تخريمات وتبريمات حول الحل والبديل
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
الحل شِنُو؟...
و البديل منو؟...
سؤالان تقليديان توارثتهما الشعوب السودانية عبر العقود ، و تكثر العودة إليهما و ترديدهما كلما أصبحت الأزمات و الفشل و العجز و الإحباط و ملاحقهم واقعاً يعشعش/يقيم/يستوطن البادية السودانية و الحضر ، و يزداد الإستخدام وتيرةً كلما إدلهمت الخطوب و تعقدت و سآءت الأمور السياسية/الإقتصادية/الإجتماعية في بلاد السودان و جَاطَت ، و يتحول الإستخدام إلى إستنكار و أقرب إلى السخرية من السآئل/السآئلين إذا ما تَخَرمَجَت الأمور و تَلَولَوَت و تَتَلتَلَت.
حاشية:
الفعل تَخَرمَجَ يعني عدم الإنتظام ، أما الفعلين تَلَولَوَ و تَتَلتَلَ فهما مشتقان من اللَّولَوَة و التَّلتَلَة و تفيدان التعقيد المركب و الصعب...
و السؤلان مرتبطان إرتباطاً وثيقاً و مكملان لبعضهما البعض و لا ينفصلان ، و الشاهد هو أن أصل/منبت السؤالين و جذورهما في بؤرة/تربة العجز و الفشل الحآد و المزمن الذي لازم الشعوب السودانية من النخب و الذين من دونهم منذ ميلاد الدولة السودانية المعاصرة ، و الحقيقة هي أن الشعوب السودانية قد عجزت تماماً عن إدارة الدولة السودانية بما يحقق العدالة و السلام و الإستقرار و يقود إلى البنآء و التنمية و من ثم مجتمعات الإنتاج و الكفاية و الرفاه ، و قد ذكرت المصادر العديدة و المؤرخون و المراقبون الكثر أن أمر العجز و الفشل السوداني قد سبق نيل بلاد السودان إستقلالها من المستعمر (الإحتلال) البريطاني ، و أنهما ، العجز و الفشل ، ما زالا يستوطان بلاد السودان إلى يومنا الماثل أمامنا هذا: حرباً و موتاً و دماراً و خراباً و نِقَةً في الفاضي و كمان محاصصات...
و يتجاهل/يجهل الكثير من السودانيين ، أو ربما أنهم لا يعلمون ، أن الحل و البديل لا يأتيان من فراغ ، و أن لا بدَ و لا مناصَ من أن يأتيا من قِبَلِهِم و بتدابيرهم/تدبيراتهم و مبادارتهم الذاتية أي بإيديهم و شديدهم ، و أن من الأفضل أن لا يأتيا بيد/بدبابة العسكري!!! ، فقد أثبتت التجارب أن العسكري و من قَبْلَهُ من الزملآء/الرفاق/الجماعة لا يأتي منهم فايدة أو خير أبداً!!!...
و يعتقد الكثير من السودانيون أن ما يجري و يحدث لهم و لبلادهم من فشل و إخفاقات هو قدرٌ مسطرٌ و مكتوبٌ ، و يستترون في إعتقادهم/عجزهم ذلك خلف ذريعة الإيمان بقضآء الله و قدره:
{ قُل لَّن یُصِیبَنَاۤ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ }
[سُورَةُ التَّوۡبَةِ: ٥١]
و أن من كُتِبَت عليه خطىً ، في اللوح المحفوظ ، مشاها ، و هذا صحيح ، لكن يبدوا أن كثير من السودانيين لا يعلمون ، أو أنهم حقاً يجهلون بعمدٍ أو بغيرِ عمدٍ ، أن القضآء لا يتم إعتباطاً ، و أنه و كيما يتحقق القضآء و يكون فلابد من أن تكتمل عناصر و أسباب/شروط الأقدار التي خلقها و أوجدها الله الخالق العزيز الحكيم ، و أن إكتمال عناصر الأقدار و المسببات/الشروط لا تتم و تكون إلا في وجود ملكة العقل و ممارسة تمارين التفكر و التدبر و الإدراك و التي هي من الأليات الأساسية لتفعيل قدرات/هبات الإرادة و الإختيار فيما أوجد الله سبحانه و تعالى للإنسان من نعم لا تعد و لا تحصى...
