سياسات منتجي النفط تواكب ما تشهده السوق من متغيرات

زيادة غير متوقعة في الأسعار أو في حجم الطلب قد تدعو لمراجعة خفض الإنتاج وفقا للتوجه نحو الحفاظ على توازن السوق

بنوك الاستثمار العالمية والوكالات المتخصصة ترفع توقعاتها للعام المقبل

يظل عدم اليقين مخيما على أسواق الطاقة لأسباب متعددة:

الصعوبات المتعلقة بخفض الاستهلاك والانتقال للطاقة النظيفة

ضعف الاستثمار في أنشطة استخراج النفط

التوترات السياسية المتصاعدة عالميا

التشدد النقدي من البنوك المركزية وما نتج عنه من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي

سجل متوسط تداولات العقود الآجلة لخام نفط عمان 80 دولارا للبرميل بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة مع متوسط نحو 96 دولار للبرميل بنهاية الفترة نفسها من العام الماضي.

وكان متوسط سعر النفط قد بلغ حوالي 95 دولار للبرميل خلال عام 2022, ومنذ بداية هذا العام وحتى منتصف سبتمبر اتسم منحنى الأسعار في سوق النفط بشكل عام بالاستقرار عند مستويات تناسب المستهلكين والمنتجين حيث سجل نطاق السعر أعلى مستوياته في يناير عند 86 دولارا للبرميل واتجهت الأسعار لأدنى مستوياتها في أغسطس الماضي عند 74.7 دولار للبرميل، فيما شهدت تداولات العقود الآجلة مؤخرا صعود الأسعار إلى أعلى مستوى منذ 10 أشهر وتجاوزت 90 دولارا للبرميل.

ومع اتجاه الأسعار للصعود، رفعت بنوك الاستثمار العالمية والوكالات المتخصصة توقعاتها لأسعار النفط خلال العام المقبل حيث عدل بنك جولدمان ساكس الاستثماري العالمي توقعاته لسعر خام نفط برنت القياسى خلال ال 12 شهرا المقبلة من 93 دولارا إلى 100 دولار، مشيرا إلى أن رفع التوقعات يأتي بسبب استمرار سياسة خفض الإنتاج من قبل مجموعة أوبك بلس واتجاه الطلب العالمي على النفط نحو التعافي، معتبرا أن منتجي النفط قد يكون في إمكانهم الحفاظ على سعر نفط يتراوح ما بين 80 دولارًا إلى ما يزيد قليلا عن 100 دولار للبرميل خلال العام المقبل، أما بنك يو بي اس فيتوقع أن يبلغ سعر خام برنت ما يتراوح بين 90 و100 دولار، كما يتوقع بنك أوف أمريكا أن تصل الأسعار إلى 100 دولار للبرميل وقد تتجاوز هذا السعر قبل بداية 2024، إما بنك جيه بي مورجان فهو يتفق مع توقعات جولدمان ساكس بأن يتجه النفط إلى نطاق يتراوح بين 80 إلى 100 دولار على المدى القصير. وسبق ذلك قيام إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بتعديل توقعاتها لأسعار النفط بالرفع خلال عامي 2023 و2024، مع قرار بعض دول أوبك بلس بتمديد الخفض الطوعي للإمدادات، وتوقعت الإدارة أن يبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط 83.22 دولار للبرميل خلال 2024، وبناء على التطورات الأخيرة في الأسعار، قد تعدل الإدارة أيضا توقعاتها بالرفع خلال الفترة المقبلة.

وبالرغم من أن هذه التوقعات قد تتحقق، لكن مما يؤخذ في الاعتبار أنها قد تكون صدرت تحت تأثير ما شهدته الأسعار مؤخرا من ارتفاع، وتظل توجهات أسعار النفط في الفترة المقبلة مرتبطة بالعوامل الأساسية الحاكمة للسوق النفطية وأهمها حجم الطلب خاصة في آسيا، فالهند تسجل نموا اقتصاديا مرتفعا يزيد من استهلاكها للطاقة، والصين تعدّ من كبار المستهلكين في العالم، ويتوقف حجم الطلب الصيني على النفط على معدلات النمو التي تحققها الصين وتوجهاتها في صناعة البتروكيماويات وقد أعلنت مؤخرا بالفعل عن توسعها في هذه الصناعة خلال الفترة المقبلة. فيما يتعلق بآفاق الطلب بشكل عام، كانت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، قد رفعت توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الجاري مع توقع تباطؤ طفيف في الطلب خلال العام المقبل رغم التحديات الاقتصادية العالمية وذلك بدعم من استمرار الصين والهند في قيادة النمو في الطلب على الطاقة، وخلال العام الجاري، اعتبرت وكالة الطاقة الدولية في تقرير لها أن "الطلب العالمي على النفط يرتفع إلى مستويات قياسية، مدعوما بالسفر الجوي القوي في الصيف وزيادة استخدام النفط في توليد الطاقة وزيادة نشاط البتروكيماويات الصيني".

