الأب بطرس دانيال يكتب: كيف نتعلّم من الأمثلة السيئة؟
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
نقرأ فى سفر الأمثال: «فى سبيل الأشرار لا تدخل، وفى طريق أهل السوء لا تمشِ. حِدْ عنه ولا تَعبُرْ فيه، تَحوَّلْ عنه واعبُرْ» (4: 14-15). هل نستطيع أن نتعلّم من المثَل السيئ أو النماذج الرديئة التى نلتقى بها فى حياتنا؟
مما لا شك فيه أننا مدينون لأشخاص لا حصر لهم تركوا بصمة فى حياتنا وأثّروا علينا وتعلّمنا منهم الكثير والكثير، ونعتبرهم القدوة الحسنة والمثال الصالح لنا، وعلى رأسهم والدانا اللذان قاما بتربيتنا وتهذيبنا على أكمل وجه، ولا مقارنة لهما مع أحد، ثم يأتى بعد ذلك المعلّمون والمربّون والأصدقاء الأوفياء وغيرهم.
نستطيع أن نوضّح ذلك ببعض الأمثلة، فمن الشخص الغامض والمتلوّن فى كلامه وأحاديثه نتعلّم معنى الصدق وجمال الحقيقة، ومن الشخص الذى يعتبر نفسه «الكل فى الكل» ويفرض على الجميع أن يخدموه ويكونوا تحت طوعه فى كل لحظة، متخيّلاً أن العالم كله خُلق لتحقيق أمنياته ورغباته، حتى إنه يستغل غناه فى فرض نفوذه على الآخرين ويعتبرهم كأنهم سلعة، والويل لمن يخالف أوامره أو يعارض ما يقول، تعلّمنا فضيلة خدمة الجميع وأهمية المكان الأخير وروعة العمل التطوعى والمجانى، ولا ننسى ذلك الذى يخاف من الأقوياء جاعلاً لهم ألف حساب، ولكنه مع الضعفاء يفرض قوته وسطوته ونفوذه، حتى إنه يظلمهم فى كل شىء، لأننا نتعلّم منه الدرس الأساسى فى الاحترام المقدّس لكل شخص. كما أننا نعترف بالجميل لتلك الجماعة التى نتقابل معها ولكنها تعمل دائماً فى غموض وتتخفّى وراء كل تصرفاتها وتقوم بمكالمات غامضة، لأننا تعلّمنا منها الصراحة والوضوح، وكيفية العيش فى سلام نتيجة أعمالنا فى النور و«على المكشوف» أمام الآخرين دون أى خوف أو حساب. أيضاً لا ننسى أن نشكر الشخص الانتهازى الذى يحمل الأقنعة فى كل مكان يذهب إليه أو مع أى شخص يوجد معه، لأننا بسببه عرفنا المعنى الحقيقى لاحترام كرامة وحرية الغير. حتى الفضولى استفدنا منه الكثير، فكلما ازداد فى اقتحام حياة الآخرين، شعرنا بطعم الرزانة والكتمان وعدم التدخّل فى شئون الغير. كما يجب أن نقدّم الشكر من قلوبنا لهؤلاء الذين لم يتعلّموا أبداً فضيلة الشكر والعرفان بالجميل تجاه الغير، وخاصة الضعفاء والفقراء والمحتاجين والمرضى، لأنهم منحونا الفرصة الذهبية لنشكر فى كل لحظة دون استثناء أو محاباة، ولا ننظر للآخرين حسب الشكل الخارجى أو ما يملكون، فكم هى ثمينة كلمة «شكراً» عندما نتفوّه بها للجميع، وبنوع خاص للذين هم محرومون منها ولا يسمعونها بسبب فقرهم وحرمانهم ومكانتهم الاجتماعية. كما أننا نتعلّم الجدّيّة من السطحى والمستهتر، والابتسامة من الكئيب.
قياساً على ذلك، نستطيع أن نسرد أمثلة لا حصر لها فى حياتنا اليومية تساعدنا على تغييرها إلى الأفضل دون قصد منهم. إذاً.. ليس لنا عُذر أو حجة حين نوجه الاتهام لتصرُّف الكبار أو المسئولين الخاطئ، معلنين أنه سبب عثرة وشك لنا، فكل واحد منّا يجب أن يكون مستعداً لانتهاز الفرص، حتى السيئة منها، ليخرج بشىء إيجابى وبنّاء حتى يصير أفضل مما كان من قبل، لأن الإنسان الناضج والمتّزن يتقبّل هذه النماذج والحالات ساعياً إلى تغيير ذاته، فكل شخص يطمح إلى أن يصير أفضل سيجد جميع الوسائل التى تخدمه فى ذلك، مهما كانت المعوقات. لذلك يجب علينا ألا نتذمر من الأمثلة أو النماذج السيئة التى تواجهنا، ولكن نعتبرها فرصةً عظيمة لتُحرّك فينا الطاقة الكامنة الإيجابية لنصير أفضل ونتخلّص من عيوب وسلبيات عديدة فى حياتنا. ونختم بكلمات البابا يوحنا بولس الثانى: «إن أول كتاب دينى يقرأه الأبناء: الوالدان».
المصدر: الوطن
إقرأ أيضاً:
الدومنيكاني: الكاردينال خوان أنطونيو الفلبيني الأقرب لخلافة فرنسيس
كشف الأب جون جبرائيل الدومنيكاني، المتخصص في اللاهوت العقيدي، عن أبرز الأسماء المرشحة لخلافة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان الراحل، وذلك بالتزامن مع قرب انطلاق عملية انتخاب البابا الجديد في السادس من مايو المقبل، عقب انتهاء فترة الحداد التي تستمر تسعة أيام بعد مراسم الجنازة.
وفي مداخلة من بلجيكا عبر تطبيق "زووم"، خلال برنامج "كلمة أخيرة" الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على قناة ON، أوضح الأب جبرائيل أن:"عدد الكرادلة الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات البابوية يبلغ 135 كاردينالاً، بشرط ألا يكونوا قد تجاوزوا سن الثمانين، حيث يُستثنى من التصويت من تجاوز هذا العمر، بينما يُسمح لهم بالترشح فقط".
وأشار جبرائيل إلى أن الشائعات والتوقعات تشير إلى أن هناك خمسة إلى ستة كرادلة يعتبرون من أبرز الأسماء المطروحة، لكنه أكد أن:"الاختيارات البابوية لا تسير دومًا وفق التوقعات، وغالبًا ما تحمل مفاجآت".
وأوضح أنه في حال قرر الكرادلة السير على نهج البابا فرانسيس، في كسر المركزية الأوروبية، فإن الكاردينال خوان أنطونيو تاغلي من الفلبين يُعد المرشح الأقرب: حيث تم اختياره قبل عامين من قبل البابا فرانسيس مسؤولًا عن الدائرة الفاتيكانية المعنية بالإرساليات. كما أنه يطلق عليه البعض لقب "البابا فرانسيس الآسيوي".حيث يُنظر إليه كامتداد روحي وفكري لنهج البابا الراحل.
أما على مستوى أوروبا، فرجّح جبرائيل أن يكون أقرب المرشحين هو أمين سر دولة الفاتيكان، أي بمثابة رئيس الحكومة الفاتيكانية.
وعن إمكانية اختيار بابا أفريقي، قال جبرائيل:"دائمًا ما تحمل الانتخابات البابوية مفاجآت غير متوقعة، ولا يُستبعد ظهور مرشح من خارج الأسماء المتداولة، خاصة من القارة الأفريقية".