بوابة الوفد:
2025-02-02@21:51:10 GMT

أكتوبر وذكريات لا تنسى

تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT

أنا من جيل عاش زمن الهزيمة وفرح بالنصر، جيل تفتحت عيناه على ثورة عظيمة غيرت وجه الحياة على أرض مصر وتأثر بها العالم أجمع ومن ثم كان زعيمها جمال عبدالناصر رمزا لعزة وكرامة كل المصريين، وكم كان صعبا على هذا الجيل أن يرى رمز عزته وفخره مهزوما! إن تلك السنوات الست التى عاناها المصريون فى ظل الهزيمة لم تكن إلا درسا قاسيا تجمعت ارادة المصريين كما لم تتجمع وتتحد من قبل لمحوه تماما من الذاكرة، حيث تحول كل شيء وتركزت كل الجهود والامكانيات لغرض واحد اتفقوا عليه فى صمت وألم هو تحويل الهزيمة إلى نصر، ولم يكن يقطع صوت هذا الصمت المؤلم إلا حناجرنا الهادرة فى المظاهرات الطلابية فى الجامعات والعمالية فى المصانع التى كانت تطالب بالثأر وعدم تأخير قرار الحرب لأننا شعبا وحكومة كنا على يقين من أن «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بها» وأن محاولات السلام والمفاوضات مع اسرائيل ذلك الكيان الذى زرع فى غير أرضه لا فائدة منها لأنه لن يتنازل عن شبر استولى عليه دون أن يجبر على ذلك!، لقد مرت هذه السنوات الست الحزينة ببطء قاتل على صدور المصريين وتحملوا فيها كل صنوف القهر والألم أملا فى أن يأتى يوم النصر.

 

ولما حانت اللحظة التى كنا فى جامعاتنا ومدارسنا ننتظرها بشغف لا حدود له وبقلق لا يدانيه قلق آخر ، لم نكن نصدق ما يحدث وأن معركة استرداد الحق والكرامة قد بدأت! لقد كنت فى ذلك الوقت بقريتى شوبر مركز طنطا والتصقت أذناى بالراديو مع اذاعة البيان الأول الذى أعلن فيه بدء المعركة وتوالت البيانات العسكرية التى تنقل أخبار المعارك بعد ذلك، وكانت تتسم بالواقعية والصدق ولا مانع يمنع من أن نستمع إلى الاذاعات الأجنبية للتأكد من صحة الأخبار والتهليل مع كل خطوة يخطوها جنودنا على أرض سيناء والفخر بكل نصر يحققونه على العدو. لكن اليقين لم يترسخ بنصرنا المؤزر فى تلك المعركة إلا حينما شاهدت بعينى رأسى تلك المعارك الطاحنة التى دارت فى سماء قريتنا والقرى المجاورة بين الطيران المصرى وطيران العدو يوم الرابع عشر من اكتوبر، حيث كانوا يستهدفون فيما يبدو تدمير القواعد والمنشآت العسكرية فى منطقتنا والهجوم على المصانع والمنشآت المدنية فى ذات الوقت! 

وقد تناثرت فى تلك الأثناء وبعد الحرب القصص والحكايات حول ما حدث فى تلك الأيام، حيث الحفر التى خلفتها تلك الطائرات وقذائفها فى الأراضى الزراعية، وذلك الفلاح الذى أطاحت برأسه احدى الشظايا المتطايرة وهو يركب حماره وكان فى طريقه إلى الحقل، وذلك الطيار  الاسرائيلى الذى نجا وتجمع حوله الناس حتى أسرته القوات المسلحة!

ومازلت أذكر أنه بعد وقف اطلاق النار وعودتى إلى القاهرة لمواصلة العام الدراسى ذلك المعرض الرائع الذى أقمناه فى الكلية احتفالا بالنصر وزينا مدخله الأيمن  بتمثال للجندى المجهول مصنوع من شظايا ومخلفات المعارك الحربية! وكم كنت سعيدا بقصيدتى الشعرية  التى كانت بعنوان «قصة ثعبان تمادى فهوى» وتحكى قصة اسرائيل منذ نشأتها واحتلالها الأرض حتى هزيمتها عام 1973م التى كتبت بخط عريض وعلى عدة فروخ من الورق المقوى وهى تزين الجانب الأيسر من مدخل ذلك المعرض! 

