تأخذ الاحتجاجات الشعبية في السويداء السورية شكلا تنظيميا بعد مرور أكثر من 40 يوما على انطلاقها ضد النظام السوري، ورغم أن المتظاهرين لم يفارقوا ساحة السير التي أطلق عليها اسم "ساحة الكرامة"، بات توقيت يوم "الجمعة" أساسيا بالنسبة إليهم، من أجل حشد أكبر عدد من المحتجين.

ويتجلى "الشكل التنظيمي" حسب ما يقول مشاركون ونشطاء سياسيون لموقع "الحرة" بالعبارات التي يرفعها المحتجون والشعارات التي يرددونها والمشاهد التي يترجمونها وسط الساحات، إذ باتت تتغير بين أسبوع وآخر، مع تقاطعها في مطلب وحيد هو إسقاط النظام السوري ورحيل رئيسه بشار الأسد.

وخرج الآلاف يوم الجمعة وسط "ساحة الكرامة" وأعادوا ترديد الشعارات المناهضة للنظام السوري، فيما وثقت تسجيلات مصورة نساء تعتلي رؤوسهن أغصان من الزيتون، وأطفال يرتدون الزي التقليدي ويحملون شعارات تطالب بالحرية والعدالة للسوريين.

#شاهد: يحملن أغصات الزيتون، والزهور، والكروت الحمراء، وصوتهنّ الأعلى والأقوى.. سيدات السويداء، وحضورهن المميز في ساحة الكرامة ❤❤#مظاهرات_السويداء pic.twitter.com/uQW3RcOcTy

— السويداء 24 (@suwayda24) September 29, 2023

كما وثقت تسجيلات أخرى حمل المتظاهرين لصور شيخ العقل، حكمت الهجري المؤيد للانتفاضة ومطالب المحتجين، ولافتات رسم عليها العلم المعتمد للثورة السورية والآخر ذو النجمتين الذي يمثل النظام السوري، وعليها عبارة "الشعب السوري واحد".

في غضون ذلك أقدم محتجون على نزع صور جديدة لرئيس النظام السوري وأبيه حافظ الأسد، ووضعوا بدلا عنها صورة لسلطان باشا الأطرش قائد "الثورة السورية الكبرى"، وهو الذي يحظى بخصوصية في المحافظة ذات الغالبية الدرزية، وتحوّل إلى رمز نضالي منذ عقود طويلة.

"الناس مش مستعجلة"

ويشارك في المظاهرات التي يتوسع زخمها بين أسبوع وآخر مثقفون وسياسيون ومعارضون للنظام السوري، بالإضافة إلى ناشطات سوريات وطلاب جامعات ومدارس، وهو "مشهد استثنائي" كما يراه مشاركون ويميز المظاهرات الحالية عن الاحتجاجات السابقة في المحافظة.

من ساحة الكرامة وسط السويداء، والأفكار المميزة لسيداتها خلال التظاهرات الشعبية، اليوم الجمعة.#مظاهرات_السويداء pic.twitter.com/MQXdxM2fcc

— السويداء 24 (@suwayda24) September 29, 2023

ويوضح الناشط السياسي السوري، مروان حمزة أن انتفاضة السويداء وبعد مرور 40 يوما على انطلاقها "باتت تنظم نفسها بنفسها"، وأن "الشارع اختار أشخاصا لتنظيم عملية الشعارات والخروج بالوقفات وجميع التفاصيل"، التي توثقها الكاميرات.

وتحدث حمزة لموقع "الحرة" عن "وجود جهات اختارها الشارع، مسؤولة عن عملية التنظيم كي لا يكون الوضع عشوائيا وفوضويا كما يدعي البعض".

وتشير الشعارات التي يرفعها المحتجون إلى "وعي ورؤية تمكن الشارع من إنتاجها".

ويضيف الناشط السياسي: "المدى مفتوح والناس مش مستعجلة. جمعة بعد جمعة وشهر بعد شهر وحتى لسنة.. الناس ستبقى في الشارع حتى تتحقق المطالب".