وبدءا من العام الماضي قررت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ومجموعة أوبك بلس خفض الإنتاج في محاولة للحفاظ على استقرار الأسعار التي قد بدأت في التراجع بالفعل بسبب زيادة المعروض وانخفاض الطلب نظرا لتبعات الحرب في أوكرانيا التي دفعت التضخم لزيادة قياسية ونشرت أجواء عدم اليقين تجاه آفاق النمو الاقتصادي العالمي وكان ذلك إيذانا بتصاعد وتيرة التشدد النقدي ورفع الفائدة المصرفية. وقد ظلت توجهات المنتجين واضحة نحو المواكبة الجيدة والمتابعة الحثيثة للمتغيرات والحرص على حجم ملائم من الإمدادات وإيجاد مستويات سعرية في صالح كلّ من المنتجين والمستهلكين، لكن ظل عدم اليقين مخيما على أسواق الطاقة بشكل عام لأسباب متعددة تتعلق في غالبها بكبار مستهلكي الطاقة ومن أهمها الصعوبات المتعلقة بخفض الاستهلاك والانتقال للطاقة النظيفة والتوترات السياسية المتصاعدة في ظل الحرب الأوكرانية فضلا عن تأثيرات سياسات التشدد النقدي من قبل البنوك المركزية العالمية وما نتج عنها من تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي، كما يعدّ خبراء صناعة النفط والرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات العالمية أن ضعف الاستثمار في أنشطة استخراج النفط فمع قيام الاتحاد الأوروبي بفرض قيود وضرائب على إنتاج النفط بهدف الحد من الانبعاثات الضارة، انخفض إنتاج النفط الأوروبي الأمر الذي أثر على حجم الإمدادات في السوق في وقت ما زال إنتاج الطاقة النظيفة غير مواكب على الإطلاق حجم الطلب على الطاقة، ويرى الخبراء أن الحاجة ملحة لمزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة سواء التقليدية أو المتجددة حتى يمكن ضمان إمدادات كافية تكفل استقرار الأسعار وتحد من تقلباتها.

وفيما يتعلق بالإنتاج العالمي للنفط، تشير التقديرات إلى أنه خلال عام 2024

سيبلغ إنتاج النفط من دول الأعضاء في منظمة أوبك نحو 25 مليون برميل يوميا ومن الدول من خارج أوبك حوالي 15.5 مليون برميل يوميا إضافة إلى إنتاج "أوبك بلس" الذي يقدر بنحو 40.4 مليون برميل يوميا. وبدأت أوبك بلس في نوفمبر الماضي خفض الإنتاج بواقع 2 مليون برميل يوميًا، واتُفِق في منتصف العام الجاري على خفض طوعي من بعض كبار المنتجين ابتداءً من أول مايو الماضي، بواقع 1.66 مليون برميل يوميًا ليصبح إجمالي مستوى إنتاج النفط الخام لدول "أوبك بلس" 40.46 مليون برميل يوميًا، ابتداءً من أول يناير 2024 وحتى نهاية العام نفسه، وأكدت لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لمجموعة أوبك بلس على التزام الدول الأعضاء باتفاق خفض إنتاج النفط، ومن المتوقع أن ينعقد الاجتماع المقبل لمجموعة أوبك بلس في فيينا نوفمبر المقبل وحسب ما أكدت عليه المجموعة، فإن سياستها في الإنتاج ستظل تواكب ما تشهده السوق من متغيرات هو ما يعني ضمنا أن زيادة غير متوقعة في الأسعار أو في حجم الطلب قد يدعو لمراجعة سياسة خفض الإنتاج الحالية نظرا للتوجه نحو الحفاظ على توازن السوق.

وأدّت تخفيضات الإنتاج التي قامت بها مجموعة أوبك بلس دورا أساسيا في الحفاظ على توازن السوق النفطية من خلال الموائمة ما بين العرض والطلب وفقا للتطورات التي تشهدها السوق النفطية والمتغيرات في بيئة الاقتصاد العالمي.، ومثلت سياسات كبار منتجي النفط توجهات استراتيجية جديدة وفعالة لصالح السوق على المدى الطويل توقيا لأي تقلبات حادة، وجاءت هذه السياسات كأحد الدروس المهمة التي نتجت عن التذبذبات والتراجعات الحادة التي شهدتها أسعار النفط في عام 2014 ومع تفشي الجائحة في 2020.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: دولار للبرمیل العام الجاری خفض الإنتاج إنتاج النفط ملیون برمیل خلال العام الحفاظ على على النفط حجم الطلب أوبک بلس

إقرأ أيضاً:

شركات غذاء عالمية تحذر من ارتفاع الأسعار بسبب الحرب التجارية

أطلقت شركات الأغذية الكبرى في العالم تحذيرات متتالية هذا الأسبوع من تفاقم الأعباء على المستهلكين، في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية كالبن والكاكاو، وتزايد الضغوط الناتجة عن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمركية، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ.

بيبسيكو.. تراجع التوقعات بفعل الرسوم

شركة "بيبسيكو" -صاحبة العلامات التجارية مثل "دوريتوس" و"بيبسي"- خفّضت توقعاتها السنوية للأرباح، عازية ذلك إلى "الرياح المعاكسة التجارية" وتدهور معنويات المستهلكين. وأشارت الشركة إلى أن تكلفة الإنتاج ترتفع، بينما يتباطأ الطلب على منتجاتها من الوجبات الخفيفة والمشروبات الغازية.

