عربي21:
2024-09-19@15:35:21 GMT

المسألة الاجتماعية محورا للصراع السياسي

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

ليس من المعهود أن يحتل كتاب في البحوث الاقتصادية أو السياسية قائمة أعلى المبيعات أو أن يحتفي به النقد الإعلامي في كبريات الصحف ويخصص له عديد التحليلات والتعليقات المشفوعة بالحوارات المعمقة مع الباحث. بل إن المعتاد، منذ أن أصبح للجرائد الجادة ملحقات أسبوعية مختصة في متابعة أحدث الإصدارات، أن يكون الرواج الجماهيري والاهتمام النقدي من نصيب القصص والروايات.

فقد بدأت النيويورك تايمز، على سبيل المثال، في نشر ملحق للكتب عام 1896، وكان احتفالها بالذكرى الـ125 لهذا الحدث الصحافي ـ الثقافي في صيف 2021 مناسبة لاطلاع الجمهور على أرشيف يختزن كنوزا من العناوين والعروض والنقود في مختلف مجالات النشر، ولكن كان بارزا بقوة أن الأدب الروائي هو الملك المتوّج أسبوعا بعد أسبوع، لا ينازعه التاج أحيانا إلا أدب الرحلات أو الروايات البوليسية.

والحق أن رواج الروايات والقصص ونصوص التخييل عموما هو الأمر الثقافي الواقع في جميع الحضارات المعاصرة. ولكن يحدث في بعض الحالات أن يروج الكتاب غير الروائي رواجا شعبيا كبيرا. فقد كان هذا شأن كتب مثل أصل الأنواع لداروين، وبيان الحزب الشيوعي لماركس وإنجلز، والديمقراطية في أمريكا لتوكفيل، والأخلاقية البروتستانتية وروح الرأسمالية لماكس فيبر، وتأويل الأحلام لفرويد، والوجودية مذهب إنساني لسارتر، والجنس الثاني لسيمون ديبوفوار، ومدارات حزينة لكلود لفي ـ ستروس (ولو أن هذا كتاب يستعصي على التصنيف، ويفسر بعض النقاد رواجه بأن معظم القراء يظنونه، خطأ، من أدب الرحلات) والمعذبون في الأرض لفرانز فانون، وأيخمان في القدس لحنا آرندت، والمراقبة والعقاب لفوكو، الخ. أما في البلاد العربية فلعل العناوين التي تصدرت قائمة أكثر الكتب غير الروائية رواجا هي عبقريات العقاد (من عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين حتى عبقرية خالد بن الوليد) وبعض مؤلفات سيد قطب مثل معالم في الطريق، ومعركة الإسلام والرأسمالية، وبعض مؤلفات مالك بن نبي مثل الظاهرة القرآنية، ومشكلات الحضارة. هذا في الماضي البعيد نسبيا.

أما في الماضي القريب، فإن الكتاب البحثي الذي راج أشد الرواج، عام 1993، هو كتاب "بؤس العالم" الذي أعده مجموعة من الباحثين بإشراف عالم الاجتماع الراحل بيار بورديو. ولا مراء أن أبرز الكتب البحثية رواجا في السنوات الأخيرة هو "رأس المال في القرن الحادي والعشرين" الذي أصدره باحث الاقتصاد الفرنسي توما بيكتي عام 2013، ودرس فيه آليات توزيع الدخل والثروة في البلدان الغربية منذ القرن الثامن عشر. وقد ترجم الكتاب، البالغ نحو ألف صفحة، إلى حوالي أربعين لغة وبيع منه في السنوات الأربع الأولى ما لا يقل عن مليونين ونصف مليون نسخة.

وها هو بيكتي قد طلع هذا الشهر، مع زميلته باحثة الاقتصاد جوليا كاجي، بكتاب بحثي بعنوان "تاريخ الصراع السياسي" حظي هو الآخر باهتمام نقدي واسع، ويتوقع له أن ينال رواجا جماهيريا، رغم أن طوله 850 صفحة. وما يدرسه الباحثان في الكتاب هو أنماط الاقتراع الشعبي في جميع الانتخابات التي شهدتها فرنسا طيلة أكثر من قرنين، من عام 1793 حتى 2022، في جميع القرى والبلدات الفرنسية التي يبلغ عددها 36 ألفا. وما يهمنا من هذه الدراسة هو أنها تتصدى للإشكالية التي تطرقنا لها في الأسبوعين الماضيين: صعود اليمين المتطرف مقابل استفحال أزمة اليسار وهزائمه الانتخابية. ويتوصل الباحثان إلى خمس نتائج مهمة: أولا، رغم كثرة التحولات الموهمة بالعكس، فإن الصراع السياسي ظل، ولا يزال، يدور حول اللا ـ مساواة الاجتماعية واتساع هوة التفاوت الطبقي، أي حول المسألة الاجتماعية، وليس مسائل الهوية أو الثقافة أو الهجرة. ثانيا، الشرائح الشعبية مشتتة بين أحزاب اليسار والخضر وبين أحزاب اليمين المتطرف (التي تستقطب معظم سكان الأرياف). ثالثا، مقولة أن الطبقة العاملة هجرت اليسار نهائيا هي من اختراعات وسائل الإعلام اليمينية، والدليل أن البحث أثبت أن الدوائر الانتخابية الفقيرة في فرنسا بقيت تصوت لأحزاب اليسار على مدى قرنين، ولاتزال. رابعا، نقطة ضعف اليسار حتى الآن هي عدم التجذر الانتخابي في أوساط سكان الأرياف والمناطق الزراعية. أخيرا، صعود اليمين المتطرف في الاستطلاعات والانتخابات (في إيطاليا، والمجر، وفنلندا، واليونان…) ليس قضاء مبرما، بل يمكن لليسار أن يعود إلى الحكم في الأعوام القادمة بشرط أن ينجح في اجتذاب ناخبي الأرياف.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فرنسا الهوية فرنسا الهوية علم الاجتماع صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

