سودانايل:
2024-12-25@06:04:48 GMT

لا امام سوي العقل (٦-٩)

تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT

المسخرة .. العبثية.. العدمية .. في الممارسة الحزبية السودانية وحركات المقاومة السودانية!!

++ عبثية السياسة في ملعب الجلابة! أطراف الحزب الوطني الاتحادي (ازهري / شيخ علي عبدالرحمن) تفشل في التوافق علىحكم السودان.. وحزب الأمة (عبدالله خليل) يمارس الانتحار السياسي (عليْ وعلى اعدائي) ويسلم السلطة للعسكر ؟! عبدالله خليل الذي طرد المصريين من حلايب يعجز عن انتظار موعد الانتخابات ليعود للسلطة بقوة الصوت الانتخابي ؟! انه مسرح العبث واللامعقول!!

++ اليسار السوداني يمارس الانتحار الفلسفي في ١٩ يوليو ١٩٧١ .

.ويقضى على امل (قيام دولة المواطنة العلمانية القادرة عليإدارة التنوع السوداني) وتحقيق السلام العادل الذي ظهرت بشائره في بيان ٩/يونيو ١٩٦٩ !! السفاح نميري / كاليجولا.. بلدوزرالعدمية يقضي على أخر امل لتجنب الدولة الدينية الظلامية!!

++ الأستاذ محمود ا(الغريب) الذي اختار (الموت السعيد ) حسب فلسفة البيرت كامو .. نعم اختار الموت الفلسفي والحسي عندماراي (طوفان الهوس الديني الاخواني) قد عم السودان من خلال قوانين (كاليجولا) .. علي قاعدة (باطن الأرض أكرم لنا من مذلة دولةالاخوان المسلمين ) :

++ والساقية لسع مدورة .. الساقية ترمز لوطن المليون ميل الذي اختزلته احزاب الجلابة في (مساحةً ساقية) تدر على الجلابة بالمنوالسلوي.. وتجلب للمهمشين الابادة والعدمية منذ بداية دولة ١٩٥٦ حتي عهد الدولة الدينية وحملة اباريقها واعوانها من الجنجويد(موسي هلال والدعم السريع ) حيث بلغت العدمية منتهاها بحريق الخرطوم!!

++ حركات المقاومة المسلحة منذ العام ١٩٥٥ .. لم تجلب خيرا لقادتها ولا لحاضنتها الاجتماعية سوي الموت والإبادة ومخيماتالنزوح واللجوء .. وجلبت للوطن الدمار .. وآخرتها مفاوضات سلام تجلب فقط ظائف عنق الزجاجة لرئيس الحركة ومساحة ضيقة منحاشيته.. والعروس (السلطة) للعريس والجري للمتاعيس).. منتهى العبثية بل والعدمية !!

(١) ماهية العدمية ؟
سردية العدمية والإبادة في الدولة السودانية الحديثة التي نالت استقلالها في الاول من يناير ١٩٥٦ كانت (الشينة المنكورة ) حتياشتعال حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣ بين مليشيا ما يسمى بالجيش السوداني من طرف.. ومليشيا الدعم السريع التي هي سلاح المشاةللجيش السوداني الذي فشل عبر تاريخه في مواجهة تمرد شعوب الهامش ضد الظلم الذي وقع عليها من النخبة النيلية الشماليةالتي حكمت الدولة بسياسة فرق تسد الاستعمارية التي افرزت مليشيا الدعم السريع التي صنعتها دولة الجلابة الاسلاموية عنطريق المخابرات والجيش السودانيين لإبادة اهلنا في دارفور.. انها حرب الظلمة والقتلة فيما بينهم - الجيش السوداني واعوانه منالجنجويد..وقد كان من الطبيعي ان تقف شعوب الهامش كله (موقف الحياد) . ولا باس ان نبدا بتاصيل العدمية من خلال المقتطفادناه:

(يعود أصل كلمة العدمية (Nihilism) إلى الكلمة اللاتينية (nihil) وتعني (لا شيء)، أو ما هو غير موجود، وتظهر في الفعل(annihilate) ويعني الإبادة بالكامل. في بداية القرن التاسع عشر استخدم فريدريك ياكوبي الكلمة لوصف المثالية المتعالية لكنبمعنى سلبي، وشاع استخدامها بعد أن استخدمها ايفان تورغينيف في روايته (آباء وأبناء) سنة 1862، إذ استخدم كلمة(العدمية) ليصف العلموية بشكلها الأولي الذي تبنته شخصيته بازاروف، الذي كان يبشر بعقيدة النفي التام.) إنتهى. المرجع/موقعأنا اصدق العلم / كلما يجب ان تعرفه عن العدمية/ ٤ يونيو ٢٠٢٠ .
العدمية واضحة من لفظها وشارحة لنفسها ، وقد ارتبطت العدمية بالحروب ، ويعنيني من التعريف اعلاه ان العدمية نعني (الإبادةالتامة ) .. كما تعنيني العدمية التي بشر بها (ايفان تروغنيف) في رواية (اباء وابناء) من خلال شخصية (بازاروف) والتي تعني(عقيدة النفي التام ).

ولا يستوي بيان معنى (العدمية) الا اذا عدنا بالتأصيل الى شاعرنا وفيلسوفنا الذي الهمنا عنوان الكتاب (لا إمام سوي العقل) .. الاوهو ابو العلاء المعري الذي كان سباقا في الاخذ بنهج (العدمية) وتحدث عنها (باللفظ والمعني ) وهو الذي وصي بان يكتب علي قبره: (هذا ما جناه ابي علي .. وما جنيت على احد ) .. وقد حدثنا عن ذلك الباحث/ محمد بضاض في المقتطف ادناه :

( إذن فإن القاعدة الحقيقية للبشرية جمعاء داخل هذا العالم هو الألم المستديم، وإذا تساءلنا علام كل هذا التشاؤم الدامس؟ يأتيناالجواب من المعري:
فى العدمِ كنا وَحُكمُ الله أوجدنا
ثم اتفقنا على ثانٍ من العدمِ
أو
-نمرُ سراعاً بين عدمينِ مالنا
لباثُ كإنا عابرون على جسرِ ) انتهي .
0المرجع: الأستاذ الباحث محمد بضاض / العدمية والتشاؤم بين ابوالعلاء المعري والفيلسوف الالماني شوبنهاور - فكرة وجودوخلاص/موقع atarbaoui.com /31 اغسطس 2020 .

