الآثار اليمنية المهربة... بضاعة رائجة في المزادات العالمية
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
(عدن الغد)محمد علي ثامر:
تداولت وسائل الإعلام مؤخراً توقيع سفير اليمن في واشنطن اتفاقية حماية التراث وحظر بيع الآثار اليمنية المسـروقة في المزادات الأمريكية، سبق ذلك قرارٌ أمريكي يحظر استيراد ونقل الممتلكات والآثار الثقافية اليمنية إليها، لتعيد إلى الأذهان سلسلة من التقارير والوقائع التي وثَّقت نهب وتخريب وتهريب الآثار اليمنية إلى الخارج.
قصة التهريب
يقول مركز كارنيغي للدراسات في التقرير الذي نشره للباحث محمد علي ثامر: تعرضت الآثار اليمنية لموجاتٍ أو سلسلةٍ من عمليات التهريب إلى خارج الوطن، يحدث هذا نتيجة أمرين هامين، هما: الحملات شبه المنظمة كحملات المستشرقين في قرونٍ سابقة، أو عمليات التهريب التي تقوم بها عصابات اﻵثار، والتي ازدهرت واشتهرت مؤخراً بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة والحرب اﻷهلية، التي تدور رحاها منذ تسعة أعوام، لتصبح تلك الآثار سلعاً معروضةً في مزاداتٍ عالمية، حيث نظمت مزاداتٍ لشـراء تـمثالٍ سبئي، أو رأس حيوانٍ حميري، أو لوحةٍ حجرية كُتِبَتْ بالخط المسماري (المُسند).
ولعل تقريراً أصدره مركز الهدهد للدراسات الأثرية تحت عنوان: (ذاكرة اليمن الأثرية بين التهريب والتغريب)؛ قد كشف الحقيقة التي تعانيها آثار اليمن وقصة سرقتها من الداخل وتهريبها إلى الخارج، حيث رصد التقرير عدد الآثار اليمنية التي عرضت في أبرز صالات المزادات العالمية خلال الفترة 1991 – 2022 وبيع خلالها نحو 4,265 قطعة أثريةً يمنية في 6 دول غربية، عن طريق 16 مزاداً عالمياً أمريكياً وأوروبياً، كما وضَّح التقرير عملية ازدياد نشاط وتيرة بيع الآثار اليمنية خلال فترة الحرب، حيث بلغت 2,610 قطعة، منها 2,167 قطعة في الولايات المتحدة لوحدها، تجاوزت قيمتها (12) مليون دولار، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل وضَّح التقرير احتواء 7 متاحف عالمية على 1,384 قطعةً أثريةً يمنيةً مهربةً ومسروقة.
من المسؤول؟
نجد من خلال متابعة وسائل الإعلام والتي تركز على موضوع سرقة وبيع الآثار اليمنية بأن العديد من الباحثين والصحافيين يحملون أطراف الصـراع في اليمن؛ سواءً الأطراف اليمنية، أو القوى الإقليمية، كـ(السعودية، والإمارات، وقطر)، وغيرها، مسؤولية تهريب وسرقة ومن ثم بيع الآثار اليمنية في تلك المزادات العالمية؛ الأمر الذي تحاول تلك الأطراف والقوى التهرب منه عن طريق تبادل الاتهامات وتحميل المسؤولية للطرف الآخر. وصل الأمر إلى استغلال بعض منظمات المجتمع المدني التي تقع في مناطق سيطرة هذه القوى، وإلى إعداد التقارير التلفزيونية في القنوات المحلية، والقنوات العربية والغربية، كالقناة الفرنسية الثانية، وقناة الجزيرة القطرية، وقناة العربية السعودية، وقناة سكاي نيوز الإماراتية، وقناة DW الألمانية، بهدف تغييب الحقائق واتهام الأطراف الأخرى بضلوعها في سـرقة الآثار اليمنية وتهريبها وبيعها في المزادات العالمية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبحت المواقع الإخبارية والمتخصصة بالآثار والعلوم وأبرزها موقع لايف ساينس الأمريكي، تعجُّ بمئات الأخبار بشأن هذا الأمر، ليتساءل اليمنيون والمهتمون بالتاريخ والحضارة اليمنية عن دور الحكومة والمنظمات الدولية في حماية الآثار اليمنية، ولماذا لم أو لا يتم تجريم الجهة أو الجهات التي تقوم بهذا العمل الذي يسلب اليمن حقوقه الثقافية والتاريخية، إذ يعتبر اليمنيون سـرقة تاريخ شعبٍ يُعادل تـماماً سـرقة حاضـره ومستقبله.
