ضيف الله الشامي
منذ المبادرة الخليجية التي أسقطت الدستور اليمني ومروراً بمؤتمر الحوار الوطني الذي حاول وضع دستور جديد، كانت كل قوة من القوى الداخلية والخارجية تحاول وضع الدستور بما يعزز قوتها ونفوذها، ولذلك حُكم عليه بالفشل منذ ولادته، وكان للإمارات- وباعتبارها عاصمة الموساد الإسرائيلي- السعي الأكبر للحصول على نصيب الأسد فيما يشرعَنُ لها ولسياساتها تجاه اليمن، وكانت استضافة اللجنة المكلفة بصياغة ذلك الدستور في دبي لأكثر من شهرين.
كل ذلك جعل اليمن مطمعاً لكل الطامعين ومثلت الأطماع السياسية في الداخل بؤرة للصراع مما دفع بكل قوة من القوى التي كانت في السلطة أو عاشقة لها باللجوء إلى طرف خارجي يسندها مالياً وسياسياً.
جاءت ثورة الـ٢١ من سبتمبر ٢٠١٤م الشعبية لمواجهة كل تلك المؤامرات وإسقاطها وقطع يد الوصاية والتبعية والارتهان وتغيير الواقع اليمني تغييراً جذرياً.
مثلت هذه الثورة الشعبية حجر عثرة كبرى أمام الطامعين وخونة البلاد في تحقيق أهدافهم، ولم تمض سوى أشهر عديدة شهدت تسارعاً كبيراً وحثيثاً في الإصلاحات المؤسسية رافقتها مؤامرات سياسية وضغوط دولية لإبقاء اليمن في دائرة الوصاية والتبعية، وعندما فشلت في ذلك توجهت لشن العدوان العسكري المباشر وكان لا بد من مواجهة هذا العدوان حيث توجهت القيادة والشعب إلى أولوية المواجهة للعدوان وتأجيل التغييرات الجذرية إلى الوقت المناسب.
عدوان التسع سنوات بحجمه وشراسته ، مثلت مواجهته تجربة رائدة في إدارة البلد رغم التكالب الكبير والحصار المفروض ، ونهب الثروة وتسليط الامبراطوريات العسكرية والاقتصادية والسياسية العالمية في مواجهة الشعب اليمني وقيادته الحرة، هذه التجربة صقلت الخبرات ، وأبرزت الاختلالات التي كانت تواجه البلد من السابق ، وكشفت عن الإعاقات التي تواجه اليمن للإرتقاء والنهوض وتقديم الخدمة للشعب ، وفرضت تغيير معنى المسؤولية في أنها خدمة للشعب وليست لاستغلاله كما كان سائدا.
الكثير من المراقبين الدوليين والمحللين العالميين وبعض السياسيين الداخليين المحبين لليمن كانوا يضعون فكرة إعلان قانون الطوارئ حلاً قوياً لمواجهة العوائق والإشكالات الداخلية، لكن الرؤية القرآنية الثاقبة للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي كانت حريصة على بناء الثقة بين الشعب والقيادة ومعالجة الأمور بالقيم والرؤية القرآنية والتربوية والدينية، فكانت القيم والأخلاقيات والعدل والإنصاف ومواجهة الطغيان والعزة والكرامة والاعتماد على الله وبالإمكانيات المتاحة، من أهم مرتكزات الحفاظ على مؤسسات الدولة وتماسكها والُّلحمة الوطنية لمواجهة العدوان.
اليوم وبعد انتصار الشعب عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً ومحاولة الأعداء إسقاط الثورة المباركة بالأساليب الباردة وتفخيخ الشعب من الداخل، كان لا بد من التحرك لاستكمال مبادئ وأهداف ثورة الـ٢١ من سبتمبر والتغييرات الجذرية التي تعتبر من أبرز أهداف هذه الثورة.
ولعل من أبرز عوامل الاختلاف والتباين والصراعات سواء على مستوى اليمن أو غيره من البلدان هي الدساتير الوضعية التي تشرعن الفرقة والاختلاف، وغالباً ما نجد مقدمة كل الدساتير في الدول الإسلامية تعتبر القرآن الكريم مصدراً للتشريع والدستور، لكن المضامين لتلك الدساتير بعيدة كل البعد عن روحية ومنهجية القرآن وتردد أغلب القوى عبارة (الله ربنا محمد نبينا والقرآن دستورنا) لكن الواقع مغاير لذلك.