(٢) دولة ١٩٥٦ منذ نشأتها سمتها (العدمية .. الإبادة ، والنفي التام والموت الزؤام لشعوب الهامش السوداني ) !!

النخب الشمالية تدير الدولة السودانية - بلد المليون ميل- بعقلية (إدارة ساقية) وعقلية حكومة الطلاب (اتحاد طلاب جامعةالخرطوم)!! من العبثية ان الأحزاب الشمالية -وهي مدخلات الديموقراطية ، اذ لا ديمقراطية بدون احزاب- هذه الأحزاب هي التيقامت بوأد الديموقراطية ؟!

(أ) لماذا فشل الجلابة الشماليون (ابناء المنطقة من الجيلي الي حلفا) في حكم الدولة السودانية وفشلوا في الابقاء على الدولةالعلمانية المدنية التي تركها لهم الاستعمار الإنجليزي اسوة بالهند وماليزيا مثلا ؟

حين استقلت ألدولة السودانية في ١٩٥٦ كان ابناء النخبة النيلية هم المسيطرون على مفاصل الدولة ، فقد كانوا يسيطرون علىالبرلمان من خلال الحزب الوطني الاتحادي (حزب الميرغني والازهري ) وحزب الامة (حزب السيد عبدالرحمن المهدي) . وكانوايسيطرون على (الخدمة المدنية) بعد ان احتكروا وظائف السودنة عند خروج الاستعمار الثنائي الإنجليزي المصري (الامر الذي دفعالجنوبيين الى التمرد منذ عام ١٩٥٥، ) .. وكذلك كانوا يسيطرون على الجيش والاجهزة الامنية كلها.. السؤال: لماذا فشلت هذهالنخبة النيلية الشمالية الصرفة في إدارة التنوع في الدولة السودانية ؟
إشكالية ابناء النخبة النيلية آنهم يديرون الوطن الكبير بمساحة مليون ميل مربع وكانه بمساحة ساقية صغيرة في الإقليم الشمالي.. ونسبة لآنهم يفتقرون الى الحكمة في فض المنازعات حول السواقي داخل الاسرة الواحدة ، فان منازعاتهم تتطور بلا حلول وفيالنهاية تتحول الي خصومات امام القضاء. في هذا الفصل سوف نتناول التجارب (العدمية للأحزاب السياسية السودانية ،) وهيكلها احزاب الجلابة ابناء النخبة النيلية .

(ب) فشل الاتحاديون (وهم مجموعة بشرية متجانسة جهويا وعرقيا وطائفيًا-ختمية- ) فشلوا في إدارة الدولة السودانية.. فقد كانالحزب الاتحادي الديموقراطي يمتلك أغلبية برلمانية مريحة (منسجمة) عشية الاستقلال .. ورغم كل ذلك فشل الاتحاديون في التوافقداخل الحزب (لان الشماليين لا يعرفون التوافق ولأ يتفقون على شيء.. وينطبق هذا الوصف كذلك على الأحزاب العقائديةكالشيوعيين والاخوان السلمين- كما سوف نرى في هذا الفصل. الاتحاديون لا يتفقون فيما بينهم أبدأ.. فقط (يوحدهم الكفيلالمصري الذي يمولهم ) .. بكل اسف يتفقون (داخل مصر وفي حضرة عبدالناصر او حسني مبارك ) ! شاهدنا ان حزب الشعبالديموقراطي (الختمية) بقيادة شيخ علي عبدالرحمن قد تفاصلوا مع الاتحاديين جناح إسماعيل الازهري ، وشكل جناح شيخ عليعبدالرحمن حكومة ائتلافية بالشراكة مع حزب الأمة فآلت رئاسة الوزارة ألي السيد عبدالله خليل الذي تصدى بقوة الجيش للدولةالمصرية حين إحتلت حلايب عام ١٩٥٨ وأجبر عبدالناصر وجيشه على الخروج والتراجع من مثلث حلايب.. وهي المرة الأولى والاخيرةالتي دافع فيها الجيش عن الحدود السودانية! النخب الشمالية لا تتفق فيما بينها (حتى داخل الحزب الواحد) لانهم دائما (يقدمونمصالحهم الشخصية على المصلحة الوطنية).. وبئس المصير!!

(٢) من تجليات العبثية والعدمية ان حزب الامة (حزب الأغلبية الجماهيرية) هو الذي وأد الديموقراطية الاولى في السودان وسلمالسلطة للعسكريين على طبق من فضة !! مسخرة وعبثية!!

مسخرة المساخر .. والعجب العجاب هو ان حزب الأمة بقيادة عبدالله خليل هو الذي (وأد الديموقراطية السودانية الوليدة ) وذلك منخلال تحايله على مبدأ التداول السلمي للسلطة ، وبقصد قطع الطريق امام (عودة الاتحاديين من مصر متوحدين ) مما يعني انهمسيفضون الائتلاف مع حزب الامة.. لذلك بادر عبدالله خليل بتسليم السلطة للجيش على قاعدة (على وعلى أعدائي) .. رغم ان نتائجانتخابات ١٩٥٤ التي حصل فيها الحزب الاتحادي الديموقراطي على أغلبية مقاعد البرلمان ، قد بينت حصول حزب الامة علىأغلبية اصوات من مجموع الناخبين ، وذلك بسبب التوزيع الغير عادل للدوائر الجغرافية في مناطق نفوذ حزب الامة ومناطق نفوذالحزب الاتحادي الديموقراطي.. (لعبها المصريون لصالح الاتحاديين) .. وعشان خيانتهم هذه صوت الاتحاديون بالإجماع لصالحتقرير المصير.. المهم.. فقد كان واضحًا ان قواعد حزب الامة المكونة من دارفور وكردفان والنيل الأبيض اكثر عددًا من قواعدالاتحاديين ، لذلك فان حزب الامة لم يكن بحاجة ابدأ الى هذا الانقلاب التعيس العبثي المضحك المبكي !!

