خالد الشناوي يكتب: في رقبة من القول بتكفير أبوي النبي؟
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
بينما كنت جالسل اتصفح الشبكة العنكبوتية وصفحتي الشخصية على الفيسبوك إذا بي أجد مقطعا من الفيديوهات لأحد مشايخ التمسلف يرد على سائل سأله عن حال أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الآخره؟
ليقرر هذا المتشدد أن أبوي النبي في النار!
هل يستقيم هذا القول مع العقل والمنطق ؟
إذا لم يدخل أبوي النبي الجنة بشفاعته فمن يدخل؟
وماذا قدم أبوي النبي كي يقرر هذا المتشدد أنهما في النار؟
وأين هو من قول المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم "لم ازل اتنقل من الأصلاب الطاهرات إلى الأرحام الزاكيات"
وقوله:"ولدت من نكاح ولم أولد من سفاح ولم يمسسني دنس من دنس الجاهلية"؟
بل اين هو أيضاً من قول الله تعالى:{وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} ؟
سئل القاضي أبو بكر بن العربي عن رجل قال : إن أبا النبي صلى الله عليه وسلم في النار ، فأجاب بأنه ملعون ، لأن الله تعالى قال:( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا)قال: لا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه إنه في النار!
وما أجمل الأزهر الشريف وما أبهى دوره الرشيد حين تصدى لمثل هذه القضايا بالحزم الشديد فها هو كتاب جوهرة التوحيد والذي يدرس على طلاب الصف الأول الثانوي بالمعاهد الازهريه يصدح بقول الراسخين في العلم فهما وفقها ودراية:(.
ونشر هذا المقطع على صفحته الشخصيه فضيلة الشيخ أحمد أبو حسين أحد أئمة الأوقاف الذين هم عنوان للوسطية مستهجنا وناكرا ذلك ومنددا بهذا القول الشنيع وقد شاهدت الرد العلمي الرصين لهذا الداعية الأزهري الغيور على دينه ووسطيته على أمثال هؤلاء المتنطعين الذين يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ...
ولا عجب في ذلك فمن تربوا على مائدة الأزهر الشريف ووسطيته الفياضه وعلومه المتبحرة هم حائط سد منيع ضد هؤلاء المتطفلين على الساحة الفكرية والدعوية .
انشغلت شيئا قليلا وقمت بتغيير صورة بروفايلي الشخصي على الصفحه وإذا بي افاجئ بتعليق من فضيلة الشيخ أحمد أبو حسين قائلا لي بنوع من الدعابة: أنت تقوم دائما بتغيير صورك الشخصية على صفحتك... ولكن أين قلمك الفكري من مواجهة هذه الأفكار المتطرفة والدخيلة على ديننا وفطرتنا السوية؟
وكأن كلماته جاءت لي وكأنها رسالة حامية الوطيس لتصحيح المفاهيم المغلوطه وانقاذا لعقول الشباب من خطفها ناحية التشدد والتطرف وطمس هويتها الدينية والعقدية ...
واذا كان من طبيعتي ان احاول ان أكفي ماجور_كما تقول الحكمة المصرية العامية_ على الفتنة ومروجيها كي لا تنتشر انتشار النار في الهشيم .
ولكن لما كان هذا المقطع المصور بوصوله إلى السوشيال ميديا فلن ينفعه ولو ألف ماجور لسرعة الانتشار وسرعة الانترنت والعولمه وتبادل المعلومات!
رأيت من واجبي القيمي والإنساني استنفار ولاية قلمي ككاتب رأي اسلط الأضواء واطرح المشكلات محاولا وضع التصور لحلها كما أطرح خطورتها أمام أصحاب القرار والمتخصصين لتدارك الأمر .....
وإن كنت كاتبا للرأي فإنني قبل ذلك ازهريا درست في الأزهر الشريف وشربت من كافة علومه الفياضه والتي كونت جانبي الفكري والوجداني فجلعتني أحلل المسائل الفقهية والعقدية واعرف ضوابطها الشئ الذي أنقذني من أن أكون فريسة في يد أبواق التطرف كما وقع غيري!
