الانفراج السياسي يفتح باب الإصلاح في صنعاء: حكومة جديدة لقيادة إعادة الإعمار
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
الجديد برس:
بعد نجاحها في تغيير المعادلات العسكرية في ظروف استثنائية خلال السنوات الماضية، تسعى حركة «أنصار الله» إلى خلق معادلات اقتصادية وإدارية موازية، تعزّز عبرها أداء مؤسسات الدولة، بما يمكّنها من توظيف الموارد الوطنية وتنميتها ورفع معدلات الإنتاج، وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي، وتأهيل الإدارة لقيادة إعادة الإعمار المقبلة بعد إنهاء الحرب.
هذا التوجّه الذي حظي بتأييد شعبي ورسمي واسع ويقوده زعيم «أنصار الله»، السيد عبدالملك الحوثي، بدأ الأربعاء الماضي، بإقالة «حكومة الإنقاذ الوطني» وتكليفها بتسيير الأعمال حتى يتم الانتهاء من الترتيبات الخاصة بتشكيل حكومة كفاءات بديلة، تشارك فيها الأحزاب والمكوّنات السياسية المتحالفة مع الحركة. وجاء قرار إقالة الحكومة التي عملت في ظروف استثنائية خلال سنوات الحرب والحصار، في إطار المرحلة الأولى من التغييرات الجذرية التي دشّنها الحوثي، في خطابه السنوي لمناسبة ذكرى المولد النبوي.
وتشمل هذه المرحلة تغيير السياسات العامة القديمة والأنظمة واللوائح في مختلف الأجهزة الحكومية، وتعزيز دور القضاء، بما يحقّق العدالة الناجزة، وتحديث المنظومة القانونية، وإعادة النظر في السياسيات الاقتصادية التي أعاقت النمو وأدت إلى تراجع معدلات الإنتاج الوطني في مختلف السلع والمنتجات، فضلاً عن خلق بيئة استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال الوطنية وإشراك القطاع الخاص في إحداث التغيير المنشود.
وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة في صنعاء، أن «أنصار الله» تسعى لتقليص عدد الوزارات من 44 وزارة إلى نحو 30، من خلال دمج عدد من الوزارات، وتعزيزها بكوادر وطنية مؤهلة من مختلف الشرائح، وفق معيار الكفاءة والمسؤولية والقدرة على تحمّل المهام.
وأشارت المصادر إلى أنّ الحوثي وضع إصلاح اختلالات القضاء ضمن أولويات التغيير الجذري، ووجّه باستيعاب علماء الشريعة وفقهاء القانون والجامعيين الحاصلين على دراسات عليا في مجال الشريعة والقانون، في إطار السلطة القضائية.
التغييرات الجذرية المعلنة التي وصفها مراقبون بأنها «ثورة إصلاحات إدارية واقتصادية شاملة»، ستنفّذها «أنصار الله» على مراحل متعدّدة تنتهي بتحقيق أهدافها كافة، وجاءت في ظل محاولات تقف وراءها أطراف معادية حاولت خلال فترة الهدنة إثارة الشارع ضد الحكومة، مستغلّة حالة اللاحرب واللاسلم، وهو ما دفع بالحركة إلى تقييم واقع المؤسسات المختلفة للدولة، تمهيداً لإصلاح الاختلالات التي حاولت الأطراف المعادية إحداث اختراق من خلالها.
ووفقاً لأكثر من مصدر تحدث إلى «الأخبار»، فإن مكتب رئاسة الجمهورية شكّل العام الفائت لجاناً خاصة بتقييم الوضع القائم والنزول إلى المؤسسات والأجهزة الحكومية لمعرفة التحدّيات التي تواجهها وأسباب الاختلالات. وقامت تلك اللجان الإدارية بتحديد مكامن الضعف في الجهاز الإداري للدولة وأسباب الاختلالات، وقدمت توصياتها بشأن الحلول.
التغييرات تأتي بعد محاولة أطراف معادية إثارة الشارع ضد الحكومة خلال فترة الهدنة
وكان الحوثي قد أكد عشية الذكرى التاسعة لثورة 21 أيلول 2014، مطلع الأسبوع الماضي، اعتزامه إجراء تغييرات جذرية في مختلف مؤسسات الدولة كضرورة لإنهاء الركود السائد في الجانب الحكومي، والقضاء على الاختلالات المختلفة. ولفت إلى أن هذه الإصلاحات كانت من أول أهداف الثورة، وتضمن اتفاق السلم والشراكة الموقّع برعاية المبعوث الأممي السابق لليمن، جمال بن عمر، البعض منها، لكنه أشار إلى أن العدوان والحصار الذي تعرّض له اليمن خلال السنوات الماضية، أديا إلى تأجيل الإصلاحات الهادفة إلى بناء مؤسسات الدولة على أسس قوية ومتينة.
