«المتحدة» الناجحة.. ومهرجان الدراما
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
أعتقد أن المتابع لتيترات الدراما التليفزيونية صار يلاحظ كيف تضخمت أعداد فرق العمل من أهل الإبداع الدرامى ومن يعاونهم لاستكمال بناء تلك الصناعة المصرية الرائعة التى كان لصناعها فضل الريادة عربيًا، وتمثل تلك الزيادة فى أعداد فرق إنتاج الدراما ما يؤشر لزيادة الاختصاصات والأدوار الإبداعية والتقنية من جانب، ومن جهة أخرى تحقيق التواصل والنجاح فى استخدام تكنولوجيات حديثة يستلزم التمكن منها إضافة أهل صناعها.
أيضًا ينبغى أن يلفت نظرنا زيادة تلك الأعداد إلى أننا بتنا بصدد صناعة ثقيلة لو تم الدفع بها فى مجال تنميتها فستشكل المورد والدخل الاقتصادى الرائع، ومجال مهم للتعامل الإيجابى مع قضية البطالة..
لقد عشنا فى زمن إبداعات قطاع الانتاج الدرامى فى التليفزيون وعصره الذهبى برئاسة المدير المهنى الرائع و السيناريست الكبير ممدوح الليثى فى تحقيق طفرة فى مجال تميز نوعية الدراما المقدمة عبر خطط وعمل إدارة واعية، فتم دعوة كبار الكتاب والمخرجين وأيضًا الشباب الواعد الموهوب بحسن الاختيار والتدقيق فى إجادة التعامل مع تفاصيل تلك الصناعة الواعدة لتحقق فى النهاية نجاحات رائعة بجانب نجاحات شركة صوت القاهرة ومدينة الانتاج الإعلامى فى منافسات إنتاجية بديعة..
ويعود الأمل مع توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسى بدعم أهل الإبداع الدرامى وأن تدور عجلة الانتاج من جديد بإدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، ومن منا يمكن أن ينسى الحوار البديع بين الرئيس والكاتب المبدع «عبد الرحيم كمال»، وإيمان الرئيس بدور القوى الناعمة وفى مقدمتها الدراما التليفزيونية فى بناء مواطن الجمهورية الجديدة..
وقد بات واضحًا أننا أمام مؤسسة كبرى لديها رؤى وخطة محددة الأهداف لدعم كل سبل تنمية الوعى بأبعاد المرحلة التى نعيشها، وما ينبغى أن تساهم به الدراما التليفزيونية فى بناء الإنسان..
كان لابد من إنتاج دراما تصنع حالة معايشة لدور مؤسسات الوطن وفى مقدمتها المؤسسات العسكرية والشرطية ودور رموزها الوطنية عقب ثورة 30 يونيو 2013 فى العديد من الأنشطة والإجراءات بهدف رفع الحالة المعنوية للشعب المصرى، وصيانة الروح المعنوية والفخر الوطنى للأمة المصرية، إضافة إلى رفع مستوى الوعى الجمعى وتنقيته من السرديات التاريخية المزيفة التى تخدم خطاب المؤامرة على مصر.
ولكننا قد نتوقف عند مبادرة إدارة مهرجان الدراما التليفزيونية فى دورته الأخيرة بتخصيص جائزة يمنحها الجمهور لعمل ما وتكريم عناصره ليثير علامات استفهام.
ويبقى السؤال: هل يمكن تخصيص جائزة للعمل التجارى بوضع معايير خاصة لتقييم مثل تلك النوعيات فى إطار الموافقة المشروعة على تنوع المحتوى الدرامى بما فيها دراما تليفزيونية لاستهداف الأرباح بديلًا عن مسمى «جائزة الجمهور»؟
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المتحدة الدراما التليفزيونية الصناعة المصرية إنتاج الدراما رؤية الدراما التلیفزیونیة
إقرأ أيضاً:
الدراما المصرية بين الأمس واليوم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تُعدُّ الدراما المصرية من أقدم وأهم الصناعات الفنية في العالم العربي، فقد كانت تُعتبر في زمن ليس ببعيد مدرسة فنية تُساهم في تشكيل الوعي الثقافي والاجتماعي للمشاهدين، من خلال تقديم موضوعات اجتماعية وسياسية وإنسانية بأسلوب درامي متوازن، وقدمت أعمالًا خالدة لا زالت راسخة في الأذهان إلى اليوم.
كانت العائلة العربية، من المحيط إلى الخليج، تجتمع خلال شهر رمضان لمتابعة مسلسل واحد تنتظره بشغف، وكان من أسباب نجاحه الحبكة الدرامية التي تناقش قضايا المجتمع برقي وعمق إلى جانب مشاركة ألمع النجوم المصرية، فقد كنا نغوص في صراعات الزمن الجميل بين "سليم البدري" و"العمدة سليمان غانم" في "ليالي الحلمية"، أو نعيش صراع الطبقات في "المال والبنون"، أو حتى نتأمل أجواء الرقي في "هوانم جاردن سيتي"، لم يكن العدد المهول من الخيارات لكن الجودة كانت عالية والقصة مشوقة تجعل المشاهد يتابع الأحداث بانبهار شديد.
اليوم، اختلفت المقاييس والحسابات، فأصبحت المواضيع تكرارية تتمحور إما حول تجارة المخدرات والأسلحة، وتحولت الحارة المصرية التي كانت رمزًا للجدعنة والتكافل إلى ميدان حرب تحتضن مشاهد العنف والانتقام، وأبطالها يمتهنون "البلطجة" بكل فخر، أو أصبحت المواضيع سطحية تدور حول الخيانات الزوجية وتنتهي في الآخر بقبول الخطأ كوجهة نظر قابلة للنقاش.
أما عن دور المرأة، فقد قُدمت في زمن "هوانم جاردن سيتي" أو "ضمير أبله حكمت" كنموذج للأناقة والثقافة والحكمة، حيث كانت تواجه المشاكل بحنكة وكرامة وتدير بيتها بذكاء يفوق ذكاء الرجل، أما اليوم، فقد تغيرت الرؤية، فأصبحت المرأة في الدراما المصرية إما راقصة تتحول إلى نجمة مجتمع بعد سلسلة من المشاهد المبتذلة، أو زوجة مقهورة تتعرض لخيانة زوجها رجل الأعمال الذي يمارس عليها كل أنواع العنف والاضطهاد، أو "مِعَلمة" تجلس بين "البلطجية" في قهوة الحارة وهي تدخن "الشيشة" وتصرخ أو تتبادل الشتائم، بل وقد تصل إلى الضرب بالشباشب، مشاهد سوداوية حولت المجتمع إلى أفراد تعاني من قلة التربية وانعدام المبادئ.
الدراما ليست ترفيهًا بل هي ثقافة، وإذا كنا نريد جيلاً واعيًا ومثقفًا، فلا بد من تقديم أعمال راقية تحترم العقل والمبادئ، كما أننا بحاجة إلى صناع يعيدون لنا دراما الزمن الجميل لكي لا نظل عالقين في دوامة الضرب والرقص والسباب.
*كاتبة وإعلامية مغربية