كيف تغلبت هواوي على عقوبات أمريكا الخاصة بأشباه الموصلات؟
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
كشفت شركة هواوي الصينية العملاقة، التي تواجه عقوبات غربية منذ سنوات، عن هاتفها الجديد "هواوي ميت 60 برو" المصنّع محليّاً، ويُعدُّ تطوراً كبيراً في إطار حرب الرقائق المستمرة بين أمريكا والصين.
استغلت الصين ثغرات تدابير مراقبة الصادرات
ويعمل الهاتف بمعالج من نوع Kirin 9000S بشريحة 5G وبمعمارية 7 نانومتر، وصمَّمَ قسم HiSilicon في شركة هواوي هذه الشريحة اعتماداً على تقنية N+2 للمؤسسة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات.وشركة هواوي والمؤسسة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات مُدرجتان على قائمة شركات مكتب معايير الصناعة الأمريكي، الذي حدَّثَ قائمة الشركات الأمريكية في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 الخاضعة للتدقيق. ولكي تزاول الشركات الأمريكية أعمالاً مع الشركات المُدرجة على تلك القائمة، تحتاج إلى ترخيص مسبق من السلطات الحكومية الأمريكية. إخفاق أمريكي
وتوقع الخبراء تراجعاً حاداً في تدفق التقنيات والمعدات من الولايات المتحدة إلى الصين، مما سيحد إلى حدٍ كبير تطور الصين في صناعة الرقائق، ويجعلها تتخلف عقوداً عن الرقائق الأمريكية المتقدمة. ورغم ذلك، فإن عودة هواوي برقاقة بمعمارية 7 نانومتر تُثير الشكوك حول فعالية العقوبات الغربية.
وتنص لوائح أكتوبر 2022 التي قدَّمَها مكتب معايير الصناعة الأمريكي بوضوح على أنه "لا يجوز لأي شركة أن تساعد الشركات الصينية على تصنيع رقائق بمعمارية أقل من 14 نانومتر، باستخدام تقنية أمريكية".
وفي هذا الإطار، رأت ميغا شريفاستافا، باحثة هندية مختصة في مجال صناعة المعلومات والاتصالات الصينية وصناعة أشباه الموصلات، في مقال بموقع مجلة "ناشونال إنترست"، أن عودة هواوي بقدرة تصنيع بمعمارية 7 نانومتر تُمثِّل إخفاقاً لقائمة الكيانات الأمريكية ونظام الترخيص.
وأوضحت الكاتبة، المختصة بالصراع الأمريكي الصيني التقنيّ، أن الشركات المدرجة على قائمة الكيانات ليست الوحيدة التي تضمن تدفق المعدات الصين، مشيرة إلى إنشاء مجموعة من الشركات الوهمية في الصين لأغراض التجارة مع صانعي المعدات الأمريكيين للتحايل على العقوبات.
وأضافت الكاتبة: ينصرف كثير من الشركات التي تتعامل مع الموردين الأمريكيين في النهاية إلى المؤسسة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات الصينية، خاصةً في أعقاب متطلبات الترخيص في أكتوبر 2023. وفي حالات كثيرة، ستحصل هذه الشركات على تراخيص فقط لضمان الشحن النهائي إلى المؤسسة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات.
ولفتت الكاتبة إلى ثغرة أخرى في فهم قدرة تطوير الرقائق ضِمن عتبات مختلفة على مقياس النانومتر. وقالت: "يكمن ضيق الأفق الأمريكي في التقليل من قدرة السبل الصينية في الحصول على التقنية الفائقة بوسائل سرية. فالحظر المفروض على مبيعات المعدات المستخدمة فقط لإنتاج الرقائق الراقية لم يحظر قط تجارة المعدات والتقنية المستخدمة في إنتاج الرقائق المتدنية".
فضلاً عن ذلك، يستحيل أن تصنع الصين رقائق بمعمارية 7 نانومتر أو 14 نانومتر دون دعمٍ خارجيّ. ولأن صناعة أشباه الموصلات في الصين تتطور على نحوٍ مُتقطع في ظل غياب شركة تقدم حلولاً شاملة لإنتاج حتى الرقائق القديمة، فمن المستحيل بناء قدرات تصنيع رقائق بمعمارية 7 نانومتر دون دعم الأدوات والآلات والبرامج الغربية المتقدمة من الأطراف العالميين في سلسلة القيمة. توقعات خاطئة
وأضافت الكاتبة: " التوقعات بأن حظر وصول الصين إلى أدوات الطباعة الحجرية المتقدمة من شركة ASML الهولندية سيؤدي إلى افتقار الصين إلى وسيلة لطباعة الدارات على شرائح السيليكون اتضح أنها خاطئة. فقد استخدمت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة وشركة إنتل أداة 1980i من شركة DUV في إنتاج رقائق بمعمارية 7 نانومتر".
