“التكية” السودانية.. كيف نفخت الحرب روحها وبعثتها حية؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
بعد أن صارت عادة شبه مهجورة، استعادت التكيّة السودانية ألقها القديم لتعود بقوة لتصدر مشاهد التكافل الاجتماعي تزامناً مع الحرب الشرسة في البلاد.
فمن المعروف أن التكية السودانية كانت واحدة من أقوى مظاهر الترابط الاجتماعي في السودان، حيث ارتبطت التكايا عامة بالمرجعيات الدينية وشيوخ تحفيظ القرآن وتجويده.
وبعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم ودارفور منتصف أبريل/نيسان الماضي، عادت التكية لعملها بمساعدة المحتاجين، وبدأت تُقدم وجبات الطعام اليومية للعائلات الأشد فقراً، وذلك من أجل سد رمقهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد مع فقدان الغالبية العظمى لمصادر دخلهم.
كما تحوّلت مراكز إيواء المواطنين بالعاصمة والولايات المتضررة بالحرب إلى جمعيات أخرى موازية لتوفير الطعام ومساعدة مئات الآلاف دون مقابل.
من أين جاء اسم التكيّة؟
يرجع لفظ “التكيّة” إلى الاتكاء والإسناد والراحة من مشاق السفر والترحال، حتى ارتبط مفهومها لدى الناس بدخول كل فقير وغريب ومُضطر إليها ليجد فيها راحته وطعامه ومنامه بيسر وسهولة ودون مقابل.
وتتألف التكيّة ذات الطراز العثماني من حرم للصلاة، وباحة واسعة للتأدية، كما تحيط بها أروقة وغرف للمريدين وأخرى لتحضير الطعام، وفي جنباتها هناك مقامات وأضرحة لأبرز شيوخها.
أما التكيّة قديماً فكانت تقسم إلى مطبخ وصالة لتقديم الطعام ومكان لمبيت الحجاج وطلاب العلم ومدرسة لتعلم العلوم الشرعية، بينما أصبحت الآن مكانا لتوزيع الطعام فقط.
أشهر التكايا بالسُّودان
تتنتشر تكايا عديدة في البلاد، إلّا أنّ تكيتي الزعيمين الدينيين، مرشد السجادة الختمية علي الميرغني بالخرطوم بحري، والإمام عبد الرحمن المهدي زعيم طائفة الأنصار بأم درمان، تعتبران أشهر التكايا بالسُّودان.
وبالرغم من شهرتهما الواسعة، إلا أن تلك التكيتان لم تكونا الوحيدتين بالسودان، فقد انتشرت التكايا وازدهرت وسط تجمُّعات السودانيين بالمدن والقرى، وظلت لزمان طويل أهم المعالم والمدارس الدينية، بجانب توفير الطعام والشراب والمأوى لكل الناس دون مقابل.
وهناك تكايا شهيرة بمنطقة أم ضوبان بالخرطوم ومناطق الشكينيبة بالمناقل وطابت الشيخ عبد المحمود بولاية الجزيرة بوسط السودان البلاد و ومنطقة الزريبة بكردفان غرب البلاد.
موروثٌ عثماني؟!
يشار إلى أن الباحثين يصنفون التكايا على أنها موروث تاريخي يعود لزمن العثمانيين، إلّا أنّ التكية السودانية ظلت عادة متوارثة وثقافة متجذرة منذ أزمان طويلة، خاصةً وسط المجموعات السكانية القديمة وإن اختلفت أشكالها ووظائفها، لكنها ظلت بشكل عام ملجأً للفقراء والمحتاجين، وملاذاً للمسافرين والمقطوعين وعابري السبيل لقرون خالية وعقود طويلة في أماكن شتى بالسودان.
ففي شمال السودان مثالاً، كانت الغالبية العُظمى من المواطنين إن لم يكونوا كلهم يحرصون على تشييد مضيفة خارجية بالطوب الأخضر (اللبن) بسور منازلهم تُسمّى (السبيل).
أما ربات المنازل فيحرصن دائماً على ملء الأقداح بالطعام ووضع مكان مرتفع وظاهر للعيان داخل السبيل، أما مياه الشرب فتحفظ في أوعية فخارية كبيرة تسمى “الأزيار”.
