أصبحت المسؤولية مضاعفة على المرسل فكل مواطن يمثل بلاده بمجرد أن يمسك هاتفه ويشارك الآخرين رأيه
في احتفالية في سفارة الدولة في برلين قبل عدة سنوات عرضنا فيلماً وثائقياً قديماً بالأبيض والأسود لرجل إماراتي يمشي حافياً في رمال الصحراء ممسكاً لجام بعيره واضعاً نعاله تحت إبطه، ويسألني أحد المدعوين الألمان مستفهماً "لماذا لا يلبس نعاله؟ يبدو بأنه يستمتع بالمشي في الرمال الناعمة"، فقلت له مبتسماً "رمال ناعمة ملتهبة.لا يا سيدي لم يكن ذلك من باب المتعة، بل لضيق العيش، لم يلبسها حتى لا تبلى".
اتسعت حدقات عينيه فلم يكن يتوقع هذه الإجابة وصمت لحظات ورد قائلاً "تلك صورة تجسد كفاح الإنسان، حدثوا أبناءكم عنها كثيراً".
نشأت بعدها صداقة بيننا شرحت لي أوجه عدة لألمانيا وثقافة شعبها، وقد يكون العامل المشترك لدى الشعب الألماني إيمانه بحكمته القائلة "دع ما تصنع يداك يتحدث عنك".
لا تعني الحكمة الألمانية المذكورة أن تضل صامتاً وألا تتحدث عن إنجازاتك، ومن حق كل مواطن أن يتحدث عن بلاده ولكنه حق مشروط، وشرطه ألا تبعث رسائل للغير فيساء تفسيرها، وتضع القائل في منطقة رمادية ويتهم إما بالتباهي أو بالغرور.
هذا النوع من الرسائل لا يخدم صورة الدولة، والافتخار بالمنجز وسرده للغير هو مسؤولية، وباستطاعة الإماراتي أن يبرر ويستند إلى أرقام وإحصائيات، ولكن في نفس الوقت عليه أن يسأل كيف ستفسر رسالته عند الغير؟ فالذي يقال قد يختلف عن الذي يفهم.
إن شبابنا في دولة الامارات، وهم غالبية شعبنا وأمله ومستقبله وبهجته، لم يعيشوا مرحلة قبل وبعد الاتحاد، والحاضر قد يبدو بعيداً جداً عن الماضي الذي يحدثهم عنه كل خمسيني إماراتي. المسافة شاسعة، والشباب يستمدون ثقتهم بأنفسهم من مصداقية الحاضر الذي يرونه أمام أعينهم، وينعكس ذلك على رسائلهم عبر القنوات الشبكات الاجتماعية، وهو أمر طبيعي.
ولأن الحدود الجغرافية قد تلاشت بين الدول في عصر التواصل الرقمي، فلا توجد رسالة لجمهور محلي وأخرى لجمهور خارجي، أصبحت المسؤولية مضاعفة على المرسل، فكل مواطن يمثل بلاده بمجرد أن يمسك هاتفه ويشارك الآخرين رأيه.
التواصل مع العالم مفتوح وكل رسالة تؤثر في الرأي العام، إيجاباً أو سلباً، وصفاء النية عند كتابة تغريدة أو نشر فيديو لا يضمن حسن تلقيها من الناس، ولكن من غير المقبول أن تضع نفسك في موقف غير لائق ليتم تصويرك وأنت تعلم علم اليقين بما يدور حولك، هو أمر مرفوض لأنه يستفز المجتمع حتى وإن لم يشعر الفاعل نفسه بالحرج.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة
إقرأ أيضاً:
أنباء عن تقلص الفجوات ونتنياهو يتحدث عن تقدم بصفقة تبادل الأسرى
أشار مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون، الاثنين، إلى تقلص بعض الفجوات بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" بشأن إمكانية وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكن دون التوصل إلى حل لنقاط خلاف حاسمة، بحسب وكالة رويترز، فيما قال نتنياهو أمام الكنيست إن هناك "تقدما" لم يكشف ماهيته.
وقال مسؤول فلسطيني مطلع على المحادثات إنه في حين تم حل بعض النقاط العالقة، لم يتم الاتفاق بعد على هوية بعض المعتقلين الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم إسرائيل مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وكذلك لم يتم الاتفاق بشأن تفاصيل النشر الدقيق لقوات إسرائيلية في غزة.
