بغداد اليوم- بغداد

"النيران كانت تنزل على الأرض كالمطر" يصف أحد الناجين مشاهداته للحريق الذي طال حفل زفاف في بلدة قرقوش (بغديدا) في قضاء الحمدانية شرق مدينة شمالي العراق، الثلاثاء الماضي، وراح ضحيته حتى اللحظة نحو مئة شخص تفحمت جثثهم أو قضوا اختناقا نتيجة كثافة الدخان.

تحدثت آخر حصيلة غير نهائية نشرتها السلطات العراقية أن مئة شخص على الأقل لقوا مصرعهم وأصيب 150 آخرون بجروح، فيما يتحدث شهود عيان أن العدد قابل للزيادة نتيجة استمرار سقوط ضحايا من المصابين وكذلك لوجود عدد من المفقودين.

في مساء اليوم المشؤوم وصل عامر أنطو ميخو، البالغ من العمر 58 عاما، إلى قاعة "ابن الهيثم" للأعراس مبكرا، مع عائلته المكونة من زوجته وولديه وابنته وزوجة ابنه وحفيدين اثنين.

"لحظة فارقة"

تمكن ميخو من الجلوس في مكان قريب جدا من منتصف القاعة، حيث بدأ الحريق، لكن أحد أبنائه تأخر قليلا ولم يجد مكانا حيث كانت تجلس عائلته.

لعبت الصدفة دورا مهما في بقاء أفراد العائلة على قيد الحياة وفقا لميخو، الذي روى ما حدث في ليلة الزفاف وكيف تمكن من النجاة.

عندما لم يجد الابن مكانا مع عائلته طلب منهم تغيير الطاولة إلى واحدة قريبة من المدخل الرئيسي حيث كانت هناك العديد من الأماكن الشاغرة.

وبالفعل استجاب ميخو لطلب ولده وكانت هذه اللحظة الفارقة التي ساهمت في نجاتهم جميعا.

يقول ميخو إنه "وبحلول حوالي الساعة العاشرة و45 دقيقة مساء بالتوقيت المحلي، وعندما كان العريسان يرقصان، انطلقت الألعاب النارية داخل القاعة وكنت أرى من بعيد ما يحصل بأم عيني".


"لم تمر سوى ثواني معدودة حتى وصلت شرارة من الألعاب النارية إلى السقف، وبلمح البصر اشتعلت النيران في الأعلى بسرعة كما يحصل عندما يشتعل البنزين".

وتابع ميخو "في البداية لم يهرب أحد من الحاضرين، وظنوا أن ما يجري هو جزء من عرض الألعاب النارية.. لكن عندما بدأت النيران تنزل على الأرض مثل المطر واحترق السقف بالكامل خلال أقل من 10 ثواني، خرجت أنا وزوجتي وابني وبعدها باقي أفراد الأسرة".

وأظهر مقطع مصور للحادث، نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي اشتعال النار فجأة في ديكور السقف المضيء للقاعة الذي أتت عليه النيران، وسرعان ما تحولت بهجة العرس إلى ذعر.

وثقت كاميرا أحد الحضور في قاعة الحفلات في نينوى بالعراق، التي أتت عليها النيران وأوقعت مئات الضحايا، اللحظات الأولى التي اندلعت فيها ألسنة النيران من إحدى الطاولات لثريا ضخمة تتوسط القاعة.

كذلك أظهر مقطع آخر العروسين يرقصان معا بملابس الزفاف عندما بدأت مواد مشتعلة تسقط من السقف على الأرض.

كان في القاعة التي لم تكن مستوفية لشروط السلامة نحو 900 مدعوّ لحظة وقوع الحريق، وفق وزارة الداخلية.

نقص في أنظمة السلامة

يقول ميخو إنه وعائلته كانوا من أوائل الهاربين، "وبمجرد الخروج رأيت النار تشتعل فوق القاعة، وخلال أقل من دقيقة انتشر في كل مكان وفي نحو أربع دقائق كانت النيران تلتهم القاعة بالكامل".

لم يلحظ ميخو وجود سوى مطفأة واحدة ونظام ذاتي واحد لرش المياه عند الحرائق داخل القاعة، لكنه قال إنه لم يعمل ساعة الحادث".

بالإضافة لذلك يشير ميخو إلى أن القاعة كانت تحتوي على مدخل رئيسي ومخرج طوارئ بالقرب منه فضلا عن باب صغير يؤدي للخارج وآخر يمر عبر المطبخ.

