الدوحة- أكد الدكتور سعيد إسماعيل مدير برنامج "قطر جينوم" التابع لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، أن البرنامج يهدف إلى إنشاء خريطة جينية لسكان دولة قطر والمنطقة العربية، في خطوة من شأنها أن تسد فجوة علمية كبرى في هذا المجال، حيث لا توجد بيانات جينية كافية يمكن اعتمادها مرجعية علمية دقيقة في تشخيص الطفرات الجينية للعديد من الأمراض للمنطقة العربية.

وأضاف مدير برنامج "قطر جينوم"، في حوار مع الجزيرة نت، أنه تم حتى الآن جمع حوالي 40 ألف جينوم من بينها ما يقارب 35 ألفا لمواطنين قطريين، والباقي لمقيمين عرب في البلاد.

وأكد أن هذا العدد كاف لإنشاء الخريطة الجينية والبيانات المرجعية المطلوبة للمساعدة في تشخيص أو اكتشاف الأمراض ووضع الخطط العلاجية المناسبة لها أو الوقاية منها.

وأوضح أن فهم الجينات يساعد دون شك في علاج أو تجنب الإصابة بأمراض مثل الأمراض الوراثية الكلاسيكية، كالتصلب اللويحي والثلاسيميا والأنيميا، وأمراض أخرى نادرة تصيب الكثير من العائلات حول العالم، بالإضافة إلى أمراض أخرى منتشرة مثل الضغط والسكري والسرطان، وجميعها ترتبط بالعامل الجيني ونوع الطفرات التي يحملها كل شخص.

وتاليا نص الحوار…

أعطنا نبذة عن سبب إطلاق قطر لهذا البرنامج، وما فكرته الأساسية؟

أطلقت مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع المشروع كجزء من برنامج صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر لجعل دولة قطر رائدة في المنطقة وأحد الرواد العالميين في تطبيق ما يعرف بالطب الدقيق أو الطب الشخصي، الذي يعد مستقبل الطب، والذي يعتمد رعاية طبية لا تقوم على مقياس واحد يناسب الجميع، ولكنها رعاية طبية مفصلة حول كل شخص بما يتناسب مع مكونه الوراثي.

ومن هذا المنطلق فقد أخذت مؤسسة قطر على عاتقها تنفيذ المشروع لتهيئة المشهد نحو جعل النظام الصحي في قطر نظاما رائدا في تطبيق الرعاية الصحية الدقيقة.

ما الجينوم؟

مصطلح "الجينوم" يستخدم لوصف مجموع الموروثات الموجودة في جسم الإنسان، حيث يمكن النظر إلى الجينوم على أنه "شيفرة" مفصلة جدا تقدم معلومات دقيقة عن الفرد، كمظهره والطريقة التي يعمل بها جسمه والطفرات الجينية التي يحملها وتجعله عرضة للإصابة بأمراض معينة.

كما أن مصطلح "علم الجينوم" يعني بدراسة مجمل الجينات التي تشكل الكائن الحي، ما يتيح التنبؤ بالأمراض وتشخيصها وعلاجها بشكل أدق وبصورة فردية.

ما المقصود بتسلسل الجينوم؟

هو عبارة عن شيفرة وراثية مكونة من 3 مليارات حرف مجمعة في 20 ألف جين، وكل جين مسؤول عن صفة معينة، ومجموع هذه الجينات هو ما يحدد المكون الوراثي أو الجينوم.

كيف يتم أخذ العينات من المشاركين؟

يتم الحصول على العينات عن طريق "قطر بيوبنك"، وهو أحد أكبر البنوك الحيوية في المنطقة، يتوجه إليه المتبرعون ويتم أخذ العينات منهم، بالإضافة إلى أخذ معلومات حيوية مفصلة ومكثفة عن كل مشارك، ثم يتم أخذ عينة من الحمض النووي، ومن ثم يقوم برنامج "قطر جينوم" بإجراء تسلسل كامل لها ويصبح لدينا كَمّ هائل جدا من العينات، سواء المعلومات الحيوية أو الجينية.

ما الأمراض التي قد يساعد برنامج "قطر جينوم" في علاجها؟

بالتأكيد يساعد فهم الجينات على علاج أو تجنب الإصابة بأمراض مثل الأمراض الوراثية التقليدية كالتصلب الكيسي والثلاسيميا والأنيميا المنجلية وأمراض أخرى وراثية نادرة تصيب الكثير من العائلات حول العالم، بالإضافة إلى الأمراض الشائعة المنتشرة مثل الضغط والسكري والسرطان، وجميعها ترتبط بدرجات متفاوتة بالعامل الجيني ونوع الطفرات التي يحملها كل شخص.

ما الخطوة التالية في المشروع؟

استطعنا حتى الآن إجراء 40 ألف جينوم لـ40 ألف مشارك، بينهم ما يقارب 35 ألف مواطن قطري و5 آلاف من المقيمين العرب. ومعظم المشاركين هم أشخاص أصحاء، وقد ساعدنا ذلك في التعرف على الخارطة الجينية وبيانات مرجعية للشعب القطري والعربي.

