أمين معلوف.. الفرنسي اللبناني الذي كرس مسيرته لمد الجسور بين الحضارات
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
باريس "أ.ف.ب": يُعدّ الكاتب الفرنسي اللبناني أمين معلوف، الذي انتُخب الخميس أميناً دائماً جديداً للأكاديمية الفرنسية، أحد رموز الرواية التاريخية المستلهمة من الشرق، وقد كرّس إنتاجه الأدبي طيلة عقود للتقارب بين الحضارات.
وإثر انضمامه إلى الأكاديمية عام 2012، نقش معلوف على سيفه الخاص بأعضاء المؤسسة العريقة رمز "ماريان" (شعار الجمهورية الفرنسية) وأرزة لبنان.
وقد توجه جان كريستوف روفان، صديقه وزميله في الأكاديمية ومنافسه في انتخابات الخميس على رئاسة المؤسسة العريقة، إلى معلوف تحت قبة الأكاديمية قائلاً "كل أعمالك، كل أفكارك، كل شخصيتك، هي جسر بين عالمين،، يحمل كل منهما نصيبه من الجرائم ولكن أيضا من القيم. هذه القيم هي التي تريد توحيدها".
وكان أمين معلوف، الصحافي السابق المقيم في فرنسا منذ عام 1976، قد فاز بجائزة غونكور الأدبية المرموقة عام 1993 عن رواية "Le Rocher de Tanios" "صخرة طانيوس" التي تدور أحداثها في الجبال اللبنانية خلال طفولته.
ويزخر سجل الروائي المتميز بكتب حصدت نجاحاً كبيراً، بينها "Leon l'Africain" "ليون الإفريقي" عام 1986، و"Samarcande" "سمرقند" عام 1988، و"رحلة بالداسار" عام 2000، و"Nos freres inattendus" "إخوتنا الغرباء" سنة 2020.
كما ألف معلوف مقالات وقصصاً عدة، بينها "Les Croisades vues par les Arabes" "الحروب الصليبية كما رآها العرب" عام 1983، و"Les Echelles du Levant" "موانئ المشرق" سنة 1996، و"Les Identites meurtrieres" "الهويات القاتلة" سنة 1998، و"Le Dereglement du monde" "اختلال العالم" عام 2009، و"Un fauteuil sur la Seine" "مقعد على ضفاف السين" عام 2016، حيث يروي حياة الأكاديميين الـ18 الذين سبقوه إلى الكرسي التاسع والعشرين (رقم مقعده في الأكاديمية الفرنسية) منذ عام 1635.
كما كتب معلوف نصوصاً للأوبرا، خصوصاً للمؤلفة الفنلندية كايا سارياهو. وقد أُنجزت إحدى هذه القصص الأوبرالية، بعنوان "L'Amour de loin" "الحب عن بعد" في مهرجان سالسبورغ سنة 2000.
وتحتل موضوعات المنفى والترحال والاختلاط الثقافي والهوية، موقعاً مركزياً في منشوراته المكتوبة بالفرنسية بلغة عميقة لا تخلو من المتعة السردية.
ففي كتاب في "Origines" "بدايات" سنة 2004، تحدّث معلوف عن شعوره بالالتزام تجاه أسلافه. وكتب أن المرء في بلده الأم يولد محباً للترحال ومتعدد اللغات. والعائلة هي التي تؤسس "الهوية الشتاتية" لأبناء جلدته الذين يتركون مثله لبنان ليشقوا طريقهم حول العالم.
الحنين إلى "المشرق"
ولد أمين في بيروت في 25 فبراير 1949، وهو ابن رشدي المعلوف، الصحافي والكاتب والمعلم والرسام والشاعر والشخصية اللامعة في العاصمة اللبنانية بين أربعينات القرن العشرين وثمانيناته.
وعلى خطى والده، خاض أمين معلوف غمار الصحافة بعد دراسات في الاقتصاد وعلم الاجتماع. ولمدة اثني عشر عاماً، عمل مراسلاً رئيسياً، وغطّى سقوط النظام الملكي في إثيوبيا ومعركة سايغون الأخيرة. وتولى بعدها إدارة "النهار العربي والدولي".
وفي عام 1975، شهد الاشتباكات الأولى إثر اندلاع الحرب اللبنانية، قبل أن يقرر هذا المثقف الإنساني المغادرة إلى فرنسا.
وقال أمين معلوف "لقد غادرتُ لبنان بعد عام من الحرب، لكنني لا أشعر بالذنب لأنه، في مرحلة معينة، كان عليّ اتخاذ قرار المغادرة من أجلي ومن أجل عائلتي".
وفي باريس، انضم إلى مجلة "Jeune Afrique" "جون أفريك" الأسبوعية التي أصبح رئيس تحريرها.