وتابع "خرج البعض من المخرج الخلفي ومن المطبخ، لكن البعض اشتبه بين باب المطبخ ومدخل الحمامات نتيجة الظلام الدامس وانطفاء الكهرباء، فدخل الكثيرون هناك وظلوا محتجزين لفترة حتى ماتوا اختناقا".

بالإضافة إلى النقص في عدد مخارج الطوارئ، قال الدفاع المدني العراقي إن "معلومات أولية" تشير إلى أن سبب الحريق هو "استخدام الألعاب النارية أثناء حفل الزفاف" ممّا أدى إلى "اشتعال النيران داخل القاعة بادئ الأمر"، فضلاً عن استخدام مواد بناء "سريعة الاشتعال" و"مخالفة لتعليمات السلامة" المنصوص عليها قانونا، ما أسهم في زيادة شدة الحريق.

وأوقفت السلطات العراقية 14 شخصا "بينهم 10 عمال وصاحب القاعة و3 متورطين بإشعال الألعاب النارية خلال الحادث"، وفق وزارة الداخلية.

صباح أمس الخميس، زار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مستشفيين في المنطقة حيث يرقد المصابون الناجون وتعهد بـ"إنزال أقصى العقوبات" بحق المسؤولين عن المأساة.


خلال زيارته مطرانية مار بهنام وسارة في قضاء الحمدانية (بغديدا) بمحافظة نينوى، وتقديم العزاء لأسر ضحايا الحادث الأليم .... رئيس مجلس الوزراء @mohamedshia:

?أتقدم باسم الحكومة وجميع العراقيين بخالص التعازي والمواساة والتضامن مع أبناء شعبنا في قضاء الحمدانية، على إثر الحادث… pic.twitter.com/zA13jso8sx

— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء ?? (@IraqiPMO) September 28, 2023

ينأى الكثيرون باللائمة على الفساد والإهمال وجشع المسؤولين عن القاعة وكذلك تراخي الإجراءات الحكومية المتعلقة بمتابعة سلامة الأماكن التي تشهد تجمعات كبيرة.

يقول أحد سكان قرقوش، طالبا عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام، إن التقصير يبدأ من يوم إنشاء القاعة وليس من يوم الحادث.

ويضيف أن "بناءها كان خاطئا وعلى أرض متجاوزة، كما أنها لم تكن تحتوي على أية إجراءات سلامة من مرشات الماء الى مطافئ الحريق".

ويتابع أنه حضر في السابق مناسبة في القاعة ذاتها وكانت مكتظة بالحاضرين، حيث لاحظ أنها تحتوي "على مخرج طوارئ واحد من دون وجود أية علامة تشير له".

وقال الدفاع المدني إن القاعة كانت "مغلفة بألواح الإيكوبوند" وهي مادة للبناء مكونة من الألمنيوم والبلاستيك و"سريعة الاشتعال"، موضحا أن استخدام هذه الألواح في البناء "مخالف لتعلميات السلامة" المنصوص عليها قانونا.

"ما جرى كان مرعبا"

تؤكد مصادر في قرقوش أن العروسين نجيا من الحريق، لكنهما مع ذلك فقدا الكثير من أفراد أسرتيهما.


وحتى الآن لا يزال العديد من أهالي المدينة المكلومة يتجمعون أمام بناية الطب العدلي لمعرفة مصير أحبائهم.

وبحسب شاهد عيان تحدثوا" فإن أعداد الضحايا مرشحة للارتفاع "هناك أناس مفقودون لا يعرف مصيرهم هل هم أحياء أم موتى".

ويضيف الشاهد الذي طلب عدم الكشف عن هويته أنه "حتى دفن الآن ما يقرب من 55 شخصا وهناك نحو 60 جثة لا تزال في الطب العدلي".

ويتابع أن "الوفيات مستمرة، اليوم وأمس توفي نحو 7 أشخاص متأثرين بالحروق، وكذلك هناك عدد من الأشخاص توفوا نتيجة الصدمة بعد أن فقدوا معظم أفراد أسرتهم في الحريق".


على وقع الخوف والهلع، حصل تدافع بين المشاركين في حفل الزفاف ولم ينجح كثر منهم من الهرب في الوقت المناسب، خصوصا بسبب النقص بعدد مخارج الطوارئ. 