و هكذا فإن للإنسان مطلق الحرية في إستخدام ما وهبه له الله الخالق العظيم من مساحات الإرادة و الإختيار و ما زوده به من العلم و المعرفة و ملكة العقل و الإدراك:
{ وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَاۤءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِی بِأَسۡمَاۤءِ هَـٰۤؤُلَاۤءِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٣١]
{ وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِنِّی خَـٰلِقُۢ بَشَرࣰا مِّن صَلۡصَـٰلࣲ مِّنۡ حَمَإࣲ مَّسۡنُونࣲ (٢٨) فَإِذَا سَوَّیۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِیهِ مِن رُّوحِی فَقَعُوا۟ لَهُۥ سَـٰجِدِینَ (٢٩) }
[سُورَةُ الحِجۡرِ: ٢٨-٢٩]
{ إِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِنِّی خَـٰلِقُۢ بَشَرࣰا مِّن طِینࣲ (٧١) فَإِذَا سَوَّیۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِیهِ مِن رُّوحِی فَقَعُوا۟ لَهُۥ سَـٰجِدِینَ (٧٢) }
[سُورَةُ صٓ: ٧١-٧٢]
كما أنه يملك حق الإرادة و الإختيار في تعطيل تلك الهبات الإلهية و الملكات:
{ وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبࣱ لَّا یَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡیُنࣱ لَّا یُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانࣱ لَّا یَسۡمَعُونَ بِهَاۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَٱلۡأَنۡعَـٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡغَـٰفِلُونَ }
[سُورَةُ الأَعۡرَافِ: ١٧٩]
{ أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ یَسۡمَعُونَ أَوۡ یَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَـٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِیلًا }
[سُورَةُ الفُرۡقَانِ: ٤٤]
{ أَفَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبࣱ یَعۡقِلُونَ بِهَاۤ أَوۡ ءَاذَانࣱ یَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِی فِی ٱلصُّدُورِ }
[سُورَةُ الحَجِّ: ٤٦]
و يظن/يعتقد كثيرون أن جذور المشكلة/الأزمة المفضية إلى السؤالين تكمن في حقيقة أن قطاعات مقدرة من الشعوب السودانية قد عَطَّلَت ملكات العقل و التفكير و التدبر و الإدراك بإرادتها و أرادت ثم اختارت الجلوس في خانة عدم الفعل و منصة المتفرج ، و لا أقول الأنعام ، و لعدة عقود من الزمان ، و أن غالبية لا يستهان بها من الشعوب السودانية ما زالت في إنتظار الحل و البديل يأتيان من جهة الأماني أو من الزملآء/الرفاق/الإخوة في القوات المسلحة!!! ، فقد وثقت المصادر و دلت الشواهد على أن الكثير من السودانيين ما زالوا ينتظرون و هم يحلمون صَحيَانِين بقدوم:
١- العسكري المنقذ الحازم العادل القادم آخر الليل و بعد دور السينما التاني من خور عمر أو إحدى الثكنات العسكرية في العاصمة المثلثة!!! ، و على ظهور دبابات و مدرعات و حاملات جنود القوات المسلحة السودانية ليقرأ البيان الأول من إذاعة أم درمان معلناً ثورة الخلاص/الإنقاذ
أو
٢- المعجزة السماوية و سيف سيدنا علي الكرار محمول على أكف و أجنحة الملآئكة ، و ذلك إستجابةً لدعوات المظلومين و المقهورين من الشعوب السودانية
أو
٣- التدخل الأجنبي يجلب العدل و الإستقرار للبلاد و المن و السلوى و كذلك الدولار
و إذا ما رغبنا في الإجابة على سؤالي الحل شنو؟ و البديل منو؟ ، فلا بد من العودة و إعادة النظر و التأمل في قآئمة أمنيات و أحلام الشعوب السودانية لنرى إمكانية ذلك...
