٢٦ سبتمبر نت:
2025-03-19@19:29:49 GMT

ميلاد التغيير

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

ميلاد التغيير

 جاء الإسلام على أنقاض جاهلية عاتية جاهلية في العلاقات الاجتماعية وجاهلية في ثنايا المجتمع وفي إطار المواجهات بين القيم الجاهلية والقيم الاسلامية السمحاء .. وأنتصر الإسلام بقيمه وتعاليمه ومثل قوية تغييرية مهمة واليوم ونحن نقف في ذكرى عزيزة و مناسبة عظيمة من حقنا أن نتساءل وأن تضع محددات أمامنا نقل ابرزها :

كان مولده عليه الصلاة والسلام منذرًا عروش الظلم المستبدة أن عصر العدل والحرية والكرامة قادم، وسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، كما خمدت نار المجوس، وتهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت وغار ماؤها تحمل رسول الله في سبيل تبليغ الإسلام وهداية العباد صنوف المشاق وألوان الأذى؛ فكان عاقبة أمره فوزًا ونصرًا إذ أشرقت برسالته الأرض بعد ظلمتها، وهدى الله به من الضلالة وبصر به من العمى

مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إيذانًا من الله تعالى بتغيير الأوضاع الفاسدة التي آلت إليها البشرية، والتي تشعبت في جميع مناحي الحياة ، وفي أرجاء المعمورة بين كافة الأمم على السواء.

ومما لاشك فيه أن أيامًا كثيرة وعظيمة في حياة الأمة الإسلامية، فرح بها المتقدمون، ويفرح بها المسلمون المتأخرون إلى يوم القيامة، ومن هذه الأيام يوم المولد النبوي، يوم الإسراء والمعراج، ويوم فتح مكة، ويوم الانتصار في بدر، وأيام أخرى مجيدة.. ولاشك أيضاً أن كل مسلم يؤمن بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد- صلى الله عليه وآله وسلم- رسولاً، وقد يحزن حزنًا عميقًا يوم وفاته-  صلى الله عليه وسلم- في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، ويود المسلم المحب لنبيه حبًا حقيقيًا لو أنه خسر ماله وأهله ليحظى برؤية النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ولو ساعة من نهار، كما صح الخبر الذي رواه مسلم في صحيحه عنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ( من أشد أمتي لي حبًا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله).

فمن البديهي أن تكون لنا دراية عن نبينا صلى الله عليه وسلم (حياته، معجزاته، مولده، أخلاقه، إيمانه، آياته، خلواته وعبادته)، أو ليست هذه المعرفة واجبة على كل مسلم؟؛  فما الذي هو أفضل من الاحتفال وتذكر مولده الذي يمثل أساس حياته كمقدمة لنكتسب المعرفة عن حياته؟  فبتذكرنا لمولده عليه الصلاة والسلام نبدأ بتذكر كل شيء عنه، وبذلك يرضى الله عنا، ونصبح أكثر استعداداً لنجعله مثالاً لنا نصلح به عثراتنا ونقتدي به، ولهذا كان الاحتفال بالمولد فضلاً عظيماً أرسل ألينا، قال البُصيري في بردته واصفًا النبي الكريم:

وكُــلُّ آيٍ أتَى الرُّسْـلُ الكِـرَامُ بِهَا

فــإنمـا اتصَلَتْ مِن نورِهِ بِهِــمِ

فـإِنَّهُ شمـسُ فَضْلٍ هُـم كــواكِبُهَا

يُظهِرْنَ أنـوارَهَا للنـّـاسِ في الظُّلَمِ

وفي منعطفات حياتنا المعاصرة تظل الحاجة قائمة وملحة وضرورية بهذه المناسبات الجليلة أن نضعها نصب اعيننا بما تمثله من قيمة ومن اعماله العظيمة ومن سيرته العطرة من حياتنا المعاصرة وفي مفاصل معيشتنا.

واذا عدنا إلى السيرة النبوية فأننا نعرف أن مولده عليه الصلاة والسلام انه كان جاء منذرًا عروش الظلم المستبدة أن عصر العدل والحرية والكرامة قادم، فقد وُلد في (عام الفيل) العام الذي ديست فيه الكرامة العربية، حيث لم يستطع العرب قاطبة الدفاع عن بيت الله الحرام (الكعبة) فحمى الله تعالى بيته وحَرَمَهُ بإرسال الطير الأبابيل على جيش أبرهة المعتدي الظالم، وسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، كما خمدت نار المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت وغار ماؤها.. عمل الرسول الكريم على بث الحرية والعدالة حتى كانت ثقافة الجندي البسيط في الجيش الإسلامي: (إن الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلي سعة الدنيا والآخرة).

