روما تستنجد بأوروبا.. هل يحرج المهاجرون حكومة اليمين الإيطالية؟
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
روما- خلال حملتها الانتخابية وقبل تمكن حزبها اليميني ولأول مرة من الفوز بالانتخابات في إيطاليا، أكدت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني مرارا اعتزامها وقف تدفق المهاجرين غير النظاميين على سواحل جزيرة لامبيدوزا جنوب البلاد، حتى لو اقتضى الأمر فرض حصار بحري على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط.
وبعد مضي عام عن ذلك الفوز التاريخي، تحوّلت تلك الوعود إلى كابوس مرعب مع استمرار حوادث غرق مراكب اللاجئين التي خلفت كثيرا من المآسي والضحايا، وعبور أكثر من 132 ألف مهاجرا للحدود الإيطالية خلال الشهور الـ9 الأولى فقط من العام الجاري.
وفيما تستنجد رئيسة الوزراء بالاتحاد الأوروبي لاستضافة جزء من المهاجرين، تتخذ في الوقت نفسه تدابير تقييدية جديدة من شأنها تشديد الخناق على اللاجئين والمهاجرين، الذين تصنفهم الأجهزة الأمنية بالخطرين اجتماعيا، وذلك عبر طردهم الفوري حتى لو كانوا من طالبي اللجوء أو من المقيمين منذ سنوات بشكل قانوني.
غير واقعي
في هذا السياق، قال الصحفي والخبير في شؤون سياسات الهجرة سيرجو سكاندورا "أخشى أن القرارات الجديدة التي اتخذتها حكومة ميلوني مؤخرا بحق المهاجرين، وكذلك إمكانية إرسال مهمة بحرية في الأسابيع القادمة لمنع التهريب والإتجار بالبشر في البحر المتوسط، لن يوقف تدفق المهاجرين الأفارقة الفارين من الصراعات والتصحر أو الاضطهاد الشخصي والعرقي".
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح سكاندورا أن التفكير في وقف تيارات المهاجرين في البحر المتوسط أمر غير واقعي على الاطلاق، لافتا إلى فشل دولتين من مجموعة الـ7 الكبرى مثل المملكة المتحدة وفرنسا من القيام بذلك على خط ساحل بحر المانش بطول 70 كيلومترا فقط، وليس على خط ساحلي يبلغ طوله 3.400 كيلومتر بين الجزائر وتونس وليبيا وتركيا.
من جهة أخرى، حذر الصحفي الإيطالي من خطر تكرار الواقعة التي شهدتها جزيرة لامبيدوزا في الأيام الماضية بعد وصول نحو 10 آلاف مهاجر دفعة واحدة، وهو الرقم الذي يفوق بكثير عدد سكان الجزيرة البالغ 6 آلاف شخص فقط.
وقال إن الخبراء المختصين في قضايا تغيّر المناخ يؤكدون على تحوّل تدريجي لمياه البحر المتوسط إلى بيئة شبه استوائية، الأمر الذي تزداد فيه بشكل ملحوظ عدد الأيام التي يسود فيها هدوء مياه البحر على مدار العام.
وأوضح أن هذه الظاهرة المناخية الجديدة باتت تشجع مهربي البشر على تحميل الآلاف من المهاجرين خلال سويعات قليلة على متن قوارب بالية، والوصول بهم إلى الحدود الجنوبية الأوروبية.
دراما إنسانية أم أمن قومي؟
بخصوص ردود الفعل الغاضبة على تدفق الآلاف من المهاجرين على سواحل جزيرة لامبيدوزا، قال الصحفي سكاندورا "لقد حدثت مثل هذه الوقائع خلال الربيع العربي، ونحن معتادون على إنقاذ الناس في البحر والترحيب بهم في منازلنا، لا سيما أننا كنّا نحن أيضا قبل بضعة عقود خلت من المهاجرين حتى عبر البحر باتجاه دول أخرى".
واضاف "لكن الأوضاع اختلفت منذ عام 2017 فصاعدا، حينما أدت حملة واسعة الانتشار من الأخبار المزيفة أنشأتها بمهارة بعض مزارع تكنولوجيا المعلومات السيادية والقومية المتطرفة، إلى إقناع شريحة واسعة من الناس في إيطاليا وفي بقية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، أننا أمام غزو حقيقي ونواجه خطر استبدال عرقي، وخطر تغيير للتقاليد وأنماط الحياة في أوروبا".
