بعد الكارثة.. 4 ساعات وموافقات أمنية للتنقل من شرق درنة إلى غربها
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
درنة– ينتقد عدد من نشطاء درنة الليبية الإجراءات المفروضة من الجهات الأمنية فيها بضرورة الحصول على موافقة للتنقل بين شرق المدينة وغربها بعد أن انقسمت بفعل الفيضانات جراء الإعصار دانيال الذي ضرب درنة وعددا من مناطق شرق ليبيا في العاشر من سبتمبر/أيلول الجاري.
ووصف النشطاء ورواد مواقع التواصل، الإجراءات بأنها عشوائية وغير مبررة، وطالبوا الجهات الأمنية بوقف العمل بها فورا والعمل بدلا من ذلك على تسهيل حركة المواطنين والمنظمات الإغاثية والمتطوعين لإيصال المساعدات لمستحقيها في الأحياء الأكثر تضررا من الطوفان المدمر.
وعقب الفيضان الكبير وجهت انتقادات كثيرة لسلطات شرق البلاد التي يسيطر عليها اللواء المتقاعد خليفة حفتر وطريقة تعاطيها مع تبعات الكارثة، التي خلفت آلاف القتلى والمفقودين إضافة إلى تدمير ربع مدينة درنة تقريبا.
وما تزال المساعدات تصل درنة تباعا من كل أنحاء ليبيا، إلا أنها تواجه صعوبة في توزيعها على الأهالي نظرا لتقطع الطرق وصعوبة الحركة بين الأحياء كما يؤكد علي حسين أحد متطوعي الهلال الأحمر في درنة للجزيرة نت.
ويضيف أن أفراد الهلال الأحمر يحتاجون تصاريحا لهم ولسياراتهم من خلال رسائل موجهة من إداراتهم إلى الجهات الأمنية المشرفة على تلك الاستيقافات.
ويرى حسين أن ما يصفه بجهل أفراد هذه الاستيقافات الأمنية بأحياء المدينة وشوارعها كونهم من خارج درنة في الغالب ومن جهات أمنية وعسكرية مختلفة زاد من تعقيد هذه الإجراءات.
كما يتحدث المتطوع عن صعوبات جديدة باتت تواجههم في إيصال المساعدات لمستحقيها في أماكن متفرقة من المدينة التي زادت الفيضانات من صعوبة تضاريسها وأضرت بـ70% من بنيتها التحتية.
مطالبة وتبرير
أما الناشطة في المجال الإنساني إيمان الحبوش فطالبت في مقطع فيديو بث على مواقع التواصل، بفتح الطريق الرابط بين شرق درنة وغربها وإلغاء شرط التصريح الأمني المطلوب للتنقل بين الطرفين الذي وصفته بالقرار غير المدروس وأسهم في زيادة معاناة الأهالي في شطري المدينة.
ونوهت الحبوش خلال مناشدتها إلى أن مبررات الجهات الأمنية غير مقنعة في ظل تعرض نسبة كبيرة من المنازل للسرقة في أول أيام الكارثة، مشيرة إلى أن المناطق المتضررة حاليا لا يتوجه إليها سوى من تبقى من أهلها لمحاولة الاستفادة مما تبقى من منازلهم وأمتعتهم.
الإجراء الذي لاقى اعتراضا واستهجانا واسعا من أهالي درنة، ومن كثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء لتنظيم الحركة داخل المدينة، وضمان الأمن بعد كثرة البلاغات والشكاوى من الأهالي على عمليات سرقة وتخريب يتهم به أشخاص من درنة وخارجها، بحسب ما أفاد مصدر أمني للجزيرة نت.
المصدر نفسه أوضح أنهم بالتنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية في درنة وبنغازي (معقل قوات حفتر)، مطالبون بحماية كل الفرق والشركات الوطنية والأجنبية التي تقدم خدماتها، وأضاف أنه على مدار أسبوعين حدث كثير من الفوضى وسوء التنسيق مما سبب بعض المشاكل التنظيمية والأمنية وهو ما أثر سلبا على الحملة التي كان هدفها رفع المعاناة عن مدينة درنة بأسرع وقت ممكن.