الخطوة التالية تركز على جمع عينات لمرضى، وليس فقط لأشخاص أصحاء، والتركيز على الأمراض الأكثر أولوية في مجتمعاتنا مثل بعض الأمراض الوراثية التقليدية الاعتيادية، وكذلك أمراض القلب والسكري والأمراض الشائعة الأخرى، بغية فهم العامل الوراثي فيها، مما يسهّل تجنب الإصابة بها مستقبلا.

هل تم جمع عدد الجينات اللازمة لإنشاء التسلسل الجيني أو المرجع الجيني المستهدف؟

استطعنا حتى الآن إجراء 40 ألف جينوم من خلال المشروع، الذي يعتبر الأول من نوعه في المنطقة، والذي يسد فجوة علمية خاصة بالطفرات وخصائص الجينات الخاصة بالمنطقة.

ومن شأن إنشاء هذا المرجع الجيني وقاعدة البيانات هذه أن يساعدا في تحديد أن الطفرة الموجودة في شخص ما مرضية أو لا؟ ومن خلال وجود مرجع جيني يتم قراءة الشيفرة الوراثية لعدد كبير من الناس -أصحاء على الأغلب- ثم يصبح ملخص تحليل هذه الآلاف من الجينات هو الخارطة المرجعية التي تقاس عليها الأمراض، فحينما يكون هناك شخص مريض ونريد أن نكتشف ما الطفرة المسببة لمرضه، يتم قياس الجين الذي يكون هو المحتمل للتسبب في المرض على ذلك المرجع الجيني للأشخاص الأصحاء.

فبالنسبة للأشخاص الأصحاء يكون لدينا تسلسل جيني معين، وعند الشخص المريض يختل هذا التسلسل، ومن هنا يأتي القياس على ذلك المرجع الذي يكون إجراء أي قياس دونه أمرا غير محتمل، وهنا تكمن أهمية "جينوم قطر" لأنه برنامج خاص بشعب المنطقة، حيث لا يمكن أن تستخدم جينوما خاصا بشعوب مناطق أخرى للقياس عليه نظرا لاختلاف الجينات والأعراق.

ما العدد المستهدف لإنشاء "جينوم قطر"؟

جمعنا ما يكفى بالفعل لإنشاء "جينوم قطر"، أو المرجع الجيني المطلوب، ولكن العدد المستهدف هو الوصول إلى 100 ألف مشارك، ولكن العدد الحالي يكفى لإنشاء الجينوم القطري العربي المستهدف في هذه المرحلة.

والهدف في المرحلة المقبلة هو التركيز على عينات لأشخاص مصابين بأمراض مختلفة، والعمل على اكتشاف العوامل الجينية المسببة لها.

هل يمكن أن يسهم "جينوم قطر" في التنبؤ بالأمراض؟

نعم.. يمكن أن يسهم في ذلك، من خلال اكتشاف الطفرات المسببة للأمراض بين السكان، ومن ثم يجب أن تكون لدينا بيانات كافية لمعرفة إن كان هناك تسلسل طبيعي للجينات أم تسلسل يحتوي على طفرات في جين واحد أو أكثر، مما يسهم في زيادة خطورة الإصابة بمرض معين أحيانا حتى قبل حصول الأعراض.

بالنسبة لمرض السرطان على سبيل المثال، قمنا مؤخرا بنشر دراسة مهمة في إحدى المجلات العالمية المتخصصة حول أهم الطفرات المنتشرة في قطر والمنطقة، والمسببة لأنواع السرطان الوراثي أو ما يعرف بالسرطان العائلي.

وهذه الدراسة ستكون مهمة جدا للوقاية من حدوث هذه السرطانات الوراثية، لأنه تم توفير معلومات جيدة جدا عن الجينات والطفرات الشائعة في المنطقة، ومن ثم يمكن لعائلات كثيرة أن تستفيد منها قبل أن يحدث السرطان.

فإذا كانت هذه العائلات حاملة لطفرة معينة فإنه يمكن الدخول في إجراءات وقائية وفحوصات دورية في سن مبكرة، ومن ثم الوقاية من الإصابة بالمرض أو اكتشافه في مراحل مبكرة جدا تكون سببا في الوقاية والعلاج والشفاء.

هل إنشاء هذا الجينوم خاص بدولة قطر فقط؟

الجينوم المستهدف ليس خاصا بدولة قطر، بل يفيد شعوب المنطقة إلى حد كبير أيضا، حيث تتشابه في مكونها الوراثي، ومن ثم فإن ما يتم وصفه واكتشافه في قطر سوف يفيد دول المنطقة المجاورة بشكل مباشر.

هل يمكن أن يسهم "جينوم قطر" في دعم التحول من الرعاية الصحية التقليدية إلى الرعاية الشخصية؟

هذا بالضبط هو الهدف من كل هذا الجهد الكبير خلال السنوات السابقة، حيث قمنا بتحليل عشرات الآلاف من الجينات لسكان هذا الجزء من العالم، وقمنا بتوصيف الطفرات المسببة لعدد كبير من الأمراض الموجودة بالمنطقة، ونعمل الآن مع عدد من مقدمي الرعاية الصحية من المستشفيات والجهات المعنية لترجمة هذا العلم إلى رعاية طبية سريرية، أي أننا بصدد الانتقال من مرحلة إنتاج كمية ضخمة من البيانات وإجراء الأبحاث عليها إلى مرحلة التطبيق السريري.