واختتم سكاندورا بالقول إنه "منذ ذلك الحين استبدل تصنيف الظاهرة من دراما إنسانية إلى قضية أمن قومي".
مساعدات وليس الأمن
بدورها، قالت مسؤولة شؤون الهجرة ومكافحة التمييز لدى منظمة العفو الدولية (أمنستي) سيرينا كيودو "لقد أظهر مواطنوا لامبيدوزا مرة أخرى شعورا كبيرا بالتضامن مع اللاجئين، وإن الانتقادات التي أثارها المواطنون في الأيام الماضية كانت موجهة بشكل أساسي إلى سوء إدارة عمليات تدفق الوافدين على سواحل الجزيرة، التي تدلّ بدورها على فشل السياسات الإيطالية والأوروبية في هذا المجال".
ولاحظت المسؤولة لدى منظمة العفو الدولية -في حديثها للجزيرة نت- أن سكان لامبيدوزا الذين اعتادوا منذ سنوات على مواجهة أوجه القصور التي تعاني منها الدولة في تقديم المساعدات الأولية للمهاجرين، باتوا يطالبون اليوم بتدخدلات هيكيلية على المستوى الوطني والأوروبي.
وأشارت كيودو إلى ضرورة إنشاء آلية فعّالة لتقديم المساعدات الأولية، التي من المفترض أن تعتني سريعا باحتياجات المهاجرين وضمان حماية حقوقهم، لا سيما الفئات الأكثر ضعفا منهم.
واختتمت بالقول "نحن بحاجة إلى أطباء وعمال الاستقبال ووسطاء اللغة والاجتماع والتحويلات السريعة من الجزيرة إلى باقي الأراضي الوطنية والأوروبية، وليس إرسال مزيد من العناصر المكلّفين بإنفاذ القانون واستخدام القوة".
تقاسم أعباء المهاجرين
في هذا السياق، تشارك إيطاليا اليوم الجمعة بالاجتماع المزمع عقده في العاصمة المالطية فاليتا لمجموعة (EuroMed 9) غير الرسمية، التي تضم 9 بلدان متوسطية أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهي: مالطا وإيطاليا وفرنسا والبرتغال وإسبانيا واليونان وقبرص وسلوفينيا وكرواتيا.
وتمثل إيطاليا في الاجتماع رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني التي بعثت في الأيام الأخيرة برسالة إلى قادة الدول الأعضاء في المجموعة الأورومتوسطية، للمطالبة بمقاربة مشتركة ومتماسكة لأزمة الهجرة على أساس تقاسم أعباء المهاجرين الواصلين حديثا لدول الاتحاد.
ومن المنتظر أن تكتسب النسخة العاشرة لمؤتمر "مجموعة الأورومتوسطي 9" أهمية خاصة بعد عودة ملف الهجرة بقوة إلى جدول أعمال الاتحاد الأوروبي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من المهاجرین
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. مصر تحصد جائزة الامتثال من هيئة مصايد البحر المتوسط GFCM
حققت مصر إنجازًا بارزًا على الصعيد الدولي خلال اجتماعات الدورة ٤٧ لهيئة مصايد أسماك البحر المتوسط GFCM، حيث حصلت مصر اليوم على جائزة الامتثال للمرة الأولى منذ انضمامها لعضوية المنظمة ، وتم تصنيفها ضمن دول (الفئة الأولى) في تحقيق الامتثال الكامل لتوصيات وقرارات المنظمة.
وأكد الحسين فرحات، المدير التنفيذي لجهاز حماية وتنمية البحيرات، أن الجائزة تأتي انعكاسًا للجهود الكبيرة التي بذلها جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية طيلة الفترة الماضية، لضمان الحفاظ على الموارد البحرية الحية، وكذلك تحقيق استدامة تربية الأحياء المائية في البحر المتوسط، والحفاظ على الثروة السمكية والموارد البحرية الحية، والاستخدام المستدام على المستويات البيولوجية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وتنمية الاستزراع المائي في البحر المتوسط.