١- العسكري المنقذ الحازم العادل:
تجارب الشعوب السودانية مع حكم العسكر لبلاد السودان الذي فاق الستة و خمسون (٥٦) سنة من عمر بلاد السودان المستقلة البالغ سبعة و ستون (٦٧) سنة و زيادة لا تسر و لا تفرح بل أنها تَسَوِّي الهم و الغم و الجلطات و السكتات ، فحكم الطغاة من العسكر القادمين من ”رحم“ مؤسسة القوات المسلحة السودانية لم يورث بلاد السودان و شعوبها سوى: الفشل الذريع و التخلف المريع و التشظي و الأذى و أطنان من المشاكل و البلاوي المِتَلتِلَة...
و يتسآءل كثيرون كيف لعقلآءٍ التطلع إلى تجريب العسكري المجرب (الطاغي/المتجبر/الفاشل/الفاسد/القاتل... إلخ... إلخ...) ، خصوصاً و هم يعلمون علم اليقين أن المؤسسة العسكرية التي يحلمون/ينتظرون أن تنتج/تخرج لهم منقذاً حازماً عادلاً قد تمت مصادرتها منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمان من قبل تنظيم جماعةٍ متأسلمةٍ (الكيزان) ذات فكرٍ سياسي ضآل ، جماعة لا تؤمن بالأعراف و القيم الإنسانية و تنقصها الأخلاق ، و أن المؤسسة العسكرية و منذ إستيلآء الجماعة على السلطة في إنقلاب الثلاثين من يونيو ١٩٨٩ ميلادية قد تمت كَوزَنَتَها (إفسادها) بالكامل ، و أنه قد تم تجريدها تماماً من العقيدة القتالية و كل القيم و المهنية و الإحترافية ، و أنها قد أصبحت مجرد مليشيا باطشة تابعة لتنظيم مهووس بالقتل و الدمار و الخراب و الإفساد...
و بالإختصار المفيد و تقريباً للمعاني و تسهيلاً للفهم فإن فاقد الشيء (القيم) لا يعطيه ، و إذا ما كانت الشعوب السودانية و ما زالت حَارِيَة العسكري المنقذ الحازم العادل فإن وَاضَتَها قد أصبحت مِطَيِّنَة و أمست و بقت سودآء و ذِي السَّكَنْ...
٢- المظلومون المقهورون المنتظرون الإستجابة الإلهية و المعجزة السماوية:
و صحيحٌ أن اللهَ هو المجيبُ المغيثُ:
{ أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَیَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَاۤءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِیلࣰا مَّا تَذَكَّرُونَ }
[سُورَةُ النَّمۡلِ: ٦٢]
{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ }
[سُورَةُ غَافِرٍ: ٦٠]
لكنه هو الله عز و جل الذي أمرنا بالعزم و التوكل:
{ فَبِمَا رَحۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِیظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِینَ }
[سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: ١٥٩]
و أرشدنا إلى الأخذ بالأسباب:
{ وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَن ذِی ٱلۡقَرۡنَیۡنِۖ قُلۡ سَأَتۡلُوا۟ عَلَیۡكُم مِّنۡهُ ذِكۡرًا (٨٣) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَیۡنَـٰهُ مِن كُلِّ شَیۡءࣲ سَبَبࣰا (٨٤) فَأَتۡبَعَ سَبَبًا (٨٥) }
[سُورَةُ الكَهۡفِ: ٨٣-٨٥]
و الأمثلة القرءانية على التوكل و الأخذ بالأسباب كثيرة...
و يبقى السؤال و ماذا فعلت الشعوب السودانية في مسألة الأخذ بالإسباب؟...
