أثار طلب عدد من السياسيين المصريين بتدخل الجيش للإشراف على انتخابات الرئاسة المقررة في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، ودعوة أحد قادته السابقين الترشح بمواجهة رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، جدلا واسعا.

واستدعى رئيس حزب "الإصلاح" محمد أنور السادات الجيش المصري للمشهد السياسي الداخلي، داعيا إياه الأربعاء الماضي، عبر بيان لافت للإشراف على الانتخابات الرئاسية، معربا عن مخاوفه من أن "تلحق بمصر عدوى الانقسام والانهيار المحيط بها إقليميا".



السادات، بدأ بيانه بكلمة "نداء إلى القوات المسلحة المصرية"، وطالب الجيش بضمان إجراء الانتخابات بشكل نزيه، مذكرا بدوره بانتخابات الرئاسة عام 2012، والتي جاءت بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا (الراحل محمد مرسي).

وقال: "أهيب بالقوات المسلحة صيانة النظام الديمقراطي طبقا للمادة 200 من الدستور المصري".

وضمن التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان في نيسان/ أبريل عام 2019، تضمنت (المادة 200)، إضافة تقول أنه على الجيش "صون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد".


" جاد يستدعي حجازي"
وفي السياق، استدعى المتحدث باسم التيار الليبرالي الحر، عماد جاد، صهر السيسي، ورئيس أركان القوات المسلحة السابق، الفريق محمود حجازي، للمشهد الانتخابي، وعبر بيان له بـ"فيسبوك"، الثلاثاء الماضي، دعاه عبر ما أسماه بـ"النداء الأخير"، للترشح بالانتخابات الرئاسية.

نداء جاد، جاء بدعوى "إنقاذ البلاد من نفق مظلم داخليا وخارجيا.. ومصير قاتم يهدد أمن واستقرار البلاد والعباد"، مؤكدا لحجازي، أنه بمقدوره "العبور بمصر لمرحلة الاستقرار والتحول لدولة مدنية ديمقراطية حديثة".


وفي استطلاع للرأي أجراه الباحث المصري في الشؤون العسكرية محمود جمال، عبر صفحته بموقع "X"، اختار 91.4 بالمئة من المشاركين بالتصويت الفريق حجازي، كمرشح رئاسي، بينما اختار 8.6 بالمئة فقط، السيسي.

"الطنطاوي وعنان"
وعلى نفس المنوال استدعى المرشح الرئاسي المحتمل أحمد الطنطاوي، كلمات رئيس أركان الجيش المصري الأسبق الفريق سامي عنان، حين خاطب المصريين معلنا ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2018، بقوله: "أيها الشعب السيد في الوطن السيد".

الطنطاوي، وفي بث مباشر له بـ"فيسبوك"، دعا أعضاء حملته لمواصلة تحرير التوكيلات المطلوبة لترشحه للرئاسة والبالغة نحو 25 ألف توكيل ويجد عقبات أمنية وإدارية في إنجارزها، مخاطبا المصريين على طريقة عنان، بقوله "أيها الشعب المصري العظيم السيد في الوطن السيد".


متابعون، تساءلوا حول دلالات استعانة الطنطاوي، بطريقة إلقاء عنان وكلماته التي حفظها المصريون، وما إذا كان خلفها رسالة أو دعم من جهات ما للمرشح المنافس للسيسي.

"توقيت الاستدعاء"
تلك النداءات تأتي بعد أيام من إعلان اللجنة الوطنية للانتخابات في مصر الاثنين الماضي، عن إجراء الانتخابات الرئاسية من 10 حتى 12 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.

كما تأتي في ظل ما تشهده مصر من أوضاع سياسية واقتصادية متردية، في ظل أزمة اقتصادية خانقة طالت 105 ملايين مصري بالداخل، بفعل تفاقم نسب التضخم والانهيار الحاد للعملة المحلية، وسط تصاعد القمع والملاحقة مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي.

ورغم أن السيسي، لم يعلن ترشحه للانتخابات التي سيبدأ المرشحون التقدم بأوراقهم لخوض غمارها 5 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، إلا أن دولة السيسي، قامت بحشد البسطاء وموظفي الدولة وأعضاء حزب "مستقبل وطن" لعمل آلاف التوكيلات له، مع الاستعانة بالبلطجية لمنع تسجيل توكيلات للطنطاوي.

رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، ورئيسة حزب الدستور، جميلة إسماعيل، والرئيس السابق لحزب الكرامة، أحمد الطنطاوي، أعلن ثلاثتهم نيته الترشح للانتخابات الرئاسية.


"محاولة إنقاذ غير مجدية"
ويرى الباحث المصري المتخصص في العلاقات المدنية العسكرية والدراسات الأمنية محمود جمال، أن استدعاء "السادات"، و"جاد"، للجيش وقياداته إلى المشهد السياسي، قبيل رئاسيات مصر، له عدة دلالات.

وفي حديثه لـ"عربي21"، يظن جمال، أن "هناك بعض السياسيين يحاولون أن يستدعوا الجيش بهدف إنقاذ البلاد مما تتجه إليه؛ إذا استمرت سلطة السيسي"، مضيفا: "وفي هذا الصدد تأتي دعوات السياسيين السادات، وجاد، وغيرهما".

وفي تقديره لاحتمالات استجابة الجيش لتلك الدعوات، وإذا كان سيفرط في السيسي من عدمه، يرى الباحث المصري، أنه "وبناء على المؤشرات والشواهد الحالية، ومن وجهة نظري فإن قيادات المؤسسة العسكرية الحالية ومؤسسات الدولة تسير مع السيسي في خطته للاستمرار بالحكم".

وفي وصفه للحالة المصرية، قال إن "الواقع شديد البؤس، ولا أحد يريد أن يستمع لصوت العقل، لكي نتفادى جميعا المستقبل المظلم القادم والحاضر البئيس".

ولفت إلى أن الرئيس الراحل "جمال عبدالناصر، (1956- 1970) بعد عام 1952-حركة الضباط الأحرار  ضد الملك فاروق- كان يرى أن منصب الرئيس حق له نتيجة لما فعله، وتوافقت معه أجهزة الدولة، ومن كان على خلاف معه داخل مجلس قيادة الثورة نكل به ناصر كي يظل هو الحاكم إلى مماته".

وأوضح، جمال أنه حجم التشابه بين حالة مصر بحقبة ناصر وبين حالتها بسنوات حكم السيسي، بقوله إن "السيسي، كذلك يرى أن منصب الرئيس لا يحق لأحد غيره، ومؤسسات الدولة تسير معه في ذلك الأمر، ونكل بمن له رأي آخر".


"غطاء وحماية"
وفي رؤيته، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المصري المقيم في الولايات المتحدة أحمد حسن بكر: "يجب الإشارة إلى أن السادات، وجاد، ما كانا يجرؤان على قول ما قالاه إلا بضمان غطاء وحماية من داخل النظام أو خارجه"، في إشارة إلى قوى داخلية وأخرى "إقليمية أو دولية".

في حديثه لـ"عربي21"، لفت بكر،إلى أنه "يجب الاعتراف بوضوح أن القبول الوطني وسمعة قيادات القوات المسلحة بالشارع تضررت كثيرا، ويرى البعض صمت القيادات على ما جرى ويجري من تنازل وتفريط وبيع، خيانة عظمى".

وأشار إلى بعض تلك الجرائم، مثل "تنازل السيسي عن جزيرتي (تيران وصنافير) الاستراتيجيتين بمدخل خليج العقبة بالبحر الأحمر إلى السعودية عام 2016، وضياع حقوق مصر بمياه نهر النيل بتوقيعه (اتفاقية المبادئ عام 2015) مع إثيوبيا والسودان".

"وما جرى لجنود الجيش المصري من إهانة وتوقيف في نيسان/ أبريل الماضي على يد (قوات الدعم السريع) بالسودان، وهيمنة الجيش على النشاط الاقتصادي، وانغماسه في (بزنس) لا علاقة له به"، وفق قول بكر.

وأضاف: "وكذلك بيع الأصول العامة للدولة بلا ثمن تقريبا"، مؤكدا أنه "ومن ثم فإن ثقة الشارع بقيادات الجيش إهتزت، وصارت الغالبية العظمى تجهر بأعلى صوت: (كفاية حكم عسكر)".

ويرى المحلل السياسي، أن "الشارع وكثير من النخب لم يتحمس لدعوة السادات، وبيان جاد، لأن ما حل بالبلاد من خراب كان على يد العسكر أنفسهم، وبموافقة العسكر أنفسهم، كمؤسسة عسكرية حاكمة لكل نواحى الحياة الآن".

