«اذهبوا سألحق بكم في تونس».. أفلتت هذه الجملة من فم اللاجئ الكاميروني باتو كريبين، موجها الحديث إلى زوجته وابنته البالغة ست سنوات، في الصحراء الواقعة على الحدود الليبية التونسية، حيث مضى كريبين ثلاثة أيام سيرا على الأقدام عبر الصحراء ومرت ٢٤ ساعة دون أن يشرب أي مشروب ولم يتمكن من التحمل أكثر من ذلك، فطالبهم بتركه والذهاب، ووعدهم باللحقاق بهم في تونس، آملا في رحيلهم إلى أوروبا.

إلا أن كريبين لم يستطع الوفاء بوعده وشمس يوليو الحارقة، مسلطة على رأسه ولا يستطيع النهوض، فاستسلمت ساقيه.


وتروي صحيفة "الجارديان" البريطانية القصة المؤلمة لهذا اللاجئ، حيث انتشرت بعد أسبوع من هذه الواقعة صورة لامرأة وطفلة ممددين على وجوههم في الصحراء على الحدود، ولم يستطع كريبين تصديق أنهما فاتي دوسو زوجته، وماري ابنتهما، لكنه كان يأمل أنهما يستريحان. وقال لصحيفة الجارديان في مقابلة عبر الهاتف: "لكن لا، لقد ماتوا، كان ينبغي أن أكون هناك في مكانهم"، مضيفا "أحاول أن أنسى إنه عذاب لا أستطيع النوم، لقد عشنا قصتنا معا حتى اللحظة الأخيرة". 


وقالت الصحيفة البريطانية إنه "مثل العديد من اللاجئين الذين يعبرون شمال أفريقيا، لم تبدأ قصة الحب بين كريبين ودوسو في حانة أو ناد أو حفلة أحد الأصدقاء، ولكن في مركز احتجاز في ليبيا، والذي كان لسنوات البوابة الرئيسية للمهاجرين واللاجئين الباحثين عن حياة أفضل في أوروبا".


وأضافت أن الزوجة "دوسو" تنحدر من كوت ديفوار، وكريبين من الكاميرون حيث يحتدم الصراع بين الانفصاليين الناطقين باللغة الإنجليزية والحكومة وبسبب ذلك فقد كريبين أخته الوحيدة بعدما أحرق منزله جراء هذه الاشتباكات، ولم يكن أمامه خيار سوى الانتقال إلى نيجيريا، حيث وجد عملا كميكانيكي في قرية على الحدود مع الكاميرون.


وأوضح "لقد عملت لكسب القليل من المال، كان هناك مهاجرون؛ قالوا إن هناك فرص عمل في منطقة المغرب العربي، وأخذني أحد المهربين إلى الجزائر ثم إلى ليبيا، وهذا هو المكان الذي وصلت فيه والتقيت بزوجتي فاتي".


وحاول كريبين وزجته مغادرة ليبيا إلى أوروبا حوالي أربع مرات، وفي كل مرة تم اعتراضهما وإرسالهما من قبل السلطات الليبية إلى مراكز احتجاز مختلفة، مما أدى إلى تفريقهما لعدة أشهر، ويتذكر كريبين قائلًا: "ذات مرة كنت في مركز احتجاز بن صالح وكانت هي في سجن في صبراتة.


وعلى الرغم من الصعوبات التي لا تعد ولا تحصى، تمكن الزوجان من البقاء معا علاوة على ذلك، بعد ما يقرب من سبع سنوات في ليبيا، كانوا لا يزالون على قيد الحياة وفي ١٢ مارس ٢٠١٧ ولدت ابنتهما ماري وأصبح سعي الزوجين للوصول إلى أوروبا بحثا عن السلام والعمل اللائق - أكثر إلحاحا".


وأوضحت صحيفة "الجارديان" أنه بحلول منتصف أغسطس من عام ٢٠٢٢، أفادت التقارير أن عدد المهاجرين الذين يصلون إلى الشواطئ الإيطالية من تونس يزيد بحوالي ٧٠٠٠ عن إجمالي الوافدين من ليبيا ووفقًا لبيانات وزارة الداخلية الإيطالية، فقد غادر تونس عددًا قياسيًا بلغ ٢٠ ألف شخص في شهر يوليو وحده. 


وأضافت "لكن أهوال الرحلة والتقارير عن فقدان الآلاف في البحر لم تكن كافية لإبعاد الناس - لا أولئك الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط ولا أولئك الذين يحاولون الوصول إلى تونس، وفي ١٣ يوليو، قرر كريبين ودوسو وماري، الانطلاق في رحلة شاقة من ليبيا عبر الصحراء إلى مدينة بنقردان التونسية".


وقال كريبين: "لقد مشينا طوال الليل يوم ١٣ يوليو قبل أن نتمكن من رؤية تونس ليست بعيدة عنا، وقد نفد الماء لدينا لذلك قررنا التوجه إلى الساحل التونسي باتجاه الحدود التونسية على أمل العثور على بعض الماء ولكن استقبلنا ثلاثة جنود تونسيين. وضربونا وأعادونا إلى الصحراء". لكن كريبين وأسرته كرروا المحاولة ونجحوا في الوصول إلى بنقردان، على بعد حوالي ٢٠ ميلًا من الحدود الليبية، وقد أعطتهم امرأة تونسية الماء، لكن حظهم نفد مرة أخرى، وأعادهم الأمن التونسي إلى الصحراء مجددا. كان فقدان الماء وإرهاق كريبين، يتملكان منه لذا طالب زوجته وابنته بتركه في الصحراء والذهاب إلى تونس على أمل اللحاق بهما، إلا أنهما توفيا على الأرجح بسبب العطش في الصحراء الليبية بالقرب من منطقة تسمى العسة في ١٨ يوليو الماضي.


