رشيد المهدية: ماء الاعتراف يمحو دنس الاقتراف
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
هل تقارن الذي أخرج أهلك وجيرانك ومعارفك وأبناء وطنك من ديارهم بغير حق
والذي نهب ممتلكاتهم وحرق ودمر مؤسسات الدولة، ودمر عاصمة بلدك.
بالذي يقاتل ويتعرض للأذى ويستشهد في كعارك دموية من أجل ايقاف جرائمهم الفظيعة التي إرتكبوها وما زالوا يرتكبوها في حق اهلك وحقك وحق الوطن؟
كيف تساوي بين الإثنين؟ وبأي منطق؟
وإذا إفترضنا ان الذي اشعل الحرب أعضاء من الحزب السياسي للنظام السابق،
وان المليشيا كما تدعي تواصل في هذه الحرب للقضاء عليهم، لماذا لا تسال نفسك: لماذا سرقوا ونهبوا بيوت المواطنيين العزل؟ ،
وما علاقة المواطنين بحرب إدعوا أنها ضد كوادر النظام السابق؟
لماذا إنتهكوا الحرمات؟
لماذا إغتصبوا الحرائر؟
لماذا إرتكبوا جرائم تصفية عرقية ضد قبيلة المساليت بدارفور؟
لماذا بشعوا بحاكم إقليم غرب دارفور؟
ولماذا نهبوا وحرقوا المصانع والأسواق والمحال التجارية والصيدليات؟
وإذا إفترضنا ان الحرب أشعلها قيادات من حزب المؤتمر الوطني المنحل؛ ما الذي يمنعك من شجب وإدانة جرائم المليشيا التي ادانتها دول ومنظمات أجنبية
مثلما تتهم وتدين الفلول؟
لماذا لا تشجبها لا كمواطن سوداني او قيادي سياسي، وإنما فقط كإنسان سوي
رأى وشاهد وسمع من مصادر دولية موثوقة جرائم شنيعة مثبتة لا حصر لها ترتكب في حق أهله، أبناء وطنه وفي حق وطنه؟
ولماذا لا تشجب إستخدامهم لمرتزقة أجانب؟
أو لرفعهم لشعار ان الحرب هى ضد *الجلابة* والشريط النيلي وأنها حرب قبائلية!
قديما قيل:
ماء الاعتراف يمحو دنس الاقتراف.
من وجهة نظري
الوطن في حاجة لجميع ابنائه بغض النظر عن إنتماءاتهم السياسية عدا الذين إرتكبوا جرائم جنائية أو انتهكوا القانون.
ولا شك ان هنالك أعضاء بقحت على قدر كبير من المسؤولية، شجبوا بشجاعة جرائم المليشيا،
وهنالك أيضا رجال نظن أنهم حريصون على إنتهاء الحرب وإستقرار الوطن وتدشين مرحلة تحول ديمقراطي حقيقي ولكنهم،
حتى اللحظة لم يعترفوا بسوء تقديرهم لمواقفهم المتعلقة من الوقوف بجانب ضحايا جرائم مليشيا الجنجويد وإدانتها وشجب ما تعرضوا له من جرائم شنيعة.
وحقيقة أرى أنه ليس هنالك ما يمنعهم من الإعتذار عن سوء التقدير والعمل مع الإخرين في إطار وطني جامع يعمل بتجرد، من أجل وضع قطار الدولة في المسار الصحيح.
إن تجربة ال 30 عاما أكدت ان الوطن في حاجة لجميع ابنائه، في حاجة للراي والراي الآخر، ومحاربة الفساد والمحسوبية.
والى، وهذه اهم الصبر على الديمقراطية القادمة، لكن لابد من الإتفاق على نظام حكم أمثل يتصف بالجراءة لوضع حل نهائي للمشكل الحقيقي المتعلق بذلك لحكم البلاد؟
وعدم الركون او إعادة إنتاج وتدوير نظام سياسي كان يتعاطي و على مدى عقود مع المشكل الرئيس بالتصدي المستمر للأعراض *symptoms* وليس مع جذور المشكل *Root Cause*
الرشيد المهدية
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
في ذكرى مأساة 15 ابريل 2023 الحزين … يا وطن أصبحت مفجوع بيك
الزمان الخامس عشر من أبريل عام 2025. تدخل الحرب في السودان عامها الثالث ،و قد تلاشى بريق النصر السريع الكاذب و الذي كان يُعتقد أنه سيتحقق في غضون ست ساعات.
تلاشت آمال الحسم العسكري السريع لدى طرفي الحرب ، وهدأت أصوات المتحمسين و أصبحت الدعوة للحرب مجرد أسطوانة مشروخة لا تثير اهتمام أحد، و لحنًا جنائزيًا صامتا لا يرغب أي عاقل في الاستمتاع بالاستماع إليه.
تزايدت حالات النزوح القسري و غطت كل أنحاء الوطن، و تمددت رقعة الحرب التي كانت محصورة في الخرطوم في شارعي القصر و المطار تحديدا لتشمل كل ارجاء الوطن الغرب و الشرق و الشمال.
توقفت الحياة انهار الاقتصاد ، أُغلقت المستشفيات، بينما هجر الطلاب المدارس و الجامعات بعد ان تحولت ساحاتها إلى دور ايواء للنازحين و معسكرات لتدريب المستنفرين .
المسيرات تجوب سماء الوطن تقذف الموت في امكان سيطرة الجيش و الطائرات تنثر الفجيعه و الاشلاء المتناثرة في سماء مواقع الدعم السريع . الموت تملأ رائحته أجواء الوطن دونما اكتراث .
أجساد ملقاة على جوانب الطرقات تنتظر من يكرمها بالدفن حتى و لو من دون أكفان بعد ان بات الغسل مستحيلا . القبور مجرد دائرة كبيرة حُفرت بسرعة لاستيعاب ما يمكن من الأشلاء. لا شواهد ، لا معالم ، فقط حفنة من تراب وطنا تفرق دمه بين القبائل.
أخبرني صديق أنه و بالرغم من مرور عامين على هذه الحرب، لا انه يزال يجد صعوبة في استيعاب فكرة اندلاعها في السودان. كما استفسرني آخر من دولة شقيقة، مستغربًا، كيف يمكن لشعب السودان الطيب المسكين أن يتقاتل في ما بينه بهذه القسوة والبشاعة.
أجبتهم بأن هذه هي الحقيقة التي يجب علينا جميعًا مواجهتها. فنحن لسنا استثناءً، وستستمر هذه الحرب طالما لم نتعلم الدرس .
في ان نعيش معًا في وطن واحد يحتضن جميع اختلافاتنا دونما استثناء، وأن نتحلى بالصبر و لو مكرهين على ذلك من اجل ان يعم السلام ربوع الوطن
هي صرخة في وجه الموت ...أوقفوا هذه الحرب اليوم قبل الغد .
و تعلموا الدرس من الثمن الذي دفعناه في هذه السنتين التي مضت .
yousufeissa79@gmail.com