هناك بالفعل دراسات أولية بدأت على عدد محدود من المرضى والنتائج مبشرة، كما أن هناك خطة لتوسيعها على عدد أكبر من المرضى، ومن ثم إدخالها في نظام الرعاية الطبية بشكل روتيني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی المنطقة یمکن أن ومن ثم

إقرأ أيضاً:

بعد التحسس والمواد السامة.. ضرر جديد لأحبار الوشم

تناولت العديد من الدراسات مخاطر أحبار الوشم، منها إثارة ردود فعل تحسسية عند البعض، واحتوائها على مواد سامة. ومن أبرز هذه المخاطر احتواؤها على المعادن الثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ والزئبق، واحتمالية انتقال جزيئات الحبر من الجلد إلى العقد الليمفاوية وأجزاء أخرى من الجسم، مسببة مشكلات صحية جهازية.

وأضافت دراسة حديثة نشرت في مجلة "علم الأحياء الدقيقة التطبيقية والبيئية" ضررا آخر، وهو العثور على بكتيريا لاهوائية وهوائية في الوشم التجاري وأحبار الماكياج الدائم، مما يثير المخاوف بشأن احتمالية إصابة الإنسان بالعدوى.

ويعد هذا البحث الرائد، بقيادة الدكتور سيونج جاي من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، أول بحث يكتشف البكتيريا اللاهوائية في هذه المنتجات، حيث قام الباحثون بفحص 75 حبرا للوشم من 14 مصنعا، باستخدام كل من الحاضنات القياسية للبكتيريا الهوائية والغرف اللاهوائية للبكتيريا اللاهوائية.

ووفق بيان أصدرته إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، كانت النتائج الرئيسية كالآتي:

التلوث البكتيري: تبين أن ما يقرب من 35% من أحبار الوشم والمكياج الدائم المباعة في الولايات المتحدة ملوثة بالبكتيريا، بما في ذلك الأنواع الهوائية (التي تتطلب الأكسجين) واللاهوائية (التي لا تتطلب الأكسجين).

الالتهابات المحتملة: يشير وجود هذه البكتيريا إلى أن الأحبار الملوثة يمكن أن تكون مصدرا للعدوى، مما يؤكد الحاجة إلى مراقبة صارمة.

الآثار: تسلط النتائج الضوء على أهمية مراقبة أحبار الوشم من أجل السلامة الميكروبية لمنع العدوى وغيرها من التفاعلات الضارة.

الخطوات التالية: يخطط الدكتور سيونج جاي وفريقه لتطوير طرق أكثر فعالية للكشف عن الميكروبات في أحبار الوشم وإجراء المزيد من الأبحاث حول التلوث الميكروبي، يما يساعد في فهم حدوث الملوثات وتواجدها وتنوعها لمنع التلوث في المستقبل.

ويقول الدكتور كيم: "تكشف النتائج التي توصلنا إليها أن أحبار الوشم غير المفتوحة والمختومة يمكن أن تؤوي البكتيريا اللاهوائية، المعروفة بأنها تزدهر في البيئات منخفضة الأكسجين مثل طبقة الجلد، إلى جانب البكتيريا الهوائية، وهذا يشير إلى أن أحبار الوشم الملوثة يمكن أن تكون مصدرا للعدوى من كلا النوعين من البكتيريا.

وأضاف الدكتور كيم: "لقد تزامن تزايد شعبية الوشم مع زيادة المضاعفات المرتبطة به، والمراقبة المستمرة لهذه المنتجات ضرورية لضمان سلامتها الميكروبية".

مقالات مشابهة

  • إسماعيل عبد الغفار رئيسا للجمعية العامة لمشروع الحاضنة العربية لمشاريع الذكاء الإصطناعي
  • إسماعيل عبد الغفار رئيسًا للجمعية العامة لمشروع الحاضنة العربية لمشاريع الذكاء الاصطناعي
  • تفاصيل انطلاق «برنامج زيارة العائلة» بمكتبة الإسكندرية خلال صيف 2024
  • بعد الجدل.. وزير الثقافة يكشف لمصراوي مصير معرض محمود سعيد
  • بينها تعظيم الصناعة.. مدبولي يكشف أهداف الحكومة الجديدة
  • عبد المنعم سعيد: حكومة مدبولي حققت جزء كبير من المشروع الوطني ونقلت المساحة المعمورة لـ15%
  • مؤلف «الفيل الأزرق» يفتح الدفاتر المغلقة وعلاقته بـ"عنبر 8"في مستشفى الأمراض العقلية
  • عبد المنعم سعيد: حكومة مدبولي ضاعفت المساحة المعمورة من 7 لـ15%
  • مصر تعين وزير جديد لـ التعليم عمل كنادل وبائع جرائد
  • بعد التحسس والمواد السامة.. ضرر جديد لأحبار الوشم