البرهان وحميدتي منفتحان على حل سلمي للصراع في السودان

عبر كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن انفتاحهما على إيجاد حلول سلمية للحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من 17 شهرا، وذلك ردا على دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن للطرفين المتحاربين للانخراط مجددا في مسار المفاوضات.

ودعا بايدن الثلاثاء أطراف الحرب في السودان إلى استئناف مفاوضات السلام والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.

وقال قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان -أمس الأربعاء- إن الحكومة تظل "منفتحة أمام كافة الجهود البناءة الرامية إلى إنهاء هذه الحرب المدمرة".

وأضاف -في بيان له- "نحن على استعداد للعمل مع جميع الشركاء الدوليين سعيا للتوصل إلى حل سلمي يخفف من معاناة شعبنا ويضع السودان على الطريق نحو الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول الديمقراطي للسلطة".

التزام بالمفاوضات

بدوره، قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) -في وقت مبكر من اليوم الخميس على منصة إكس- "نجدد التزامنا بمفاوضات وقف إطلاق النار. إذ إننا نؤمن بأن طريق السلام يكمن في الحوار، وليس في العنف العشوائي".

وأضاف "سنواصل الانخراط في عمليات السلام لضمان مستقبل خال من الخوف والمعاناة لجميع المدنيين السودانيين".

لكن الرجلين تبادلا الاتهامات بالمسؤولية عن عدم إنهاء الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 16 ألف شخص منذ بدايته في أبريل/نيسان 2023، واتهم كل منهما الآخر بارتكاب انتهاكات، دون تحديد خطوات ملموسة للتوصل إلى حل سلمي للصراع.

تحذير أممي

من ناحية أخرى، حذر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة أمس من أن أرواح مئات آلاف الأشخاص في الفاشر مهددة جراء القتال الدائر في المدينة الواقعة في غرب السودان والمحاصرة من جانب قوات الدعم السريع، معربين عن قلقهم من تصاعد حدة النزاع في إقليم دارفور.

وتجددت المعارك العنيفة في الفاشر -السبت الماضي- حيث تشن قوات الدعم السريع هجوما للسيطرة على المدينة.

والفاشر هي الوحيدة بين عواصم ولايات دارفور الخمس التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع رغم أنها تحاصرها منذ مايو/أيار الماضي.

وقالت مارثا بوبي، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا، أمام مجلس الأمن الدولي الأربعاء، إن "مئات آلاف المدنيين العالقين في الفاشر يواجهون الآن مخاطر عنف جماعي".

وأضافت أن "المعارك التي تمتد إلى سائر أنحاء المدينة تعرض للخطر هذه الفئات الهشة أصلا، بما في ذلك العديد من النازحين الذين يعيشون في مخيمات ضخمة قرب الفاشر".

تهديد وشيك

من جهتها، قالت جويس مسويا، القائمة بأعمال رئيس مكتب الأمم المتحدة الإنساني إنه في الفاشر "تم استهداف بنى تحتية مدنية، بما في ذلك مستشفيات ومخيمات للنازحين. مئات آلاف الأشخاص يواجهون تهديدا وشيكا، بما في ذلك أكثر من 700 ألف نازح في الفاشر ومحيطها".

وأضافت أن المعارك الدائرة حصدت عددا كبيرا من النساء والأطفال.

وقالت "قلقنا زاد بعد ورود تقارير عن قصف طال الأحياء الوسطى والغربية من المدينة ونشر قوات مسلحة إضافية".

يشار إلى أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يخوضان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا مدمرة خلفت نحو 16 ألفا و650 قتيلا، وتسببت في تشريد ملايين الأشخاص.

مقالات مشابهة

  • انتخابات رئاسة جماعة تاوريرت.. البيجيدي و اليسار يدعمان تجمع الأحرار
  • البرهان وحميدتي منفتحان على حل سلمي للصراع في السودان
  • هولندا تريد الحصول على استثناء من قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن اللجوء
  • ألمانيا.. اليمين المتطرف يتصدر استطلاعات الرأي في الانتخابات الإقليمية
  • البيت الأبيض: يجب التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع بين إسرائيل و«حزب الله»
  • "واشنطن غير ضالعة".. أول تعليق أميركي على "تفجيرات البيجر"
  • "واشنطن غير ضالعة".. أول تعليق أميركي على "تفجيرات البيجر"
  • الخارجية الأمريكية: نسعى إلى حل دبلوماسي للصراع بين إسرائيل وحزب الله
  • فرنسا.. اليسار الراديكالي يتحرك لعزل ماكرون
  • حملة تضليل روسية لصالح اليمين المتطرف الألماني