ويأتي ذلك في وقت تسعى فيه وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، بقيادة روبرت ف. كينيدي الابن، إلى حظر استخدام أصباغ الطعام الصناعية المستخرجة من البترول، وهي مكونات تدخل في العديد من منتجات بيبسيكو، إضافة إلى حملات تستهدف الحد من استهلاك المشروبات السكرية.

الطلب الاستهلاكي ظل ضعيفا رغم التعديلات السعرية بحسب نستله (غيتي) نستله.. ارتفاعات مزدوجة في الأسعار

أما "نستله" السويسرية، التي تنتج قهوة "نسبريسو" وشوكولاتة "كيت كات"، فقد اضطرت إلى رفع أسعارها بنسب مزدوجة في أسواق متعددة لمواجهة الارتفاع الحاد في أسعار الكاكاو والبن.

إعلان

وفي تصريحات للإدارة، أكدت الشركة أن الطلب الاستهلاكي ظل ضعيفًا رغم التعديلات السعرية.

يونيليفر.. ضغط الأسواق الناشئة

أما "يونيليفر"، التي تحقق نحو 60% من عائداتها من الأسواق الناشئة، فقد سجلت انخفاضًا في حجم المبيعات رغم ارتفاع الإيرادات الناتجة عن رفع الأسعار.

وتركزت التراجعات في أميركا اللاتينية بسبب معدلات الفائدة المرتفعة، وفي الصين حيث تراجع الطلب بشكل عام.

دانون.. التوجه نحو الصحة يدعم النمو

بدورها، استفادت "دانون" الفرنسية من زيادة الطلب على الزبادي العالي البروتين في أميركا الشمالية، وتركيبات الرُضع في الصين.

وتسعى الشركة إلى الاستفادة من توجه المستهلكين نحو الغذاء الصحي، خاصة مع انتشار استخدام أدوية خسارة الوزن مثل "ويغوفي" من شركة "نوفو نورديسك".

كما تراهن "دانون" على شيخوخة السكان لتعزيز الطلب على منتجاتها الغذائية المتخصصة.

أرنو طالب الاتحاد الأوروبي بالتوصل إلى اتفاق مع واشنطن لحماية منتجات الأوروبية من الرسوم (الأوروبية) أعباء متصاعدة

وتؤكد الشركات أن قدرة المستهلكين على التحمل ستتوقف على تطورات الحرب التجارية. فقد طالبت فرنسا، على لسان الملياردير برنارد أرنو، الاتحاد الأوروبي بالتوصل إلى اتفاق مع واشنطن لحماية منتجي النبيذ من الرسوم الجديدة.

من جانبها، تدرس اليابان زيادة وارداتها من الأرز وفول الصويا الأميركيين كمبادرة تفاوضية في مواجهة رسوم ترامب.

أما الصين، فقد خفّضت وارداتها من العديد من السلع الأميركية إلى مستويات متدنية جدا، بل إلى الصفر في بعض الحالات مثل القمح، وذلك ما يمنح دولًا مثل البرازيل والأرجنتين فرصة لتعويض الحصة الأميركية من السوق العالمية.

وختمت "بلومبيرغ" تقريرها بالتنبيه إلى أن تعقيد المشهد التجاري، والتقلب في السياسات الجمركية، قد يؤديان إلى إعادة ترتيب سلاسل الإمداد والغذاء على نطاق عالمي، في ظل تقارير عن لجوء مزارعين أميركيين إلى الإفلاس بمعدلات مرتفعة، وتوسّع شركات الغذاء الكبرى مثل "بي آر إف" البرازيلية في السعودية لتعزيز الأمن الغذائي الإقليمي.

إعلان

ومع استمرار اضطرابات التجارة العالمية، يبدو أن المستهلكين في أنحاء العالم -وخاصة في الأسواق النامية- سيواجهون مزيدًا من الارتفاعات في أسعار الغذاء، ومزيدًا من التحديات في الحفاظ على نمط حياة صحي وميسور.

مقالات مشابهة

  • أسعار النفط تتراجع بفعل مخاوف الإمدادات
  • الصين تخزن النفط مع تأثير صدمة رسوم ترامب الجمركية على أسعار الخام
  • انخفاض أسعار الذهب متأثرة بتراجع الطلب
  • ارتفاع أسعار النفط
  • ارتفاع طفيف في أسعار النفط
  • ارتفاع طفيف في أسعار النفط خلال المعاملات المبكرة اليوم
  • النفط يرتفع رغم الضبابية الاقتصادية وترقب زيادة إمدادات أوبك+
  • «مدبولي» يستعرض خطة مواجهة ارتفاع الأحمال وزيادة الطلب على الكهرباء في الصيف
  • 0.56 % معدل التضخم في سلطنة عمان بنهاية مارس من العام الجاري
  • شركات غذاء عالمية تحذر من ارتفاع الأسعار بسبب الحرب التجارية