(٣) الحزب الشيوعى السوداني كان (أمل) السودان الوحيد في الالتحاق بركب الأمم المتحضرة :

انا لم اكن شيوعيا في يوم من الأيام ، بل كنت ناشطا (جمهوريا منذ عام ١٩٧٤) .. فقد قادني التحليل الى ان اليسار السودانيالموحد الذي نجح في تدبير إنقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩ كان (الامل الوحيد ) الذي يمكن ان يجنب السودان من حالة العدمية والتفتت علييدي الظلامية الاسلاموية وذلك للأسباب التالية:

(أ) لانه من خلال المشروع الاشتراكي المجرب في نصف العالم انذاك كان بإمكانه من خلال تنفيذ الخطة الخمسية الاولى والثانيةفي السودان اللحاق بركب العالم تمامآ كما حدث في الإتحاد السوفيتي.

(ب) وقد كان بإمكانه تطوير ( انقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩ الي ثورة حقيقية) .. وذلك من خلال تحقيق السلام (الذي بدات بشائره منخلال قبول الجنوبيين ببيان ٩ يونيو ١٩٦٩) الذي قدمه الشهيد جوزيف غرنق .. والذي قامت عليه لاحقًا اتفاقية اديس ابابا ١٩٧٢ .. ومع السلام تتحقق التنمية والوحدة ، والعدالة الاجتماعية

(ج) كان بمقدور الحزب الشيوعى بحضور الشهيد عبدالخالق محجوب تجاوز (سلبيات تطبيق الماركسية في الإتحاد السوفييتي علىيد ستالين) المشار اليها في كتاب (افاق جديدة للشهيد عبدالخالق محجوب الذي تضمن نقدًا واضحا للتطبيق الاستالينيللاشتراكية ، والحلول التي ستفضي الى العبور بالدولة السودانية الي مرحلة (الجكومة الوطنية الديموقراطية) المشار اليها فيالفصل الخامس من كتاب افاق جديدة المشار اليه. شاهدنا ان الدولة المايوية (مع وحدة اليسار السوداني) كان بامكانها من خلالتحقيقها للسلام وقدر معقول من التنمية المتوازنة .. كانت تستطيع هزيمة الجبهة الوطنية اليمينية الرجعية المكونة من الأحزابالطائفية (امة + اتحادي ) اضافة للاخوان المسلمين ، في إنتخابات الحركة النقابية والطلابية.. بل يمكنها خلق مصالحة معها شبيهةبالمجلس المركزي لنظام عبود الذي استوعب جميع الأحزاب في النظام.
السفاح جعفر نميري الذي اعدم ظلمًا اعظم رجال الفكر السوداني (عبدالخالق محجوب والأستاذ محمود محمد طه) استحق بجدارةلقب (كاليجولا ) .. الشخصية الدموية التي نبشها فيلسوف العبثية البيرت كامو من قلب تاريخ الدولة الرومانية في رواية (كاليجولا ) .. المقتطف ادناه للكاتب حكيم المرزوقي يسلط الضوء علي (شخصية كاليجولا) المطابقة لاوصاف هتلر والسفاح نميري:

(لم تعرف البشرية في تاريخها، شخصا يقارع المنطق ويغلبه أكثر من كاليجولا. ولم يحرج أحد الآلهة والعامة وفقهاء القانون كمافعل كاليجولا. جادل كل دساتير روما وتفوق عليها، ثم نال حقه باسم شرعية السلطة.
كيف لسليل أسرة نبيلة، وطفل مولع بالقتال، يلقبه الجنود ب (كاليجولا ) اي حذاء المقاتل الصغير، أن يصبح أسطورة في الجبروت،وهو الذي أحبه شعبه أول تسلمه الحكم، لفرط عدالته وإنصافه للمظلومين؟ من أين جاءه هذا الانقلاب في الخلق والسلوك؟ أم أنالأمر يتعلق بالأضداد حين تمشي نحو أقصاها؟
إنها ثورة في المفاهيم التي نامت وسكتت عليها روما طويلا، ثم ما لبثت أن صحت على رعب الحقيقة كما هو الحال لدى أسلافكاليجولا، من يوليوس قيصر الذي تآمرت عليه روما بأكملها، مرورا بنيرون الذي أحرقها حبّا وانتقاما.) انتهي. المرجع/ حكيم مرزوقي/مسرحية كاليجولا..طاغية روماني يقطع الرؤوس ويحلم بقطف القمر/ موقع العرب / ٢٨ /١٢/ ٢٠١٩ .

إنقلاب مايو ١٩٦٩ الذي دبره اليسار السوداني بقيادة الحزب الشيوعى السوداني (الناكر لذلك) كان إنقلاب جلابة شماليين بدرجةعالية من النقاء .. ورغم ذلك لم يتفق (جلابة اليسار) .. لان الطبع يغلب التطبع .. لان اجدادهم لم يتفقوا حتى على قسمة تركة ساقية! لا احد يدري كواليس الحزب الشيوعى.. ولكن القراءة العامة تقول ان مدبري انقلاب مايو قد انقسموا الى (رطانة الشمال النوبةوالسكوت والمحس + اولاد الهاشماب في امدرمان) من طرف .. وفي الطرف الاخر نجد المستعربين (الشايقية والجعليين) .. غلبتالجهوية والقبلية على الايدلوجية.. فكانت الدموية والعدمية على طريقة السفاح كاليجولا في رواية كامو .. نسي النميري انه كانمقبوضا في يد هاشم العطا بعد نجاح انقلاب ١٩ يوليو ١٩٧١ ولم يقتله .. اتفهم بصعوبة اعدام النميري للعسكريين رفاق الامس .. بابكر النور .. هاشم العطا ..فاروق حمدالله .. الخ ).. ولكن التأريخ لن يرحم السفاح النميري / عفوا كاليجولا..لن يرحمه التاريخ علياعدام المدنيين (عبدالخالق والشفيع وجوزيف غرنق) رحمهم الله جميعًا .. السجن المؤبد كان سيمنح المفكر عبدالخالق الفرصة لرفدالمكتبة السودانية والفكر السوداني بروائع الفكر.. وتابي حلقات العدمية الا ان تتلاحق لينتهى بنا المطاف الى حريق الوطن مناطرافه ثم حريق العاصمة المثلثة!!

