كأس العالم للأندية 2025؟
  • “التعليم والمعرفة ” بأبوظبي تطلق مبادرة جمعة التعلم المجتمعي
  • «المدرسة الإماراتية».. من التعليم التقليدي إلى الذكاء الاصطناعي
  • «التعليم والمعرفة» بأبوظبي تطلق مبادرة جمعة التعلم المجتمعي
  • مظاهرة دلافين في بحر كاليفورنيا.. ماذا حدث؟