الوطن:
2024-06-30@00:56:48 GMT

محمود فوزي السيد يكتب: تاريخ صلاحية الأغنية الوطنية

تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT

محمود فوزي السيد يكتب: تاريخ صلاحية الأغنية الوطنية

تروح السنين وتيجى ولكل شىء فى حياتنا تاريخ صلاحية يتحول بعده لمنتج غير صالح للاستخدام.. وتبقى الأغنية المصنوعة فى حب الوطن عملاً لا يحمل أبداً شعار «منتهى الصلاحية»؛ فالأغنية الوطنية عادة ما ترتبط ارتباطاً شرطياً ووثيقاً بالحراك السياسى فى أى عصر.

ولأننا شعب عاطفى بطبعه نعشق وصف بلدنا بـ«أم الدنيا» فنتغنى بها وبحبنا لها فى كل مناسبة يمر بها الوطن، ونحن بلا شك الأكثر غناء فى حب بلدنا بين شعوب العالم، فترانا نوثق كل أحداث بلادنا السعيدة منها والصعبة بأغنية.

فهنا تجد عبدالحليم حافظ يؤرخ بصوته لثورة يوليو العظيمة بـ«حكاية شعب»، ومن بعدها لنكسة 67 بـ«عدى النهار والمغربية جاية» وأخيراً وهو يغنى فرحاً بانتصار أكتوبر العظيم «عاش اللى قال»، وفى موقع آخر تتغنى شادية بحب مصر فى واحدة من أعظم الأغنيات الوطنية فى تاريخنا «يا حبيبتى يا مصر».. كل تلك الأغنيات وغيرها نستدعيها مع كل ذكرى نعيشها ولا يمكن أن تنتهى مدة صلاحيتها لارتباطها الكامل بأحداث تاريخية عاشها الآباء والأجداد ونتوارثها جيلاً بعد الآخر.

طوال تاريخنا الموسيقى ارتبطت الأغنية الوطنية بالشارع والناس لتعبر عن لحظات الفرح والانتصار والانكسار أحياناً، لكن لماذا عاشت تلك الأغنيات وغيرها من خمسينات القرن الماضى وحتى الآن حاملة كل هذا العشق من المواطن المصرى لها، يبقى هذا هو السؤال الأهم. نحن الآن نعيش أجواء الاحتفال بنصر أكتوبر العظيم ولن تشعر بهذا الاحتفال إلا عند سماع أغنيات مثل «على الربابة بغنى»، «دولا مين ودولا مين»، «عاش اللى قال»، «بسم الله الله أكبر بسم الله» رغم مرور خمسين عاماً على صناعتها، ربما كان السبب هو أن من صنعوا تلك الأغنيات هم من عاشوا الأحداث وقتها فتأثروا بها فخرجت تلك الروائع من القلب فظلت حية فى قلوب المستمعين.

ولا يمكن أيضاً إغفال دور الإذاعة المصرية العريقة التى كانت مسئولة مسئولية كاملة عن الأغنية الوطنية وتتحمل عبء تنفيذها بالشكل اللائق بها لتخرجها إلى النور والمستمع فى أبهى صورها، فكانت دائماً هى بوابة عبور صوت النجوم إلى الشارع، وهى المنظمة للعملية الإنتاجية فيما يخص الأغنيات الوطنية، ويكفى للتأكيد على هذا الدور ذكر الواقعة التى سردها الإعلامى الراحل وجدى الحكيم وكان أبطالها الفنانة وردة والموسيقار بليغ حمدى والشاعر عبدالرحيم منصور عندما ذهب الثلاثى يوم النصر إلى مقر الإذاعة لتسجيل أغنية «على الربابة» فتم منعهم من أمن المبنى فحدث بينهم شجار كبير، وعند وصول وجدى الحكيم أخبرهم أن المبنى مغلق ولا يمكنهم الدخول، فلم يجد منهم إلا كل إصرار على الدخول وتسجيل الأغنية، رغم أنه أخبرهم بعدم وجود ميزانية لتسجيل أغنيات جديدة بسبب توجيه كل الميزانية للمجهود الحربى، إلا أن الثلاثى أكدوا على تبرعهم بالعمل وتحمل تكاليف تسجيله على نفقتهم الخاصة، فوافق على دخولهم بعد الحصول على إذن من «بابا شارو» رئيس الإذاعة وقتها.

تلك الواقعة التى ترتب عليها توافد نجوم الغناء إلى مقر الإذاعة لتسجيل أغنيات جديدة تعبر عن فرحة الشعب بالنصر العظيم وتوثق له هى سبب عشق المصريين لها طوال نصف قرن من الزمان، وربما كانت هى الدليل الأكبر على أسباب استدعاء المصريين لأغنياتهم الوطنية العظيمة رغم مرور كل تلك السنوات عليها، وأن تلك الروح فى صناعة الأغنية الوطنية جعلت منها ذاكرة حية للأحداث التى مر بها الوطن طوال تاريخه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأغنية الوطنية تاريخ الصلاحية نجوم الغناء

إقرأ أيضاً:

عبدالمنعم إمام يكتب: 30 يونيو.. يوم الجماعة الوطنية

لم يخرج الشعب المصرى فى تاريخه الحديث بكامل فئاته إلا فى ثورة 1919، وفى ثورة 25 يناير - 30 يونيو، تلك الأيام عبّرت فيها الجماعة الوطنية المصرية بكل مكوناتها عن هويتها بوضوح، عندما رفضت مشروع الاحتلال الإنجليزى للتفاوض عنها فى المرة الأولى، وعندما تمسّكت بدولة مدنية ديمقراطية، ورفضت مشروع الجماعة الإرهابية لاختطاف الوطن فى المرة الثانية.