وجاء ما قاله المسؤول الفلسطيني متوافقا مع تصريحات وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي الذي قال إن القضيتين لا تزالان قيد التفاوض. ومع ذلك قال شيكلي إن الجانبين أقرب إلى التوصل إلى اتفاق مما كانا عليه قبل أشهر.
وقال شيكلي لهيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان): "يمكن أن يستمر وقف إطلاق النار هذه المرة ستة أشهر أو يمكن أن يستمر عشر سنوات، وهذا يعتمد على التحركات التي ستتم على الأرض". وأضاف أن الكثير يتوقف على السلطات التي ستدير غزة وتعيد تأهيل القطاع بمجرد توقف القتال.
وقال المسؤول الفلسطيني إن "مسألة إنهاء الحرب تماما لم يتم حلها بعد".
من جانبه، ادعى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، وجود "تقدم معين" في مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة حماس، مشيرا إلى عدم معرفته بالمدة التي ستستغرقها تلك المفاوضات.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة العامة للكنيست، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وقال نتنياهو، إن "مهمة إعادة أولئك الذين ما زالوا في الظلام إلى ديارهم هي على رأس أولوياتنا، ولا أستطيع أن أخبركم بكل الأشياء التي نقوم بها، ونحن نتخذ إجراءات مهمة على جميع المستويات لإعادة أحبائنا".
وأضاف: "أقول بحذر أن هناك تقدما معينا في المفاوضات، ولا أعرف كم من الوقت سيستغرق الأمر".
على جانب آخر، قال مسؤولون إسرائيليون، السبت الماضي، إنّ إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية ليستا قريبتين من إبرام صفقة تبادل أسرى، وأن الفجوات بينهما ما زالت كبيرة.
ونقلت هيئة البث الرسمية، عن مسؤولين إسرائيليين، لم تسمهم، قولهم إنّ "هناك فجوات لا تزال قائمة، وأنّ التقدم نحو صيغة مقبولة من جميع الأطراف لا يزال بعيدا".
من جانبه، اتهم رئيس حزب معسكر الدولة الإسرائيلي بيني غانتس، الأحد، نتنياهو بتخريب المفاوضات بشأن إبرام صفقة لتبادل الأسرى.
وانتقد غانتس في كلمة متلفزة نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، حديث نتنياهو مع وسائل إعلام أجنبية بشأن الصفقة الجاري بلورتها مع حماس.
وأضاف: "نحن في أيام حساسة- الحياة والموت حقا يتحكم فيهما اللسان".
تصريحات غانتس جاءت على خلفية مقابلة نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قبل يومين مع نتنياهو قال فيها: "لن أوافق على إنهاء الحرب قبل القضاء على حماس (..)، لن نتركهم في السلطة في غزة على بعد 50 كيلومترا من تل أبيب لن يحدث ذلك"، وفق يديعوت أحرونوت.
وقال غانتس: "كما قال نتنياهو نفسه قبل أسبوع واحد فقط كلما تحدثنا أقل، كان ذلك أفضل، بينما المفاوضون يعملون، نتنياهو يخرب المفاوضات من جديد".
ومخاطبا نتنياهو قال: "ليس لديك تفويض لتخريب عودة المختطفين مرة أخرى لأسباب سياسية، عودتهم هو الشيء الصحيح الإنساني والأمني والوطني".
وفي سياق متصل، نقلت "يديعوت أحرونوت" عن "عيناف تسينغوكر"، والدة الأسير "ماتان" قولها: "الخوف الأكبر لعائلات المختطفين وللجمهور بأكمله هو أن الحكومة الإسرائيلية ستترك مختطفين وراءها"، في إشارة إلى سعي الحكومة لصفقة جزئية.
وأضافت: "رئيس الوزراء يتعرض للابتزاز من قبل المتطرفين في حكومته الذين يريدون بناء المستوطنات على ظهر المختطفين. نحن بحاجة إلى إنهاء الحرب مقابل التوصل إلى صفقة شاملة".
واعتبرت تسينغوكر أن "نهاية الحرب ليست ثمنا ولا عائقا، بل مصلحة واضحة وهي إعادة إسرائيل إلى وضعها الطبيعي".
وتعثرت مفاوضات تبادل الأسرى التي تجري بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية أكثر من مرة، جراء إصرار نتنياهو على استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، ومعبر رفح بغزة، ومنع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال غزة عبر تفتيش العائدين من خلال ممر نتساريم وسط القطاع.
من جانبها، تصر حركة حماس على انسحاب كامل لإسرائيل من القطاع ووقف تام للحرب، بغية القبول بأي اتفاق.