الفيضانات تسببت بتدمير ربع مدينة درنة الليبية (الجزيرة) سفر داخل المدينةبدوره طالب الناشط المدني هويدي القزيري، الجهات المانحة في كل ليبيا، والعاصمة طرابلس ومدن غرب البلاد تحديدا بوقف إرسال مساعداتها إلى حين إيجاد آلية أكثر تنظيما وشفافية لتوزيعها.
وأضاف القزيري للجزيرة نت أن المساعدات باتت "تتركز في مناطق دون أخرى وبكميات لا تكاد تذكر مقارنة بما يصل للمدينة من كميات ضخمة من الغذاء والدواء وبقية الاحتياجات على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية".
فوضى في استلام المساعدات وتوزيعها زادت الإجراءات الأمنية غير المدروسة من حرمان مستحقيها منها، كما يوضح القزيري حيث يقول "من غير المعقول نصب أربعة استيقافات أمنية في مسافة لا تتعدى 3 كيلومترات مما جعل الحركة بين أحياء المدينة الواحدة تستغرق قرابة أربع ساعات".
وأكد أن أحياء الجبيلة، عمارات الأصالة، شارع الرفاعي، شارع بو وردة في مدينة درنة، أطلقت نداءات استغاثة لأكثر من 10 أيام ولم تصلها أي جهة حتى الآن بما فيها الهلال الأحمر.
ويقول أحد سكان درنة إن الإجراء الأمني المفروض من الجهات الأمنية في المدينة، "خاضع لنوع من المزاجية والتفرقة بين الأهالي".
ويضيف أنه عبر من غرب المدينة إلى شرقها في وقت الظهر دون أن يوجه له أي سؤال أو يطالب بإظهار تصريح أمني ليتفاجأ أثناء عودته مساءً بإيقافه لساعتين على إحدى النقاط الأمنية قبل أن يسمح له بالمغادرة إلى بيته بعد تواصله مع أحد معارفه في مديرية أمن درنة، وفق قوله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجهات الأمنیة مدینة درنة
إقرأ أيضاً:
عن القهوة المقدسية وعن حكايات المدينة
صدر حديثا عن دار باب العامود للنشر والتوزيع كتاب «فنجان قهوة وحكاية مدينة» للدكتور خليل العسلي، الاهداء لافت جدا: (إلى كل من تنفس هواء القدس ووقع في عشقها وضحّى من أجلها وإلى كل من ارتشف فنجان قهوة بين جنبات المدينة، وإلى كل من أصر على أن يكون جزءًا من الحكاية المقدسية: إلى هؤلاء أهدي هذه السيرة الذاتية للقهوة والمدينة).
يرى الدكتور العسلي ردا على سؤالنا عن أهمية ودافع هذا الكتاب: إن الحديث عن تاريخ وحكايات المقاهي المقدسية ما هو إلا دفاع عن المدينة وحكاياتها فموت المقاهي يعني موت الحكاية، والمدن التي تخلو من مقاهٍ تخلو من الروح والذاكرة.
ويضيف العسلي: إن هذا الكتاب دعوة للعيش مع فنجان قهوة ومع المدينة بروحها وشخوصها، وقد كانت مقاهي القدس تعني كل المدينة فهي الحيز العام ومركز الحياة في الأزقة والحارات والأحياء، كانت صالون الحارة.
