أزمة المياه العالمية: كارثة تلوح في الأفق
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
(زمان التركية)- الماء يعد المورد الأساسي لجميع أشكال الحياة على كرتنا الأرضية بل هو الشيء الرئيسي الذي تبحث عنه كل وكالات الفضاء الدولية خارج كرتنا الأرضية، فالماء أساسي لجميع أشكال الحياة، فهو يحافظ على النظم البيئية، ويدعم الزراعة، ويوفر مياه الشرب لمليارات البشر، إلا أن العالم اليوم يواجه أزمة مياه متنامية تهدد وجودنا ذاته، وبينما كان ينظر إلى هذه الأزمة خلال الخمسين عاما الماضية على أنها أزمة لن تشهدها البشرية في المدى القريب إلا أن هذه الأزمة موجودة الآن.
فلقد تطورت الصراعات على المياه وتحولت إلى قضية ملحة في أجزاء مختلفة من العالم، وعلى سبيل المثال وليس الحصر تواجه إيران توترات بشأن المياه بسبب النمو السكاني والتحضر وضعف البنية التحتية كما أن البلاد لديها نزاع مع أفغانستان حول تقاسم مياه نهر هلمند، ومثال آخر هام في هذا الموضوع هو نهر السند الذي تتقاسمه الهند وباكستان ويعد نقطة خلاف بين البلدين، وبينما قامت الدولتين بتقسيم الحقوق في النهر وروافده من خلال معاهدة مياه السند في عام 1960 فقد اندلعت التوترات مؤخرًا، وتتهم باكستان الهند بوقف تدفق المياه إلى الجمهورية الإسلامية واستخدام المياه كسلاح في النزاع الدائر حول كشمير.
أما عن الأزمة في أفريقيا فنجد أن أهم مثالين هما نيجيريا حيث تسببت أعمال العنف المرتبطة بالمياه في نيجيريا إلى سقوط عدد من الضحايا أكبر من ضحايا جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة، بالإضافة إلى ذلك فقد أدى نقص الأمطار في مناطق الرعي إلى انتقال رعاة الفولاني المسلمين إلى الأراضي المملوكة للمزارعين المسيحيين وهو ما أدى إلى نشوب صراعات في تلك المناطق. أما في مالي فيتقاتل المزارعون والرعاة على موارد المياه والأراضي الشحيحة على خلفية التوترات العرقية والجماعات المسلحة والارتفاع السكاني، وقد أدت كل هذه العوامل في عام 2019 إلى عمليات قتل جماعي في دلتا النيجر الداخلية وهي أرض رطبة وسط مالي.
ومن المهم أن نلاحظ أن الصراعات على المياه يمكن أن تنشأ بسبب عوامل مختلفة مثل تغير المناخ، وسوء الإدارة، والنمو السكاني، والتوترات الجيوسياسية.
وبينما يتزايد عدد سكان العالم بمعدل غير مسبوق فإن ذلك يصاحبه طلب متزايد على المياه ليصبح الضغط على مصادر المياه العذبة أكثر وضوحا، كما تساهم الزراعة الأزمة حيث تمثل غالبية استخدام المياه في جميع أنحاء العالم، كما يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم أزمة المياه عن طريق تغيير أنماط هطول الأمطار وزيادة تواتر وشدة حالات الجفاف، كما أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة معدلات التبخر وهو ما يستنزف إمدادات المياه، وهذا ما كان له آثار مدمرة على الزراعة والأمن الغذائي والصحة العامة خاصة في البلدان النامية.
إلا أنه وعلى الجهة الأخرى نجد أن تلوث المياه مشكلة رئيسية أخرى تؤثر على الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، حيث تؤدي النفايات الصناعية، والجريان السطحي الزراعي، وأنظمة الصرف الصحي غير الكافية إلى تلويث مصادر المياه العذبة، مما يجعلها غير آمنة للاستهلاك البشري، ولا يؤثر هذا التلوث على صحة الإنسان فحسب بل يضر أيضًا بالنظم البيئية المائية والتنوع البيولوجي. وتوجد مشكلة في إدارة المياه تفاقم أزمة المياه العالمية، وتساهم البنية التحتية القديمة والأنابيب المتسربة وأنظمة الري غير الفعالة في خسائر كبيرة في المياه، كما يؤدي استخراج المياه الجوفية بشكل غير مستدام إلى استنزاف طبقات المياه الجوفية، التي تعد مصادر أساسية للمياه العذبة.