التغييرات المعلنة، أثارت ردود أفعال متباينة من قبل الموالين للتحالف، إذ أبدى فريق منهم مخاوفه من مخاطر تقديم الحركة نموذجاً إدارياً واقتصادياً يؤثّر على مستقبل الحكومة الموالية للعدوان، وأرجعوا هذا التوجه إلى وجود مؤشرات سلام حقيقية بين صنعاء والرياض، دفعت بالأولى إلى الإصلاح من الداخل في إطار إعادة التموضع في السلطة وتثبيت سلطاتها، فيما ذهب فريق آخر من الموالين للعدوان إلى التحريض على التغييرات، واتهام الحركة بالعمل على تغيير النظام الجمهوري وإنهاء العمل بالدستور اليمني، إلا أن الحوثي، نفى تلك المزاعم، وأكد أن التغييرات المعلنة ستعزّز النظام الجمهوري، وستعمل على تحقيق آمال وتطلعات الشعب اليمني في الحرية والاستقلال والعيش الكريم.
الأحزاب السياسية المناهضة للتحالف في صنعاء، أيدت الإصلاحات وفوّضت زعيم «أنصار الله» بقيادة التغيير. لكن على رغم دعوة قيادة «حزب المؤتمر الشعبي العام»، جناح الداخل، الحركة إلى العمل على إصلاح الداخل الشهر الماضي، فإن الحزب الذي يشارك في «المجلس السياسي الأعلى» (الحاكم)، و«حكومة الإنقاذ» المقالة، لم يعلن في بيان رسمي تأييده للتغييرات.
*جريدة الأخبار اللبنانية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: أنصار الله
إقرأ أيضاً:
رفض واسع في صنعاء لتأجير المنازل لعناصر الحوثي والتجار يرفعون الكرت الأحمر في وجه المليشيات
كشفت مصادر محلية في العاصمة صنعاء أن ملاك المنازل يرفضون تأجير عقاراتهم لعناصر وقيادات مليشيات الحوثي في تطور مثير يعكس المزاج العام المتوتر ضد المليشيات في مناطق سيطرتها.
وأكدت المصادر لوكالة خبر أن هذا الرفض يأتي على خلفية تزايد القلق من "استيلاء دائم" على الممتلكات، من قبل عناصر وقيادات ومشرفي مليشيات الحوثي، خاصة أن بعض المؤجرين السابقين وجدوا أنفسهم ضحايا لعمليات رفض إخلاء المنازل.
وأفاد مالك منزل في صنعاء لوكالة خبر "نأجر لهم؟ مستحيل!" إذا دخلوا، ما يخرجوا! البيت يتحول لمقر أو شيء آخر، ومش ممكن نواجههم بعدين."
وتحول هذا الرفض إلى ظاهرة متصاعدة، حيث يتجنب المواطنون تأجير منازلهم لأي شخص يشتبه بارتباطه بالحوثيين.
وأكدت المصادر أن بعض الملاك يلجأون لتحريات إضافية عن المستأجرين للتأكد من هوياتهم قبل توقيع أي عقود.
وفي خطوة جريئة تعكس حالة السخط المتزايدة بين أوساط التجار في العاصمة صنعاء، قرر أصحاب المحال التجارية التوقف عن منح عناصر وقيادات ميليشيا الحوثي بضائع بالدَّين أو "الأجل".
وجاء هذا القرار غير المعلن بعد تراكم الديون وامتناع الحوثيين عن السداد في كثير من الحالات، مما تسبب في خسائر كبيرة للتجار.
وأكد التجار أن هذا القرار جاء لحماية أعمالهم من الانهيار، خاصة بعد أن أصبحت مطالباتهم بحقوقهم تقابل بالتجاهل أو التهديد.
وأشاروا إلى أن عناصر الحوثيين يستغلون نفوذهم للحصول على البضائع دون نية حقيقية للسداد.
وتعكس هذه الأزمة تصاعد التوتر بين المواطنين والتجار في صنعاء مع الجماعة الحوثية الإرهابية، ويزيد من خوف المليشيات وتوجسها من انفجار ثورة غضب شعبية، في ظل تزايد حالات النهب والسلب والسطو على الأملاك.