خصوصاً و أن التاريخ قد شهدَ و سطرَ و وثقَ أن الشعوب السودانية قد خنعت/سكتت/صمتت دهوراً على ما رأت بأم أعينها من أصناف و أشكال الطغيان و الإستبداد و الفساد و الفشل العسكري من لدن العقيد جعفر النميري إلى العميد عمر البشير ، بل أن قطاعات عريضة منها قد باركت و شاركت في تلك الأفعال المنكرة ، طلآئع خلاص و كتآئب جهاد ، رغم تردديهم و حفظهم لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم:
(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، و ذلك أضعف الإيمان)
و يرى/يعتقد كثيرون أن الأجدر بالمؤمنين من الشعوب السودانية و الراغبين و أصحاب الإهتمام و عوضاً عن الإستغراق في أضعف الإيمان و الإنغماس في أحلام اليقظة و الأوهام أن يعيدوا قرآءات و تدبر بعض من الآيات القرءانية:
{ وَمَاۤ أَصَـٰبَكُم مِّن مُّصِیبَةࣲ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِیكُمۡ وَیَعۡفُوا۟ عَن كَثِیرࣲ }
[سُورَةُ الشُّورَىٰ: ٣٠]
{ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَظۡلِمُ ٱلنَّاسَ شَیۡـࣰٔا وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ }
[سُورَةُ يُونُسَ: ٤٤]
{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِیُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمࣲ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ }
[سُورَةُ هُودٍ: ١١٧]
{ وَإِذَاۤ أَرَدۡنَاۤ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡیَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِیهَا فَفَسَقُوا۟ فِیهَا فَحَقَّ عَلَیۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَـٰهَا تَدۡمِیرࣰا }
[سُورَةُ الإِسۡرَاءِ: ١٦]
٣- التدخل الأجنبي:
و لأن الإطالة في هذا الأمر سوف تؤدي إلى التكرار و الملل فالأفضل الإكتفآء بمقولة:
ما في دولة بتخدم و تساعد دولة أخرى عشان خاطر عيونها أو صدقةً جاريةً أو في سبيل الله أو من أجل الإنسانية...
و بعد كل هذا التخريم و التبريم فلا حل و لا مناص و لا بد من أن تجد الشعوب السودانية إجابة مقنعة للسؤالين و مخرجاً لأزماتها الحآدة و المزمنة بأنفسها و ضِرعَاتِها و إيدها و شديدها ، و أن تكف عن ممارسة أحلام اليقظة (المعجزة السماوية) ، و إستسهال الأمور (التدخل الأجنبي) ، و إختصار الطرق عن طريق قطع الزوايا و سلك الدروب الملتوية (العسكري المنقذ الحازم العادل) ، و أن تعلم أن المؤسسة العسكرية السودانية غآئبة تماماً في الوقت الحاضر ، و لكن يمكن إعادة مهنيتها و إحترافيتها (هيكلتها و إعادة صياغتها) إلا بعد إيقاف الحرب ، و أنها كمؤسسة قومية لم تهزم و لكنها أختطفت و أقعدت فعجزت عن الفعل ، أما مليشيات الجنجويد فإنهم لم و لن يفلحوا أبداً ، و لن يبنوا بلداً ، و ذلك لأنهم لا يعرفون أصلاً ما هو البنآء ، و ذلك لأنهم جبلوا على القتل و الحرق و الإغتصاب و النهب و السلب و الهدم و الدمار و الخراب...
و لقد تأكد و تيقن لكثيرين أن حل الأزمة السودانية الراهنة و إيجاد البديل ليس في البَلْ أو الجَغِمْ من قبل المتعطشين إلى القتل و سفك الدمآء و الخراب و الدمار من رَبَّاطَة مليشيات الجنجويد أو من مهووسي كتآئب البرآء/الجهاد/الظل/الدفاع الشعبي الذين إختطفوا القوات المسلحة ، و لا في الحرب الإلكترونية المستعرة بين غرف الجِدَاد (الدجاج) الإلكتروني الجنجويدية و الكيزانية ، فقد أزهقت أنفس كثيرة و بما فيه الكفاية و زيادة و ضاع من الجهد و الزمن الكثير ، مما جعلهم يتأكدون و يتيقنون أن الحل و إيجاد البديل يبدأ بإيقاف الحرب ، و أن الأمر ليس باليسير أو الساهل ، و أنه جد عسير و يستغرق الكثير من الزمن و يتطلب أطنان من الصبر و الجلد و طولة البال...
و قد مل صاحبنا من الإعادة و من دعواته المتكررة إلى أن الحل الدآئم (قصير و طويل المدى) في التغيير و في إعادة صياغة الإنسان السوداني عن طريق التربية و الفَرمَتَة ، كما أن صاحبنا قد خجل كثيراً و استحى من ترديد المثل الشعبي:
ما فيش حلاوة من غير نار...