وعثر على جثتي ماري ودوسو معا في الرمال، والفتاة تداعب الدتها، وتم دفنهما في مقبرة الجميل، غير البعيدة عن طرابلس بحضور كريبين وقال: "آمل فقط أن قصتي يمكن أن تمنع حدوث هذه الوفيات مرة أخرى، وأناشد السلطات التونسية، وإلى زملائي المسافرين في الصحراء لا أريد لأحد أن يمر بما مررت به".
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: تونس الحدود الليبية التونسية أوروبا الجارديان فی الصحراء

إقرأ أيضاً:

أبرز الفنانين الذين تناولوا نصر 6 أكتوبر (تقرير)

 

 

تعتبر حرب 6 أكتوبر 1973 علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، حيث تمكنت القوات المسلحة المصرية من استعادة الأراضي المحتلة في سيناء. وقد تركت هذه الحرب أثرًا عميقًا في الذاكرة الجماعية للمصريين، مما ألهم العديد من الفنانين والمبدعين لاستلهام معاني النصر والشجاعة من هذه الأحداث.

وتعددت الأعمال الفنية التي تناولت نصر 6 أكتوبر عبر مختلف الفنون، مثل السينما والمسرح والرسم.

 

ويبرز الفجر الفني في هذا التقرير،  بعض الفنانين البارزين وأعمالهم الفنية التي جسدت هذا النصر، مما يعكس روح الوطنية والفخر.

 

صلاح جاهين


يعتبر صلاح جاهين من أبرز الشعراء والكتاب الذين تناولوا موضوع حرب 6 أكتوبر. كتب العديد من القصائد التي تعبر عن الفخر والشجاعة، مثل قصيدة "المجموعة الوطنية".

محمد عبد الوهاب

 

قدم عبد الوهاب العديد من الأغاني الوطنية التي احتفلت بالنصر، مثل أغنية "وطني الأكبر" التي تعبر عن الفخر بالهوية الوطنية والانتصار.

يوسف شاهين

أخرج يوسف شاهين فيلم "الوداع يا بونابرت" الذي يتناول تأثير الحرب على المجتمع المصري، مما يعكس روح المقاومة والنصر.

أحمد فؤاد نجم


كتب أحمد فؤاد نجم العديد من القصائد التي تبرز النصر، حيث كان له تأثير كبير على الوعي الوطني من خلال أشعاره.

فنانين تشكيليين
عدد من الفنانين التشكيليين، مثل أحمد صبري وعلي أحمد، قدموا لوحات فنية تعبر عن معاني النصر والفخر، والتضحيات التي بذلها الجيش المصري.

 

أبرز الأفلام الوثائقية التي تناولت ٦ أكتوبر 

حرب أكتوبر: الكواليس


يتناول هذا الفيلم الوثائقي تفاصيل الحرب من وجهة نظر عسكرية، مع التركيز على الاستراتيجيات والتحضيرات التي سبقتها.

6 أكتوبر: يوم النصر


يستعرض الفيلم أحداث اليوم الأول للحرب، مع شهادات من قادة وضباط القوات المسلحة المصرية.

المعركة
يوثق الفيلم العمليات العسكرية المختلفة خلال الحرب، ويعرض لقطات نادرة من ساحات المعارك.

أكتوبر 
 يتناول الفيلم الأبعاد الاجتماعية والنفسية للحرب، مسلطًا الضوء على تأثيرها على الشعب المصري.

أسرار حرب أكتوبر


يستعرض الفيلم الوثائقي معلومات جديدة وشهادات لم تُنشر من قبل حول التخطيط للحرب.

 

تظل الأعمال الفنية التي تناولت نصر 6 أكتوبر حية في ذاكرة الشعب المصري، حيث تعكس روح المقاومة والفخر الوطني. لقد ساهم الفنانون في توثيق هذه اللحظات التاريخية، مما يجعل من السهل على الأجيال القادمة فهم معاني النصر والتضحيات التي بذلت من أجل الوطن.

مقالات مشابهة

  • أبرز الفنانين الذين تناولوا نصر 6 أكتوبر (تقرير)
  • موعد عرض الحلقة 14 من مسلسل برغم القانون.. هل ماتت «فاتن»؟
  • مفاجأة.. صحيفة بريطانية تزعم تدخل بايدن لمنع اغتيال نصر الله بعد 7 أكتوبر
  • مصرع مهاجرين بينهم «3» رضّع إثر غرق قاربهم قرب سواحل تونس
  • ‎روان بن حسين تروي تفاصيل هروب طليقها من ابنتهما
  • سفير سلطنة عُمان في تونس: المشاركة العربية تُراكم تجربة الناشئين ليكونوا مستقبل اللعبة
  • روان بن حسين تروي معاناتها مع طليقها
  • مصطفى تمبور: الذين يرددون شعار لا للحرب هم من أشعلوها بتخطيطهم وتدبيرهم
  • مآسي المهاجرين في تونس تكشف عن فشل اتفاقيات الهجرة مع أوروبا
  • إعلام إسرائيلي: الهجوم على الحديدة اليوم تجاوز الضربة الضخمة في يوليو