واعتبرت الناشطة والمهندسة السورية، راقية الشاعر أن "الاحتجاجات باتت تأخذ شكل كرنفال احتفالي لن يتوقف حتى تتحقق مطالب كل سوريا بالخلاص من النظام السوري القمعي والديكتاتوري".

وتقول الشاعر لموقع "الحرة": "قلنا كلمتنا ولن نتراجع عنها. الشارع بات منظما. الناس تنام وتستفيق ويدور في بالها الاحتجاج، وكأنه تحول إلى وظيفة أو عمل يتوجب الحضور من أجله".

ومنذ 40 يوما لم تتوقف المظاهر الاحتجاجية في ساحات السويداء، بينما تشير الشاعر إلى أن "الوصول للذروة بات يتركز بشكل أساسي في يوم الجمعة"، وتتابع: "السويداء في كل جمعة تعيش جمعة عظيمة".

"ثابت ومتغير"

وعلى مدى الأسابيع الماضية بدا النظام السوري وكأنه "غير مهتم" لما يجري في المحافظة الواقعة على حدود الأردن، ومع ذلك لم ينسحب هذا المشهد على الصحفيين والمحللين المقربين منه.

إذ اتجه هؤلاء إلى اتهام المتظاهرين بالترويج لـ"الانفصال والعمالة للخارج" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي نفاه المحتجون وردوا عليه بلافتات وشعارات أكدت على أن "سوريا واحدة لا تتجزأ".

#شاهد: من قرية عمرة شمال شرقي السويداء، ومظاهرة تدعو إلى التغيير السياسي وإسقاط المنظومة الحاكمة، بمشاركة وفود من القرى المجاورة، مساء اليوم الخميس.#مظاهرات_السويداء pic.twitter.com/evQ9t2PD6x

— السويداء 24 (@suwayda24) September 28, 2023

ويقول الناشط حمزة إن "الاحتجاجات التي خرجت يوم الجمعة هي الأكبر على مستوى جبل العرب".

ويضيف أن الأسباب التي تقف وراء ازدياد الزخم تتعلق بـ"الثقة التي باتت عند الشارع، بعد حالة كبيرة من الخوف".

"الناس حست بحرية أكبر وأنها قادرة على إعلاء صوتها بدون أي مشاكل وحواجز"، و"من الطبيعي أن تزداد الأعداد طالما تخطت الانتفاضة اليوم الـ40 بالحفاظ على ذات المطالب"، وفق حمزة.

وتوضح الناشطة الشاعر أن "هناك حالة من التنظيم تخص الشعارات والوقفات والكلمات واللافتات، وحتى على مستوى وصول الوافدين من القرى والبلدات إلى ساحة السير وسط المدينة".

وتقول: "كل شيء بات منظما. الثابت في الانتفاضة هو السلمية والمتغير هو مظاهر الاحتجاج وكيفية التعبير عن المطالب".

وباتت السويداء "تعطي نموذجا حيا عن الشعب السوري بأكمله"، وفق تعبير الناشطة السورية، مضيفة: "نحن شعب نحب الحياة والسلم ولم نكن دعاة حرب وتدمير كما هو حال النظام السوري".

وتتابع: "النظام جاء قبل 60 عاما. نقول له في الشوارع جاء قبلك الكثير وسيأتي بعدك الكثير أيضا. حراكنا مستمر حتى تحقيق مطالبنا لمشروعة في تحقيق دولة المواطنة والمساواة والعدل".

ولا يمكن الإجابة على سؤال "إلى أين تذهب الانتفاضة؟"، حسب ما يرى الناشط السياسي حمزة، ويوضح حديثه بالقول إن "الشارع يعيد إنتاج نفسه بين اليوم والآخر".

ومع ذلك يضيف الناشط: "بالتأكيد هناك خطط للقادم وستخرج من الشارع أيضا، كونه يحوي مجتمع مدني وقيادات ومثقفين".

