متحف التحنيط المصري.. الطريق إلى “الخلود الفرعوني”
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
مصر – يقع متحف التحنيط الوحيد في العالم، الذي يحتفظ بداخله أسرار فرعونية تبوح بتجهيزات ما بعد الموت لدى المصريين القدماء، على نهر النيل شرقي مصر، وقريبا من معبد وجبل يحتفظان بآثار تاريخية عظيمة.
ويقع المتحف في محافظة الأقصر الواقعة على ضفاف نهر النيل جنوب مصر، والتي عرفت قديما باسم “طيبة”، وكانت عاصمة مصر.
هذا المتحف الذي يقع شرقي المحافظة، هو قبلة السياح القادمين من رحلات نيلية من غربها المليء بالمزارات التاريخية، كمعبد الكرنك وجبل القرنة التاريخي، متطلعين لرؤية أسرار التحنيط الفرعوني.
وفق معلومات متطابقة، يعد متحف التحنيط بالأقصر، الوحيد بمصر والعالم، المتخصص في عرض تجهيزات ما بعد الموت لدى المصريين القدماء وأساليب حفظ جثث الموتى وتحنيطها.
وافتتح متحف التحنيط في الأقصر من جانب السلطات المصرية عام 1997، أي مر عليه أكثر من ربع قرن، محتفظا بنحو أكثر من 150 قطعة أثرية يحويها المتحف وأشهرها مومياء تمثل “الكمال في التحنيط”، وتظهر أحد أشهر المصريين القدماء بحالته كاملة.
واعتقد المصري القديم في معتقداته، “أهمية الحفاظ على الجسد بعد الوفاة لضمان الخلود في العالم الآخر، لذا كان التحنيط عنصرًا أساسيًا في الممارسات الجنائزية للمصريين القدماء، وكان يشرف عليه رمزيًا المعبود أنوبيس ( الاسم الإغريقي لإله الموت والتحنيط في الديانة المصرية القديمة)”، بحسب المعلومات الرسمية التي نشرتها وزارة الآثار المصرية عبر موقعها الإلكتروني.
وتتضمن عملية التحنيط “العديد من الخطوات المعقدة التي كانت تستغرق حوالي 70 يومًا، وتكون مصحوبة بإقامة العديد من الطقوس وقراءة التعاويذ، بينما تحفظ أعضاء المتوفى في أوان تعرف باسم الأواني الكانوبية، ثم يجفف الجسم باستخدام ملح النطرون”.
وبالمرحلة النهائية من التحنيط، يلف بلفائف من الكتان، كما توضع التمائم السحرية داخل اللفافات حول أجزاء مختلفة من المومياء لحماية الجسد، وفي النهاية تحمل أسرة المتوفى مومياءه لوضعها في تابوت لدفنه، بحسب معلومات وزارة الآثار المصرية.
وبمجرد أن تطالع لافتة في الأقصر عليها كلمتا “متحف التحنيط”، سيكون خلفها جسر النيل الشهير، وبالقرب منها معبد الأقصر الذي يضم العديد من الآثار القديمة، وعلى بعد نحو 5 كليو مترات، جبل القرنة الشهير الذي يعج بمقابر فرعونية تاريخية.
يمكن دخول المتحف عبر سلم منحدر للأسفل مزين بالرسوم الفرعونية واللوحات الجدارية، وكأن الزائر يدخل رحلة فرعونية في حجرات دفن المصريين القدماء.
وعبر هذا السلم، يبدأ الوصول إلى الآثار المحنطة التي تحفظ في صناديق زجاجية، وحولها أضواء خافتة، تزداد إنارتها حول القطعة المحنطة، في نظام إضاءة محكم.
وبداخل الصناديق الزجاجية، تتنوع المعروضات القديمة التي تحوي أسرار التحنيط الفرعوني، من مومياوات محنطة وتوابيت مزينة وتماثيل، وأواني مستخدمة في التحنيط، والطقوس المرتبطة بها.
ومن “أهم القطع الأثرية بالمتحف”، وفق المعلومات الرسمية، مومياء ماسحرتي، وهو ابن الملك بانجم من الأسرة المصرية 21 (من 1085 قبل الميلاد إلى 950 قبل الميلاد) ، وكان يعمل كبير لكهنة آمون رعـ ملك الآلهة وقائداً للجيش، في الوجهين القبلي والبحري.
واكتشف هذه المومياء التي تمثل “عصر الكمال الفرعوني في فن التحنيط”، عالم المصريات الفرنسي، جوستاف ماسبيرو عام 1881م، وتلك المومياء في “حالة جيدة من الحفظ”، وتابوتها مزين بمشاهد جنائزية شهيرة في العهد الفرعوني.
ويضم المتحف، ما يعرف باسم “الأواني الكانوبية (نسبة لمدينة قديمة بالإسكندرية تسمى كانوب)”، وهي أوان “تستخدم لحفظ أحشاء المتوفي بعد تحنيطها وكانت أغطيتها على هيئة أبناء حورس الأربعة (فرعوني شهير)”.
بخلاف أدوات أخرى تستخدم في عملية التحنيط، مثل السرير الخشبي ووسادتين مصنوعتين من الكتان ومحشوتين بالريش.
وبخلاف التوابيت وأواني التحنيط وتماثيل، تحتفظ تلك الصناديق الزجاجية، بعدد من المومياوات للحيوانات والطيور المقدسة لدى الفراعنة مثل مومياء لقطة والتي كانت في مصر القديمة ترمز للمعبودة باستت، ومومياء لتمساح كانت يرمز للمعبود سويك ،رب الماء والخصوبة ، ومومياء لسمكة صغيرة، ومومياء لقرد يرمز للمعبود تحوت اله المعرفة والحكمة.
كما تبرز الأضواء بالمتحف مركب نقل الموتى الشهير لدى الفراعنة داخل الصندوق الزجاجي، التي تنقل موتى المصريين القدماء إلى عالم “الخلود الفرعوني”، كما كان يعتقدون.
ويستقبل المتحف يوميا وفودا من السياح والمواطنين، غير أنه لا إحصائيات رسمية بأعداد الزوار.
وفي يوليو/تموز الماضي، قال وزير السياحة المصري أحمد عيسى، إن بلاده استقبلت في النصف الأول من العام الجاري 2023، قرابة 7 ملايين سائح بكافة أنحاء البلاد.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: المصریین القدماء
إقرأ أيضاً:
عربية النواب: تحويل متحف التحرير لمركز عالمي للمصريات خطوة تعيد القاهرة لقلب خريطة الآثار الدولية
أشاد النائب أحمد فؤاد أباظة، رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، بما كشف عنه المهندس شريف فتحي وزير السياحة والآثار ، بشأن دراسة فكرة تطوير متحف التحرير، وبحث المقترح الذي سبق أن طرحه وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسني، والخاص بتحويل المتحف المصري بالتحرير إلى مركز عالمي لدراسة المصريات بعد نقل غالبية القطع الأثرية الفريدة إلى المتحف المصري الكبير ، مؤكداً أن هذه الفكرة تمثل نقلة نوعية في توظيف الأماكن الأثرية التاريخية.
وأشار " أباظة " فى بيان له أصدره اليوم إلى أن تحويل المتحف إلى مركز بحثي عالمي سيحافظ على قيمته الحضارية، ويمنحه دورًا جديدًا يتناسب مع مكانته ورمزيته التي ارتبطت بتاريخ علم الآثار المصري. وأضاف أن العالم كله يتجه اليوم إلى تحويل المتاحف التقليدية إلى مراكز بحثية وتفاعلية، ما يجعل مبادرة الفنان فاروق حسني ذات رؤية سبّاقة وتستحق التنفيذ.
موضحاً أن هذا التحول سيجعل القاهرة مركزًا إقليميًا ودوليًا لدراسات المصريات، وسيستقطب الباحثين والبعثات العلمية، بما يعزز الدور الثقافي للدولة المصرية في نشر علوم الحضارة القديمة.
وطرح النائب أحمد فؤاد أباظة 6 اقتراحات قابلة للتنفيذ لتحويل الفكرة إلى مشروع واقعي ناجح وهى :
1. إنشاء منصّة بحثية عالمية داخل المتحف تضم معامل تحليل واستخدام التقنيات الحديثة مثل المسح ثلاثي الأبعاد والذكاء الاصطناعي في دراسة الآثار.
2. إقامة شراكات دولية مع جامعات ومراكز متخصصة في علم المصريات في ألمانيا، فرنسا، أمريكا، واليابان.
3. تخصيص جناح تعليمي تفاعلي يقدم دورات وبرامج تدريبية للباحثين والطلاب المصريين والدوليين.
4. إطلاق مكتبة رقمية كبرى تضم جميع المخطوطات والدراسات والأرشيفات الخاصة بالبعثات الأثرية منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم.
5. تطوير قاعات عرض ذكية لعرض النماذج الأصلية والنسخ عالية الدقة دون التأثير على القطع الأثرية المنقولة للمتحف الكبير.
6. تنظيم مؤتمر عالمي سنوي للمصريات ليكون المتحف مركزًا للحوار العلمي الدولي في هذا التخصص.
مؤكداً أن تحويل المتحف المصري بالتحرير إلى مركز للمصريات سيحقق مكاسب استراتيجية كبيرة لقطاعي السياحة والآثار فى مقدمتها تعزيز مكانة مصر كعاصمة لعلم المصريات عالميًا وجذب آلاف الباحثين والسائحين المهتمين بالتراث الثقافي وتنشيط السياحة العلمية والتعليمية، وهو نمط واعد عالميًا وتوفير مصدر دخل مستدام من خلال الفعاليات والمؤتمرات والبرامج المتخصصة ، وحماية قيمة المتحف التاريخية بعد نقل أجزاء كبيرة من مقتنياته اضافة دعم الدبلوماسية الثقافية المصرية وإعادة إبراز الدور الريادي للدولة في الحفاظ على التراث الإنساني.
واختتم «أباظة» مؤكداً أن الفكرة تستحق الإسراع في تنفيذها، وأن تحويل متحف التحرير إلى مركز دولي لدراسات المصريات سيكون «رسالة حضارية» تؤكد أن مصر لا تزال المرجع الأول في دراسة وفهم تاريخها القديم.