كما أن عادة السبيل جعلت إطعام الجوعى هبة لعابري السبيل سواء بالنهار أو الليل دون الحاجة لاستئذان أصحاب البيوت أو طرق الأبواب.
العربية نت
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: التکی ة
إقرأ أيضاً:
“طوفان الأقصى” والعمليات المُساندة لها تُكبد اقتصاد العدو الصهيوني خسائر فادحة
يمانيون/ تقارير تؤكد التقارير الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية أنّ الاقتصاد الصهيوني يتكبد خسائر فادحة، حيث بلغ عجز المالية العمومية في كيان العدو إلى مستويات قياسية خلال العام المنصرم 2024، وتضاعفت موازنة “جيش” الاحتلال عشر مرات، مقابل الهبوط الحاد للموارد الجبائية في ظل الانكماش الاقتصادي.
وفي هذا السياق.. كشفت وكالة أنباء “رويترز” نقلاً عن ما يسمى بوزير المالية الصهيوني المتطرف بتسئليل سموتريتش، بأن خسائر الكيان الغاصب التي تكبدها خلال الحرب على غزة بلغت 34 مليار دولار.
وقال سموتريتش: “إن الخسائر التي تكبدتها “إسرائيل” منذ بداية الحرب في قطاع غزة بلغت 34 مليار دولار.
لكن يبدو أن هذه الأرقام يُكذبها تقرير لصحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الصهيونية، نشرته الجمعة الماضية، قالت فيه: إن تكلفة الحرب على قطاع غزة بلغت نحو 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024.
وأفادت الصحيفة، بأن تقديرات “بنك إسرائيل” تُشير إلى أن تكلفة الحرب على قطاع غزة، بلغت حتى الآن نحو 250 مليار شيكل.
وقالت صحيفة “كالكاليست”: إن تكلفة الحرب على قطاع غزة بلغت نحو 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024.
واستندت الصحيفة إلى تقديرات “بنك إسرائيل”.. مبينة أن المبلغ يشمل “التكاليف الأمنية المباشرة، والنفقات المدنية الكبيرة والخسائر في الإيرادات، وليس كل شيء”.
ووصفت الصحيفة هذه التكلفة بالـ”ثقيلة” وبكونها تعكس الـ”فشل” في الحرب على القطاع.. مؤكدة أن ذلك يتطلب “الحاجة إلى زيادة كبيرة في ميزانية وزارة الحرب الصهيونية خلال العقد المقبل”.
وقالت: إن “تلك الميزانية (المستقبلية) تتمثل في شراء مزيد من الطائرات والمروحيات وناقلات الجنود المدرعة وكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، فضلا عن الاستثمار في البشر أو الجندي الصهيوني نفسه”.
وشددت الصحيفة على أن “فشل جيش الاحتلال في الحرب على غزة لم يقف عند هذا الرقم، فقد سبقه عدد من الخسائر البشرية والمصابين، إضافة إلى عائلات وأُسر المصابين الذين تضرروا معنويا وبعضهم عقليا أيضا”.
ولفتت إلى أن “الحديث عن أرقام الحرب ونتائجها يأتي على خلفية الحديث عن لجنة فحص ميزانية الأمن والدفاع”، المعروفة صهيونياً بـ”لجنة ناجل” على اسم رئيسها يعكوف ناجل.
وفي 30 مايو 2024، نشرت “كالكاليست” تقريرا توقعت فيه بلوغ تكاليف الحرب على غزة 250 مليار شيكل بحلول عام 2025، وهو الرقم نفسه الذي كشفت عنه الأسبوع الماضي.
ولفتت الصحيفة إلى أن “العوائد الخاصة بالغاز الطبيعي في البحر المتوسط كان يفترض أن تذهب إلى وزارتي الصحة والتعليم، لكن يبدو أنها ستذهب إلى وزارة الحرب الصهيونية”.
وبينت أن لجنة “ناجل” أوصت بأن الإضافة المطلوبة لوزارة الحرب خلال السنوات العشر المقبلة ستكون 275 مليار شيكل (74 مليار دولار)، بمعنى إضافة 27.5 مليار شيكل (سبعة مليارات دولار) في العام الواحد.