وبالتالي سيكون بمقدور هؤلاء "الجلوس على طاولة، لكي ينتجوا حلولا وأفكار، ومن ثم يضعوها على ورقات لتحقيق شيء تفاوضي في المستقبل، مع التأكيد على مطالب إسقاط النظام السوري"، بحسب حديث الناشط السوري. 

والانتفاضة الحالية التي تعيشها السويداء تختلف كثيرا عن الاحتجاجات السابقة التي شهدتها المحافظة منذ عام 2020. 

ويرتبط الاختلاف بالمواقف التي اتخذها رجال الدين في تأييد الحراك، في مقدمتهم شيخ العقل حكمت الهجري، إلى جانب الحواجز التي كسرها المواطنون والناشطون من رجال ونساء، إذ باتوا يعلون الصوت ضد الأسد بالوجه المكشوف وعلى العلن.

ورغم أن شرارتها اندلعت بعد قرار حكومي قضى برفع أسعار المحروقات، قادت المطالب والشعارات التي رفعها المتظاهرون على مدى الأسابيع الماضية إلى مشهد أوسع أعاد ذاكرة السوريين إلى الأيام الأولى للثورة السورية في 2011. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: النظام السوری ساحة الکرامة یوم الجمعة

إقرأ أيضاً:

محلّقات انقضاضية تدخل ساحة المواجهة

كان لافتا أن عددا كبير من البيانات التي اصدرها "حزب الله" امس عن العمليات التي نفذها، اشار الى "عمليات نفذت عبر محلّقات انقضاضية" استهدفت تجمعات للجيش الاسرائيلي  داخل الاراضي اللبنانية.
وبحسب متابعين فان "اللافت ان الحزب لم يستخدم هذه المحلّقات خلال الحرب، علما انها اثبتت نجاحات كبيرة في الحرب الروسية الاوكرانية وفي الحرب السورية على التنظيمات في ادلب".
وترى المصادر "ان الحزب قد يكون حصل على هذه المحلّقات خلال الحرب عبر طرق الامداد المستحدثة من سوريا الى لبنان وصولا الى اقصى الجنوب".
وفي سياق متصل، لُوحِظَ في الأيّام الأخيرة غياب الطائرات المسيّرة من نوع "ام-كا" عن أجواء الضاحية الجنوبيّة، وخصوصاً بعد التحذيرات الإسرائيليّة بقصف مبانٍ سكنيّة.
وكانت هذه الطائرات التي أطلق عليها اللبنانيّون تسميّة "ام كامل" من باب الفكاهة تُراقب المناطق في الضاحية الجنوبيّة قبل قصف الأهداف وبعدها، وفي بعض الأحيان كانت تُحلّق طوال النهار لجمع المعلومات الإستخباراتيّة.
وتعليقاً على غياب الـ"ام - كا"، قال مصدر أمنيّ إنّ هذا الأمر يُؤشّر إلى أنّ إسرائيل لم تعدّ تمتلك أهدافاً في الضاحية الجنوبيّة، وهي تستهدف المدنيين والأبنيّة السكنيّة قبل التوصّل إلى وقف إطلاق النار بهدف الضغط على "حزب الله" وبيئته.

المصدر: لبنان 24

مقالات مشابهة

  • محلّقات انقضاضية تدخل ساحة المواجهة
  • شكوك جديدة بشأن مخزون النظام السوري من الأسلحة الكيميائية
  • حصان يتجمد من شدة البرد وسط الشارع في تركيا ”شاهد”
  • خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
  • قانون حماية المستهلك ضمن جلسة حوارية في السويداء ‏
  • «فن أبوظبي».. احتفاء استثنائي بإبداعات الشباب
  • هاكان فيدان يكشف كواليس الموقف السوري تجاه القصف الإسرائيلي
  • الركين
  • الغديوي يوبا: جمهورية الريف لم تعترف يوما بسيادة النظام المغربي
  • رقم استثنائي ينتظر عمر مرموش مع فرانكفورت ضد فيردر بريمن