حصلت بسببها على الجنسية|رحيل نجاح سلام "عاشقة مصر".. وهذه حكاية أغنية «يا أغلى اسم في الوجود»
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
في لحظة حزن عميقة، فقدنا أمس إحدى أعظم الأصوات الفنية في العالم العربي، الفنانة اللبنانية نجاح سلام.
وأسرت نجاح سلام قلوب الملايين بصوتها الرائع وأغانيها العذبة على مدى عقود. وعن عمر ناهز 92 عامًا، رحلت هذه العملاقة الفنية، لتترك خلفها إرثًا فنيًا لا يُضاهى. وفي هذا التقرير، سنلقي نظرة على حياة وإنجازات هذه الفنانة الاستثنائية وكيف أثرت في العالم العربي ومصر.
بدايتها الفنية
ولدت الفنانة نجاح سلام في لبنان عام 1931، وبدأت مسيرتها الفنية في فترة الخمسينات. ومنذ البداية، أبدعت نجاح في فنون الغناء والأداء بطريقة استثنائية. واشتهرت بأداء الأغاني الوطنية والرومانسية بصوتها الذي يجمع بين القوة والعذوبة.
أغنية "يا أغلى اسم في الوجود يا مصر"
ومن بين الأغاني التي لا تزال عالقة في ذهن محبي الفن العربي، أغنية "يا أغلى اسم في الوجود يا مصر". هذه الأغنية الرائعة تعبّر عن حب نجاح سلام العميق لمصر وشعبها. وتميزت هذه الأغنية بكلماتها الجميلة ولحنها العاطفي، وكانت رمزًا للوحدة والانتماء العربي.
إسهامها في الفن الوطنيالفنانة نجاح سلام لم تقتصر على الغناء في لبنان فقط، بل أدت أيضًا العديد من الأغاني الوطنية لمختلف البلدان العربية. وكانت دائمًا تسعى لنقل رسالة إيجابية من خلال فنها، وكان لها دور كبير في تعزيز الوعي الوطني والثقافي في العالم العربي.
إرثها الفني
وعلى مدى عقود من الزمن، تركت الفنانة نجاح سلام بصماتها العميقة في عالم الفن. واستمرت في تقديم الألبومات والأغاني الرائعة التي تستمر في جذب الجماهير. وإرثها الفني سيظل حيًا دائمًا وسيستمر في إلهام الأجيال الصاعدة من الفنانين.
تكريمها من قبل مصر
ولم تكن علاقة الفنانة نجاح سلام بمصر مقتصرة على الغناء فقط. وفي عام 1956، خلال العدوان الثلاثي على القاهرة، قدمت نجاح أداءً استثنائيًا لأغنيتها الشهيرة "يا أغلى اسم في الوجود يا مصر"، وهذا الأداء أثر بشكل كبير على الشارع المصري. وتم تكريمها بالجنسية المصرية، وأصبحت جزءًا من تاريخ مصر وإرثها الثقافي.
عاشقة مصر
ونجحت الفنانة نجاح سلام في نيل لقب "عاشقة مصر" بجدارة. كانت محبة لمصر ولأم كلثوم بشكل خاص. وفي إحدى المرات، كشفت نجاح سر عشقها لأم كلثوم قائلة: "مكنتش بفكر إلا في الفن وسنة 1949 والدي قالي لو نجحتي هاخدك مصر، وكنت مبسوطة من حبي في أم كلثوم وكنت مفكرة إني هنزل وأشوفها في القاهرة، وأول حاجة عملتها روحت وقفت جنب بيتها وقولت يارب يخليها لمصر".
فقدنا نجاح سلام فنانة استثنائية تركت أثرًا عميقًا في عالم الفن العربي. بصوتها وأغانيها، استطاعت أن تترك بصمة لا تُمحى، وستظل ذكراها وإرثها حيةً دائمًا. إن رحيلها هو خسارة كبيرة للفن العربي، ولكن إرثها سيبقى حيًا لتلهم الأجيال الجديدة من الفنانين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نجاح سلام مصر الفن الوطني الجنسية المصرية العالم العربى القاهرة ام كلثوم أغلى اسم فی الوجود الفنانة نجاح سلام
إقرأ أيضاً:
ساكو الأخير.. حكاية الذهب اليدوي في عنجر اللبنانية
بيروت- "الأرمن ذهب لبنان"، هكذا يختصر ساكو شانكيان، أحد آخر الحرفيين الأرمن، علاقته بحرفة صياغة الذهب اليدوي، التي تحتضر ببطء في لبنان، كما هي الحال في العالم أجمع.
هذه المهنة التي كانت ركيزة اقتصادية وثقافية لجالية أرمنية عريقة، تنزوي اليوم تحت وطأة آلات المصانع الحديثة، التي تنتج آلاف القطع في ساعات، لكنها تفتقر إلى "الروح"، على حدّ تعبيره.
