في كردستان العراق.. إيران تستغل الانقسامات والتقاعس الأمريكي
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
ترى مجلة "فورين بوليسي" في تقرير جديد أنه مع انشغال الولايات المتحدة الآن بتنافسها المكثف مع الصين والحرب في أوكرانيا، لا يحظى كردستان العراق الإقليم الذي حارب الجماعات المتطرقة بمساعدة واشنطن ووفر ملاذاً آمناً لنحو مليون نازح ولاجئ، إلا بالقليل من الاهتمام، ما يفتح المجال لتوسيع نفوذ إيران أكثر فأكثر في البلاد.
وتذكر المجلة، أن حكومة الإقليم عانت سلسلة من المشاكل في السنوات الماضية. بعد فترة وجيزة من تولي بارزاني منصبه في2019، واجهت حكومته جائحة كورونا، وتصعيداً عسكرياً بين الولايات المتحدة، وإيران وميليشياتها، وأزمة اقتصادية بعد أن تعرضت عائدات النفط لضربة كبيرة، عندما انخفضت أسعار النفط الخام في 2020. انقسامات
كما قوض كردستان بسبب التنافس بين أكبر حزبين سياسيين، الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني. ما أدى إلى إضعاف القدرة التفاوضية للأكراد في بغداد على تشكيل حكومة عراقية بعد الانتخابات البرلمانية في 2021.
واستغلت إيران وحلفاؤها، بما فيهم الحشد الشعبي، الميليشيا التي تضم 200 ألف مسلح الخلاف الكردي، للتحالف مع الاتحاد الوطني الكردستاني لتوسيع نفوذهما على الدولة العراقية.
????SCOOP????: In letter to @POTUS KRG PM @masrourbarzani warns of Iraqi Kurdistan's collapse, urges mediation in disputes with Baghdad https://t.co/cwka90Q23L via @AlMonitor
— Amberin Zaman (@amberinzaman) September 12, 2023وعززت الجماعات المدعومة من إيران سيطرتها على القضاء العراقي، ما مهد الطريق لحكم صدر في فبراير (شباط) 2022، اعتبر أن صادرات النفط الكردية عبر تركيا "غير قانونية". وأثر ذلك على قرار تحكيم دولي بعد عام، توصل إلى نفس النتيجة. ومنذ ذلك الحين، توقفت صادرات النفط الكردية، ما شل اقتصاد المنطقة وأثر على أسواق الطاقة العالمية، في فوز لقوات الحشد الشعبي وآمالها في تحييد الاستقلال الاقتصادي لكردستان.
شروط تركية "تعجيزية" لاستئناف تصدير نفط كردستان https://t.co/EeNmjon4Qq
— 24.ae (@20fourMedia) August 18, 2023 تاريخ العلاقاتأدت الانقسامات بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني إلى تقويض حكومة إقليم كردستان. وفي 1994 و1998، خاض الطرفان حرباً للسيطرة على المنطقة، وأمكن وقفها بعد الوساطة الأمريكية. مهدت التسوية السلمية في 1998 الطريق لاتفاق استراتيجي أصبح أساساً للعصر الذهبي لكردستان بعد غزو الولايات المتحدة للعراق في 2003، والذي منح الأكراد نفوذاً كبيراً على الدولة العراقية، ووسع حكمهم الذاتي، وعجل بازدهار اقتصادي غير مسبوق.
أما التنافس اليوم فيمثل صداماً بين شخصيات من جيل جديد من القادة الأكراد، ويعكس أيضاً مسارات الحزبين منذ 2003. إذ يدين الحزب الديمقراطي الكردستاني بالكثير من سلطته إلى انضباطه التنظيمي طويل الأمد، والذي حقق له النجاح الانتخابي وسمح له بالسيطرة على مكتب رئيس الوزراء منذ 2012.
ومن ناحية أخرى، انقسم الاتحاد الوطني الكردستاني تقريباً منذ إنشائه في 1970. وفي 2021، شن بافل طالباني انقلاباً للإطاحة بابن عمه لاهور الرئيس المشارك للحزب، ورئيس قواته لمكافحة الإرهاب والاستخبارات.
تساؤلاتأدت هذه الديناميات العنيفة إلى تدهور قدرة الاتحاد الوطني الكردستاني على تقديم بديل جاد للحزب الديمقراطي الكردستاني. وبدل ذلك، اختار تكتيكات المفسد، والعمل مع الجماعات المتحالفة مع إيران في بغداد لتقويض منافستها سياسياً واقتصادياً.