مولده ثم بعثته عليه الصلاة والسلام كانت بحد ذاتها إيذانًا ببزوغ فجر جديد على البشرية، تحرم فيه عبادة الأوثان وتطفَأ فيه نار المجوس، ويخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد سبحانه، وتبطل فيه الكثير من الأديان المحرفة.. عندما نتكلم عن مولد رسول الله فإن هذا يعني أننا نذكر شمائل هذا النبي وأخلاقه وأوامره ونواهيه وما ينبغي علينا من واجبات نحو هذا كله، إذ من أهم واجباتنا نحوه صلى الله عليه وسلم؛ حبه، فحبه وحب ما جاء به هو عين الإيمان، ورد في الصحيحين من حديث أنس: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُلقى في النار)، وعن أنس أن رسول الله قال: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) أخرجه أحمد والشيخان.

فالله تعالى أرسل محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين، أرسله على حين فترة من الرسل وانطماس من المناهج فهدى الله به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل أوحى الله إليه: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قم فأنذر) سورة المدثر:1،2 فلم يزل صلى الله عليه وآله وسلم قائمًا بأمر ربه ومولاه لا يرده عن ذلك راد، داعياً إلى الله لا يصده عنه صاد ، يبلغ دين الله ورسالته لا يخشى فيه لومة لائم، أوذي في الله أبلغ الأذى في نفسه وماله وأهله وأصحابه ، وكذبه قومه وعابوه وسفهوا رأيه وضللوه ، حاولوا قتله وسجنه ، أخرجوه من بلده طريدًا سليبًا ثم قاتلوه وحاربوه فكسروا رباعيته وشجوا رأسه وأدموا وجهه فكان يقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) رواه البخاري، فتحمل في سبيل تبليغ دين الله وهداية عباد الله صنوف المشاق وألوان الأذى فكان عاقبة أمره فوزًا ونصرًا فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلمتها ، هدى الله به من الضلالة وبصر به من العمى فأنقذ الله به من آمن به ( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة الأعراف:157.

ولكي يستطيع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إحداث التغيير، صنعه الله تعالى على عينه، حيث لنا في رسول الله أسوة حسنة؛ فلابد لكل من يريد السير في سبيل التغيير والإصلاح أن يسلك السبيل ذاته في الإعداد والتربية؛ فالرسول الكريم كان على التوحيد منذ ولد، وكان طاهرًا مطهرًا من الأوثان، ولم يأكل ما ذبح على النصب، بعثه ربه ليزكي القلوب ويطهر النفوس من أدناس الشرك والفجور والضلال، وشارك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مجتمعه الذي يعيش فيه قضاياه؛ فاشترك في بناء الكعبة، وفي حلف الفضول، وغيرها من قضايا مجتمعه، وكان موضع ثقتهم ومستودع أماناتهم.. كان صلى الله عليه وآله وسلم يحمل الكَلَّ ويَكسب المعدوم، ويُقري الضيف، ويعين على نوائب الدهر، وأجاد رسول الله في عمله فرعى الغنم، وأتقن التجارة، وأبى إلا أن يأكل من عمل يده.. كسب رسول الله حب القلوب التي كان الكفر مرتكزًا فيها فآمنت برسالته- بعد أن أحبته- وهي التي حطمت الأصنام بعد أن كانت هي صانعة الأصنام؛ فالنفوس تزكو بالحبيب المصطفى وسيرته، ومن تزكت نفسه فقد أفلح.

لقد كانت بعثة رسول الله حدثًا كبيرًا من أحداث التاريخ، وكان مولده تمهيدًا لهذه البعثة التي أخرج الله بها الناس من الظلمات إلى النور، وعلى الأمة واجب عظيم نحو هذا النبي يتمثل في تعظيمه وتوقيره وحبه وطاعته واتباع هديه، فقد أرسله الله ليُطاع فقال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ) (النساء:64)، وجعل الهداية في طاعته، فقال: (وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)(النور:54)، وجعل الفتنة والعذاب في مخالفة أمره فقال: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور:63)، فواجب إعطاء النبي العظيم والرسول الكريم حقه من التوقير والتعزير والاحترام امتثالا لقوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفتح:8، 9).