(٤) الأستاذ محمود محمد طه (الغريب) الذي (اختار الموت السعيد ) حسب رواية البيرت كامو :

لقد نال الفيلسوف الفرنسي كامو (١٩١٣ - ١٩٦٠) جائزة نوبل على ورايته الغريب ، وبعد وفاته بحوالى عشر سنوات اكتشفاصدقاؤه مخطوطة رواية (الموت السعيد) وتبين انها هي نفس مسودة رواية الغريب .. ومن سخرية القدر ان الأستاذ محمود هو (الغريب ) ، والجمهوريين هم الغرباء حسب (حديث الغرباء المتواتر ) وذلك حسب ادبيات الفكرة الجمهورية .. لقد شعر النميريبالذلة والهوان من اضراب القضاة الذي إستمر لمدة تزيد عن 3 شهور .. حتي رضخ النميري ذليلا لشروط القضاة .. فقرر النميريالانتقام من الهيئة القضائية وقضاتها .. ولم يكتف النميري بتهميش القضاة المدنيين عن طريق قوانين سبتمبر ومحاكم الطوارئفحسب .. وانما اضاف اليها اعدام الشهيد محمود إمعانا منه في اذلال الشعب السوداني وارهابه !
شاهدنا انه من علامات (نحس السياسة السودانية وعدميتها) إعدام النميري/ عفوا السفاح كاليجولا.. اعدامه لشهيد الفكر الصوفيالزاهد الذي يشرب موية الزير ولم يمتلك حتى ثلاجة .. ياكل ملاح الشرموط اليابس بالكسرة .. ولم يستمتع برفاهية (حلاوة رغيف) !! اعدمه السفاح كاليجولا بسبب منشور (هذا او الطوفان) الذي نصح فيه النميري بالتراجع عن قوانين سبتمر ١٩٨٣ لانها تجعلالجنوبيين مواطنين من الدرجة الثانية.. وتقسم البلاد ، فضلًا عن ان قضاتها (غير مؤهلين مهنيا .. الخ ) .. وقد كان عمر الشهيدمحمود (٧٦ سنة) والقانون السوداني ينص صراحة على انه لا يجوز إعدام الانسان الذي بلغ عمره (70 سنة ) ! لقد ادت لعنةالسياسة السودانية وعدميتها الى فناء (ظاهرة الاخوان والأخوات الجمهوريين والجمهوريات في شارع الجمهورية بالخرطوم) اليالابد باعدام الشهيد محمود واستتابة تلاميذه الاربعة !!

(٥) وساقية العبثية والموت لسع مدورة .. وساقية الموت هي وطن المليون ميل ولكنه في نظر جلابة الشمال بمساحة ساقية تمنح المنوالسلوي للجلابة والموت والإبادة للمهمشين لاسيما على يدي (حزب المؤتمر الوطني) واعوانه من الجنجويد (موسي هلال وحميدتي ) ..وتستمر الساقية حتي حريق الخرطوم .. منتهى العبثية والعدمية حسا ومعني !!

راينا عبثية الجلابة الشماليين الاتحاديين في فجر الاستقلال حين فشلوا في حكم بلدٍ المليون ميل الذي حسبوه بمساحة ساقيةتخصهم.. وراينا فشل اليسار السوداني في الإتفاق فيما بينهم على ادارة هذه الساقية بعد نجاح إنقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩ .. وتدورالساقية في الزمكان.. وياتي الي حكم السودان (غول اسمه الاخوان) .. وبمجرد ظهور البترول فرق الدولار بين اخوان العقيدة.. فكانت المفاصلة الجهوية بين الاخوان المسلمين والتي مكنت جلابة الشمال منفردين من ادارة الساقية.
.. وفي دولة الجلابة الانقاذية العدمية صارت (حسية ) عيانًا بيانًا لا تحتاج الى ترميز فلسفي من روايات البيرت كامو (الغريب/ كاليجولا/ الموت السعيد ..الخ) .. الإبادة في الجنوب باسم الجهاد علنا وبرنامج في ساحات الفداء يوثق هذه الجرائم.. الإبادةالجماعية في دارفور على كل لسان في كل الدنيا .. وقد أحسن الرئيس الامريكي الأسبق بوش الابن نطق كلمة (الجنجويد) امامالاعلام الاميركي.. وتنتهي العبثية والعدمية وسخرية القدر ومكر التاريخ بحرب الجيش (مليشيا الجلابة) والبرهان والفلول وكتائبالبراء من طرف وبين الدعم السريع.. لتتجلي العدمية في ابشع صورها امام شاشات الجزيرة والعربية نقلًا حيًا يوثق للإبادةوالعدمية في ولاية الخرطوم.. لتعلن دولة الجلابة عن نهايتها وسقوطها المدوي .. لتعلن نهاية دولة الحرامية الاسلاموية.. منتهيالعبثية.. والعدمية حسا ومعنى.. والي عهد جديد لا مكان فيه للعسكر والمليشات .. ولا احتكار للسلطة والثروة لصالح الأقلية الشماليةالتي استعمرت دولة ١٩٥٦ .

