واشنطن تدين حكما مؤبدا أصدرته الصين بحق عالمة إيغورية
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
دانت الولايات المتحدة، الجمعة، الحكم بالمؤبد الذي أصدرته الصين بحق عالمة بارزة من أقلية الإيغور متخصصة في دراسة الفولكلور والتقاليد الخاصة بشعبها، وفقا لمؤسسة مقرها الولايات المتحدة تعمل في قضايا حقوق الإنسان.
وندد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في بيان بالحكم الصادر "بعد إجراءات المحكمة السرية للبروفيسورة راحيل داووت أدينت، عالمة الأنثروبولوجيا والخبيرة في الفولكلور والتقاليد الأويغورية".
وذكر ميلر في بيانه أنه "تم سجن البروفيسورة داووت وغيرها من المثقفين الإيغور، بما في ذلك إلهام توهتي، ظلما بسبب عملهم في حماية ثقافة وتقاليد الأويغور والحفاظ عليها".
وقال المتحدث إن الحكم المؤبد بحق البروفيسورة داووت يعد "جزءا من جهد أوسع واضح تبذله جمهورية الصين الشعبية للقضاء على هوية وثقافة الإيغور وتقويض الحرية الأكاديمية، بما في ذلك من خلال استخدام الاعتقالات والاختفاء".
ودعت الخارجية الأميركية السلطات الصينية إلى "الإنهاء الفوري للإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية بحق الإيغور وأفراد الأقليات العرقية والدينية الأخرى في شينجيانغ والالتزام بالتزاماتها الدولية باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية".
وأضاف "نواصل دعوة حكومة جمهورية الصين الشعبية إلى إطلاق سراح البروفيسورة داووت وجميع الأفراد المحتجزين ظلما على الفور".
وقالت مؤسسة Dui Hua "دوي هوا" ومقرها سان فرانسيسكو الأميركية، في بيان، إن راحيل داووت أدينت بتهمة تعريض أمن الدولة للخطر في ديسمبر 2018 في محاكمة سرية. وقالت المؤسسة إن العالمة استأنفت الحكم ولكن تم تأييد إدانتها.
وقال جون كام، المدير التنفيذي لمؤسسة "دوي هوا" في بيان "إن الحكم على البروفيسورة داووت بالسجن مدى الحياة هو مأساة قاسية، وخسارة كبيرة لشعب الإيغور، ولجميع الذين يقدرون الحرية الأكاديمية".
كانت داووت أستاذة في جامعة شينجيانغ، ساهمت في تأسيس مركز أبحاث الفولكلور للأقليات العرقية بالمدرسة.
واختفت في أواخر عام 2017 وسط حملة قمع حكومية وحشية استهدفت الإيغور، وهم عرق تركي ذو أغلبية مسلمة، موطنهم الأصلي منطقة شينجيانغ شمال غرب الصين.
ولسنوات، ظل وضعها غير معروف، إذ لم تكشف السلطات الصينية عن مكان وجودها أو طبيعة التهم الموجهة إليها، لكن ذلك تغير هذا الشهر عندما اطلعت مؤسسة "دوي هوا" على وثيقة حكومية صينية تكشف أن داووت حُكم عليها بالسجن مدى الحياة.
والجمعة، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ إنها ليس لديها "معلومات" عن قضية داووت في مؤتمر صحفي دوري، لكنها أضافت أن الصين "ستتعامل مع القضايا وفقًا للقانون".
واشتهرت داووت عالميا بعملها في دراسة المواقع الإسلامية المقدسة والممارسات الثقافية الإيغورية في شينجيانغ وعبر آسيا الوسطى، حيث قامت بتأليف العديد من المقالات والكتب وإلقاء المحاضرات كباحثة زائرة في الخارج، بما في ذلك في كامبريدج وجامعة بنسلفانيا.
وتقول جماعات المناصرة إنها واحدة من أكثر من 400 أكاديمي وكاتب وفنان بارز محتجزين في شينجيانغ.
ويقول معارضو السلطة في الصين إن الحكومة استهدفت المثقفين كوسيلة لتخفيف، أو حتى محو، ثقافة ولغة وهوية الإيغور.
Outrageous. On Thursday, the human rights group Dui Hua Foundation confirmed that Chinese authorities have handed down a life sentence on the internationally renowned Uyghur ethnographer Rahile Dawut.https://t.co/BCn6RwR22Y pic.twitter.com/QRqDF5fXKv
— Human Rights Watch (@hrw) September 23, 2023وقال جوشوا فريمان، الباحث في أكاديميا سينيكا والذي كان يعمل مترجماً لدى داووت :"لقد تم القبض على أبرز المثقفين الأيغور بطريقة عشوائية "لا أعتقد أن أي شيء يتعلق بعملها هو الذي أوقعها في المشاكل، أعتقد أن ما أوقعها في المشاكل هو أنها ولدت من الإيغور".
وصدمت أخبار الحكم على داووت بالسجن مدى الحياة فريمان وغيره من الأكاديميين المتخصصين في دراسات الإيغور، حيث لم تشارك داووت في أنشطة معارضة للحكومة الصينية.