وتحاكم قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني بانتظام الأفراد والفصائل المتحالفة مع إيران التي تقرها وزارة الخزانة الأمريكية، وأحياناً على خلفية الهجمات الصاروخية وبالطائرات دون طيار على كردستان من هذه الجماعات.
إن هذا لا يثير تساؤلات عن جدية واشنطن وعلاقتها بالحزب فحسب، ولكن أيضاً للاتحاد الوطني الكردستاني نفسه. قد يساعد التطلع إلى إيران وبغداد، الاتحاد الوطني الكردستاني على إعادة تأكيد نفسه محلياً، لكن تقويض كردستان لإضعاف الحزب الديمقراطي الكردستاني، قصر نظر خطير لأنه يعتمد على حسن نية الحشد الشعبي، ومن المحتمل أن يكون خطراً وجودياً لأنه مقامرة بالحكم الذاتي لكردستان على المدى الطويل، حسب المجلة.
وترى المجلة أنه إذا كانت واشنطن جادة في حماية مصالحها، فيمكنها أن تبدأ بإقناع الاتحاد الوطني الكردستاني بأن أفضل أمل ليعكس اتجاه تراجعه، هو معالجة أزمته الداخلية، وليس اللجوء إلى إيران، وهي ممارسة تهزم نفسها بنفسها. سيكافح الاتحاد الوطني الكردستاني لمطابقة التفوق السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، وفي أحسن الأحوال، يمكنه أن يأمل إبطاء صعود منافسه. وفي أسوأ الأحوال، يهدد تواطؤه مع إيران مصير الحزب، والسليمانية.
Delighted to receive @SecDef today in Erbil. Secretary Austin and I discussed several topics including the relations with the Federal Government and the continuous efforts from both Erbil and Baghdad to reach agreements in pursuit of mutual interests. pic.twitter.com/MQQuf7YROL
— Masoud Barzani (@masoud_barzani) March 7, 2023ثانياً، يمكن للولايات المتحدة أن تركز وساطتها على احتياطيات الغاز في كردستان، ما قد يعالج النقص العالمي على المدى الطويل، ويدعم اقتصاد حكومة إقليم كردستان. فيتمتع الحزب الديمقراطي الكردستاني بالشرعية السياسية والدستورية لدفع القطاع إلى الأمام، وجذب المستثمرين، لكن احتياطيات الغاز توجد بشكل أساسي في المناطق التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني الكردستاني.
ويمكن للولايات المتحدة أن تشجع الحوار على تطوير حقول الغاز هذه وتأمين موقف كردستان فيما وصفته وكالة الطاقة الدولية بـ "العصر الذهبي" للغاز الطبيعي.
وهنا بالتحديد في الداخل، وليس في بغداد أو طهران، حيث يمكن للاتحاد الوطني الكردستاني، بدعم من الولايات المتحدة، أن يدفع لحماية حصته الاقتصادية بترتيب شامل مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، يتضمن اتفاقاً لتقاسم الإيرادات.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة إيران كردستان العراق الحزب الدیمقراطی الکردستانی الاتحاد الوطنی الکردستانی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
بعد الحوثيين.. هل تتحرك أمريكا ضد ميليشيات إيران في العراق؟
بعد الضربات الأمريكية المكثفة التي استهدفت مواقع ميليشيا الحوثيين في اليمن، تدور تساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن ستوجه ضربات مشابهة للميليشيات العراقية المدعومة من إيران، خصوصًا بعد تصاعد الهجمات ضد المصالح الأمريكية في العراق وسوريا.
شنت الولايات المتحدة ضربات جوية واسعة ضد مواقع الحوثيين في صنعاء ومأرب والحديدة، واستهدفت أنظمة الدفاع الجوي والطائرات المسيّرة ومخازن الأسلحة.
وأكدت إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن الهدف من هذه الضربات هو "حماية المصالح الأمريكية وضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر"، بعد تهديدات متزايدة للسفن التجارية والعسكرية.
هذه الضربات تمثل التصعيد الأكبر منذ بداية ولاية ترامب الثانية، حيث تعهد بعدم التورط في "حروب لا تنتهي"، لكن الهجمات المتكررة للحوثيين على الملاحة الدولية دفعت واشنطن إلى التحرك بقوة، وفق قوله.
وتعهد مسؤولون أمريكيون بضربات "لا هوادة" فيها، حتى إفقاد الحوثيين قدراتهم العسكرية، مثلما هددوا إيران إذا واصلت دعم الميليشيا.