(٦) العدمية في نضال حركات المقاومة المسلحة السودانية منذ عام ١٩٥٥ .. لم تجلب لحواضنها الاجتماعية سوي الإبادة والنزوحواللجوء الدائم ، والموت لقادتها.. وتنتهي بقسمة ضيزى للوظائف شعارها:(العروس للعريس والجري للمتاعيس) :

اشكالية حركات المقاومة المسلحة السودانية انها (ظل .. ومقلوب السلطة المركزية المستبدة العنصرية الفاسدة ) ومعلوم في الفيزياءوفي الأدب:(لا يستقيم الظل والعود اعوج ) . لذلك ، معلوم ان الحكومات المستبدة والفاسدة تنتج معارضة (علي شاكلتها ) .. سواءاكانت معارضة مدنية حزبية ام معارضة مسلحة .. وهكذا فعلت حكومة الإنقاذ الاسلاموية الفاسدة في نفسها.. ومفسدة لغيرها منكل أشكال المعارضة!

(أ) تنتهي حركات المقاومة المسلحة عادةً باتفاقيات سلام تقوم على (قسمة السلطة والثروة) تعود بالفائدة على رئيس الحركة ودائرةضيقة حوله ) .. حتى قيل انه تنطبق علي رئيس الحركة مقولة: (العروس للعريس والجري للمتاعيس) .. كما لم تجلب حركات المقاومةالمسلحة لحواضنها الاجتماعية سوي الإبادة الجماعية والنزوح واللجوء:
في نظر دولة الجلابة النيلية الشمالية ، الشعب السوداني هو فقط ابناء الشمال (من الجيلي الي حلفا ) .. البقية عندهم اجانب - سكان دارفور وكردفان) ، او عناصر غير مرغوب فيها وغير مؤهلة (بحالتها الراهنة) ، للمشاركة في السلطة ، ويشمل ذلك سكانجنوب السودان وجبال النوبة ، لانهم غير مسلمين ولا يتكلمون اللغة العربية ، لذلك قرر نظام عبود ممارسة ( سياسة الاسلمة والتعريب) في جنوب السودان وجبال النوبة.. أمًا بالنسبة لسكان دارفور وكردفان فقد استخدمتهم دولة الجلابة الاستعمارية كمشاة / كجنود(ضباط صف) في الجيش- دماء رخيصة- في حروبها ضد المتمردين -الزرقة - الجنوبيين ، وضد النوبة حين تمردوا ولحقوابالجنوبيين.. وضد الدارفوريين .
(ب) استخدمت دولة الجلابة الاستعمارية العنصرية (سياسة الارض المحروقة) ضد كل حركات المقاومة المسلحة (حركات الزرقة) .. لذلك لجأ ملايين الجنوبيين الى دول الجوار الإفريقي اثناء حرب الأنانية واحد . وحين تجددت الحرب مرة اخرى عام ١٩٨٣ نزحالجنوبيون الى شمال السودان. باختصار لم تنجح حركات المقاومة المسلحة في جلب اي مكاسب لحواضنها الاجتماعية.. وهذه كانتسياسة استعمارية مقصودة من دولة الجلابة.
(ج) رفض الجيش السوداني (الذي عبارة عن مليشيا شمالية ٧٥٪؜من ضباطه خريجي الكلية الحربية من شمال السودان) - رفضتنفيذ بند الترتيبات الامنية الوارد في اتفاقيات السلام الموقعة مع الدارفوريين بصورة خاصة بقصد الحفاظ علي (النقاء الجلابيالشمالي للجيش) .. وحتى لا تحقق حركات المقاومة المسلحة لجيوشها اي مكاسب سوي الموت ، ولحواضنها النزوح واللجوء والإبادةوالتطهير العرقي.

(د) تعرض بعض قادة الحركات المسلحة (للتصفية الجسدية) واذكر منهم على سبيل المثال: الشهيد وليم دينق الذي استجاب لنداءالسلام ، وأتي للمشاركة في مؤتمر المائدة المستديرة في عهد ثورة أكتوبر ، والشهيد داود يحي بولاد الذي تمرد ضد الإنقاذ عام١٩٩١ وحاول التسلل الي جبل مرة ولكن لسوء الحظ وقع في الأسر وتمت تصفيته جسديًا ، كما تمت تصفية د جون غرانق بعد توقيعسلام نيفاشا ووصوله الخرطوم حيث كان في استقباله بالساحة الخضراء (6 مليون سوداني وسودانية ) مما جعل حلم د جونغرانق في حكم السودان من نملي الي حلفا قريب المنال .. وكانت النتيجة ان تمت تصفيته جسديًا على الأقل حسب تقدير اسرتهالمباشرة وراي (اولاد غرانق) في الحركة الشعبية! واخيرا تعرض الشهيد د خليل إبراهيم محمد للتصفية الجسدية عام ٢٠١٢ منذات الجهات التي تآمرت على حياة د جون غرانق.. لان د خليل كان يشكل أكبر مهدد لدولة الإنقاذ.. وقد كان مطلوبًا ان تبقى دولةالإنقاذ بحالة ضعفها لحين تأمين استقرار دولة الجنوب الوليدة.
نخلص مما تقدم ان حركات المقاومة المسلحة لم تجلب لمنسوبيها من العسكريين سوي قسمة ضيزى من الوظائف- بمساحة عنقالزجاجة (للرئيس وبعض حاشيته) ، كما لم تقدم لحواضنها الاجتماعية في الجنوب او جبال النوبة والانقسنا ودارفور حسب الحالسوي الابادة والقتل لقيادتها ، والتشريد لمن تبقى من جنودها (الذين سلموا من الموت في الحروب) وذلك بسبب رفض الجيش بندالترتيبات الامنية الذي يفترض ان يتم بموجبه استيعاب وضم المتمردين الي الجيش السوداني !