مطالب بحماية الآثار
يذهب ناشطون وباحثون إلى لوم الحكومة اليمنية بشأن استمرار عمليات تهريب الآثار وسرقتها، على رأس هؤلاء الباحث الآثاري عبدالله محسن، والذي تعج صفحاته في التواصل الاجتماعي بأخبار بيع الآثار اليمنية في المزادات العالمية، والصحفي أحمد عاشور، الذي أعدَّ تحقيقاً استقصائياً بعنوان: (أثرٌ بعد عين) وثَّق سـرقة قطع أثرية ثمينة من اليمن وتهريبها عبر الحدود وبيعها عبر مواقع تسويق الآثار وفي مزاداتٍ أوروبية، كانت الحكومة اليمنية طيلة فترة الحرب الطويلة مغيبةً تـماماً عن موضوع الآثار؛ ربما بمحض إرادتها أو بفعل تدخل قوى خارجية مؤثرة عليها، إذ تبادر إلى اتخاذ إجراءاتٍ حازمة في هذا الشأن، إلا بعد حملة شعبية لمطالبتها بالتدخل العاجل لإنقاذ الآثار اليمنية واتخاذ خطواتٍ أكثر حسماً لمنع تهريبها، وبفرض العقوبات على مرتكب هذه الجرائم. حينها بادرت الحكومة اليمنية إلى دعوة الدول الأوروبية إلى وقف إجراءات بيع الآثار اليمنية، كما رحبت بالقرار الأمريكي الآنف الذكر، وأعلنت استعادتها 77 قطعة أثرية ومخطوطة قرآنية مهربة من أمريكا، ليتوج ذلك توقيع الاتفاقية مؤخراً مع الولايات المتحدة الأمريكية. في هذا السياق، يأمل اليمنيون بأن مثل هذه الإجراءات وغيرها قد تؤتي أُكلها في المستقبل القريب وتُعاد معظم القطع والآثار اليمنية المهربة إلى وطنها.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: بیع الآثار الیمنیة فی المزادات
إقرأ أيضاً:
شرك أم زريدو
من أحاجي الحرب( ٨٩٢٥ ):
○ كتب: د. يونس محمود محمد بسم الله الرحمن الرحيم
□□ شرك أم زريدو
□ أم زريدو في الأصل هي عقدة حبل الرباط الذي تُربط به الدواب أو تُصطاد به الطرائد، ويُعقد بطريقةٍ تجعله مُحكم القبضة وتضيق هذه القبضة كلما حاول الحيوان او الطريدة المقاومة، خاصةً إذا كان نوع الحبل من خيوط العشميق المبتل بشئ من الندى، ومن تقع رجله في شرك أو عقدة ام زريدو لا فكاك إلا بقطع الحبل أو قطع الرجل، وتقابلها من الجانب الآخر ربطة أو عقدة ( أم فريطو ) وهي هينة وسهلة الفك وكنا نستخدمها في ربط أغنامنا في الرماش.
□ الدعامة فيهم حس ساخر جداً بقدر قسوتهم، فيميلون لصبغ أعمالهم وتحركاتهم بمسميات ومصطلحات محلية، وتتوفر قائمة بأسماء متحركاتهم، مرفعين كبس، عجوز سدت بيتها، مطر بدون براق، وهكذا، وقد أضاف إليهم ناس المشتركة إسم متحرك ( السروال ) سخرية بسخرية، حينما تجلّت عبقرية إحدى الحكامات لتستفز شجاعة قومها وتنفخ في مناخيرهم نفث الشيطان وحمية الجاهلية ليقبلوا على الموت بلا تردد، وإلا فلا عناق ولا نمارق وإن تدبروا نفارق فراق غير وامق كما قالت هند بنت عتبة على مشارف أُحد لقومها، ولذلك ًإشتهرت حكاية شرك أم زريدو لأن السيد القائد العام ذكرها مرة في حديثه وتوعدهم ( بكج ) ذات الشرك لهم، كج بمعنى وضعه وأخفاه وهيأه للعمل، الغريب في الأمر أن كل شروك الدعم تم تهبيرها بمعنى كشفها وقماحها بأنها لم تقبض على شيء، بينما شروك الجيش كانت واسعة العيون أي فسيحة الدوائر، يمرح فيها الدعامة غير عابئين ولا مكترثين، بينما تضيق بهم شيئاً فشيئاً حتى طب حبل العشميق المبتل على أرجلهم، ولات حين فكاك أو فزع، فالناظر لخريطة إنتشارهم في الجزيرة وسنار وتخوم النيل الأزرق والقضارف، يجده يشبه إنتشار أبقار