لجريدة عمان:
2025-02-21@11:40:45 GMT

نوافذ :أنفسٌ تستوطن الألم

تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT

[email protected]

من قال: «إن الفضيلة بين طرفين؛ كلاهما رذيلة» كأنه وضع حكما قطعيا في مجموع الممارسات التي نقوم بها، ففي كل الممارسات التي نقوم بها نضع أنفسنا على محك الحكم؛ الذي يكاد أن يكون قاطعا، وذلك لحساسية النتائج المتوقعة من أي فعل نقوم به، فكلنا بلا استثناء نستحضر معنى الفضيلة في كل ما نقوم به، وليس هناك من يشذ عن ذلك؛ إلا من كان في قلبه مرض، فذلك يعد من الاستثناء، ولأن هذه الفضيلة محفوفة بمخاطر الانزلاق نحو الرذيلة، فترانا نُجَيِّرُ بعض الممارسات بمخالفات نحسب أنها تغطي فعل الرذيلة، فمن شدة حرصنا على الصدق، قد نقع في الكذب، فنقع في «قتل الحقيقة؛ وإعدام الصدق» وكلاهما فضيلة، حيث نتوارى خلف الكذب، حتى لا يكشف الآخر حقيقتنا، وما ينطبق على الكذب؛ ينطبق على سوء الظن بالآخر؛ الذي يوصف بـ «قتل اليقين والأمل» والصورة ذاتها تنطبق على كل ما نقوم به في حياتنا اليومية، وبالتالي فهذه الصورة لن تبهج النفس إذا سارت على نفس النسق، فهي صورة مؤلمة، ولا بد من تجاوزها، فبقاؤها على امتداد خط سير الحياة اليومية، لا أتصور أنها تُعلي من شأن الحياة التي نود أن نعيشها آمنة مطمئنة.

يندر أن يمر يوم لا نسمع فيه عن حالة قتل، أو اغتصاب، أو خيانة أمانة، أو حالة فساد، يحدث كل ذلك «مع سبق الإصرار والترصد» أي يحدث ذلك بملء إرادة الإنسان، وغير مجبر على الإطلاق، وهذا في حد ذاته استيطان للألم، وليس مكافحته، والتقليل منه، مع أن الحقيقة الماثلة أن مجمل الأسباب التي تجعل هذا الإنسان يقوم بكل ذلك، لا تتحقق من أثر الفعل السيئ الذي يقوم به، وهل يعقل أن تبنى الحياة الآمنة المطمئنة، والفضائل والمثل السامية بتأسيس سيئ؟ هذا ما لا يتصوره عاقل إطلاقا؛ إلا من كان في قلبه درن، وما أكثر الأنفس المحملة بأدران الممارسات السيئة.

تحل اللحظة الآنية؛ وكأنها صورة حالمة لتحقيق الحلم، فتثير في الأنفس أهواءها، فتظن أن اللحظة الحاسمة التي ترتكب فيها غواية ما، من شأنها أن تفضي إلى مساحة زمنية تحقق فيها الأنفس ما تحلم به، حتى ولو كان ذلك على حساب الآخر، والإشكالية هنا هي المبالغة في الفعل السيئ، الذي يرى فيه البعض أنه اللحظة الحاسمة لتحقيق المراد، فمن يُقْبِلُ على قتل نفس، يظن أنه بهذه الخطوة سوف تتسع له مساحة الأفق أكثر، لأنه أزال ما يراه سدا منيعا لتحقيق ما يصبو إليه، والفكرة أو النظرة ذاتها تنطبق على الكذب والظلم والفساد والسرقة والغش والخيانة، وعلى هتك الأعراض؛ وغيرها.

في مشهد تلفزيوني؛ كانت المذيعة تحاور المستضاف؛ وكادت أن تُقَطِّعَ ثوبها القصير من كثرة ما تشده لكي يغطي ركبتيها البارزتين، كل ذلك لإعادة الحياء والعفة إلى نفسها، ولو في تلك اللحظة القصيرة من عمر البرنامج، وهي بسلوكها هذا تعكس معاناة مؤلمة للنفس، لا تستطيع إخفاءها، مع أن الحقيقة لم يجبرها أحد على ارتداء ذلك الفستان القصير لكي توقع نفسها في ذلك الموقف، وتمتحن نفسها أمام جمهورها العريض، وكثير من هذه الصور نراها؛ حيث يتوارى الناس خلف الستائر في لحظات تتيح لهم أن يعيدوا لأنفسهم اعتبار الفضيلة، ليقينهم أنهم أوقعوا أنفسهم بين طرفيها.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«كفاية»: قبل فتح المعبر كنا نعالج أنفسنا بأقل ما يمكن من مسكنات الألم