(٧) السؤال: في ضوءً الواقع البئيس.. عدمية الأحزاب السياسية ، وعدمية حركات المقاومة المسلحة.. هل ابوبكر القاضي نادم علىمدة 50 عامًا من عمره ، والتي قضاها ناشطا سياسيًا حزبيا ، وحركيًا داخل حركة العدل والمساواة السودانية ؟

ردا على هذا السؤال اقول ان الشعور بحالة العبثية والعدمية في الدولة السودانية ليس قاصرًا على الناشطين في الأحزابالسياسية وحركات المقاومة المسلحة فحسب ، بل اني اجزم ان قطاعًا واسعًا من السودانيين نادمون الان على انهم لم يشتغلوابالسياسة .. واتهم وتركوا شأن الدولة السودانية للفاقد التربوي من الفاشلين السياسيين والعسكريين وائمة المساجد .. مثل الابالذي لم يهتم بحسن تربية وتعليم اولاده .. وترك لهم الارصدة البنكية والشركات التجارية والعقارات.. وسرعان ما بدد اولاده هذهالاموال التي لم يصرفها عليهم أبوهم في التعليم الجيد. اذن بعد خراب سوبا الكل نادم (من اشتغل بالسياسة ، ومن لم يشتغل بها ) .
الشعب السوداني كله في موضع الحسرة على كدحه.. انسان الخرطوم فقد كل حصيلة عمره في الاغتراب وغيره.. اني اشكر اللهاني افنيت حياتي السياسية (العبثية والعدمية) في قضية الفكر ، والتغيير.. فكرنا مع الشهيد محمود في تغيير الكون.. وقلناالسودان هو (مركز دائرة الوجود ) .. واشتغلنا مع د جون غرانق و د خليل ابراهيم على مشروع السودان الجديد ومشروع المهمشين.. فانا غير نادم على هذا النضال رغم ثبوت عبثية السياسة وعدمية النضال وحسبي (نحن رفاق الشهداء ) . أكثر من ذلك فسوفأواصل العطاء من اجل التغيير (من أجل خلق السودان الجديد.. الدولة المدنية العلمانية التي تقف علي مسافة واحدة من جميعالأديان.. ولا تسمح أبدأ بإعادة إنتاج الدولة الدينية الانقاذية ).. السودان الجديد الذي دفع ثمنه الشعب السوداني كله من روحهوماله وعرضه.. وثورة حتى النصر.. والتغيير يحتاج الي (رؤية ، وفكر وفلسفة) .. وهذا الكتاب هو مساهمة متواضعة من اجل التغييروالتحرير.. لن أتخلي ابدا عن الدفاع عن قضايا المهمشين واللاجئين وقد تضاعفت أعدادهم بعد حرب الطغاة والقتلة في ١٥ ابريل٢٠٢٣.. إعادة بناء وتعمير الدولة السودانية من جديد تحتاج الى تضافر جميع الجهود .. الشيب والشباب رجلًا ونساء .. ولا وقتللبكاء على اطلال دولة دولة ٥٦ المحروقة!!
ابوبكر القاضي
نيوبورت /ويلز/ UK
٢٨/سبتمبر ٢٠٢٣

aboubakrelgadi@hotmail.com
/////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدولة السودانیة الشعب السودانی الجیش السودانی الأستاذ محمود عبدالله خلیل حزب الامة من خلال وقد کان هو الذی انه من ان حزب

إقرأ أيضاً:

الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء

فاطمة غزالي

نعيش في دوحة المبادئ السامية والقيم العليا التي غرستها ثورة ديسمبر المجيدة، لا تزال المنقوشة على جدران الوطن وتحتل أعماق الوجدان السوداني رغم الابتلاء بالحرب فالثورة حاضرة في أذهان الشرفاء والإيمان باستمرارها مسيطر على أفئدة وعقول جيلها من الشابات والشباب الذين قدموا أعظم نماذج التضحيات فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ما بدلوا تبديلا.ديسمبرثورة جيل وثقت شجاعته بنادق القناصة، وسياط الجلادين، وأدوات التعذيب لم يتراجع ظل صامداً كالأجيال السابقة في درب النضال السلمي من أجل الحرية والسلام والعدالة في أكتوبر وأبريل وجميع ثورات التحرر من الظلم والقهر. ثورة ديسمبر المجيدة ليست لحظة عابرة في حياة الشعب السوداني ولن تكون فعل ماضي نتباكى عليه بل هي فعل مستمر تختلف الأساليب والآليات والأدوات مع اختلاف الظروف لأن الالتزام بتحقيق مبادئها عهد قطعته القوى المدنية والسياسية المؤمنة بالسلام والحرية والعدالة. الشاهد جيل ثورة ديسمبر هزم انقلاب 25 أكتوبر2021، وفشل الإنقلابيون في إعادة النظام البائد إلى السلطة بسبب الحراك الثوري والمليونيات التي أكدت تمسك الشعب بالحكم المدني الديمقراطي، ومارس جيل ثورة ديسمبر شعائر ثورته بقداسة السلمية، وهو مؤمن بأنها الطريق إلى الخلاص من طغيان الحركة الإسلامية السودانية التي وظفت المؤسسة العسكرية لمصلحة مشروعها، ونفذت عبرها انقلاب 30 يونيو 1989م، وانقلاب 25 أكتوبر2021م إلا أنها أي الحركة الإسلامية حينما فشلت بعد ألانقلاب الأخير في السيطرة التامة على مقاليد الحكم وإعادة إنتاج مشروعها بتشكيل حكومة إسلاسية كاملة الدسم استحضرت منهجها لأيديولوجي الشيطاني القائم على إراقة الدماء في إدارة صراعاتها مع القُوَى السياسية والشاهد على تنفيذ الشعار استباحة الدماء في سبيل الوصول إلى السلطة بدعوى أنها الحارس لدين الله في الأرض (فليعُد للدين مجده أو تُرق منا الدماء… أو تُرق منهم دماء.أو تُرق كل الدماء). فكرة حرب 15 أبريل 2023 م لم تأت من فراغ بل هي تنفيذ للشعار (أو تُرق كل الدماء) حينما أدرك الإسلاميون أنهم خارج منظومة إدارة السودان بعد تجربة الثلاثين عاماً من الدمار. معلوم لدى الكثيرين أن تراجيديا الحرب الكارثية سيناريو كتبته الحركة إسلامية الخبيثة استخدمت الجيش والدعم السريع لتنفيذه من أجل القضاء على ثورة ديسمبر ووئد أي محاولة للعودة بالبلاد إلى الحكم المدني الديمقراطي وإن كان الثمن إبادة كل الشعب السوداني (أو تُرق كل الدماء) وهي الحقيقة التي يحاول البعض غض البصر عنها (لشيء في نفس يُوسُف).
لا شك في أن قيادات الحركة الإسلامية المدنية والعسكرية التي مسيطرة على القرارات داخل مؤسسة الجيش ولا يريدون السلام لأنه يعني عودة جيل الثورة إلى الميادين من أجل تحقيق شعار ثورة ديسمبر (حرية وسلام وعدالة). الإسلاميون يعلمون أن جبروت الحرب لم يفلح في نزع الثورية من نفوس الثوار أو كسر إرادتهم في التغيير بالرغم من محاولات شق صف لجان المقاومة بالاستنفار واستهداف بعضهم بالاعتقالات واتهامهم بالعمالة. الثوار الشرفاء جددوا عهدهم وتمسكوا بثوريتهم فغيروا مؤشر الحراك الثوري من الميادين والطرقات التي سيطرت عليها القوى العسكرية إلى معسكرات النزوح والتكاياعبر لجان الطواري ووجهوا طاقاتهم وإمكانيتهم لخدمة المدنيين الأبرياء والسعي إلى تلبية احتياجاتهم في معسكرات النزوح ومراكز الإيواء والتكايا بالتعاون مع المنظمات والمؤسسات العاملة في مجال العمل الإنساني وأهل الخير من أجل اطعام الجِياع وسقاية العطشى وعلاج المرضى… يعملون ليل نهار لإنقاذ أرواح المدنيين الذين أصبحوا بين مطرقة الجيش وسندان الدعم السريع.
شعار (فليعُد للدين مجده أو تُرق منا… أو تُرق منهم دماء… أو تُرق كل الدماء) يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن أهل السودان لن ولم يكونوا بخير وفي أمن و سلام ما لم تُقبر الحركة الإسلامية السودانية لأنها محور الشر، أس وأساس المعاناة، مصدر العذاب والقهر ومنبع العنف والدمار. تجربة قيادات الحركة الإسلامية في الحكم لمدة ثلاثين عاماً قضتها في تصفية الحسابات مع معارضيها من القوى السياسية والمدنية بجانب الفساد السياسي والاقتصادي والأخلاقي والإبادة الجماعية دارفور التي تسببت في ملاحقة الرئيس المخلوع جنائياً عمر البشير عبر المحكمة الجنائية الدولية، ولم تسلم العديد من مناطق السودان من الحروب كل هذه السياسات الديكتاتورية تؤكد أن جُرم الحرب جُرمهم وأن مسؤوليتها الكبرى تقع على قياداتها التي حرضت وتوعدت بالحرب الذي فتح أبواب الحجيم على الكل فكانت الممارسات السادية الإجرامية في التي مورست ومازال تمارس على الأبرياء من قبل طرفي الحرب. فلول النظام البائد يتلذذون بعذاب الشعب الذي يواجه القتل والتشريد والمعاناة في رحلة النزوح واللجوء والرعب في ميدان المعارك حيث تدور وَسْط الأحياء السكنية وفي قلب القرى والمدن والفرقان والكارثة الأعظم هي إغلاق منافذ السلام الذي يتشوق إليه المدنيين من أجل استعادة كرامتهم المسلوبة وطنهم المفقود.المؤسف أن تطلعات الشعب إلى السلام تصطدم بالعقبة الكؤود الذي وضعتها مليشيات الكيزان(كتائب البراء) في طريق السلام بدعوى حرب الكرامة وهي كلمة الحق الذي اريد به باطل. كرامة الشعب هي أن يشعر بالأمن والسلام والاستقرار، كرامة السودانيين ستعود إليهم عندما تتحقق آمالهم التي تعبر عنها كلمات الشاعر طارق الأمين:-
( كل آمالي نا..
السلام  يملاها.. يطلع من هنا..
والحمام يتشابى
تقدل طفلة حلوة وبين إيديها كتابا
وحبوبة تمسح بالحنين أكوابا
والقمرية تصدح.. تستريح دبابة)