ولكم نادينا بضرورة تجفيف منابع التطرف بكافة أنواعه والوانه وصوره وملاحقة أمثال هؤلاء الذين كادوا ان يفتنوا الناس ويفسدوا عليهم أمر دينهم ودنياهم .
ولكم نادينا ايضا بضروره قفل كل القنوات التي سوقت دعاة غير متخصصين ومنعهم من التصدي لشؤون الدين والدعوة !
لا يستطيع من يحمل مؤهلا علميا غير كلية الطب أن يفتح عياده طبيه لمعالجه الناس وإن فعل ذلك فإن مصيره الحبس كما نصت القوانين على ذلك .
فلماذا لا نفعل ذلك في الأمور المتخصصه بالدين ومعتقدات الناس وقصر خطابها على المتخصصين وحسب؟.. لا سيما و أن التدين السطحي هو آفة كل المجتمعات وأن فزاعة الدين وتجاره يستغلون منابرهم التضليليه لخطف الشباب والسير بهم في نفق مظلم!
ولكم عانينا وعانت الدولة المصرية من الإرهاب الغاشم جراء فتاوى شاذة قال بها دعاة التطرف في سابق الأيام.
الأزهر الشريف جامعا وجامعة بأجنحته الكبيرة من إفتاء و أوقاف لا يجب أن نأخذ الدين إلا منهم .
ومن يقول غير ذلك فهو واهم
وإلا ستشتت الأفكار وتضلل العقول إن لم يك هناك قانوناً دينيا حقيقيا وحاسماً يواجه ويحاسب من يقومون بازدارء الأديان ورموزها ممن يتطفلون على حقل الدعوة الدينية .
لقد آن للعلماء والدعاة وأهل الرأي أن يضعوا الحلول الهادفة في تخليص شباب الأمة من براثين التعصب الديني بكشف عوراته وتزييف دعواه، وتقديم التصور الإسلامي الصحيح في ما يعرض هنا وهناك من مقولات وتصرفات لم تعد خافية على متابع، والتصدي لخطر هذه الظاهرة ووأدها قبل أن يتطاير شررها في قابل الأيام .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر الشریف صلى الله علیه فی النار
إقرأ أيضاً:
القول المسموع في الفرق بين الكوع والكرسوع
قرأت ما كتبه الدكتور عثمان أبوزيد عن (التكويع السوداني)، وبدا لي أن المقال كله منصب على (التكويع) السوري الذي راج عقب التغيير في الشام، ولمزيد من الإيضاح أحببت أن أضيف بعض الإضافات لما ورد في المقال، منها ما يتعلق باستعمال السودانيين، ومنها ما ورد في اللغة أو استعمالات الفقهاء.
وورد في في المقال أن السوريين يقولون إن استعمالهم للتكويع استعمال له أصل في اللغة، وقد صدق من قال ذلك، فقد ورد في اللغة أن كَوَعُ اليَدِ يعني: اِعْوِجَاجُهَا مِنْ قِبَلِ الكُوعِ، أَوْ إِقْبَالُهَا عَلَى اليَدِ الأُخْرَى، وإن كَوَعُ إِبْهَامِ الرِّجْلِ بكسر الراء وتسكين الجيم: إِقْبَالُهُ عَلَى أَخَوَاتِهَا إِقْبَالاً شَدِيداً، وهذا يعني أن التكويع في اللغة الاعوجاج والتغير من حالة سليمة إلى حالة أخرى، وهو ذات المعنى الذي يريده السوريون،
لكن العجب في استخدام العامة لكلمة الكوع، والأعجب منه استخدام الطب لها، فهم يستخدمون لفظ الكوع ويعنون به المرفق، وهو التقاء عظمة العضد مع عظمة الزند
والسودانيون كذلك يستعملون الكلمة في نفس المعنى ويعنون به ملتقى عظم العضد مع عظم الزند، وهو المرفق، ولذلك يقولون لك إذا كنت في وضع الجلوس: (كوّع) بفتح الكاف وكسر الدال مع تشديدها، ويقولون لمن يستحيل عليه الوصول إلى شئ ما: (يبقى لك لحسة كوع) أي يستحيل لك الوصول إليه كاستحالة لحس المرء كوعه.