وليكن في الخاطر أن ليس من محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شيء الغلو فيه؛ لأن الغلو فيه مضادة لشرعه، ومحادة لله ورسوله، ومخالفة لأمره نواصل القراءة بإذن الله تعالى من كتاب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله الطاهرين

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

إقرأ أيضاً:

بحضور وكيل الأزهر ووزير الأوقاف ومفتي الجمهورية.. الجامع الأزهر يحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقد الجامع الأزهر، أمس الإثنين، عقب صلاة التراويح، احتفالية كبرى بمناسبة ذكرى "غزوة بدر الكبرى"، وذلك بحضور فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، فضيلة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، فضيلة الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق، فضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، فضيلة الدكتور عباس شومان، أمين عام هيئة كبار العلماء رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، السيد محمود الشريف، نقيب الأشراف وكيل مجلس النواب، السيد عبدالهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، ونخبة من علماء وقيادات الأزهر الشريف.

قال فضيلة الدكتور عبدالفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين السابق عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن غزوة بدر الكبرى سماها الله تعالى في كتابه "يوم الفرقان"، لأنه قد فرق بها بين الحق والباطل، بين أهل التوحيد والإيمان وبين أهل الشرك والوثنية، هؤلاء الذين ترامت الأخبار وتطايرت الأنباء أن أصحاب محمد "صلى الله عليه وسلم" استولوا على قافلتهم التجارية، فخرجوا جميعا دون مدارسة للأمر، وأقسم رائدهم أبو جهل "عليه لعنة الله" أن لا يرجع أبدا حتى يرد بدر ويقيم فيها وينحر الجزور ويشرب الخمر، وتسمع العرب بخبرهم فيهابوهم إلى يوم القيامة، في منطق غلب عليه الغرور والكبر والخيلاء والصلف، أما نبينا "صلى الله عليه وسلم" حين وصله خبر خروج قريش بجميع من فيها لكي يقضوا على الإسلام، عرض الأمر على أصحابه، فكانوا بين كاره للمواجهة، لأن المؤمن لا يحب القتال ويعلموا دائما أن القاعدة الكلية في الإسلام هي السلام، وأن الحرب استثناء، مصداقا لقوله تعالى: "كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ"، فعمل نبينا "صلى الله عليه وسلم" على الإعداد لهذه الحرب، ووضع التخطيط المطلوب لها، فوقف الحباب بن المنذر قائلا: "يارسول الله، أهذا منزل أنزلكه الله أم هي الرأي والحرب والمكيدة، فقال له النبي: بل هو الرأي والحرب والمكيدة"، فقال: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم، فننزله، ثم نغور ما وراءه من القلب، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرأي ما رأيت يا حباب"، فاستجاب النبي لرأي جندي من جنوده واستمع لمشورته، فهؤلاء هم القادة الذين تلتف حولهم القلوب وتهوى إليهم الأفئدة، خاصة إذا كان المقام مقام مصارعة ومواجهة للعدو.

وبين عضو مجمع البحوث الإسلامية أن النبي "صلى الله عليه وسلم" أراد أن يتحقق عنده الأمن والطمأنينة بمعرفة موقف المسلمين من هذه المعركة الحاسمة، فاستشار القوم فقام أبو بكر "رضي الله عنه" فقال وأحسن، وقام سيدنا عمر بن الخطاب، فقال وأحسن، وقام المقداد بن عمروا وقال: "يا رسول الله، امض لما أراك الله، فوالله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون"، كما حرص " صلى الله عليه وسلم" أن يعرف موقف الأنصار، فقام سعد بن معاذ وقال يا رسول الله، "كأنك تريدنا معشر الأنصار" قال نعم، فقال "يارسول الله لقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، فامض على بركة الله إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، والله لو أردت أن تخوض البحر فخضته لخضناه معك، فامض لما أردت"، عندها اطمأن النبي "صلى الله عليه وسلم" وعلم أن الجبهة الداخلية جبهة قوية، فمضى للقتال، فكان نصر الله وكان توفيقه للمسلمين في هذه المعركة الحاسمة، مصداقا لقوله تعالى: "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا الله لعلكم تشكرن".

