محافظة عراقية تحطم رقمًا قياسيًا بحالات الغرق ونهرها يفقد صدارة الموت لصالح الجداول
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
بغداد اليوم - ديالى
في مفارقة واضحة، سجلت محافظة ديالى التي تعد المحافظة الاكثر تضررًا من الجفاف خلال العامين الماضيين، وفيات بحالات غرق، بأرقام قياسية، مقارنة بالأعوام الماضية، الا انه مع ذلك، كان للجفاف أثر في تغيير خارطة "جغرافيا الغرق"، فبينما كان نهر ديالى يتصدر الانهر والجداول الاخرى في ديالى بحالات الغرق، تراجع هذه المرة بفعل الجفاف وانخفاض مياهه.
ورغم ازمة الجفاف الحادة التي ضربت اكثر من 20 مقاطعة زراعية بديالى وتسبت في نضوب انهر وجداول، لكن لعنة الصيف في غرق الشباب والصبية سجلت احصائية هي الاعلى بعد 2003.
40 ضحية خلال 2023
الناطق باسم دائرة صحة ديالى فارس العزاوي اكد في حديث لـ"بغداد اليوم"، أن "عدد ضحايا الغرق وصل الى قرابة 40 ضحية خلال 2023 نصفهم اعمارهم اقل من 18 سنة"، لافتا الى ان "الاحصائية هي الاعلى بعد 2003".
واضاف، ان "نهر ديالى فقد صدارته المعتادة في كونه الاعلى في حالات الغرق خلال 2023 لأول مرة منذ عقود"، لافتا الى ان "جدول الخالص كان الاعلى هذا العام خاصة وانه ممتلئ في مقاطع متعددة بالمياه، لضمان ضخ المياه الى محطات الاسالة المركزية في بعقوبة وبقية المناطق".
واشار الى انه "رغم جهود دائرته وتحذيراتها المتكررة من خطورة السباحة في الانهر والجداول الخطيرة لكن البعض للاسف لايلتزم خاصة الشباب والصبية ما يؤدي الى سقوط ضحايا".
30 ضحية خلال 8 أشهر
وكانت صحة ديالى قد اشارت الى ان اجمالي ضحايا الغرق في الانهر والجداول المائية في ديالى خلال الاشهر الثمانية الاولى من العام الحالي، تجاوز الـ 30 حالة نصفهم دون 15 سنة".
وتسجل ديالى سنويا كمعدل عام من 18-25 حادث غرق في الانهر والجداول، فيما يشكل نهر ديالى الاعلى في معدلات، قبل ان يتراجع هذا العام عن الصدارة.
المصدر: بغداد اليوم
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الى ان
إقرأ أيضاً:
مقبرة الشريف.. شاهد على مآسي النزوح وسنوات الدم في ديالى - عاجل
بغداد اليوم – بعقوبة
على مقربة من ضفاف نهر ديالى، تقف مقبرة الشريف في مدينة بعقوبة كشاهد على تاريخٍ حافل بالتنوع القومي والمذهبي، لكنها في الوقت ذاته تحتضن بين جنباتها قصصًا من الألم والفقدان، سطّرتها الحروب والنزاعات الدامية التي شهدتها المحافظة على مدار العقود الماضية. لم تعد هذه المقبرة مجرد مكان لدفن الموتى، بل تحوّلت إلى نقطة تلاقي لآلاف العوائل التي مزقتها الحروب، حيث يجتمع أبناؤها في الأعياد لزيارة قبور أحبائهم، في مشهد يُجسد حجم المأساة التي عاشها العراقيون.
حكايات نزوح ولقاء عند القبور
في القسم الشرقي من المقبرة، يقف عبد الله إبراهيم، وهو رجل مسنٌّ، عند قبور أربعة من أقاربه، تحيط به ذكريات لا تزال حاضرة رغم مرور الزمن. يقول في حديث لـ"بغداد اليوم": "جئت من إقليم كردستان قبل ساعة من الآن لزيارة قبور أقاربي، حيث نزحت من قريتي في حوض الوقف منذ 17 عامًا، وهذه القبور تمثل لي نقطة العودة إلى الأصل، فأنا أزورهم لأقرأ الفاتحة وأستذكر إرث الأجداد والآباء، الذي انتهى بسنوات الدم".
يشير عبد الله إلى أن حوض الوقف، الذي كان يُعد من أكبر الأحواض الزراعية في ديالى، تحول إلى منطقة أشباح بعد موجات العنف التي عصفت به، حيث اضطر آلاف العوائل إلى مغادرته، تاركين خلفهم منازلهم وأراضيهم، لتظل القبور هي الرابط الوحيد الذي يجمعهم بموطنهم الأصلي.
شتات القرى يجتمع في المقبرة
على بعد أمتار منه، يقف أبو إسماعيل، وهو أيضًا أحد النازحين من الوقف، لكنه اتخذ طريقًا مختلفًا، إذ نزح مع أسرته إلى المحافظات الجنوبية. لكنه، كما يقول، يعود في كل عيد ليقرأ الفاتحة على قبور أقاربه المدفونين هنا. يوضح في حديثه لـ"بغداد اليوم": "القبور جمعت شتات قرى الوقف، حيث لا يزال 70% من سكانها نازحين، والعودة بالنسبة للكثيرين أمر صعب، خاصة بعدما اندمجت العوائل النازحة في المجتمعات التي استقرت بها".
يتحدث أبو إسماعيل بحزن عن سنوات النزوح، مؤكدًا أن كل محافظة عراقية تكاد تضم عائلة نازحة من ديالى، هربت من دوامة العنف والإرهاب الذي اجتاح مناطقهم.
الوقف.. جرح لم يندمل
أما يعقوب حسن، الذي فقد شقيقين شهيدين وعددًا من أبناء عمومته، فقد نزح إلى العاصمة بغداد منذ 17 عامًا، لكنه يرى أن مقبرة الشريف باتت تجمع شتات القرى النازحة من حوض الوقف ومناطق أخرى من ديالى، فتتحول إلى مكان للقاء العوائل التي فرّقتها الحروب.
يقول يعقوب: "كنا نعيش في منطقة تجمعنا فيها الأخوّة والجيرة، لكن الإرهاب مزّق هذه البيئة المجتمعية المميزة بتقاليدها. الوقف كان من أكثر المناطق تضررًا على مستوى العراق، واليوم يبدو أن قبور الأحبة وبركاتهم هي ما تجمعنا بعد فراق دام سنوات طويلة".
هكذا، تبقى مقبرة الشريف شاهدًا حيًا على المآسي التي عاشتها ديالى، ومرآة تعكس حجم الفقدان والشتات الذي طال العوائل بسبب دوامة العنف، لكنها في الوقت ذاته تظل رمزًا للصلة التي لا تنقطع بين الأحياء وأحبائهم الذين رحلوا، وسط أمنيات بأن يكون المستقبل أكثر أمنًا وسلامًا.