الميليشيات العراقية المرتبطة بإيران، مثل "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، صعّدت هجماتها ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا خلال الأشهر الماضية.
هذه الجماعات، التي تعمل تحت ما يسمى "المقاومة الإسلامية"، نفّذت هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على القواعد الأمريكية في أربيل وعين الأسد ودير الزور، مهددة الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة.
وتوحي تصريحات المسؤولين الأمريكيين الأخيرة بأن استهداف هذه الجماعات بات خياراً مطروحاً، خصوصاً أن واشنطن سبق أن وجهت ضربات لها في الأعوام الماضية.
وأعلنت ميليشيات عراقية أنها ستساند حلفائها في اليمن ضد الولايات المتحدة، وذلك في رسالة وجهتها ما تسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق" إلى زعيم الحوثيين؛ تقول "إننا رهن إشارة عبدالملك الحوثي".
رسالة من الميليشيات وذيول ايران بأسم المقاومة الإسلامية كتائب صرخة القدس في #العراق إلى الارهابي #عبدالملك_الحوثي
المقاومة الإسلامية في العراق كتائب صرخة القدس
بسم الله الرحمن الرحيم
كتائب القدس
إلى القائد المفدى السيد عبد الملك الحوثي (حفظه الله)، وإلى شعبنا اليمني الأبي… pic.twitter.com/6Fkc7PNDQF
يعتقد المحلل السياسي محمود أبو واصل، أن واشنطن أرسلت رسالة قوية لطهران بضرب الحوثيين، مفادها أن أي استهداف للمصالح الأمريكية سيُواجه برد عسكري قوي، بغض النظر عن المكان الذي تنطلق منه التهديدات.
ويرى أبو واصل في حديث لـ"24"، أن إيران قد تحاول الرد عبر وكلائها في العراق وسوريا، مما قد يدفع الولايات المتحدة لتوجيه ضربات استباقية ضد الميليشيات العراقية لمنع التصعيد.
ويضيف: "إذا استمرت الميليشيات في استهداف المصالح الأمريكية، فمن المحتمل أن نرى ضربات محدودة في العراق، لكنها لن تكون بحجم الضربات في اليمن، لأن الوضع السياسي في بغداد أكثر تعقيداً، والولايات المتحدة لا تريد تصعيداً كبيراً هناك".
???? عاجل : #ترامب يعلن "بدء ضربات أميركية على الحوثيين" في اليمن ..✈????#الحوثيين #اليمن pic.twitter.com/I5QDVaN5hs
— أخبار عاجلة .. (@newsnow7345) March 15, 2025أما الخبير في الشؤون الإقليمية عامر ملحم، فيرى أن استهداف الميليشيات العراقية قد يكون مسألة وقت، لكنه يعتمد على سلوك هذه الجماعات في الأسابيع المقبلة.
ويشير ملحم إلى أن الضربات الأمريكية الأخيرة تحمل أبعادًا تتجاوز مجرد الرد العسكري، قائلاً: "الإدارة الأمريكية تريد إرسال رسالة مزدوجة: أولًا، أنها لن تتسامح مع أي تهديد مباشر لقواتها أو مصالحها؛ وثانيًا، أنها مستعدة لاستخدام القوة ضد إيران وحلفائها إذا استمروا في التصعيد".
لكن الفرق بين الحوثيين والميليشيات العراقية، بحسب ملحم، هو أن الأخيرة تعمل ضمن بيئة سياسية معقدة، حيث للحكومة العراقية نفوذ معين، وهذا يجعل قرار الضربات أصعب من الناحية الدبلوماسية.
وفقًا للمحليين هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة: أولها تصعيد محدود عبر توجيه ضربات أمريكية دقيقة ضد مواقع محددة للميليشيات العراقية، مثل مستودعات الأسلحة أو مواقع إطلاق المسيرات، دون استهداف قادة الجماعات لتجنب تصعيد كبير.
والخيار الثاني هو الردع الدبلوماسي، من خلال ممارسة ضغوط على الحكومة العراقية لضبط أنشطة الميليشيات، مقابل تجنب الضربات العسكرية المباشرة، خاصة مع مساعي بغداد للحفاظ على التوازن بين واشنطن وطهران.
والسيناريو الثالث وهو مستبعد، عبارة عن تصعيد شامل، إذا قامت الميليشيات العراقية بهجوم كبير يستهدف قواعد أمريكية بشكل مباشر، فقد يكون الرد الأمريكي أوسع، ليشمل استهداف شخصيات قيادية في هذه الجماعات، كما حدث في 2020 عندما قُتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.