فى أرضٍ تحمل جراحات كثيرة، حيث القصف لا ينتهى حتى أتت الهدنة، وفى ظل حصار خانق يحرم الناس من الطعام والشراب والدواء، يزداد الألم بشكل وحشى، ليواجه عشرات الآلاف من المرضى مزيداً من التحديات فى التصدى لآلامهم، لكن الأصعب والأقسى يكون عندما يصبح المرض قاتلاً أو مزمناً، ففى قلب قطاع غزة، الذى يمتلئ برائحة الدماء والغبار، بسبب قصف الاحتلال الذى لم يتوقف على مدار 15 شهراً.

تواجه امرأة مسنة مرض السرطان بعزيمة لا تلين، يتلألأ فى عينيها الأمل رغم الألم، فالسيدة «كفاية محمود شجادة»، المصابة بالسرطان، تُجسّد إرادة كل غزاوى فى القطاع الفلسطينى المدمّر، وعزيمة الإنسان على الصمود فى أقسى الظروف، هى ليست مجرد ضحية للمرض، بل هى رمز للتحدى والأمل، تدافع عن حياتها بكل ما تملك من قوة، لتكتب فصلاً جديداً من ملحمة الصمود فى وجه المستحيل.

تحدثت «كفاية»، التى تعيش تحت وطأة الحرب والنزوح، لـ«الوطن»، عن معاناتها مع مرض السرطان بقولها: «المعاناة شديدة جداً، خاصة مع مرض السرطان، فكان إغلاق المعبر قبل الهدنة الأخيرة يزيد معاناتنا بشكل كبير، حيث حينها أصبح الوصول إلى الأدوية والاحتياجات الطبية أمراً شبه مستحيل، ولكن مع الهدنة وفتح المعابر ودخول الأدوية الصحية والمساعدات الغذائية عبر معبر رفح المصرى أصبحت الأمور أفضل».

وأضافت: «الفقر كان يضاعف الأزمة، ولم يكن الطعام متوافراً بما يكفى، والأهم أن الطعام المتاح لم يكن صالحاً لمرضى السرطان، مما جعل كل لحظة تمر على مرضى السرطان أكثر صعوبة، ورغم كل ذلك، أُصر على الاستمرار، مدافعة عن حياتى كغزاوية بعزم، وأتمسك بالأمل».

وتابعت بقولها: «قبل فتح المعبر كنا نعالج أنفسنا بأقل ما يمكن من المسكنات، وفى أوقات كثيرة، لا نجد حتى هذا القليل، الحياة أصبحت اختباراً مستمراً، فى بعض الأيام، وكنا نتمنى لو كان لدينا بعض الأدوية التى تخفّف الألم، ولكن الظروف تجعل الحصول عليها شبه مستحيل، وعندما تزداد المعاناة، يصبح مجرد الحصول على مسكنات أمراً أشبه بالحلم، هذه اللحظات فى هذا الوقت كان تجعلك تشعر بالعجز الشديد، لأنك لا تملك شيئاً سوى الصبر والدعاء».

واستطردت بصوت يحمل الكثير من الألم والحزن والمطالبة بأقل الحقوق: «أنا الآن، باسم جميع مرضى السرطان فى غزة، أطالب باستمرار دخول المساعدات الإنسانية واستمرار الهدنة، فنحن لدينا الحق فى العلاج، ولدينا الحق فى الحياة، فرغم أن المرض صعب وخطير والمعاناة شديدة إلا أن جميع المرضى الغزاويين لن يتركوا شبراً من غزة ولن يخرجوا منها».

مقالات مشابهة

  • طريقة عمل المقشوش السعودي
  • جمال اللحظة في الانعتاق..
  • «كفاية»: قبل فتح المعبر كنا نعالج أنفسنا بأقل ما يمكن من مسكنات الألم
  • «زينب» تروي قصة الألم: واجهت صراعا وجوديا مع السرطان والحصار في غزة
  • عابد عناني يكشف أسرار خاصة عن تجسيده لأدوار الشر.. فيديو
  • أنتوني: أشعر بالأطمئنان في بيتيس
  • علاج التهاب اللوز بوسائل منزلية فعّالة
  • نائب:العراق لن يوجه دعوة للشرع لحضور مؤتمر القمة العربية في بغداد
  • 3 أبراج فلكية تحب عيش اللحظة الحلوة.. لا تهتم بالحزن
  • اللحظة الأولى لانفجار طائرة ركاب أميركية وخبراء: نجوا بأعجوبة