و من تفسيراته للمثل القآئل:
ما حكَ جلداً مثل ظفرك...
و يعتقد صاحبنا بأن المثل الأخير و فيما يخص الثورة السودانية يعني أن الحل و البديل لا يأتيان إلا من قبل شباب الثورة أنفسهم الذين هم أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير ، و الذين مكتوبٌ عليهم أن يعيشوا المستقبل و أن يُشَكِّلُوه بما يريدون و يشآءون و حسب مزاجهم ، مستخدمين في ذلك ملكات العقول المتوفرة لديهم بكثرة ، خصوصاً و أنهم قد مارسوا من قبل ، و في خجلٍ ، تمارين: العقل و التفكر و التدبر حواراتٍ و مبادراتٍ و وثآئقَ و مواثيق و تحالفاتٍ و أرآء مشهودة و موثقة أبانت وعيً شبابياً عظيماً يسعد القلب كثيراً و يطمئن البال على مستقبل بلاد السودان ، و أنها في أيدي أمينة و فاهمة...
و قد أدرك شباب الثورة من وقتٍ مبكر أن السلام و السلمية قادران على هزيمة أعتى الديكتاتوريات و كل قوى الظلم و الطغيان و الجبروت و البطش ، مما يعني أن الحل و البديل قد يأتيان عن طريق الحوار و السعي في طريق السلم و إيقاف الحرب و التفاوض حول الطرق العملية التي تساعد على خلق الإستقرار و تفعيل القانون و تنفيذ العدالة ثم الإنصراف إلى العمل و الإنتاج ، أما إذا ما فشل مسعى و إستراتيجية:
{ وَإِن جَنَحُوا۟ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ }
[سُورَةُ الأَنفَالِ: ٦١]
فليس بدٌ و مناصٌ من البحث عن الحل و البديل في دروب القتال و خيارات الكفاح المسلح ضد جميع قوى الظلم و البغي و العدوان دون فرز ، و حديد يلاقي حديد...
و الشاهد هو إن كلا الأمرين الخيارين شآقٌ و شديدُ التعقيد ، خصوصاً و أن الحرب الدآئرة الآن في بلاد السودان و الصراع الحالي قد إتخذتا منحىً شديد اللَّولَوَة (الإلتوآء) ، و سلكت مسلكاً كله تضاريس و ضِرِيسَّة و دِحدِيرَات و حفر مليانة عقارب و دَبَايب (ثعابين) ، و مما يفاقم الأمر كثيراً و يزيده سوءً أن المعيشة و الكِيمَان قد تم فرزهما على خطوط و هدي الجهة و القبيلة و العرق...
و رغم ذلك فإن الصبر مفتاح الفرج ، و أن ليس بعد الضيق إلا الفرج ، و أن الله غالب ، و هو نصير العازمين المتوكلين الآخذين بالأسباب...
و قد يأتي نفرٌ جليلٌ من جماعات الحلول الجاهزة المغرمين بكتيبات دليل الخطوات و سبل الإرشاد و مفتاح الخريطة التي تُفَصِّلُ كيفية الوصول إلى الكنز يقرأون الفقرات أعلاه يبحثون عن بنود الحل و إسم البديل و صفاته ، و ربما يجنح بعضٌ منهم إلى وصف الفقرات بأنها كلام ساكت و خارم بارم ، و أنها لم تقدم حلولاً و تفتقر إلى التفاصيل ، و لهم الحق في ذلك فالأمر عقلٌ و تدبرٌ و إرادة و إختيار ، و التفاصيل ، كما يرى/يعتقد صاحبنا ، هي من صميم مسئولية الثوار و من منطلق و مبدأ أن لا وصاية من أحد على أحد ، خصوصاً إذا كان هذا الأحد المُوَصِّي زمانو فات و غَنَّايُو مات ، كما أنه ليس من المطلوب أو بالضرورة التوافق التآم أو أن يوافق شنٌ طبقة ، فسنة الحياة في الإختلاف:
{ وَلَوۡ شَاۤءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰۖ وَلَا یَزَالُونَ مُخۡتَلِفِینَ }
[سُورَةُ هُودٍ: ١١٨]
{ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ وَلَـٰكِن یُضِلُّ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَلَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ }
[سُورَةُ النَّحۡلِ: ٩٣]
و المغزى من هذا التمرين البسيط هو ممارسة حرية إبدآء الرأي و محاولة لإعادة قرآءة و فهم حكمة اللواري السفرية الخالدة:
العفش داخل البص على مسئولية صاحبه!!!...