على خطى أدباء لبنانيين ناطقين بالفرنسية من أمثال شارل قرم وناديا تويني وصلاح ستيتية، يكتب أمين معلوف بأسلوب يمزج بين القوة والسلاسة بنفحة شرقية. لكنه يقول "إذا وجدوني في الغرب شرقياً، فإنهم في الشرق سيجدونني غربياً جداً!".
انتظر هذا الرجل المتحفظ المبتسم حتى عام 1993 ليستحضر لبنان في كتاب "صخرة طانيوس"، موضحاً "لم أبتعد يوماً عن لبنان، بل بلدي هو الذي ابتعد عني".
وقال عند عودته إلى بلده الأم عام 1993 بعد غياب استمر عشر سنوات "لا أحاول أن أعرف الى أي بلد أنتمي، فأنا أعيش هذه الجنسية المزدوجة، اللبنانية والفرنسية، بطريقة متناغمة".
في كتاب "Les Desorientes" "التائهون" سنة 2012، استرجع معلوف بحنين سنوات دراسته الجامعية، مستذكراً مناخ التعايش في أرضه الأمّ "المشرق" قبل الحرب.
وبحسب قوله، فقد "اختفت نوعية التعايش التي كانت موجودة بين المجتمعات المختلفة وما كان ينبغي أن تختفي أبداً، بل كان يجب أن تكون نذيراً للمستقبل، وهي اليوم تنتمي إلى الماضي".
ويوزع أمين معلوف، وهو أب لثلاثة أبناء، إقامته بين باريس وجزيرة يو في منطقة فانديه الفرنسية. وهو عمّ عازف الترومبيت إبراهيم معلوف.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أمین معلوف
إقرأ أيضاً:
إطلاق نداء عالمي لدعم الصليب الأحمر اللبناني
أطلق ألامين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر جاغان تشاباغين نداء الطوارئ الخاص بدعم استجابة الصليب الأحمر اللبناني خلال زيارة خاصة للبنان، موجها إلى كل الداعمين من الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في العالم وإلى الحكومات والمنظمات من أجل "مد يد المساعدة والمؤازرة، لكي يتمكن الصليب الأحمر اللبناني من القيام بمسؤولياته الإنسانية وفق التفويض الوطني المعطى له خلال الكوارث والأزمات".
وبموجب هذا النداء، "سيتم العمل من أجل حشد الموارد المالية لتأمين استمرار الأعمال التشغيلية والإغاثية من أجل إستجابة فاعلة لإنقاذ الأرواح والمحافظة على كرامة الإنسان، في ظلّ الأوضاع الراهنة التي يمر بها لبنان، وما تتطلبه هذه المرحلة من خدمات ملّحة يقوم بها الصليب الأحمر اللبناني تتعلق بالإسعاف والطوارئ وخدمات الدم ومشتقاته وخدمات طبية وأدوية ومساعدات أساسية كالغذاء والنظافة الشخصية والمياه وتوفير بيئة صحية آمنة للنازحين".
وقد اطلق تشاباغين النداء في مؤتمر عقد في المركز الرئيسي للصليب الأحمر اللبناني في بيروت "سبيرز"، شارك فيه عدد من السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في لبنان لكل من سويسرا، النروج، أوستراليا، إسبانيا، بريطانيا، هولندا، الدانمارك، ألمانيا وإيطاليا، شارك فيه كل من رئيس الصليب الأحمر اللبناني انطوان الزغبي ونائب الرئيس ورؤساء ومديري بعثات كل من الإتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر وعدد من ممثلي جمعيات الصليب الأحمرالشريكة.
استهل المؤتمر بكلمة ترحيبية للأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج الكتاني قال فيها: "الأزمة الحالية هي أزمة وطنية واسعة النطاق تستوجب جهوداً جبارة من أجل الإستجابة، وبالتالي مبالغ مالية لتغطيتها. فكان لابد من إعداد نداء عالمي من أجل البحث عن مصادر تمويل".
أضاف: "يشرفنا اليوم أن يطلق نداء الطوارئ للصليب الأحمر اللبناني جاغان تشاباغين الذي حضر شخصياً لإطلاق هذا النداء وليكون إلى جانب الجمعية الوطنية وسكان لبنان في هذه المحنة من أجل حشد الدعم لتوفيرالموارد المطلوبة".
ثم أطلق تشاباغين النداء، جاء فيه: "إن الحاجات الإنسانية في لبنان تتزايد يوما بعد يوم. والأموال التي سيتم جمعها من خلال هذا النداء ستسمح للصليب الأحمر اللبناني مواصلة برامجه الإنسانية المنقذة للحياة، كما ستسمح له الوصول إلى عدد أكبر من الأشخاص لتحقيق أكبر أثر ايجابي ممكن. إنّ الحاجات ملّحة. وأنا أحث الجهات المانحة المحتملة على بذل كل ما في وسعها للمساعدة والمساهمة بدعم إستجابة الصليب الأحمر اللبناني". (الوكالة الوطنية للإعلام)