ظلت النيران مشتعلة لفترة، حيث يؤكد شهود عيان أن رجال الإطفاء وصلوا بعد 30 دقيقة من بدء اندلاع الحريق.


يقول ميخو إن "البعض ممن كانوا يمتلكون بنية جسمانية ضعيفة تمكنوا من استخدام فتحات تهوية صغيرة جدا موجودة في المكان من أجل الهرب.. ما جرى كان مرعبا".

المصدر: بغداد اليوم + الحرة

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الألعاب الناریة

إقرأ أيضاً:

فيديو.. أسرى محررون يروون ثلاثية التعذيب والتجويع الإذلال

غزة- باكيا بحرقة، يقول الفلسطيني مصطفى دلّول الذي أفرجت عنه إسرائيل أمس السبت إن سلطات السجون الإسرائيلية لم تكن تعاملهم كبشر، وكانت تصبّ عليهم شتى أنواع العذاب.

ويعدد دلّول في حديثه للجزيرة نت بعد دقائق من وصوله إلى المستشفى الأوروبي بجنوب قطاع غزة، قادما في حافلة برفقة أكثر من 300 معتقل فلسطيني، أنواع التعذيب الذي تمارسه سلطات الاحتلال بين "التعذيب الجسدي، والنفسي، والتجويع، والإذلال".

وقال دلول منتحبا وقد غصّ بدمعه "لا يعدّوننا بشرا، كل ما تشتهي عينك من التعذيب يمارسونه بحقنا.. جوع.. غلط (إهانات)، لا تسل عن العذاب".

وبينما كان يحرك ذراعيه بعصبية وتوتر، طالب المعتقل المُحرر الذي قضى 175 يوما في السجن بالعمل على تحرير بقية الاسرى لأنهم "يتعرضون للتعذيب الشديد".

وأفرجت إسرائيل أمس السبت عن 36 فلسطينيا محكوما بالمؤبد، بالإضافة إلى 333 معتقلا ممن اختطفتهم من داخل قطاع غزة خلال حربها التي بدأتها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد إفراج كتائب القسام عن 3 أسرى إسرائيليين، حسب ما ينص اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين.

الأسير المحرر في الدفعة السادسة من صفقات التبادل مصطفى دلول (الجزيرة) حتى آخر لحظة

وأجبرت سلطات الاحتلال المعتقلين على ارتداء ملابس كُتب عليها "لا ننسى ولا نغفر"، وطُبع عليها نجمة داود (شعار الدولة) وشعار مصلحة السجون الإسرائيلية. وذكر المحررون أن سلطات الاحتلال أجبرتهم على لبسها قبل الإفراج عنهم بنحو نصف ساعة.

إعلان

وعقب إرغامهم على ارتداء تلك القمصان، التقطت مصلحة السجون صورا لهم وُصفت بالمهينة، بعدما أُجبر الأسرى على الجثو على ركبهم وإنزال رؤوسهم للأسفل، في حين صُورت لقطات أخرى داخل ساحة أحد السجون الإسرائيلية حيث كان الأسرى يصطفون في طوابير ومحاطين بأسلاك شائكة.

لكنّ المعتقلين الفلسطينيين قاموا بخلع هذه الملابس فور وصولهم إلى المستشفى الأوروبي داخل القطاع، والدوس عليها، قبل حرقها.

تيسير المدهون قضى عاما كاملا من الجوع في سجون الاحتلال (الجزيرة)

ويُقدم الأسير المحرر تيسير المدهون شرحا إضافيا لما يتعرض له المعتقلون فيوضح أن سلطات السجون توقظهم عند الساعة الرابعة فجرا، وتُجبرهم على الوقوف في طابور مطأطئي الرؤوس، وفي الساعة 12 ظهرا يتم إجبارهم على الوقوف في طابور جديد وتُجبرهم بعد الظهر على الجلوس 4 ساعات على رُكبهم.

ثم يتطرق المدهون إلى مسألة التجويع، فيقول إنه قضى عاما كاملا لم يذق فيه طعم "الشبع"، كما كان يعاني المعتقل الفلسطيني من البرد الشديد، إذ تزود سلطات السجون السجين ببطانية واحدة فقط.

ورغم ما عاناه المدهون، فإنه يختم حديثه بالقول إنهم صامدون مهما فعل بهم الاحتلال.