وفي الأمثال القديمة يقولون: (فلان لا يعرف كوعه من بوعه)، أو (_لا يعرف كوعه من كرسوعه)، والسودانيون يستعملون هذا المثل في عاميتهم للدلالة على جهل المرء وغبائه.
ويتسع استعمال الكوع وهو عند السباكين، قطعة ثلاثية الأبعاد يسمونها (كوع) يتمكنون بها من توصيل الوصلات المائية أو الكهربائية في ثلاثة اتجاهات.
وفي التراث الإسلامي يوجد بمدينة الطائف مسجد يقال له مسجد الكوع، يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في المكان الذي شُيّد فيه هذا المسجد واتكأ عليه، وما يزال هذا المسجد موجودا حتى اليوم، وقد زرته ورأيته، ويسمونه أيضا مسجد الموقف لوقوف الرسول صلى الله عليه وسلم في مكانه. وهذا المسجد غير مسجد عداس الذي قال عنه خير الدين الزركلي رحمه الله في كتابه (الأعلام): “هذا المسجد أُقيم في المكان الذي آوى إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم به عداس ودفن به وقد وقف له أحد أهل الخير بستاناً لخدمته” ، واسم كتاب الزركلي بالكامل: «الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين».
وفي التراث العربي يستخدمون الأبيات الشعرية لشرح موضع الكوع من اليد، ومن ذلك قولهم في شرح الكوع والبوع والكرسوع:
الكوع والبوع والكرسوع إن أشكلا * ما يلي إبهامك الكوع
والخنصر الصغرى فكن سامعا * فما يلي ذلك الكرسوع
والرجل إن جاءت بتذكاره * فما يلي إبهامها البوع
أي إن الكوع ما يلي إبهام اليد، والكرسوع ما يلي الخنصر أما البوع فما يلي إبهام القدم، ومنه يتضح خطأ استعمال العامة لموضع الكوع، فليس هو المرفق وإنما موضعه ما يلي الإبهام.
وبعض هذه الأبيات وقفت عليها في رسالة صغيرة لا تتجاوز الثلاثين صفحة بعنوان: (القول المسموع في الفرق بين الكوع والكرسوع) لمؤلفه محمد مرتضى الزبيدي، وتحقيق: تحقيق مشهور حسن سليمان . أورد فيه المحقق أبياتا لابن عابدين الفقيه الحنفي الدمشقي، نقلها من كتابه: الدر المختار مع حاشية رد االمحتار:
وَعَظمٌ يَلِي الإبهامَ كُوعٌ ومَا يَلِي * لِخِنصَرِهِ الكُرسُوعُ وَالرُّسْغُ مَا وَسَطَ
وعَظمٌ يَلِي إبهَامَ رِجْلٍ مُلَقَّبٌ * بِبُوعٍ فَخُذْ بِالعِلمِ وَاحذَر مِن الغَلَطِ
ونقل أحمد بن غانم النفراوي الأزهري المالكي في كتابه: (الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني) أبياتا لبعض أصحابه المالكيين:
وعظمٌ يَلي الإِبهام من طَرَفِ سَاعِدٍ هُوَ الكُوعُ وَالكُرسُوعُ من خِنصَرٍ تَلا
وَمَا بَينَ ذَينِ الرُّسْغِ وَالبُوعِ مَا يَلِي لإبهَامِ رَجُلٍ في الصَّحِيحِ الّذِي انجَلا…
بقلم: د. علي عبد الله الحسين
إنضم لقناة النيلين على واتساب