بوابة الوفد:
2025-01-27@17:15:01 GMT

كثير من المرونة.. قليل من التشدد

تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT

كشف الحوار الذى أجرته قناة فوكس نيوز الفضائية  الأمريكية مؤخرا مع الأمير «محمد بن سلمان «ولى عهد المملكة العربية السعودية، وحظى بردود فعل محلية وإقليمية ودولية متعددة، مدى إدراكه لكثرة تعقيدات الوضعين العربى والدولى الراهنة، ورؤيته الواضحة الملامح التى يقود بها المملكة للتعامل معها ومع تعقيدات الوضع الداخلى فى المملكة، وفطنته لحجم  التحديات التى تواجهه من ضغوط أمريكية أسفرت المبارزة بينه وبينها على تحييدها ودفعها للحديث عن المنافع المتبادلة بين الطرفين، وقوى اجتماعية ودينية محافظة تتمسك بامتيازات منحها لها ماض يجرى تقليبه وتنقيته من رواسبه المخيفة، ويلزمها الأمير بأن لا أمل فى استعادته، بإرساء معالم دولة القانون وحكم القضاء بمرونة وتشدد وقتما تقتضى الحاجة.

 

نجح الأمير الشاب الطموح الذى يعيد بناء الدولة السعودية الحديثة من جديد، فى عالم تعصف به المتغيرات من كل جانب، وواقع عربى مثقل بالأزمات وأخذ فى التراجع، بعدما أطاحت رياح الربيع العربية الهائجة بعدد من دوله، وأصابتها بهشاشة سياسية غير مسبوقة، أمست تهدد الكيان الوجودى لها، نجح برؤيته الإصلاحية العصرية التى وضع ملامحها فى خطة 2030، أن ينجو ببلاده من أنواء الربيع الحارقة، ويعمل كما كشف الحديث عن الخطة التالية 2040، التى تتيح للمملكة اقتناص الفرص والحصول على المزايا، من مجالات التقدم المتلاحق فى وسائل النقل وسلاسل التوريد، وبناء شبكات البنى التحتية العابرة للقارات، وإدارتها بما يجعلها طرفا فاعلا مأخوذا بعين الاعتبار فى ساحة المنافسة الدولية فى تلك المجالات التى تعزز المساهمة بها اقتصاديات الدول ومشاريعها التنموية.

أظهر الأمير فى حديثه أملا عريضا فى المستقبل وثقة واضحة بالنفس وبقدرات البلد الذى يقوده، ويمثل الشباب 60% من سكانه البالغ عددهم أكثر من 45 مليون نسمة. وفى العام الماضى غدت المملكة الأسرع نموًا بين مجموعة الدول العشرين فى القطاع غير النفطى. وفى القطاع النفطى لاتزال السعودية تمثل نحو 70 % من القدرة الاحتياطية النفطية فى العالم، لتكتسب بذلك مكانة متميزة، أمدتها بقدرة على تصدير النفط إلى الأسواق العالمية، حتى فى زمن الأزمات، هذا فضلا عما أمدها من قدرة سياسية تفاوضية أبعد مدى من جانبها الاقتصادى. ولا أدل على ذلك من دورها فى منظمة أوبك بلس الذى رفضت استخدامه لأسباب سياسية فى الحرب الدائرة الآن فى أوكرانيا.

ما الذى سيتطلبه الأمر منكم لتوافقوا على تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟ كان ذلك السؤال متوقعا من القناة الأمريكية، ولأننى ممن يتهمون بالأخذ بنظرية المؤامرة من فرط ما أدمى مخططوها عبر التاريخ بلادنا، فربما يكون هو الهدف الأصلى لإجراء المقابلة. وتوقفت أمام إجابة سمو الأمير طويلا وأنا أستمع للحديث على شاشة القناة وأعيد الاستماع إليه، وقراءته فى النصوص المنشورة. فالحديث داخل إسرائيل وفى كواليس السياسة الأمريكية وصحافتها ومراكز أبحاثها، لا يتوقف منذ شهور، عن أن عودة المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، أضحت مرهونة بتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة السعودية. 