ويمكن شحن الأداة نفسها إلى الصين، على أن تستخدمها الشركات الصينية لتصنيع رقائق بمعمارية 7 أو حتى 5 نانومتر. وتبيع شركات توزيع المعدات مثل Applied Materials وTokyo Electronics وLam Research وASM International معدات لتصنيع رقائق بمعمارية 28 نانومتر للصين، يمكن استخدامها لتصنع رقائق بمعمارية 7 نانومتر.
ويشبه المعالج Kirin 9000S لشركة هواوي المعالج Intel 10، التي أُعيدت تسميته Intel 7. وبحسب الخبراء الأمريكيين، لم يُفْرَض أي قيد على شحن المعدات التقنية التي استُخدمت في إنتاج المعالج Intel 7 إلى الصين بموجب نظام مراقبة الصادرات.
وأشارت إلى أن هناك قيوداً محددة أيضاً تخص أجهزة المعدات التي تندرج تحت عتبة محددة. وتُفرَض قيود مثلاً على أدوات برنامج تصميم الرقائق فقط للرقائق بمعمارية 3 نانومتر. وهذا يعني أنَّ المعدات المحددة المُستخدمة لتصنيع رقائق بمعمارية 5 نانومتر ما زال من الممكن أن يحصل عليها الصينيون، ولا سيما للشركات الوهمية الصينية، التي انتشرت للالتفاف على العقوبات.
واستغلت الصين ثغرات تدابير مراقبة الصادرات التي كادت لا تضع في الاعتبار أن المعدات المُباعة للمشترين المتخلفين عن الركب يمكن أن تستخدمها الشركات الرائدة أيضاً. وهذه ثغرة سياسية واضحة، وتجاهُل جهات التنظيم لها يعكس بوضوح قصور البصيرة السياسية الأمريكية.
وخلصت الكاتبة إلى أن إطلاق الصين لهاتف يدعم شبكات الجيل الخامس بمعمارية 7 نانومتر يكشف عن أن جهات التنظيم الأمريكية أخفقت في فهم تعقيدات صناعة أشباه الموصلات وتوقعت بسذاجة حظر التدفق التقني بالكامل إلى الصين استنادًا إلى مجموعة من لوائح تنظيم الصادرات.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة صناعة أشباه الموصلات شرکة هواوی إلى الصین
إقرأ أيضاً:
معركة بين كوالكوم وآرم تهدد أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف
تصاعدت المعركة القانونية بين كوالكوم وآرم بشأن الاستحواذ على شركة الرقائق الناشئة Nuvia إلى نزاع عالي المخاطر يمكن أن يعيد تشكيل سوق الرقائق ويعطل ديناميكيات الصناعة طويلة الأمد. في قلب هذا الصراع تكمن استراتيجية كوالكوم لتقليل اعتمادها على تقنية آرم، مع إمكانية تحقيق مليارات الدولارات في حالة النجاح. ومع ذلك، فإن القضية تحمل أيضًا آثارًا كبيرة على مستقبل كوالكوم في سوق أجهزة الكمبيوتر المحمولة، وعلاقتها مع آرم، والنظام البيئي الأوسع للرقائق الذي يعتمد بشكل كبير على بنية آرم.
القضية: استحواذ كوالكوم على نوفيا
في عام 2021، استحوذت كوالكوم على نوفيا، وهي شركة ناشئة للرقائق أسسها مهندسو آبل السابقون، مقابل 1.4 مليار دولار. كان الاستحواذ جزءًا من استراتيجية كوالكوم لتحدي إنتل وتقليل اعتمادها على آرم، التي وفرت منذ فترة طويلة الأساس لتصميمات رقائق كوالكوم. اعتقدت شركة كوالكوم أنه من خلال الاستحواذ على شركة Nuvia، يمكنها إنشاء تصميمات شرائح مخصصة أكثر تحسينًا للأجهزة المحمولة والحوسبة، وخاصة في سوق أجهزة الكمبيوتر المحمولة التنافسية.
ومع ذلك، اعترضت شركة Arm، التي ترخص بنية معظم الرقائق المحمولة والحوسبة، على استخدام كوالكوم لتصميمات Nuvia، مدعية أن استحواذ كوالكوم على الشركة الناشئة ينتهك اتفاقية الترخيص الخاصة بهما. ويدور جوهر النزاع حول ما إذا كانت تقنية Nuvia مستقلة بدرجة كافية عن بنية Arm أو ما إذا كانت مشتقة، وبالتالي تخضع لشروط ترخيص Arm. تزعم Arm أن شركة Qualcomm يجب أن تدمر جميع تقنيات Nuvia التي تم تطويرها بموجب ترخيص أنهته، وهو ما تعارضه شركة Qualcomm.
وفقًا لمحلل الصناعة براكاش سانجام، الذي يغطي المحاكمة على أرض الواقع، تركز القضية حاليًا على ثلاثة أسئلة رئيسية يجب حلها بالإجماع من قبل هيئة المحلفين:
1. ما إذا كانت شركة Nuvia قد انتهكت المادة 15.1 (أ) من اتفاقية Nuvia مع Arm (ALA) - وهو بند يتعلق بحماية المعلومات السرية لشركة Arm بعد انتهاء الاتفاقية.
