عرّف أهل المنطق القدامى الإنسان بأنه حيوان ضاحك مثلما عرفوه بأنه حيوان ناطق، وقد شاعت الفكاهة فى الأدب القديم؛ فألف الشاعر الفكاهى «كشاجم» طباخ سيف الدولة الحمدانى كتابه أدب النديم، وذكر أنه «أودعه ما لا يستغنى عنه شريف، ولا يجوز أن يخلّ به ظريف»، وألف الخطيب البغدادى كتابه التطفيل، والحصرى القيروانى جمع الجواهر فى الملح والنوادر، وزهر الآداب وثمر الألباب، وعبدالملك الثعالبى، صاحب يتيمة الدهر، غرر النوادر ومن غاب عنه المطرب، وأبو سعيد السلامى نتف الظرف، والمرزبانى المستطرف فى كل فن مستظرف، والحافظ ابن الجوزى أخبار الظراف والمتماجنين، وحدثنا الجاحظ عن أمثلة عديدة فى هذا المجال، وبخاصة فى كتابيه البخلاء، والحيوان: ناقدا ومبرزا للتناقضات يقول:
«ولك فى هذا الكتاب ثلاثة أشياء: تبين حجة طريفة، أو تعريف حيلة لطيفة، أو استفادة نادرة عجيبة، وأنت فى ضحك منه إذا شئت، وفى لهو إذا مللت الجد.
وحفل الشعر القديم بالكثير من النماذج الشعرية، وعرف منهم مضحكو أولى الأمر كأشعب، وأبى دلامة، وأبى الحسين الخليع، وأبى العيناء، وعرف كثيرون بالشعر الهزلى كبشار بن برد، وأبى العتاهية، وعرفتْ ملامح من الفكاهة فى شعر كل من: بشار بن برد، وأبى نواس، وابن الرومى، وغيرهم فى عصور الشعر العربى جميعها، وفى المجالس، وعرف الجاحظ بنوادره وحكاياته، وتعددت مصنفات القدماء، ومنها: نكت الهميان فى نكت العميان لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدى، الجمالية، القاهرة، والموشّى، أو الظرف والظرفاء للوشاء، أبى الطيب محمد بن إسحق بن يحيى(325هـ)، طبعته دار صادر، بيروت 1998، وعرفنا من كتب التراث: الفكاهة والائتناس فى مجون أبى نواس، ونزهة الجلاس فى نوادر أبى نواس، الحسن بن هانئ (16ـ198هـ).
شاعت الفكاهة والسخرية والتهكم فى الفنون، بعامة، والشعر، بخاصة، بشكل نقد هادف على ألسنة الظرفاء، وأصحاب الملح، والنوادر، والدعابات، قديما وحديثا، وعرفنا كتب النوادر، كما عرفناها عند الفلاسفة والمفكرين، وحفلت بها كتب التراث الأدبية من مثل كتاب الإمتاع والمؤانسة، وما كتب عن الظرفاء والندماء، والمجالس والنوادى من شعر شاع على ألسنة المعاصرين وسجلته كتب التراث.
عضو المجمع العلمى وأستاذ الأدب والنقد بجامعة عين شمس
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لغتنا العربية جذور هويتنا
إقرأ أيضاً:
فيديو يثير الجدل في فرنسا.. برج إيفيل يرتدي الحجاب
أثارت علامة الأزياء الهولندية المحتشمة "Merrachi" جدلاً واسعا في فرنسا بفيديو ترويجي يظهر برج إيفل الشهير مرتديا الحجاب.
الإعلان كان جزءاً من حملة مؤيدة للحجاب، ويهدف إلى الترويج لحرية ارتدائه، إلا أنه أثار غضب بعض السياسيين الفرنسيين، الذين اعتبروه "خطيرا ومخالفا للقيم الفرنسية".
نشرت "Merrachi" الفيديو على إنستغرام مع تعليق: "رُصد برج إيفل مرتديا مرّاشي، ما شاء الله! يبدو أنه انضم للتو إلى مجتمع الأزياء المحتشمة".
وصفت ليزيت بوليت، النائبة الفرنسية عن حزب التجمع الوطني اليميني، الإعلان بأنه يسيء إلى "القيم والتراث الديمقراطي لفرنسا".
وأعرب زميلها في الحزب، جيروم بويسون، عن مشاعر مماثلة، واصفًا الإعلان بأنه "مشروع سياسي مرعب واستفزاز غير مقبول".
على الجانب الآخر، أشاد بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بالإعلان، ووصفوه بأنه خطوة تسويقية إبداعية ورائعة.
وتطبق فرنسا منذ عام 2004 حظراً يمنع التلاميذ من ارتداء الحجاب، كما تحظر ارتداء العباءة في المؤسسات التعليمية.