وأوضح "فرحات"، أن ذلك جاء ضمن تعزيز الأمن الغذائي وتحسين سبل العيش للمجتمعات القائمة على الصيد وتربية الأحياء المائية ، والذى يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة لمصر ٢٠٣٠ ، وإستراتيجية الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر المتوسط ٢٠٣٠.
ونوه بأن جهاز حماية وتنمية البحيرات قد قام من خلال لجنة الامتثال ، التي عُقدت شهر مايو الماضي ، بعرض كافة الجهود المبذولة والإجراءات التي تم اتخاذها ، بالإضافة إلى الدراسات التي تم إعدادها من أجل الحفاظ على البيئة البحرية بالبحر المتوسط ، وأضاف قائلًا "تأكيداً للجهود المصرية على مدار عام كامل ، فقد تأكدت لجنة المراجعة بالمنظمة من قيام مصر بالامتثال الكامل لكافة قرارات وتوصيات المنظمة ، وإتباع كافة المعايير العلمية التي تضمن حماية المخزونات السمكية ورسم خطط الإدارة المطلوبة".
كما أشاد المدير التنفيذي للجهاز بهذا النجاح والذى يعد ثمرة جهود مكثفة من قبل الجهاز والإدارة العامة للمصايد التي تحملت مسئولية إعداد وتقديم ملف مصر للمنظمة، واستيفاء كافة التقارير المطلوبة بالتنسيق مع كافة الجهات.
وشدد على ضرورة الحفاظ على المكانة التى وصلت إليها مصر، وأن تكون هذه الجائزة دافعًا محفزًا نحو مواصلة التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية ، والعمل على تنمية المسطحات المائية ، وتقديم التقارير والدراسات ، وتفعيل الإجراءات التي تسهم في زيادة الإنتاجية بالمسطحات المائية.
من جانبه، صرح المهندس عاطف مجاهد، مدير عام الإدارة العامة للمصايد، بأن تكريم مصر ضمن دول الفئة الأولى ومنحها جائزة الامتثال الكامل، يعد عرفانًا وتقديرًا من المنظمات الدولية والإقليمية للجهود المصرية المبذولة على المستوى الدولي، كما يؤكد مكانة مصر لدى هذه المنظمات ، ويرسخ الدور البارز والهام الذي لعبه جهاز حماية وتنمية البحيرات في وضع مصر في المكانة التي تستحقها.
وأضاف "مجاهد"، أن هذه الخطوة الجادة جاءت متوافقة مع رؤية مصر ٢٠٣٠ لتنمية مصايد الأسماك بشكل مستدام، حيث تسعى الدولة المصرية إلى الوصول إلى مكانة رائدة فى قطاع الأسماك، باعتباره قطاعا حيويا ورئيسيا، بما يضمن تحقيق الأمن الغذائي، وسيعزز من قدرتها على مواجهة التحديات الغذائية الإقليمية والعالمية.
يُذكر أن هيئة مصايد البحر المتوسط GFCM هى منظمة إقليمية تابعة لمنظمة الأغذية والزراعة FAO، وتهدف إلى الحفاظ على الموارد البحرية الحية واستخدامها على نحو مستدام على جميع المستويات البيولوجية والإجتماعية والاقتصادية والبيئية.
كما تلعب دورًا حاسمًا في إدارة مصايد الأسماك ، وتتمتع بسلطة تقديم توصيات ملزمة للحفاظ على مصايد الأسماك وإدارتها وتنمية تربية الأحياء المائية ، وتضم في عضويتها كافة الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط ، وتعد مصر واحدة من الدول الأعضاء بالمنظمة منذ نشأتها عام 1949.
وتقوم المنظمة بإصدار العديد من القرارات والتوصيات التي تهدف إلى المحافظة على المخزونات السمكية وتنمية الموارد البحرية بالبحر المتوسط ، إضافة إلى خطط الإدارة للأنواع المشتركة بين هذه الدول ، ويتم تقييم موقف الدول سنوياً من خلال لجنة الامتثال لقياس مدى امتثال الدول لقرارات وتوصيات المنظمة وتقييم الدول وفقاً لدرجة الامتثال ، وكذا اتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة حيال الدول غير الممتثلة لقرارات المنظمة.