2. ما إذا كانت شركة Qualcomm نفسها قد انتهكت هذا البند - على الرغم من حقيقة أن شركة Qualcomm لم تكن طرفًا في اتفاقية Nuvia ALA، تدعي Arm أنه نظرًا لأن شركة Qualcomm تستفيد من التكنولوجيا، فيجب تحميلها المسؤولية.
3. ما إذا كانت منتجات كوالكوم مشمولة بترخيص كوالكوم الخاص مع آرم - تهدف دعوى كوالكوم المضادة إلى حماية نفسها من أي إجراءات قانونية مستقبلية تتعلق باستخدام تقنية نوفيا.
في قلب هذه المعركة تكمن إمكانية توفير كوالكوم لمبالغ كبيرة من مدفوعات الإتاوات لشركة آرم - والتي تقدر بنحو 1.4 مليار دولار سنويًا - من خلال الابتعاد عن تصميمات آرم. ستأتي هذه المدخرات من اعتماد كوالكوم على نوى الحوسبة المخصصة من نوفيا، والتي طورها فريق عمل سابقًا على تصميمات الرقائق الشهيرة لشركة آبل.
هناك أيضًا زاوية كوالكوم ضد آبل هنا
يعتبر السيليكون المخصص لشركة آبل لاعبًا رئيسيًا في هذه المعركة القانونية. مع تقديم رقائق M1 و M2، قامت آبل بتحويل مجموعة منتجاتها بالكامل، مما ترك شركات تصنيع الرقائق التقليدية مثل إنتل وكوالكوم تكافح لمواكبة ذلك. ولهذا السبب، فإن استحواذ شركة كوالكوم على شركة نوفيا يشكل قوة دافعة ضخمة وراء طموح الشركة لتحدي هيمنة شركة أبل في أسواق الرقائق المحمولة والهواتف المحمولة. كما أجبر هذا شركة كوالكوم على دخول سوق رقائق أجهزة الكمبيوتر الشخصية حتى تتمكن من مواجهة استثمارات أبل في شرائح السيليكون المخصصة لها.
إن الاستحواذ على شركة نوفيا واستخدام تقنيتها قد يسمح لشركة كوالكوم بإنشاء شرائح مخصصة لأجهزة ويندوز، مما يوفر بديلاً لهندسة إنتل x86 وشرائح السيليكون القائمة على ARM من شركة أبل. وشهد الرئيس التنفيذي لشركة كوالكوم، كريستيانو أمون، بأن هذه الخطوة كانت ضرورية لشركة كوالكوم لتظل قادرة على المنافسة في السوق سريعة التطور، وأن التوفير البالغ 1.4 مليار دولار المتوقع من الابتعاد عن عائدات ARM سيكون حاسماً في تمويل هذه الدفعة.
في الأساس، إذا نجحت شركة كوالكوم في الدفاع عن استخدامها لتقنية نوفيا، فقد تخلق سوقًا أكثر تنوعًا وتنافسية لشرائح أجهزة الكمبيوتر الشخصية، مما يمنح مايكروسوفت بديلاً للنظام البيئي الضيق لشركة أبل. ومع ذلك، إذا سادت آرم، فقد تضطر كوالكوم إلى التخلي عن خططها لاستخدام تصميمات نوفيا، وهو ما من شأنه أن يعزز هيمنة أبل في سوق الرقائق.
الصورة الأكبر: الآثار المترتبة على سوق الرقائق العالمية
قد يكون لنتيجة معركة كوالكوم ضد آرم تأثيرات كبيرة على صناعة الرقائق. تشكل بنية آرم الأساس لمليارات الأجهزة، من الهواتف الذكية إلى الخوادم، وأي تحول في العلاقة بين كوالكوم وآرم قد يغير ديناميكيات السوق بأكملها. قد تفتح جهود كوالكوم لتطوير نوى الحوسبة الخاصة بها الباب أمام شركات أخرى لتحذو حذوها، مما يقلل من اعتمادها على آرم ويؤدي إلى المزيد من المنافسة.
ولكن في الوقت نفسه، إذا اضطرت شركة كوالكوم إلى الامتثال لمطالب آرم وتدمير تكنولوجيا نوفيا، فقد يخلق ذلك سابقة تحد من قدرة شركات تصنيع الرقائق على الابتكار بشكل مستقل عن اتفاقيات الترخيص الخاصة بها.
ولكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هنا هو أن معركة كوالكوم ضد آرم لا تتعلق فقط باستحواذ شركة واحدة على شركة ناشئة - إنها معركة من أجل مستقبل تصميم الرقائق، مع عواقب عميقة على المنافسة بين أبل وكوالكوم وغيرهما من اللاعبين الرئيسيين في صناعة التكنولوجيا. لا نعرف الاتجاه الذي ستتخذه هذه المحاكمة، ولكن النتيجة قد تعيد تشكيل سوق الرقائق العالمية والأجهزة التي نستخدمها.