لقد كانت أياما سعدنا فيها بتذوق طعم الانتصار وفتحت لنا أبواب الأمل لمستقبل مشرق ينتظر الوطن المكلوم بفقدان خيرة شبابه دفاعا عن الأرض والعرض.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نحو المستقبل وجه الحياة ارض مصر

إقرأ أيضاً:

مصممة أزياء بمسلسل كوكب الشرق: فساتينها «حادة» ولا تعترف بالقصير والكعب العالي

من بعيدٍ.. صبىٌ عربىٌ يلتحف بالبالطو والكوفية والعقال، وعن قريبٍ.. فتاةٌ حُرمت من الألوان الزّاهية، عاشت تحلُم بـ«بلوزة نص كُم»، وتتخيّل كيف سيبدو شكلها إن تجرّأت على «الجلابية اللى بتتجرجر فى الأرض، اللى لونها حشمة»، فتمرّدت على الأولى، لكنّها صارت حتى الخاتمة تتمسّك بـ«الحشمة»، التى صنعت لها خط أزياءٍ متفرّدٍاً، يحمل تحفّظ الريف وعنفوان الحضر، فلا ينشغل «سميع» عنها بألوانٍ تأسره، ولا يسمح له «منديلها» أن تهتز عيناه بعيداً عن هالتها، من هُنا كانت الانتفاضة الأولى للآنسة أم كلثوم؛ لترسمَ موضةً تحمل اسم «كوكب الشَّرق».

حُلم الطفولة صار نائماً فى قلب أم كلثوم، لكنّه لم يمت أبداً حتى بلوغها سن السبعين، الذى أفصحت فيه عن حرمانها «من كل حاجات البنات»، ذلك التعبير المقتضب الذى تعلّقت به طفولتها الغائبة، وصرخت به فى وجه الجميع فى مذكِّراتها المنشورة عام 1970، إلا أنّها رغم ذلك لم تنخلع من جذورها؛ لتُحدّد لنفسها 4 صفات فى الفستان الذى ترتديه، أفصحت عنها فى حديثها مع الكاتب محمود عوض وهى: «أن يكون حشمة، ألا يكون مختلفاً عن خطوط الموضة السائدة، أن يكون هناك ذوق فى ألوانه؛ بمعنى أن تكون الألوان منسجمةً فى تركيبها مع بعضها، أمّا الصفة الأخيرة فهى أن يكون الفستان بسيطاً، إن البساطة دائماً هى المشكلة.. وهى الحل».

مصممة أزياء بمسلسل كوكب الشرق: فساتينها «حادة» وعصرية ولا تعترف بالقصير والكعب العالى

ذلك تحديداً ما وجدته مصممة الأزياء منى الزرقانى داخل دولاب كوكب الشرق، الذى اطّلعت عليه لعملها كمساعد مصممٍ ثانٍ فى مسلسل كوكب الشرق الذى أُنتج عام 1999، تحت إشراف المصممة الرئيسية دكتورة سامية عبدالعزيز، وكشفت «الزرقانى» فى حديثها لـ«الوطن»، مكنون اللمسات الفنية لأم كلثوم فى أزيائها؛ لتشعر بين طيات ملابسها بتلك الشخصية «الحادة»: «اختارت من الموضة الغوامق، فساتينها بين الأسود والزيتى والكُحلى والدهبى، ماراحتش للبينك ولا الأحمر أو فوشيا أو أزرق زهرى، مع إنّهم كانوا موضة وقتها، ولا راحت لفساتين بوسط، ومكانتش بتلبس قصير، أقصر حاجة عندها بعد الركبة، وصدرها مقفول، وتلبس تحت الفساتين توب».

لم تسْرِ تلك القاعدة على فساتينها فقط، لكنّ الأحذية نالت نصيباً من شخصيتها، التى لم تتمرّد تماماً على طبيعتها القروية ونشأتها الدينية، فتقول «الزرقانى» إنّها لم ترتدِ «الكعب العالى» كحال أهل الفن: «كبيرها 3 سم، وألوانها بُنى وبيج وأسود».

استطاعت أم كلثوم بذكائها أن تُجارى الطبقة المتوسطة فى القاهرة، التى كانت تقوم، فى مرحلة انتقالها من الريف إلى المدينة، على أساس المبدأ والبحث عن الربح، مثلما ذكر الكاتب سعيد الشحات فى كتابه «أم كلثوم وحكام مصر»: «فليس عبثاً أن ينفق المذيع وقته فى وصف فستان السهرة الجديد الذى تلبسه أم كلثوم ولون منديلها الذى تُمسك به فى أثناء الغناء، كما تتحدث الصحف عن الفراء الثمين الذى تتدثّر به، فكلّ هذه المظاهر مهمة وضرورية فى تأكيد مركز الفنان»، لكنّها وضعت شروطها الخاصة؛ لتستنكر فى حديثها مع الكاتب محمود عوض، المنشور فى كتابه «أم كلثوم التى لا يعرفها أحد»، شائعة أنّها ترتدى فستاناً تكلفته 400 جنيه؛ لتكشف أنّ فساتينها تتكلف أقل من ذلك بكثير، وتُعلن مبدأها: «أنا لا أنقل الموضة مع أنّنى أتابعها، أتابعها لكى آخذ منها ما يناسبنى، أنا لا أُريد أن أرتدى فستاناً يلفت نظر الناس، وإلا تبقى معرض مش موضة».

تلك المعادلة عايشتها مصممة الأزياء منى الزرقانى فى أثناء عملها على المسلسل: «كانت ماشية على الموضة بس عاملة خط لوحدها، الفستان يكون استريت بس القماش من الجُبير اللى كان موضة والأغلى فى سعره، ولازم تطرزه ممكن من عند الصدر بس أو حرف الكُم أو الياقة، فيبقى محترم وفيه لمستها».

قد يندهش بعض مُعجبيها من أنّها كانت ترتدى نوعين من المناديل، كشفت عنهما مصممة الأزياء: «كان عندها أحجام، الكبير اللى كانت بتطلع بيه على المسرح، والصغير 20x20 شابك فى دبلتها»، ذلك المنديل الذى كتبت عنه الباحثة الدكتورة هند الصوفى عساف فى كتاب «باحثات» أنّه كان رمزاً للأنوثة: «الأنوثة التى قرّرت أن تكشف قناعها الذكورى، إنّه جاذب، شفاف.. كثرت التساؤلات حوله، واعتبرته هى علماً وكأنّها ترفع العلم وهى تنشد، بات المنديل طرازاً خاصاً للسيدة، ابتدعته لنفسها، رُبّما لتخفيف حدة التوتر، ورُبّما لشدّ نظر المشاهد وجذبه نحو حركة القماش الشفاف المتطاير».

لم ترَ «الزرقانى» إكسسواراً قد لمسته يداها: «كل الأطقم ألماظ، وحتى نضاراتها اللى لبستها بسبب تعبها بالغدة الدرقية اللى تسببت فى جحوظ عينها، كانت معاصرة جداً، حتى هناك سرٌ لا يعرفه أحد، وهو أنّ نظارتى الشمسية كانت تشبه تلك التى كانت ترتديها أم كلثوم، وعندما رأتنى بها المخرجة إنعام محمد على صمّمت على ارتداء صابرين، بطلة العمل لها، وتم التصوير بنظارتى، ويمكن تلخيص ذوق أم كلثوم بأنّه كان راقياً وهادئاً ومعاصراً». 

مقالات مشابهة

  • نسب تنفيذ الأعمال في مشروع سكن لكل المصريين بمدينة 6 أكتوبر
  • مصممة أزياء بمسلسل كوكب الشرق: فساتينها «حادة» ولا تعترف بالقصير والكعب العالي
  • خالد جلال ناعيًا المنشد عامر التوني: شخصية فنية لا تنسى
  • خالد جلال ناعيا المنشد عامر التوني : شخصية فنية لا تنسى
  • الحِرَف التراثية مشروعٌ قومي
  • أمريكا ترسل ٢٤ ألف بندقية لإسرائيل
  • ترامب وحلم السطوة
  • مشيرة عيسى.. صاحبة الطلة المبهجة
  • مستر ترامب.. العالم ليس ولاية امريكية
  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!