ومفهوم أن المكانة الدينية الرفيعة التى تحظى بها المملكة السعودية فى العالم الإسلامى، فضلا عن دورها فى الإقليم وفى السياسة العربية، والنجاحات التى أحزرتها فى السنوات الأخيرة لتنويع مصادر دخلها وتعدد تحالفاتها الدولية القائمة على المنافع المتبادلة، بما دعم اختياراتها السياسية والتنموية والاقتصادية  فى الساحة الدولية، كل ذلك قد جعل من خطوة مثل تلك هى الجائزة الكبرى للرؤية الأمريكية التى ترهن أمنها القومى بأمن إسرائيل. كما هى مطلوبة كدعم للرئيس الأمريكى بايدن فى حملته لخوض الانتخابات الرئاسية العام القادم. وهى من ناحية أخرى تخرج  رئيس الحكومة الإسرائلية نيتنياهو من أزماته الداخلية  وتنقذ تحالفه الحكومى من السقوط، وتشكيل حكومة جديدة، بعد جولة انتخابات نيابية أخرى. 

لكن تلك الجائزة الكبرى يمكن أن تجلب مكاسب أكثر من مجرد دعم لعبة ابتدعتها إسرائيل وهى التفاوض من أجل التفاوض، وليس التفاوض للوصول إلى حلول تعيد للشعب الفلسطينى حقوقه التى تقرها المواثيق وقرارات الشرعية الدولية، والمبادرة العربية للسلام التى تقدم بها الأمير «عبدالله « لقمة بيروت العربية عام 2002 والقائمة على التطبيع مع إسرائيل مقابل استعادة الأراضى العربية المحتلة، أى السلام مقابل الأرض.

فى إجابته عن سؤال القناة نفى الأمير  محمد بن سلمان توقف المحادثات مع إدارة بايدن بشأن القضية الفلسطينية التى اعتبرها مهمة للغاية بالنسبة للسعودية، وتمنى أن تصل المفاوضات إلى ما يسهل حياة الفلسطنيين ويجعل إسرائيل أحد اللاعبين فى الشرق الأوسط. وأكد أنه وللمرة الأولى هناك شيء جديد، وسنرى كيف ستسير الأمور. 

بعد أيام قليلة من حديث ولى العهد السعودى، أعلن نتينياهو من على منبر الأمم المتحدة عن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، واعتبر ذلك انجازا تاريخيا. وقبل أن أجثو على قدمى متوسلة إلى الله أن يمد المملكة بالصلابة التى تبطئ وترهن خطوات إجراءات التطبيع بحقوق فلسطينية مشروعة ومحققة على أرض الواقع، وقبل أن أرسل إلى ٍسمو الأمير عبر وسائل التواصل الاجتماعى قصيدة أمل دنقل لا تصالح، سمعت صوت محمد عبد الوهاب يأتى شجيا من إذاعة الأغانى وهو يشدو كأنه يجيب عن سؤال القناة الأمريكية  «أأنا العاشق الوحيد لتلقى تبعات الهوى على كتفى»!

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: على فكرة نيوز الفضائية الأمير محمد بن سلمان

إقرأ أيضاً:

الأسيرة الفلسطينية المحررة آيات محفوظ: نزفت 20 يوما بسبب تعرضي للضرب.. وفقدت نظري 90%

إصابات ظاهرة وأخرى لا يشعر بها سواها تضطر «آيات» للتعامل معها يومياً، إذ تعرضت للاعتداءات من قبل جنود الاحتلال عدة مرات، منها مرة أدت إلى فقدانها نظرها بنسبة تصل لـ90٪، ومرة أخرى اضطرتها لإجراء العديد من العمليات، ومع ذلك وجدت نفسها معتقلة للمرة الخامسة فى يونيو الماضى دون منطق ودون سبب مقنع.

اعتقال وحشى تعرضت له «آيات محفوظ»، الأسيرة الفلسطينية المحررة ذات الـ(33) عاماً من مدينة الخليل، على الرغم من خضوعها لعملية جراحية حديثة، لكن الاحتلال لم يحترم ولم يرحم ضعفها وتعامل معها بكل وحشية، لم يراعوا حالتها الصحية، حيث تعرضت للضرب المبرح والدوس على بطنها، ما تسبب فى نزيف استمر 20 يوماً دون تقديم أى علاج.

«حين تألمت سخروا منى»، تتحدث «آيات» بحزن، وهى تعبر عما شعرت به حين تألمت فوجدت نفسها مادة للسخرية والاستهزاء.