وفي السابع من يناير الجاري، نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية عن تقرير اللجنة “اقتراح زيادة ميزانية الدفاع بما يصل إلى 15 مليار شيكل سنويا (4.1 مليارات دولار) على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وفي شهر نوفمبر من العام 2023 أعلن اليمن بداية عمليَّاته العسكرية المساندة لغزة بمنع السفن المرتبطة بالعدوّ الصهيوني، وُصُـولًا إلى استهدافِ العُمق الصهيوني بالطائرات المسيَّرة والصواريخ البالستية، والفرط صوتية التي باتت تشكِّلُ التهديدَ الأكبرَ للصهاينة وتقوض شعورهم بالأمن، ما شكل كابوساً كَبيرًا على الصهاينة.
واعتبرت أوساط الصهاينة أن صيرورة العمليَّات اليمنية هي التهديد الأكبر على الاقتصاد الصهيوني؛ بسَببِ الأزمات الكبيرة التي أحدثتها في مفاصلِ العدوّ الاقتصادية والحيوية، ووصل تأثيرها حَــدّ تعطيل الحركة الملاحية المرتبطة بالكيان الصهيوني.
وبحسب موقع “ورلد كارجو” المختص بأخبار الشحن العالمي، أَدَّى التأثير الاقتصادي لعمليات القوات المسلحة اليمنية على الشحن في البحر الأحمر إلى انخفاض حجم الشحن بنسبة 85 في المائة، ما يعني إصابة الاقتصاد الصهيوني بالشلل، في حين يترتب على هذه التراجعات الكثير من التبعات الاقتصادية على العدوّ وقطاعاته الإنتاجية.
ونشرت وسائل إعلام العدو الصهيوني العديد من التقارير، التي تشير إلى إفرازات الحصار البحري اليمني، حَيثُ تعطلت قطاعات الصادرات والواردات بشكل كبير، وهذا أسهَمَ في إرباك آلات الإنتاج الصهيوني، وعطَّل أهم قطاعاته، والمتمثل في قطاع التكنولوجيا.
وتؤكّـد وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية أن إطلاق الصواريخ من اليمن يشكل تهديداً للاقتصاد الصهيوني، حَيثُ يمنع العديد من شركات الطيران الأجنبية من السفر إلى الكيان، ويمنعه من إنعاش صناعة السياحة المتضررة بشدة، كما أَدَّى إلى إغلاق ميناء إيلات، ودفع السفن المتجهة إليه إلى اتِّخاذ طريق أطول وأكثر تكلفة حول إفريقيا.
وللمرة الأولى منذ عدة عقود، أظهر تقرير هجرة الثروات الخَاصَّة لعام 2024 الصادر عن شركة “هنلي أند بارتنرز” أن المهاجرين الأثرياء المغادرين من الكيان أكثر من أُولئك المصرين على البقاء؛ الأمر الذي جعل الكيان الصهيوني يعاني من أزمات استثمارية كبيرة، وهجرة جماعية لأصحاب رؤوس الأموال.
ونقلت منصة “غلوبس” الصهيونية عن التقرير، التأكيد على خروج “إسرائيل” من قائمة “هنلي أند بارتنرز” للدول الـ20 المستقطبة للثروات الخَاصَّة، وهو خروج يؤكّـد حالة الذعر والهبوط التي تطال كافة مفاصل العدوّ الصهيوني.
ومع استمرار العمليات اليمنية، يعاني العدوّ الصهيوني من أزمات اقتصادية متلاحقة، تمثلت في تراجع قيمة عملة العدوّ “الشيكل”، وسقوط أسهم البورصة للشركات والبنوك الصهيونية وإغلاق أكثر من 60 ألف شركة، وهروب جماعي للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال، فضلًا عن تعطل قطاع السياحة بنسبة تصل إلى 80 في المائة وفق تقارير صهيونية متخصصة.
ومن خلال التقارير التي أقر بها العدوّ الصهيوني، وتحدث فيها عن العجز المالي غير المسبوق، والانهيار الكبير في الاستثمار والسياحة والإنتاج، فَــإنَّ كلفة الإجرام على العدوّ الصهيوني في تصاعد مُستمرّ؛ ما يزيد سُمعة العدوّ الاقتصادية سوءًا في نظر المستثمرين.