من جانبه، أوضح فضيلة الدكتور محمود الهواري، أنه في مثل هذه المناسبات الطيبة، يجدر بالأمة أن تجدد صلتها بالنبي "صلى الله عليه وسلم" وأن تعيد قراءة واقعها في ضوء الهدي النبوي، التي تجسد واقعا وسلوكا عمليا حياتيا، ومن الأحداث التي يجب الوقوف أمامها طويلا، هذه الغزوة الثرية بالبركات والدروس والعبر، وحسبنا أن تتوقف الأمة عند بعض المشاهد من هذه السيرة المباركة، وأول هذه المشاهد، أننا حين ندخل مباشرة إلى بركات هذه السيرة الطيبة نعرف أن الجماعة المؤمنة الأولى التي خرجت لملاقاة أهل الشرك، بالقياس الحسابي وبمنطق العدد، كان لا يتجاوز عددهم حينئذ لا يتجاوز بضعة رجاء بعد الثلاثمائة، وعدة أهل الكفر وعددهم ثلاثة أضعاف أهل الإيمان، وبمنطق أهل الدنيا وحساباتها، فالنصر للعدد الأكبر، لكن الله تعالى حسمها بقوله: "وما النصر إلا من عند الله"، فالنصر أولا بالله، فأول مشهد هو الإيمان بأن النصر من عند الله، وليس بعدة ولا عدد، وإن كان تحصيل العدة والعدد من الأسباب الضرورية المشروعة، ولكن يجب أولا أن نحصل الإيمان، مصداقا لقوله تعالى: " فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى".

وأضاف الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن المشهد الأخلاقي السلوكي الثاني، والذي لا ينبغي أن يغيب عنا، أن هذه الجماعة كان معهم من الإيمان بالله ما جعلهم في أعلى عليين، ويقص علينا هذا المشهد الطيب سيدنا حذيفة رضي الله عنه: " ما مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ، قالَ: فأخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قالوا: إنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: ما نُرِيدُهُ، ما نُرِيدُ إلَّا المَدِينَةَ، فأخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إلى المَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ معهُ"، فلما حضر حذيفة إلى نبينا "صلى الله عليه وسلم" قص عليه الحكاية، وأن المشركون أخذوا عليهم عهدا بأن لا يكونوا معهم في قتال، فقال له النبي "صلى الله عليه وسلم" انصرفا، نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم، مع أنه في وقت يحتاج إلى محاربين وعدة وعدد، لكنه الوفاء النبوي والأخلاق المحمدية التي نحن في أشد الحاجة لها، لافتا أن المشهد الثالث هو مشهد سلوكي أخلاقي، يحتاج إلى تأمل عميق ليأخذ بأيدينا كأمة إلى أن نلتف حول قياداتنا، فهذا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يقف بين الصفوف ليسويها بقدح معه، مر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار وهو متقدم من الصف، فطعن في بطنه بالقدح، وقال: (استوِ يا سواد) فقال: يا رسول الله! أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني (مكِّنِّي من القصاص لنفسي)، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال: (استقد) (أي: اقتص)، قال: فاعتنقه، فقبَّل بطنه، فقال: (ما حملك على هذا يا سواد؟) قال: يا رسول الله! حضر ما ترى، فأردتُ أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك"، فما أجمل العدالة والأخلاق وما أجمل هذه المشاهد التي نحن في حاجة ماسة لها الآن.

1000080039 1000080042 1000080045 1000080008 1000080006

مقالات مشابهة

  • فتاة: دعيت على أمي في ساعة غضب؟ علي جمعة ينصحها بأمرين للتوبة
  • دعاء قيام الليل مكتوب .. ردده لتفوز بليلة القدر
  • شخصيات إسلامية.. أم المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث
  • أحد علماء الأوقاف: التواضع سر الرفعة وعنوان النبل
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • فضل قيام الليل في رمضان.. يغفر الذنوب الماضية والقادمة
  • بحضور القيادات الدينية.. الجامع الأزهر يحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى.. صور
  • بحضور وكيل الأزهر ووزير الأوقاف ومفتي الجمهورية.. الجامع الأزهر يحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى
  • وصية النبي لمن أراد مرافقته في الجنة.. عليك بهذا الفعل
  • شخصيات إسلامية.. أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان