قال الشيخ الدكتور عبدالباريء بن عواض الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن قدرة الله سبحانه وتعالى وعظمته تتجلّى في خلق هذا الكون الفسيح، ونظامه الدقيق، والعقل البشري لا يدرك سوى الشيء اليسير من ملكوت السماوات والأرض، أما ما يخفى على الإنسان من صُنع الله جلْ جلاله فهو أكثر إعجازاً وإبهاراً وإبداعاً.

قدرة الله

وأوضح " الثبيتي" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أن من يقلّب ناظريه في هذا الكون الفسيح يقف مدهوشاً وهو يرى الجلال والجمال والكمال والنظام والانسجام في كون لا تنقضي عجائبه، ولا تنتهي أسراره، والقرآن يحُثّ على التدبّر والتفكّر في ملكوت السماوات والأرض، قال الله تعالى: "خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ".

وتابع: وترى في كل يوم إعجازاً وإتقاناً؛ ليل يجيء ونهار يذهب، ونهار يجيء وليل يذهب، في حركة دائبة وجريٌ لا يقرّ، ولم تقل البشرية يوماً منذ بدء الخليقة تأخر الليل عن المجيء في وقته أو طلوع الشمس قبل موعدها، فمن يدبّر الأمر، ومن ينظّم الحركة في تعاقب لا يختلّ، وتبادل مواقع لا يتوقف".

وأشار إلى أنه لو اجتمع الخلق كلهم على أن يأتوا بالليل في موضع النهار أو بالنهار في موضع الليل، ما استطاعوا، يقول سبحانه: "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ"، منوهًا بأن الليل يسدل أستاره بضياء القمر اللطيف الهادئ ليحقق السكون والهدوء.

وأضاف : والشمس تضيء الدنيا كلها بسراج وهاج، تبثُّ في الكون الحياة وفي النفوس النشاط للمعاش والأعمال، ولتزهر الحياة، ويسعد الأحياء؛ وفي معرض الإعجاز والإبداع؛ يقول تعالى: "والشمسُ تَجْري لِمُستقرٍ لَهَا" مشيرًا إلى أن حركة الشمس جريٌ هادئ غير مضطرب وغير محسوس، ويقول سبحانه: "والقمَرَ قدَّرناهُ مَنَازِل حَتَّى عَادَ كَالعُرْجُونِ القَدِيم".

من صفحات هذا الكون

وأفاد بأنه قُدِّر للقمر منازل وأزماناً يمرُّ بها حتى يصير هلالاً دقيقاً، حتى أنه لا يكاد يرى من فرط دقته، وانحنائه بانتظام بالغ، فمن خلقهما ومن أودع فيهما النور الضياء، ومن حفظ سيرهما ومسارهما، ومن يدبر أمرهما صباح مساء، سبحانه ما أعظمه، "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ".

شوأشار إلى أنه في صفحة أخرى من صفحات هذا الكون الذي يبهر العقل ويثير الدهشة، يقول سبحانه "وَهُوَ الَّذِى سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا"، خلق الله البحر على هذه الصفة العظيمة، وجعله ميسراً للانتفاع، قابلاً لحمل المراكب، وألهم الإنسان صنع المراكب على كيفية حفظها من الغرق في عباب البحر، وعصمهم من توالي الرياح والموج في أسفارهم، إنه تقدير قادر ونظام خالق.

ولفت إلى أن العين لا تخطيء ذلك المنظر البهيج، البساط الأخضر الذي يغطي اليابسة، نجد النبات وقد وشح الأرض بأجمل الألوان، وكساها بأبهى الأغصان، ونرى ثماراً مختلفة تسقى بماء واحد، يفصّل الله بعضها على بعض في الأكل، وتقف البشرية مذهولة أمام كون غاية في الإبداع والإعجاز الإتقان، وما يزال الحقُّ سبحانه يكشف للناس شيئاً من أسرار الكون وآياته وباهر صنعته في كل أمة ومكان وفي كل عصر وزمان، لتقوم الحجة وتظهر المحجة إلى قيام الساعة.

واستطرد:  أما الأرض فيرى كل من مشى عليها عظمة خلقها، مهادها ومدّها واستقرارها، أنهارها وعيونها وجبالها الشامخة الدراسية، وهوائها النقيّ الذي به تنتعش الأنفاس، ولو تعطل لحظات لعطبت الحياة وفنى الخلق، لكنها رحمة الله التي تحفّنا وحفظنا في يقظتنا ونومنا، ذلك ظاهر ما نرى، فكيف بباطن ما لا نراه، وهو أكثر إبداعاً وإعجازاً.

لكي ندرك رحمة الله

ونبه إلى أنه لكي ندرك رحمة الله بحفظ الأرض واستقرارها، فلننظر إلى أثر الزلازل والأعاصير والفيضانات التي تحدث للحظات، ثم نتأمل ثبات الأرض على مدار الحياة كلها وعبر العصور وتعاقب الأجيال، من الذي أرساها لكيلا تميد، وثبتها حتى لا تضطرب، فهذه الزلازل والأعاصير والفيضانات جارية في نظام سنن الله في الكون لحكمة لا نعلمها، وهي رحمة من رب العالمين، وإسقاط هذه الأحداث على قوم بعينهم في زمن بعينه على أنها عقوبة، رجماً بالغيب، وافتئات على الشرع، فقد يكون البلاء تنقية أو تطهيراً أو اصطفاء وتكريماً، وقد تجتمع كلها".

وبين  أن البلاء له صنوف وأحوال، فقد يبتلى أقوام بأشد مما ذكر، من فقد الأمن، وعلو صوت الرصاص بالحروب، وتفشى الظلم، واشتداد القتل والأوبئة والأمراض، وواجب الوقت الذي لا محيد عنه ولا يتقدمه غيره في مثل هذه الأحوال، النصرة والدعم والمؤازرة والإغاثة، وتقديم كل ما يمكن من مواساة بالقليل والكثير، واستيعاب آلام الذين يئنّون، وتهدئة روع النفوس المثقلة بالجراح، ورفع الهمم، وشحذ المعنويات، والكلمة الطيبة التي تكون بلسماً يضمد الجراح، ويمسح الأحزان، وذلك من قيم التراحم والتضامن، والتكافل الذي ربّانا عليه الإسلام.

ونوه بأن ما تبذله المملكة من دعم ومساندة في إغاثة المتضررين ومساندتهم والتخفيف من مصابهم، مبيناً أن قيادة هذه البلاد تعدّ النموذج المحتذى في النصرة والدعم، بفتح القنوات الرسمية وتسيير قوافل الإغاثة براً وبحراً وجواً، يعزز ذلك شعب معطاء، يبذل بسخاء، ولا يغيب عن الأذهان النصوص الشرعية التي تؤكد حفظ الله للمنفقين، وتفريج كربة من فرّج كرب المكروبين وقضى حوائج الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج - وهو القتل - حتى يكثر فيكم المال فيفيض".
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة من المسجد النبوي قدرة الله هذا الکون إلى أن

إقرأ أيضاً:

ما الذي يحدث في السعودية؟.. أكثر من 19 ألف موقوف خلال أسبوع

أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن نجاح حملات أمنية واسعة في توقيف 19,696 مقيما غير قانوني في مختلف مناطق المملكة، وذلك خلال الفترة بين 14 و20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. 

اقرأ ايضاًردا على "الطاقة الذرية".. إيران تطلق أجهزة طرد مركزي متطورة

جاءت هذه الحملة في إطار الجهود المستمرة لمكافحة مخالفات الإقامة والعمل وأمن الحدود، بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة.

حملة ميدانية

تشير التقارير الرسمية إلى أن من بين الموقوفين 11,336 شخصاً خالفوا قوانين الإقامة، 5,176 مخالفين لقوانين أمن الحدود، و3,184 مخالفين لقانون العمل. 

كما كشف التقرير عن القبض على 1,547 شخصا حاولوا عبور الحدود بشكل غير قانوني إلى المملكة، بينهم 32% يمنيون، 65% إثيوبيون، والبقية من جنسيات أخرى.

مخالفات العمل والهجرة غير الشرعية 

فيما يتعلق بمحاولات مغادرة المملكة، تم القبض على 71 شخصاً كانوا يحاولون مغادرة البلاد بطرق غير شرعية. بالإضافة إلى ذلك، تم توقيف 22 شخصاً بتهم تتعلق بنقل وإيواء وتشغيل المخالفين. 

وتُجرى حاليا الإجراءات القانونية بحق 22,658 وافدا، بينهم 19,651 رجلا و3,007 امرأة.

الترحيل والإجراءات القانونية 

وأعلنت وزارة الداخلية السعودية أن 15,134 شخصا من المخالفين تم إحالتهم إلى بعثاتهم الدبلوماسية للحصول على وثائق سفر، بينما تم ترحيل 10,666 مخالفا بعد استكمال إجراءاتهم القانونية. 

اقرأ ايضاًالعثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات

كما تم اتخاذ تدابير لحجز وتأمين سفر 2,656 مخالفاً لاستكمال حجوزاتهم.

تحذير من تسهيل دخول المخالفين

في سياق متصل، حذرت وزارة الداخلية السعودية من مغبة تسهيل دخول الأفراد غير القانونيين إلى المملكة، أو توفير المأوى أو النقل لهم. 

وأكدت أن أي شخص يساهم في ذلك قد يُعاقب بالسجن لمدة تصل إلى 15 سنة، مع غرامة مالية قد تصل إلى مليون ريال، إضافة إلى مصادرة المركبات والمنازل المستخدمة في تسهيل تلك الأنشطة.


© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)

وسام نصر الله كاتب وصحفي

كاتب وصحفي متخصص في الشؤون السياسية والدولية، وعضو في نقابة الصحفيين الأردنيين واتحاد الصحفيين العرب. يعمل محررا في قسم الأخبار في "البوابة" منذ عام 2011، حيث يتابع ويحلل ويغطي أبرز الأحداث الإقليمية والدولية.

الأحدثترند ما الذي يحدث في السعودية؟.. أكثر من 19 ألف موقوف خلال أسبوع تشكيلة مانشستر يونايتد المتوقعة ضد إبسويتش تاون اليوم في الدوري الإنجليزي 2024-25 زعيم حزب ألماني: نعيش تحت الإحتلال الأمريكي.. ومهددون بالحرب تشكيلة ليفربول المتوقعة ضد ساوثهامبتون اليوم في الدوري الإنجليزي 2024-25 البرهان يكشف عن المرحلة المقبلة في السودان Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • ما الذي يحدث في السعودية؟.. أكثر من 19 ألف موقوف خلال أسبوع
  • حكم شراء السلع المدعمة من السوق السوداء مع العلم بحالها .. دار الإفتاء تجيب
  • العلاقات الزوجية.. خطيب المسجد الحرام: متى علم الزوجان الحقوق والواجبات نعما سويا بالسعادة
  • خطيب المسجد النبوي: الابتلاء سنة الحياة ليختبر الله الصبر ويزيد اليقين عند الإنسان
  • خطبة الجمعة من المسجد النبوي: الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما سر ثبات الأمة في أقسى الأزمات
  • خطيب المسجد النبوي: الإيمان وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة وقت الأزمات
  • في عالم مصطخب بالمشكلات.. خطيب المسجد الحرام: الإسلام أرسى قواعد الأخوة والمحبة
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • دعاء عظيم ليوم الجمعة.. كن موقنا بالإجابة
  • الإيمان والعلم