«آيات» تحكى عن تاريخها مع قمع الاحتلال، الذى بدأ منذ أن كانت فى عمر 3 سنوات وتقول: «عندما كنت طفلة تعرضت لإصابة برأسى قوية، إذ ضُربت بقنبلة غاز فى رأسى أثناء وجودى فى باحة منزلى خلال مواجهات مع الاحتلال عقب مجزرة الحرم الإبراهيمى، ما تسبب بحدوث نزيف داخلى على شبكية العين اليسرى، أفقدنى البصر بها وأجريت عدة عمليات جراحية داخل أراضى عام 48 والأردن، ولم تتحسن بل ضعف عصب العين الذى يرفع الجفن، كما عانيت من وجود أكياس من السوائل حول الدماغ، وتمت زراعة أنبوب فى رأسى من أجل تصريفها».

أما الإصابة الأقسى التى تلازمها فكانت جراء اعتداء إحدى المجندات عليها، والتى اضطرتها لسلسلة من العمليات الجراحية، إذ اضطرت لوضع «أنبوب» بطول مترين يصل بين الدماغ والجهاز البولى، ولكن خلال محاولة تعافيها تم اعتقالها مرة أخرى، وبعدها عانت من عدم القدرة على تحريك يدها وقدميها أو الوقوف وممارسة حياتها بشكل طبيعى، وظل الأمر يتفافم لحين اعتقالها المرة الرابعة، ولما حُررت آنذاك اكتشف الأطباء أن الأنبوب كاد ينسد، ورصدوا به كتلاً متخثرة ومع الوقت أصبح لا يُصرف السوائل، وأثر على حياتها وأعصابها وأثر على قدرتها على النطق، وتحريك أطرافها.

بسياسة الإهمال الطبى فى سجون الاحتلال التى أوصلتها إلى هذا الوضع الخطير، حيث من المفترض أن يتم تغيير الأنبوب كل 6 أشهر، فى الوقت الذى لم يتم تغييره لأكثر من 5 سنوات، لتبدأ سلسلة عمليات جديدة.

«آيات»، قبل 7 أشهر تم اعتقالها للمرة الخامسة وكانت فى مرحلة التعافى من عملية جراحية أخرى، وحين حاولت شرح وضعها تعرضت لضرب مبرح فى كل جسدها، وبالأقدام على بطنها أدى لتعرضها للنزيف.

«آيات» تتذكر الواقعة الأكثر إيلاماً خلال اعتقالها وتقول: «فى 20 نوفمبر تعرضت لاعتداء وحشى من قبل قوات السجن، حيث أجبرت مع أسيرات أخريات على وضع رؤوسنا على الأرض، وأيدينا مكبلة للوراء وعيوننا معصوبة، وحين حاولت إخبارهم أن وضعى الصحى لا يسمح بهذا الوضع ضربنى أحد الضباط 7 كفوف، مما أدى إلى فقدانى للوعى، واستيقظت لاحقاً لأجد نفسى فى المستشفى، دون أن أتذكر ما حدث».

ورغم كل ما مرت به، تعتبر «آيات» أن ما مرت به لم يكسر إرادتها، وأن صمودها وصبرها كانا السلاح الوحيد الذى واجهت به ظروف الاعتقال القاسية، والإفراج عنها كان بمثابة لحظة استعادة للحياة، لكنها أكدت أن معاناتها الجسدية والنفسية ستبقى شاهدة على حجم الانتهاكات التى تتعرض لها الأسيرات الفلسطينيات.

مقالات مشابهة

  • القوات المسلحة تشارك بجناح مميز في معرض القاهرة الدولي للكتاب
  • "أخلاقنا".. التى كانت
  • السعودية..الديوان الملكي ينعى والدة الأمير فهد بن سعود
  • عيدك.. عندما تصبح آمنًا فى سربك
  • المضاعفات الطبية ومخاطر العمل الطبى
  • داليا عبدالرحيم تكتب: الدرس
  • د. يسرى عبد الله يكتب:  «الكتاب».. الحقيقة والاحتفاء
  • حى فى الغرب ميت بالشرق.. «فصل المقال» و«تهافت التهافت»علامات ابن رشد فى تاريخ الفلسفة العربية والإسلامية
  • الفن قاطرة التقدم والتنمية
  • الأسيرة الفلسطينية المحررة آيات محفوظ: نزفت 20 يوما بسبب تعرضي للضرب.. وفقدت نظري 90%