وبينما الحلول المحتملة والمطروحة لدينا نحن البشر تتمثل في ترشيد استخدام المياه لا سيما تبني طرق الري المعتمدة على التنقيط بدلا من الطرق التقليدية ، بل وقد أثبتت تقنيات الزراعة العمودية أيضا قدرة كبيرة على توفير المياه. ومن جهة أخرى يطرح البعض أن معالجة مياه الصرف الصحي وتحديث تقنياتها سيسهم بشكل كبير في الحد من الأزمة حيث أن هذه المياة لن تكون مهدرة بل ستكون صالحة للإستخدام.
تحلية مياه البحار
قد يقول البعض لماذا لدينا نحن البشر مشكلة في المياه ولدينا كوكب الأرض حيث أن قرابة 70% من الكوكب هي مياه ، بالطبع إن تحلية ماء البحر قد يساعد في تقليل الأزمة ولكن حتى الآن لا ينظر إلى تحلية المياة على أنه الحل الأمثل لأزمة المياة وذلك لعدة أسباب أهمها أن تحلية المياه عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة، و الطريقة الأكثر شيوعًا لتحلية مياه البحار يطلق عليها التناضح العكسي، وهي عملية تتطلب كميات كبيرة من الكهرباء لدفع مياه البحر عبر غشاء لإزالة الملح والشوائب. كما أن محطات تحلية المياه لها آثار بيئية كبيرة، حيث يمكن أن تؤدي عملية تحلية مياه البحار إلى الإضرار بالحياة البحرية، بما في ذلك الكائنات البحرية الصغيرة مثل الأسماك الصغيرة والعوالق، مما يعطل السلسلة الغذائية، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمحلول الملحي المركز المتبقي من عملية تحلية المياه أن يضر بالحياة المائية إذا تم ضخه مرة أخرى إلى المحيط.
إلا أن أهم سبب هو أن محطات تحلية المياه لديها قدرة محدودة على إنتاج المياه العذبة، وحتى مع وجود مرافق واسعة النطاق، فإنها لا تستطيع تلبية الطلب المتزايد على المياه في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية أو المناطق التي تعاني من الجفاف الشديد.
شعور دولي مشترك بأزمة المياه
كل ما قد سبق دعا الأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي لبحث حلول لأزمة المياه في مارس الماضي في مدينة نيويورك، وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة في وقتها أنه وإن كان الموضوع مهم للغاية لأنه يتعلق بشراء الحياة إلا أنه تفائل بأن عقد الاتفاقات بين مختلف البلدان مثل المعادة التي أجريت بين إسبانيا والبرتغال قد تسهم في تقليل الأزمة ، كما أضاف أن كلا من أزمة المناخ وأزمة المياه وجهان لعملة واحدة ودعى البلدان للحد من تلوث المناخ، وفوق كل ذلك فقد أشار إلى أهمية الاستثمار في البنى التحتية لترشيد المياه، ودعا إلى عقد ميثاق تعليمي للوعي بأهمية الموضوع.
Tags: أزمة المياهإيرانمشكلة المياهالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: أزمة المياه إيران مشكلة المياه تحلیة المیاه أزمة المیاه على المیاه المیاه فی إلا أن
إقرأ أيضاً:
حرب السودان.. جهود دولية إنسانية دون حل في الأفق
مع استمرار الحرب في السودان تزداد معاناة ملايين المدنيين من انعدام الأمن الغذائي، بينما لا تلوح في الأفق أي مؤشرات لحل سياسي ينهي القتال الدائر في البلاد منذ 15 أبريل 2023.