فصول الكتاب شيّقة جدًا وتقدم معلومات جديدة ومما يضاعف جمال الكتاب وأهميته هو مزج الكاتب بين المعلومة والإحساس الشخصي النابع من تجاربه الحياتية، ففي فصل (المقاهي نظرة مختلف عليها) يسهب الكاتب في وصف دلالة وموقع المقهى في ذائقة وعادات الناس، (والله ابني مؤدب وإبن ناس، حتى أنه لا يدخل المقهى) هذه جملة يتداولها الناس حتى الآن، وهي تظهر الدلالة السلبية للمقهى كمكان إشكالي، يترك فيه الزوج الزوجة والأولاد ويذهب للسهر في المقهى، أظن أن هذا المعنى ابتكره استياء المرأة العربية والمقدسية التي لا تستطيع الجلوس في المقهى الشعبي، لكنها استبدلت ذلك لاحقًا (بالكافيه)، انتقامًا أو تطورًا طبيعيًا في الحياة والأمكنة، والكافيه أقرب للارستقراطية واللاشعبوية، حيث نجد فيه الشباب والشابات، والطلاب والموظفين، بعكس المقهى الشعبي الذي يرتاده غاليًا المتقاعدون وعامة الناس والأدباء، وظلت ظلال عيب الجلوس في المقهى الشعبي تلقي بثقلها حتى الآن في المخيلة الفلسطينية والعربية، وفي فصل (القهوة وجهة نظر) يكتب العسلي: بالتأكيد فإن الكثيرين سمع بعبارة أهل القدس وفلسطين (فنجان قهوة يعدل الرأس) في تعبير شديد البلاغة على أهمية القهوة بالنسبة للجميع، هذا المشروب الذي اعتبره علماء الاجتماع بأنه مفجر الثورات.
وتتوالى فصول الكتاب المدهش: بداية الحكاية حيث يسرد قصة الكتاب والمقاهي في عصر الانتداب، يشرح فيه بلغة فاتنة تاريخ المقاهي المقدسية في عصر الاستعمار الإنجليزي وفي فصل المقاهي والاحتلال الصهيوني يسرد قصة المقاهي وكيف تطورت وتحولت لأمكنة للنضال والتجنيد والمقاومة ويخصص فصلًا عن مقاهي القدس تحت الاحتلال الصهيوني، ويذكر أسماء مقاه ما زالت موجودة حتى الآن ومنها مقهى صيام في أول سوق العطارين، وفي فصل طقوس المقهى وهو من أجمل الفصول وألذها يبرع العسلي في وصف طقوس شرب القهوة والنرجيلة، وعن العادات المحرمة مثل إشعال السيجارة من الجمر فوق النرجيلة والذي قد يؤدي إلى عراك بالأيدي، ويسرد في فصل حكايات المقاهي، قصص الناس ونوادرهم وعلاقتهم بالمقهى، ويفرد فصلًا كاملًا عن مقهى صيام التاريخي الذي ما زال في مكانه تمامًا ويذهب في فصل آخر إلى مقاهي حي باب حطة في القدس القديمة ساردًا تاريخ وتطور مقاهيها، ولا ينسى العسلي مقهى زعترة الشهير حيث يكتب عنه وعن دوره في النضال والحياة الاجتماعية، ومقاهي باب الخليل وحكاية القهوة التركية وبيوت العزاء، ومطاحن القهوة.
ممتع هذا الكتاب ومفيد، ويشكّل مرجعًا مهمًا لدراسات قادمة عن المكان المقدسي والذاكرة.
الكاتب في سطور
خليل العسلي
من أقدم العائلات المقدسية عمل في الصحافة منذ ثمانينيات القرن الماضي وعمل في الصحافة العربية بالمدينة، قبل أن يؤسس شبكة «أخبار البلد» المقدسية التي كانت مجلة ورقية وتحولت لتكون إلكترونية متخصصة بالقدس وحكايتها الحضارية والتاريخية والثقافية التي لم تروى. له مئات المقالات التي توثق الجوانب المختلفة من الحياة في المدينة المقدسة.
ساهم بتأسيس دار للنشر تحمل اسم «دار باب العامود للنشر والتوزيع» مقرها في إسطنبول بهدف إيصال الحكاية المقدسية لكل مكان في العالم.
له العديد من المؤلفات نذكر منها «عاشق القلم والمتاعب - سيرة ذاتية ناصر الدين النشاشيبي»، والرسائل الأولى - سيرة الدكتور محمد الرميحي، والمستشار التركي - حكاية العلاقات العربية-التركية عبر سيرة مستشار الرئيس عبدالله غل، (طبعتين)، وفنجان قهوة وحكاية مدينة- سيرة القهوة والمقاهي في القدس.