المحرر إبراهيم غبن: كنا أمواتا والله أحيانا (الجزيرة) "الله أحيانا"

أما الأسير المحرر ابراهيم غَبن، الذي قضى 70 يوما في الأسر الإسرائيلي، فلم يجد أفضل من جملة "كنا أمواتا والله أحيانا" للتعبير عما قضاه من ويلات داخل السجن. وقال بينما كان يحتضن ابنته "معاناة كبيرة، كنا في موت، كنا في تعذيب..".

ويتطرق غبن إلى سياسة التجويع التي تمارسها سلطات السجون بحق المعتقلين؛ فيؤكد أنهم طوال اعتقالهم لم يأكلوا وجبة مُشبعة. ويكمل "لم نكن نعرف الشبع، كنا في مجاعة".

وكان المعتقلون، بحسب غبن، لا يشبعون من النوم، إذ يحرص السجانون على إيقاظهم مبكرا، وقصره على ساعات قليلة. ويشير كذلك إلى تعمد الاحتلال إذلال الأسرى وإهانتهم بشكل دائم.

إعلان

وفي السياق ذاته، يشير المهندس محمد طومان، الذي قضى عاما كاملا في الاعتقال، إلى السلوكيات الإسرائيلية نفسها الممارسة بحق الأسرى من تعذيب وإذلال وتجويع. ويقول عقب الإفراج عنه بعد قضائه سنة كاملة "شتائم، تعذيب جسدي.. إهانات، قلة علاج.. قلة أكل.. وكل ما تتصوره موجود بالاعتقال".

ويختم "دولة اسرائيل ليست إنسانية.. بل دولة حرب.. ودولة نازية".

محمد طومان تحدث عن قلة العلاج والتعذيب المتواصل (الجزيرة) إذلال يومي

بدوره، يقدم ماجد المشهراوي شهادة إضافية لما يتعرض له الأسرى داخل السجون فيقول "كنا نعيش في قهر يومي.. إذلال يومي.. جوع يومي.. خلال سنة وشهرين لم أذق طعم الشبع على الإطلاق.. ننام على جوع ونصحو على جوع.. ونصحو على ضرب ونقوم على ضرب".

ويتابع "تعرضنا لأعتى أنواع الذل والمعاناة والجوع والبرد والضرب المبرح والتعذيب الشديد". واتهم المشهراوي سجاني الاحتلال بأنهم "خارج إطار البشرية.. مجرمون قتلة".

وبعد أن داس على القميص الذي أجبرته سلطات الاحتلال على لبسه، وكتبت عليه "لا ننسى ولا نغفر"، قال المعتقل المحرر محمود سالم "نحن الذين لن ننسى ولن نغفر". وأضاف "هذه هي إسرائيل تحت أقدامنا، ولن نركع وستظل رؤوسنا مرتفعة.. تعيش المقاومة وتحيا المقاومة".

وذكر سالم أن السجانين أجبروهم على ارتداء الملابس قبل نصف ساعة من الإفراج عنهم. وتطرق كزملائه إلى ما تعرض له من التعذيب، مشيرا إلى آثار القيود الإسرائيلية التي ما زالت مرسومة على معصميه.

مقالات مشابهة

  • الدفاع المدني تحذر من عدم صيانة أنظمة الوقاية والحماية من الحريق
  • فيديو.. أسرى محررون يروون ثلاثية التعذيب والتجويع الإذلال
  • المستقبل - الجنوب في الذكرى الأربعين لتحرير صيدا: علامة فارقة في تاريخ المدينة
  • فاجعة في الأردن.. وفاة عائلة كاملة اختناقاً بغاز مدفأة
  • “سرايا القدس” تنشر مشاهد لأسير لحظة تسلمه قرار الإفراج عنه
  • ناجون من سجن صيدنايا يؤسسون رابطة معتقلي الثورة السورية
  • نشرة المرأة والمنوعات .. هذه الطريقة والوقت المناسب لتناول القهوة .. لحظة مرعبة لأب يشاهد حوتا يبتلع ابنه بالكامل
  • لحظة مرعبة في مياه تشيلي.. حوت يبتلع شابًا ثم يلفظه سليمًا
  • وسائل إعلام مصرية: مصر وقطر نجحتا في تذليل العقبات التي كانت تواجه استكمال تنفيذ وقف إطلاق النار
  • لحظة مرعبة لأب يشاهد حوتا يبتلع ابنه بالكامل