وكانت داووت عضوًا في الحزب الشيوعي الصيني وحصلت على منح وجوائز من وزارة الثقافة الصينية قبل اعتقالها.
وقالت أكيدا بولاتي، ابنة داووت، إنها صدمت عند سماعها الخبر ودعت السلطات الصينية إلى إطلاق سراح والدتها.
وقالت لوكالة أسوشيتد برس "أعلم أن الحكومة الصينية تعذب وتضطهد الإيغور، لكنني لم أتوقع أن يكونوا بهذه القسوة، وأن يحكموا على والدتي البريئة بالسجن مدى الحياة".
ووصفت والدتها بأنها "أكثر شخص مجتهد قابلته على الإطلاق"، قائلة إنها منذ أن كانت طفلة، كانت تستوحي دائما من تفاني والدتها في حياتها المهنية.
وقالت إنها شخص بسيط للغاية، كل ما تريده في حياتها هو فقط أن تجد المتعة في عملها ومسيرتها المهنية وأن تفعل شيئًا جيدًا للمجتمع وللأشخاص من حولها.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: بالسجن مدى الحیاة
إقرأ أيضاً:
افتتاحية - معارض الكتب.. أعراس الوعي الإنساني
لا تقاس الأمم، فقط، بعدد مصانعها أو بحجم أسواقها، ولكن وقبل كل شيء، تقاس بمفكريها وعلمائها ومبدعيها، وباحتفائها بالكلمة والإبداع وبالفنون. ومن هذا المعنى تأخذ معارض الكتب قيمتها ومكانتها لأنها تتجاوز كونها مهرجانات أو أسواقا لبيع الكتب إلى منصات لبناء الوعي وساحات للاحتفاء بالمبدعين عبر ما أبدعوه في كتبهم ومجلداتهم وما أبدعه السلف من معارف وعلوم ساهمت في بناء مسيرة الإنسانية.
وإذا كانت معارض الكتب عبر تاريخها الطويل تملك هذه القيمة وهذه الأهمية فإن أهميتها في الوقت الحالي تتضاعف كثيرا وبذلك يكون الاهتمام بها انتصارا إنسانيا على عوامل التسطيح والتبسيط الذي يعيشه العالم في لحظة ملتبسة من تاريخه، وتأكيد أن البناء الحضاري مستمر لا يمكن أن يتوقف وأن الإنسان ما زال يملك أدوات صوغ تفاصيل مستقبله إن كان يمتلك الإرادة لذلك.
والحالة التي تشكلها معارض الكتب في أي مكان في العالم هي النموذج الذي من شأنه أن يساهم في إنتاج الحوار الحضاري والحوار الثقافي داخل الثقافة الواحدة أو بين مختلف الثقافات الإنسانية، وهي، أي الحالة التي تخلقها معارض الكتب، القادرة على بناء جسور غير مرئية تصل الشعوب ببعضها البعض أكثر مما تستطيعه المعاهدات السياسية والبروتوكولات الدبلوماسية... إنها تفتح أبوابا لفهم جديد لهذا العالم.
ولعل ما يجعل معارض الكتب حدثا فارقا في زمن تتآكل فيه الروح الجماعية هو أنها تتيح لحظة نادرة من التلاقي الحي، وجها لوجه، بين الكاتب والقارئ، بين الفكرة وحساسيات البشر المختلفة. وفي هذه اللحظة لا تكون القراءة فعل استهلاك فردي فقط، إنها تتحول إلى طقس جماعي، واحتفاء بالمعرفة بوصفها قيمة مشتركة وليست سلعة عابرة.
لكن ثمة معنى آخر جدير بمعرفته يمكن أن يعطي معارض الكتب قيمة وجدانية، يكمن هذا المعنى في أن معارض الكتب يمكن أن تكون محطة مقاومة ضد ثقافة الشاشة السريعة وضد ثقافة العزلة التي أوجدتها الشاشة الفردية عكس شاشة التلفزيون التي كانت تحتفي بالجماعة وبالأسرة.. لذلك تبدو لحظة التقليب البطيء لصفحات كتاب في جناح من أجنحة المعرض، أو مناقشة فكرة مستعصية مع ناشر أو مؤلف، هي فعل استعادة للزمن البشري الأصيل؛ ذاك الزمن الذي ينضج فيه الوعي بعيدا عن إملاءات السرعة والسطحية.
معارض الكتب، إذن، ليست مجرد تظاهرات ثقافية عابرة. إنها مواسم تزهر فيها أسئلة الإنسان الكبرى: من نحن؟ وإلى أين نمضي؟ وفي مسقط، كما في فرانكفورت أو باريس أو الشارقة، ترفع هذه المعارض راية الوعي عالية، وتذكرنا بأن الحرف كان ولا يزال بذرة التحولات الكبرى.
وفي حضرة الكتاب، تبدأ كل بدايات النهضة، وتمتد جذور الحضارة نحو ضوء لا ينطفئ أبدا.