سنجد الجماعة الوطنية المصرية حاضرة خلف ممثليها فى مواقف كثيرة، ولكنها لم تحضر بنفسها فى الشارع إلا فى هذه الأيام، حين ثارت ودافعت عن هويتها، فلقد كانت خلف جيشها منذ 9 يونيو 1967 وحتى تحقّق انتصار 6 أكتوبر، تدعمه وتقف وراءه، سنجدها حاضرة فى دعم كل ما هو مصرى وتفخر به، من نجيب محفوظ وأحمد زويل، حتى الاحتفال بانتصارات منتخب كرة القدم، بينما ستجد الجماعة الإرهابية حاولت قتل نجيب محفوظ، ولم تعتبره رمزاً مصرياً أصيلاً، الجماعة الوطنية لم تقرأ كلها لنجيب محفوظ، ولكنها شعرت بأنه ابنها ومنها ويعبر عنها وعن وعيها، أما الجماعة الإرهابية فكانت تراه عدواً يُهدّد جوهر مشروعها ومحاولتها تشويه هذا الوعى، بل لا تعترف بأنه يمثل هويتها، إذ إن هويتها غير تلك الهوية الوطنية لهذا الوطن.

إننى ابن ثورة يناير - يونيو، وأقولها بعظيم الفخر، إنها ثورة كل الشعب المصرى، عندما انضمت فئاته كافة خلف شبابه، معلنين تمسّكهم بدولة مدنية ديمقراطية لا مكان فيها للاستبداد، ثم عاد الشعب بقوة ليجتمع بكل أطيافه، دفاعاً عن هويته الوطنية، التى هدّدتها جماعة لا ترى فى الوطن إلا حفنة من التراب، فقال الشعب كلمته وحافظ على هويته.

مشاهد كثيرة لن تُمحى من ذاكرة هذا الشعب، وصنعت كرة ثلج، ومثّلت خطراً حقيقياً يواجه الوطن وشعبه، ومحاولة تشويه ومحو وطمس هويته.

حاولت الجماعة الإرهابية -وما زالت- أن تُصوّر هذا الصراع على أنه تمت تغذيته بالإعلام الموجّه أو بأموال خارجية، وهذه حالة متقدّمة ليس فقط من الإنكار، ولكن فى أساسها جهل حقيقى بطبيعة الصراع، وأنه لم يكن حول السلطة، ولكنه حول الهوية والمسار الذى تسير فيه هذه الدولة، ورغم أى عثرات يواجهها هذا المسار فإن الجماعة الوطنية تدرك بفطرتها السليمة أنها ستتخطى هذه العقبات مهما طال الزمن ومهما حاول البعض تشويه الفطرة السليمة وإظهار الصواب على أنه خطأ.

ولم يدرك العالم الغربى جوهر هذا الصراع واعتبرته بعض الدوائر انقلاباً على ما سموه المسار الديمقراطى، وهو رؤية ضيقة لجوهر هذا الصراع تستند إلى تعريفات ضيقة فى العلوم السياسية، وهو أمر مفهوم من هذه الدوائر حسنة النية أحياناً أو سيئة النية فى أحيان أخرى، والتى سعت إلى تمكين الجماعة الإرهابية من الحكم ضمن مشروع إقليمى طويل الأمد يتخذ من الديمقراطية واجهة لتنفيذ أجندة أخرى.

كانت لحظة 30 يونيو هى بداية النهاية لكل هذا المشروع غير الوطنى، وخطوة على الطريق الذى بدأه الشعب المصرى نحو جمهورية جديدة منشودة، تلك الجمهورية التى ينبغى أن تكون حاضنة للجماعة الوطنية بكل مكوناتها المعارضة والمؤيدة، والآن بعد انتهاء مرحلة تثبيت أركان الدولة والقضاء على الإرهاب، بات واجباً أن نعيد النظر فى العودة إلى روح 30 يونيو والاتجاه الجاد نحو الإصلاح السياسى الحقيقى الذى هو أساس الجمهورية الجديدة التى تحتضن شبابها وتدعمه فى مواجهة تلك الأفكار الظلامية، فى ظل دولة تحافظ على فلسفة وقيمة النظام الجمهورى من خلال تفعيل واحترام الدستور الذى هو الضمانة الحقيقية للاستقرار والتقدّم.

* رئيس حزب العدل وعضو مجلس النواب

مقالات مشابهة

  • خالد ميري يكتب: حكايتي مع «الإخوان»
  • د. علي جمعة يكتب: سنوات التحدي والإنجاز
  • سمير مرقص يكتب.. 30 يونيو: مصر تدافع عن نفسها
  • معالي عبدالسلام المرشدي يكتب عبر “أثير”: كان سيدًا بأخلاقه قبل نسبه
  • الدكتور رامي عطا يكتب: عودة مسار المواطنة
  • عصام هلال عفيفي يكتب: حطمت مطامع الإخوان
  • طارق سعدة يكتب: كُتب علينا التصحيح (30 يونيو)
  • طارق الخولي يكتب: 11 سنة ثورة
  • رئيس اتحاد القبائل العربية: ثورة 30 يونيو نقطة تحول فاصلة فى تاريخ مصر والمنطقة
  • عبدالمنعم إمام يكتب: 30 يونيو.. يوم الجماعة الوطنية