لاشك أن المعاني الجميلة للسلام الذي يعبر عن الحياة السودانية الجميلة التي وردت في كلمات الشاعر طارق الأمين تتناسب تناسباً عكسياً مع أهداف الإسلاميين وقياداتهم في الجيش والدليل على ذلك تصريحات الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش الذي يتمسك بخيار الحرب بالرغم من أهوال الحرب الذي يشيب لها الولدان وفي ذات الطريق يسير ياسرالعطا وهو يصرخ ويهدد ويتوعد ويغلق الباب أمام السلام ويؤكد عدم رغبة الإسلاميين في السلام ومقولته الشهيرة “لا سلام ولا هدنة وإن استمرت الحرب لمائة عام “… مئة عام تُراق فيها كل الدماء يا هذا؟ كم تعشقون الدماء! أولم يكفيكم إفساد حياة السودانيين بالحرب الذي دمر الوطن وشعبه وببنيته التحتية ومؤسساته الخدمية والمدنية وليس فحسب بل أفعالكم التي تغذي تقسيم المجتمع السوداني الذي وحدته ثورة ديسمبر بشعاراتها (سلمية… سلمية ضد الحرامية، حرية سلام وعدالة، يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور).
الإسلاميون عشاق الانفصال يسعون إلى تقسيم البلاد ولكن هيهات لَمَّا يخططوا. لسان حال قيادات النظام البائد كأنه يقول إن الشعب السوداني رهينة في أيديهم ولا قرار له وعليه أن يخضع لسياساتهم المدمرة كما خضع لإرادتهم في تجربة فصل الجَنُوب مع اختلاف المعطيات والظروف إلا أن النتيجة التي يسعى إليها الإسلاميين واحدة هي تفكيك البلاد إلى دويلات. قصدوا في تجربة الجنوب ألّا تكون الوحدة جاذبة وعملوا لتحقيق ذلك الانفصالين من الجنوب حتى تكون النتيجة لمصلحة الانفصال. بشأن الحديث المتداول عن التقسيم القائم على إرادة قوة الحرب هناك تساؤلات كثيرة تطرح نفسها هل محاولة شيطنة القوى السياسية والهجوم على(تقدم وقحت) محاولة لعزل القوى السياسية والمدنية لتنفيذ مخطط التقسيم كما حدث في اتفاقية نيفاشا وقعوا على تقرير المصير مع الحركة الشعبية إنابة عن الشماليين دون تفويض من الشعب؟ … نعم دون تفويض من الشعب ومعلوم أن الإنقاذ سرقت الديمقراطية و فرضت نفسها على الشعب السوداني بقوة الدبابة ولم تشهد البلاد انتخابات حرة ونزيهة في عهدها البائد. على أي أساس يتم فصل غرب السودان من بقية أطراف على أساس جهوي أم قبلي وإثني؟ وماهي الحدود الجغرافية التي يتم على أساسها التقسيم، هل يكون هناك استفتاء لولايتي الجزيرة والنيل بشأن تقرير مصيرهم هل يذهبون مع كردفان ودارفور أم إلى الشمال الجديد الذي يرسم البرهان وحاضنته السياسية  (الكيزان) خريطته؟ .لا يختلف اثنان في أن الإسلاميين فصلوا الجَنُوب لأسباب دينية وعنصرية، هل الآن يحاولون إعادة ذات السيناريو بزج البلاد في دوامة التشظي لأسباب عنصرية؟ هل يريدون أن يدفع كل السودان فاتورة صراعاتهم مع الدعم السريع من أجل السلطة؟ وماهي القوى الإقليمية التي تغذي الانقسام لتحقيق مصالحها؟ هل يظل الشعب السوداني أسير لأمزجة القوة التي تحمل السلاح (الجيش والدعم السريع) وتسيطر على الأرض والإعلام والفعل السياسي؟ ماهو مصير المشتركة التي تقاتل بجانب الجيش؟ حتى متى تظل القُوَى السياسية والمدنية بعيدة عن مسرح الأحداث التي خلقت قُوَى الحرب واقعها، وهل يسمح الشعب السوداني بأن يكون تقسيم السودان بقوة السلاح؟ وماذا عن علاقات المصاهرة واالأخوة والصداقات العميقة بين الأسر السودانية؟ هل فكر الانفصاليون في ماذا يعني التقسيم؟ … حقيقة لسنا بحاجة إلى فلم جديد بعنوان(وداعاً عائشة أو مريم أو فاطمة) تكفينا جراحات فيلم (وداعاً جوليا)..
بالرغم من الحملات العنصرية التي تديرها الغرف الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لقوى الحرب التي تستغل حالة الغبن الشعبي من الانتهاكات والفظائع ضد المدنيين بلا استثناء ومازال تحدث نتيجة للحرب ،إلا أن العلاقات التي تربط بين السودانيين أقوى من أن تعصف بها تفاهات العنصريين التي تتعاطى معها سلطة الأمر الواقع في بورتسودان) قانون الوجوه الغربية) الذي يستهدف المواطنين بدوافع جهوية وقبلية وسياسية مثلاً لهذه العنصرية وحملة الاتهامات والاعتقالات والقتل والتعذيب الذي يتعرض له بعض المواطنين من قبل طرفي الحرب (الجيش والدعم السريع) لأسباب جهوية وقبيلة وسياسة أيضاً جميعها ممارسات ترفع درجة حرارة الغبن في النفوس وتزيد رصيد العنصريين ما لم تقف القوى المدنية والشرفاء من الكنداكات والثوار وقفة إنسان واحد لمواجهة التحديات الكبيرة التي تتعلق بمصير ما تبقى من السودان المهدد كيانه ووحدته. السودانيون يمرون بتجربة قاسية وامتحان صعب بيد أنهم قادرون على تجاوز الصعاب شريطة أن تشَكَّل القوى السياسية والمدنية الديمقراطية رافعة قوية بأفعال تخرج السودانيين من حالة الاصطفاف الجهوي والقبلي وهذا لا يتحقق إلا بالسمو فوق الخلافات والعمل بالحد ألأدنى من التلاقي والتنسيق حتى لا يترك مصير السودان للقوى الذي يحمل السلاح فقط.السودان بالرغم من تنوعه القبيلي والجهوي والديني والثقافي فإن الرابطة الإنسانية والوطنية بين السودانيين أقوى من يجرفها طوفان الحرب الذي أخرج عقارب وثعابين العنصرية التي تنفث سمها في الموطنيين الأبرياء في مناطق الحرب والسلم .قطعاً طول أمد الحرب ليس في صالح النسيج الاجتماعي الذي تعبث به أيادي الانفصاليين إلا أن الأمل كبير في جيل ثورة ديسمبر الذي مازال رافعاً رايتها لتضميد جراحات الوطن الذي أنهكته الحرب.ألم يأن للسودانيين أن يعيشوا في سلام؟.
لا للحرب… نعم للسلام

مقالات مشابهة

  • مطابع العملة السودانية تدفع بقافلة دعما لمواطني شرق الجزيرة وتوتي
  • الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء
  • قبيل صدور تقرير عن المجاعة .. الحكومة السودانية تنسحب من نظام عالمي لمراقبة الجوع
  • مناوي يزور قبر الفيتوري في لفتة إنسانية عميقة تعظيما للأدب والأدباء والمثقفين – صورة
  • قرار بتمديد فترة استبدال العملة السودانية لأسبوع إضافي
  • فيديو | 27.000.000 يتابعون محمد بن راشد .. صوت العقل
  • وكيل وزارة الرياضة الليبية يبحث مع وزيرة الشباب السودانية تعزيز التعاون المشترك
  • 27.000.000 يتابعون محمد بن راشد .. صوت العقل
  • الخارجية السودانية ترحب باعتذار أوغندا بعد تصريحات قائد قوات الدفاع
  • شيخ العقل يسلّم الشرع رسالة خلال اللقاء في قصر الشعب... هذا ما جاء فيها