و الحمدلله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوات المسلحة ة العسکری الکثیر من أن الحل ع ل ى ٱل إذا ما من قبل
إقرأ أيضاً:
يا برهان ارجوك مشاهدة الحلقة الأولى من مسلسل دلالة المواسير لهذا العام
يا برهان ارجوك مشاهدة الحلقة الأولى من مسلسل دلالة المواسير لهذا العاملتعرف حجم الكارثة التي تسببت فيها
بقلم/ أوهاج م صالح
انا لست من المتابعين الراتبين لمسلسل دلالة المواسير التي في العادة يبث في رمضان، ولكن هذه السنة قد ارسل لي احد المتابعين اولى حلقات دلالة المواسير التي بدأت في أول يوم رمضان هذا العام. وكان المرسل متأثر جدا لدرجة انه يكاد يبكي واصر عليَ ان اشاهدها، لأنه يقول انها حركت في نفسه ذكريات اليمة للغاية قد مر بها مع بداية حرب البرهان القذرة. على العموم جبرت بخاطره امتثالا للقول المأثور" من سار بين الناس جابرا للخواظر حماه الله من المخاطر" بالإضافة الى ان جبر الخواطر من القيم الإسلامية النبيلة التي يحث عليها الدين الإسلامي، وقد اشير الى جبر الخواطر في آيات قرآنية كثيرة وابرزها أول 4 آيات من سورة عبس، والتي جبرت بخاطر ابن مكتوم الأعمى الذي توجه للنبي صلى الله عليه وسلم ليسأله في أمر ما وكان النبي مشغولا عنه بدعوة صناديد قريش مما جعله لا يستمع إليه.
وجبرا للخاطر مني قررت مشاهدة هذه الحلقة بعنوان (حلب اعصاب/ اعتلال مصرح)، واعتقد ان المقصود بالعنوان (حرب اعصاب/واحتلال مصرح) ولدهشتي لاحظت الكم الهائل من التعليقات التي تجاوزت ال 700 تعليق خلال اقل من 3 ساعات، ففتحتها لأرى العجب العجاب، حيث ان معظم المعلقين من الذين ذكرتهم هذه الحلقة بتجاربهم القاسية التي مروا بها عند اندلاع حرب البرهان القذرة، ومعظمهم قد زرف الدمع مدرارا، ومنهم من ذكرتهم انسان اعزاء عليهم فقدوهم في هذه الحرب القذرة، ومنهم من ذكرتهم طريقة خروجهم الخطرة من الخرطوم تاركين خلفهم كل شىء عدا ملابسهم التي يرتدوها، ومآسي لا حصر لها. وانا على الرغم من انني لم اكن موجود بالسودان اثناء اندلاع هذه الحرب القذرة، الا انني تذكرت تجارب اسرتي الصغيرة التي كانت تحكي لي عندما اتواصل معهم للإطمئنان عليهم، وكيف انهم كانوا محاصرين لعدة ايام داخل البيت والطائرات تطلق صواريخها عندما تكون في محاذات منزلنا، فيضطروا ان يحشرون انفسهم اسفل الأسرة، وانهم لم يروا الشمس لعدة ايام. وقد لاحظت ايضاان هناك جنسيات اخرى ايضا شاهدت الحلقة ومنهم من دعى الله بأن يرفع عن الشعب السوداني هذه الغمة، وان معلقاً مغربيا اضاف في تعليقه ان الشعب السوداني شعب طيب و لا يستحق كل هذا.