ولذلك كان من أهم وأبرز التغييرات الجذرية التي أطلقها السيد القائد في خطاب المولد النبوي الشريف للعام ١٤٤٥هـ هي اعتماد دستورية القرآن الكريم للشعب اليمني والذي يمثل الأرضية الصلبة التي لا يختلف عليها اثنان والمنطلق نحو التغيير القائم على أساس العدل والهوية الإيمانية والشراكة العامة والمعايير القرآنية للمسؤولية، ومثل التفويض الشعبي للسيد القائد من كل المحافظات اليمنية ومن كل تلك الحشود المليونية أكبر استفتاء دستوري شعبي في التاريخ، وهذا من أبرز عوامل التغيير وأسرعها واستنادها لرغبة الشعب.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
قصف رأس عيسى جريمة أمريكية بشعة واستهداف للشعب اليمني لن يسكت عنه
أقدم العدو الأمريكي المجرم مساء يوم الجمعة على ارتكاب جريمة حرب كبرى في حق اليمن الصامد استهدف فيها الشعب اليمني كله بقصفه لميناء رأس عيسى النفطي وبهدف قطع تدفق المحروقات إليه وإمعان وقصد متعمد في تشديد الحصار ومضاعفة آثاره الكارثية على الشعب اليمني..
استهدافه للميناء تم بـ ١٥ غارة وحشية في لحظة ذروة العمل فيه أثناء تواجد سفينة محملة بالغاز المنزلي تفرغ حمولتها إلى عشرات من ناقلات الغاز بشكل مباشر مما ضاعف من كارثية القصف والضحايا، ثم أعاد قصفه الإجرامي مرة أخرى بعدة غارات مستهدفا فرق الإسعاف، ولمن وصل من فرق إسعاف أخرى وفرق من الدفاع المدني لإخماد الحرائق.
لقد تعمد العدو الأمريكي قصف الميناء في لحظة تواجد العشرات من العمال والموظفين وسائقي الناقلات مخلفا مجزرة بشعة سقط على إثرها أكثر من ٧٦ شهيدا اغلبهم تفحمت جثثهم و١٧١ جريحا جراح عدد منهم خطيرة ما يعني احتمال زيادة عدد الشهداء.
وإذا كان عدوانه الغاشم على اليمن يعد خرقا للقانون الدولي فإن هذه الجريمة البشعة وما سبقتها من جرائم حرب مضاعفة من الدرجة الأولى، كون العدو الأمريكي استهدف منشأة مدنية ١٠٠% يجرم القانون الدولي قصفها ويصنفها جريمة حرب متكاملة الأركان وفي لحظة ذروة العمل فيها، وهذا ليس بغريب على نظام دموي وحشي إرهابي يحيا على إراقة الدماء البريئة، ويقتات على جماجم الشعوب منذ اللحظات الأولى لنشأته وحتى اليوم وقد أقر العدو الأمريكي ببيان عسكري ارتكابه لهذه الجريمة واستهدافه لمنشأة مدنية لا عسكرية تخدم ٨٠% من أبناء الشعب اليمني مكذبا ادعاءه وتضليله أنه لا يستهدف الشعب اليمني في عدوانه الغاشم، ومبررا بأن الهدف من جريمته البشعة هو قطع مصدر التمويل غير القانوني للحوثيين حد تعبيره، وهذه ذريعة واهية لا يقبلها عقل إنسان.
إن هذه الجريمة وما سبقها إنما تعكس فشل العدو الأمريكي الذريع وتخبطه الواضح الناتج عن عجزه عن تحقيق أدنى هدف من أهداف عدوانه الإجرامي، وترجمة لنجاح اليمن في كسر هيبته وتحطيم قوة ردعه وإثبات هشاشتها وهو ما يزيد من فضيحته أمام العالم
وتعد تصعيدا خطيرا للعدو الأمريكي ستكون لها تداعيات خطيرة على حركة الملاحة وتجارة النفط، وستكون دليلا أمام العالم على أن التواجد العسكري الأمريكي هو التهديد الحقيقي والخطر الكبير على الملاحة في البحر الأحمر وستقابل بتصعيد أقوى من قبل الشعب اليمني قيادة وجيشا وشعبا ضد العدو الأمريكي، وستؤدي إلى توسيع دائرة الحرب والأهداف، ولا يستبعد أن تسفر عن توقيف الملاحة في البحر الأحمر إلى أجل غير مسمى، وهذه ما يجب أن تدركه دول العالم وتتلافاه بالتحرك ضد عسكرة البحر الأحمر أمريكيا حماية للمصالح الأمريكية، فالدول ستتضرر جميعا في حال توقفت ملاحة سفن النفط بسبب هذ التواجد العدواني الذي ينتهك القانون الدولي ويعد خرقا للمعاهدات الدولية، ودعما سافراً للعدو الإسرائيلي لتمكينه من الاستمرار في ارتكاب جرائم حرب الإبادة العرقية لأبناء غزة.
وعلى العدو الأمريكي أن يدرك جيدا أن هذه الجريمة الكبرى والمجزرة الدامية لا يمكن أن تثني الشعب اليمني أو تزحزحه عن موقفه القانوني والإنساني بل يزيده اصرارا وعزما على مواصلة إسناده لغزة ونصرة أبناء غزة، وعليه أن يأخذ رسائل الشعب اليمني من ساحات الجهاد عصر يوم الجمعة بجدية، فهي انعكاس لشعب لا يقبل تهديد ولا يركع إلا لله سبحانه وتعالى.