التغيير ــ وكالات
الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون أكد أنه لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان.
ويرى أن تركيز الجهود الدولية حاليا يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، ولا جهود تتعلق بالعملية السياسية في السودان، مشيرا إلى أن مساعي واشنطن في جمع الأطراف المتحاربة في السودان لم تنجح.
أوضح هدسون أنه تم فرض عقوبات على بعض الأفراد في قوات الدعم السريع، والتي لم تكن فعالة لتغيير سلوكيات هذه القوات، وفي الوقت الذي ظهرت فيه دلائل على تقديم دولة الإمارات لأسلحة في السودان إلا أن واشنطن لم تتحدث بصرامة معها بهذا الشأن، تم الاكتفاء بنفي أبو ظبي إرسال أسلحة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة تفضل علاقاتها مع الإمارات وإن كان ذلك على حساب مقتل العديد من المدنيين في السودان.
وقال هدسون إن رد وكالات الأمم المتحدة لم يكن كافيا في السودان، وهذا يعود للتمويل وللأولويات التي تفرضها الدول الأعضاء على المشهد، إذ أنها لا تحظى بذات الأولوية مثل ما يحدث في حرب أوكرانيا، أو حرب إسرائيل في غزة.
وتسيطر قوات الدعم السريع بشكل شبه كامل على إقليم دارفور ومساحات واسعة من منطقة جنوب كردفان ومعظم وسط السودان، بينما يسيطر الجيش النظامي على شمال وشرق البلاد.
وحتى الآن، لم يتمكن أي من المعسكرين من السيطرة على كامل العاصمة الخرطوم التي تبعد ألف كيلومتر شرق مدينة الفاشر.
وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف وشردت أكثر من 11 مليون شخص وتسببت بما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة.
ويتهم الجيش وقوات الدعم السريع باستهداف المدنيين والمرافق الطبية بشكل عشوائي، وبقصف مناطق سكنية عمدا.
ملايين السودانيين اضطروا للنزوح بسبب القتال الجاري في البلاد منذ أبريل 2023
مع استمرار الحرب في السودان تزداد معاناة ملايين المدنيين من انعدام الأمن الغذائي، بينما لا تلوح في الأفق أي مؤشرات لحل سياسي ينهي القتال الدائر في البلاد منذ 15 أبريل 2023.
الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون أكد أنه لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان.
ويرى أن تركيز الجهود الدولية حاليا يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، ولا جهود تتعلق بالعملية السياسية في السودان، مشيرا إلى أن مساعي واشنطن في جمع الأطراف المتحاربة في السودان لم تنجح.
وأعلنت واشنطن الخميس عن تخصيصها مبلغا إضافيا بقيمة 200 مليون دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، ليرتفع بذلك إجمالي المساعدات الأميركية إلى 2.3 مليار دولار.
وأضاف هدسون أن واشنطن أيضا لم تنجح في وضع حدود للقوى الدولية التي تغذي الصراع في السودان، لافتا إلى أن الولايات المتحدة “في وضع صعب” فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة في السودان، خاصة مع تبقي شهر واحد لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.
ولا يعتقد أن الأزمة في السودان تتصدر أولويات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.
منذ أبريل 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي.
وقال هدسون إن تقديم المساعدات لوحدها للسودان غير كافية، ولكن ما نحتاج إليه هناك هو حل سياسي للأزمة، مشيرا إلى أن واشنطن لم تستخدم كل الأدوات المتاحة لها للضغط في هذا الإطار، إذ لم تفرض عقوبات، ولم يتم إيقاف تغذية الصراع من قوى إقليمية.
والخميس، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن السودان قد يشهد أكبر مجاعة في التاريخ الحديث، مع 1.7 مليون شخص في البلد إما يعانون الجوع أو هم معرضون له، إضافة إلى ذلك، يعاني حوالي 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في البلد.
الوسومأزمة إنسانية الحرب جهود دولية حل سياسي