يا برهان، انك والكيزان والدواعش والمشتركة والدعم السريع، بحربكم القذرة هذه قد تسببتم بمآسي لا يمكن حصرها ولو ظللت اكتب عنها مائة عام لأجاري فيها مساعدك ياسر كاسات لم استطعت ان اوفيها حقها. وان كمية التعليقات التي لاحظتها خلال اقل من ساعتين من بداية المسلسل كفيلة بأن تغنيك عن معرفة حجم المصائب التي مر بها هذا الشعب المغلوب على أمره. لذلك ادعوك انت والذين من حولك من البلابسة، والجهويين والعنصريين والدبابين والبرائين والدواعش والمشتركة وغيرهم من الذين يصرون على استمرار هذه الحرب القذرة ان يشاهدوا هذا المسلسل ويتقوا الله في هذا الشعب الذبيح وهذا الوطن المحتل الجريح. وحتما اذا كان فيكم من في قلبه ذرة رحمة وانسانية سوف يسعى بكل جد لإيقاف هذه الحرب القذرة. لأن استمرار هذه الحرب اكثر من هذا سوف ينتهي الأمر الى مرحلة لا وطن والى لا شعب. وكلكم يعلم ما يدور هذه الأيام من سيناريوهات تهجير اخوتنا الفلسطينيين والتي يكون احداها تهجيرهم الى ارض السودان شمالا، حيث تحتل جارتنا الشمالية اجزاء واسعة من أراضينا بعد الحرب وقبل الحرب (حلايب وشلاتين وابو رماد) يا سجم الرماد.
اكتفي بهذا القدر لأنقلكم وادعوكم لقراءة مقالا للكاتبة القديرة الأستاذة/صفاء الفحل بعنوان " عصب الشارع" لتعرفوا حجم الكارثة التي ستقودوننا ايها بحربكم القذره هذه. حيث تناولت في مقالها موضوع خطر جدا الكاتب الصحفي المصري محمود عمارة والذي يحرض فيه (السيسي) لشراء الأراضي السودانية. واليكم جزء من نص مقال الأستاذة صفاء، وآمل ان تسمح لي بهذا الإقتباس.
مقتبس المقال (الصحفي المصري المعروف محمود عمارة وهو كاتب راتب بصحيفة يومية يكتب بكل (بجاحة) محرضا (السيسي) بتأسيس شركة مساهمة عامة لشراء (عشرة مليون فدان) من الأراضي السودانية محددا حتي السعر ب (١٥٠ مليار جنيه مصري) ومعللا ذلك بالانفجار المطرد للسكان بمصر والذي سيصل الي (مائة وستون مليون) خلال العشرة سنوات القادمة مع شح المياه بسبب سد النهضة واحتياج مصر للمياه ويعترف بان مصر تشتري قمح ب (١٥ مليار) سنويا بمعني ان هذا المبلغ (التافه) سيعود لمصر خلال عشر سنوات ويرتفع تدريجيا مع إضافة سلع اخري يتم استيرادها الي (١٠٠ مليار) بمعني ان مصر يمكنها استرداد هذا في عام ونصف حسب حساباته الموضوعية.
ولم يكتف الكاتب المصري وأحد المفكرين والمستشارين الاقتصاديين بمقترحه للرئيس السيسي والذي يقول بانه تفكير جمعي لكل الشعب المصري (معترفا) بأن العالم كله يتجه للسودان لتامين غذائه اليوم ولم يكتف بذلك فقط، بل قدم اساءات غير مقبولة للسودانيين بان السودان الموجود حاليا لن يكون له وجود في المستقبل القريب والخطوات متسارعة وسيباع لروسيا والصين ودول الخليج وأن مصر (أحق) منهم جميعا مذكرا بان السودان اساسا كان يتبع لمصر وان هناك حق تاريخي لمصر في أراضيه).
اختتم مقالي هذا بسؤال اخير للبرهان ورهطه، هل يا جماعة انتم مدركون لحجم الكوارث التي ستقودوننا اليها بحربكم القذرة هذه؟ الظاهر قدوقدو مالك جدادة معتق اوي.
لا للحرب،لا للجهوية، لا للعنصرية، لا لتقسيم السودان، لا لإحتلال السودان. كلنا سودانيين ويضمنا وطن واحد ولا يهمنا ان ننتمي الى هذه القبيلة او تلك (رحم الله البطل الوطني/ علي عبد اللطيف).
أوهاج م. صالح
awhaj191216@gmail.com