من حلب إلى عنجروترتبط علاقة الأرمن بحرفة صياغة الذهب يدويا بتاريخ نزوحهم الكبير من تركيا إلى لبنان عام 1920. يومها، حملوا معهم أدواتهم ومهاراتهم وأسّسوا نواة لقطاع اقتصادي مهم في بيروت، بلغ ذروته في ستينيات القرن الماضي بسوق الذهب الملاصق لساحة الشهداء، الذي تحوّل إلى مقصد للسياح العرب والأجانب، حتى في أوج الحرب اللبنانية.
يستعيد ساكو ذكرياته قائلا إنّه تتلمذ على يد دانكستو هانكسيان وريج دارنبايان في أربعينات القرن الماضي، وكانا أول من أنشأ ورشا لصياغة الذهب يدويا في الأشرفية والدورة، قبل أن تنتقل لاحقا إلى برج حمود.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت: "توسّعت المهنة مع قدوم آل بوغوصيان من حلب، وازدهرت بسرعة في عنجر ضمن التجمعات الأرمنية".
إعلان بين التكنولوجيا والشغف.. الحرفة في مهبّ الريحلكن ذلك العصر الذهبي بات من الماضي. "لم يبقَ من الحرفيين اليدويين إلا قلة قليلة"، يقول ساكو بأسى. ويشرح أن السوق اللبناني بات يعجّ بذهب مستورد من تايوان والصين، في حين تنتج نحو 400 ورشة حديثة آلاف القطع يوميا، مما دفع بحرفته نحو التراجع الكبير: "كنت أُصنّع أو أرمم 20 كيلو سنويا، أما اليوم فلا أُنجز أكثر من كيلوين".
ويمتد الوجود الأرمني في لبنان لأكثر من 3 قرون، لكن الموجة الأكبر من النزوح كانت بين عامي 1916 و1939. واليوم، يتراوح عدد الأرمن اللبنانيين بين 150 و160 ألفا، يشغل بعضهم مناصب سياسية، ويتمسكون بلغتهم وهويتهم وحرفهم، وعلى رأسها صياغة الذهب. فهل هناك جيل جديد يحمل الشعلة؟
يؤكّد ميكيل شانكيان (نجل ساكو) أنّه يتعلّم أسرار المهنة من والده، ويعمل على تطوير مهاراته لإحياء هذا التراث: "أؤمن بوجود زبائن يقدّرون الخاتم أو العقد المصنوع يدويا، لأنه يحمل فنا راقيا وجودة عالية، ويُكمل شخصية من يرتديه".
رغم اعترافه بصعوبة مواجهة التكنولوجيا الحديثة، يشير شانكيان إلى أنّ ارتفاع سعر كيلو الذهب إلى 100 ألف دولار يمثل عائقا كبيرا، يُضاف إلى اكتساح المعامل الكبرى للسوق. لكنه يصرّ على الاستمرار: "أنا مُصر على المواجهة كي أرضي ضميري، وأحافظ على ريادة أهالي عنجر في هذا المجال".
ماذا يقول خبراء السوق؟يشير هادي جبارة، خبير تصنيع الذهب وتقييم الألماس، إلى أن العثور على حرفيين يدويين أصبح أمرا نادرا: "نواجه صعوبة في تلبية طلبات بعض الزبائن، خاصة المغتربين وهواة القطع الفريدة".
ويضيف للجزيرة نت "نحن في زمن التكنولوجيا الحديثة، يجب أن نكون واقعيين. السوق اللبناني يعتمد كليا تقريبا على إنتاج المعامل الحديثة، التي يديرها محترفون معظمهم من الأرمن".
إعلانويلفت جبارة إلى أن القطاع يشهد نموا كبيرا داخليا، بسبب لجوء اللبنانيين إلى الذهب كملاذ آمن في ظل الأزمة الاقتصادية، ويضيف: "لامس حجم التصدير إلى الخارج 90% من الكميات المصنعة محليا أو المعاد تصديرها".
لكن رغم هذا النمو، فإن جبارة يعترف بأن المنتج الآلي لا يضاهي في قيمته الفنية القطع المصنوعة يدويا: "الآلات تنتج ألف خاتم مرصع بالألماس خلال ساعات، لكن السوق لا ينتظر أحدا".
ويبقى السؤال مطروحا: هل تُنقذ الدولة اللبنانية، أو حتى مؤسسات المجتمع الأرمني، هذه الحرفة قبل أن تندثر؟ وهل يجد الجيل الجديد ما يكفي من الشغف والدعم ليواصل طريق ساكو، آخر الحرفيين في عنجر؟