النو في الأودية الأفريقية حين هجراتها الموسمية، فتقع فرائس بين أفكاك الضواري، الأسود والنمور والضباع والتماسيح بتنوع تخصصاتها، وهكذا كان حال ضواري القوات المسلحة ومجموعات قتالها المتعددة، يقطعون عليهم طريق العودة بالسيطرة على جبل موية، فيخرج ( البعاتي ) ليرد الأمر الى ( التيران ) المصري والإيراني، فيستمر القطيع في غوايته، ثم الجيش يقفل القوس من الشرق الدندر والسوكي، والدعامة روؤسهم داخل برمة العجين يأكلون ما للناس، الجيش يتقدم من منطقة النيل الأزرق العسكرية ويقفل الإتجاه الجنوبي، وشمالاً مايرنو وأم شوكة، وفجأة يحس الدعامة بأثر الحبل في أظلافهم، وتبدأ المقاومة اليائسة التي تُحكم قبضة الشرك بقدر جهدها، ليظهر رجال الجيش ورفد المجاهدين، وشباب العمليات الخاصة، والشرطة، وحشود المستنفرين، ليضعوا أيديهم على الصيد الثمين، ترسانات من السلاح، وأرتال من العربات العسكرية والمدنية المغصوبة من أهلها، وهروب جماعي ( عريد عدييل ) إلى المجهول، مخلّفين وراءهم إدعاءات السيطرة والتحكم في المنطقة وفي رقاب المواطنين، وتاركين أسوأ أثر يمكن أن يتركة إعصار مدمر وليس مجرد بشر أمضوا فقط أربعة اشهر في هذه المنطقة التي دخلوها في شهر يونيو الماضي وهي آهلة بالسكان، تتوفر فيها كل الخدمات الحيوية والتكميلية، وبالأمس غادروها، والحيرة ترتسم في وجه كل من شاهد منزله أو مسجده، أو مشفاه أو مدرسته أو ناديه، أو الطرقات والمنظر العام أو أي مشهد كان في مخيلتك، ستجده بعد مرور عاصفة الدعامة وإعصارهم المدمر ( فلأياً عرفت الدار بعد توهم )
وشاعرنا زهير بن أبي سُلمى قد مرّ بعد عشرين حجة أي سنة فبالكاد عرف دار محبوبته، أما محبوبتنا سنجة فقد صعب التعرف على كثير من ملامحها فقط بعيد أربعة أشهر فقط، الأمر الذي يفيد بمستوى الحقد والكراهية التي انطوت عليها هذه المخلوقات، محطات المياه، محولات الكهرباء، مكاتب الحكومة، مخازن التجار، الأسواق، المدارس، المساجد، ( يا زول ) أمر لا يصدق والمجهود الذي بذلوه لإحداث هذا الكم والكيف من الدمار بالتأكيد كلفهم ساعات عمل إضافية ويمكن سهرات، والمشكلة اأنهم يعلنون بقاءهم في المنطقة للأبد، ويتغزلون في النيل والضفاف والخضرة والجناين، بإعتبارها حق بوضع اليد المسلحة بالبندقية، ولم يضعوا حساباً للجيش وقدراته، وبأس أفراده، وحنكة قياداته، وإلتزاماته الوطنية، ووقوف شعبه.
الدعامة أبداً لم يحسوا بانهم ممقوتون، مكروهون من كل انسان يستوفي هذا المعنى ( *إنسان* ) يهرب الناس من وجوههم فزعاً ورعباً وطلباً للسلامة من نيرهم وظلمهم وجبروتهم، بينما يشاهدون تلاحم المواطنين مع الجيش، ومقدار الفرح والإحساس بالأمان والطمأنينة في حضرته، ومبادلته المشاعر والأحضان والدموع والزغاريد، وزفة الفرح والحبور لمواكبه الميمونة.
هذا مما يلي دعامة سنار بكافة محلياتها ومدنها وقراها، فقد عادت بفضل الله ثم وفاء الرجال إلى أحضان أهلها البعزوها وبعرفوا مقاماتها.
أما عن شرك ام زريدو في الجزيرة فذلك شأن آخر
مفتول من عشميق حبل الوجج، كما غنى الكابلي رحمة الله عليه، فلينظر من يشاء إلى خريطة الإحاطة والتطويق للجزيرة وحاضرتها مدني، وسيعرف أنه الشرك قبض وأي مقاومة ستشد وتزرد.
يا أولاد *أم زردة* بدل ( *أم زقدة* )
والحمد لله رب العالمين على النصر العزيز.