وتابع بكر "ولأن (المادة 200) من الدستور، والتي استند عليها السادات، عندما وجه دعوة للجيش، مادة مثيرة للجدل الدستوري، وتم تعديلها بما يخالف الدستور، لأنها أقحمت الجيش في أمور مدنية الدولة، وهو أمر لا يخص الجيش".


"تفكك الدولة"
وراح بكر، في رصد الواقع الحالي بعهد السيسي، بقوله: "بدا للشعب بلا إستثناء أن الدولة الآن تتفكك حرفيا، وأنها تُدار بمنطق العصابات، وأن ثورة جياع قادمة لا محالة، وأن السيسي وحاشيته يدفعون البلاد نحو الفوضى المدمرة".

وأن "القوات المسلحة ستجد نفسها قريبا بمواجهة غضب الشعب، وجها لوجه، وقد تنزلق الأمور إلى منزلق خطير، يهدد وحدة القوات المسلحة نفسها"، وفق رأي الكاتب المصري.

ويعتقد أنه "ولذلك ربما تكون هناك قوى إقليمية أو حتى دولية أوحت للسادات، وجاد، أن يُصدرا ما أصدراه من دعوات للجيش للإشراف على الانتخابات في ظل غياب الإشراف الدولي، ولأحد قياداته (الفريق حجازي، رئيس الأركان الأسبق)  بالترشح".

وتابع: "وربما يرى السادات، أن نظام السيسي، جاء على ظهر الدبابة وبالمدفع، وأن رحيله بالصندوق درب من المستحيل، وأن إزاحته عن المشهد يكون بالدبابة والمدفع أيضا".

وأعرب بكر، عن اعتقاده بأن السيسي وقياداته العسكرية في مركب واحد، متوقعا أن "القيادات العليا لن تتخلى عنه، حتى آخر حجر بجدار الوطن، لأن تلك القيادات وافقت، وأغمضت عينها، وصمتت، بل وشاركت السيسي، كل جرائمه السياسية بحق الوطن، حتى دماء الأبرياء التي سالت، ستُسأل عنها تلك القيادات أيضا".


"مكاسب الضباط"
أحد ضباط الجيش السابقين، وفي حديثه لـ"عربي21"، توقع عدم استجابة الجيش أو أي من قادته لأي من تلك النداءات أو ما أسماه "مغازلة السياسيين للجيش".

وأوضح أن "استفادة كبار القادة كبيرة"، مؤكدا "أن لكل لواء سلعة استراتيجية يتحكم فيها، مثل الإشراف على سلع القمح والأرز والزيت والسكر وغيرها، أو الحصول على توكيل باستيراد خامات أو سلعة أو قطع غيار دون غيره".

وتابع: "لكل قائد مشروع يستفيد منه ماليا داخل الجيش، أو إدارة يديرها أو شركة يقودها ويتحكم في كل ما بها بعد خروجه من الخدمة"، مبينا أنه "لذلك فإنهم لن يفرطوا في السيسي".

كذلك، ألمح الضابط الذي خرج من الخدمة العسكرية برتبة مقدم، إلى أنه "لا يوجد ضابط يمكنه أن يضع نفسه موضع الفريق سامي عنان، أو مكان العقيد أحمد قنصوة، أو حتى مكان الفريق أحمد شفيق"، في إشارة إلى تنكيل السيسي بهم.

وينهي العقيد أحمد قنصوه مدة سجنه في كانون الأول/ ديسمبر 2023، بعد منع السيسي، له من الترشح بمواجهته في انتخابات العام 2018، التي فاز بها السيسي.

وجرى سجن قنصوة 6 سنوات، والفريق سامي عنان سنتين بعد رفض المجلس العسكري ترشحه ضد السيسي، ووضع الفريق أحمد شفيق قيد الإقامة الجبرية إثر قدومه من الإمارات لمنافسة السيسي، عام 2018.

وللجيش الذي أصبح العمود الفقري للدولة منذ عام 1952، إمبراطورية اقتصادية عملاقة وتأثير على السياسة الاقتصادية وتخصيص الميزانية والعقود العامة، وفق تعبير صحيفة "لوموند" الفرنسية، التي أكدت في آذار/ مارس الماضي، أن "الجيش لا يتخلى عن أي بقرة مربحة".

وقالت إن "شهية مؤسسة الجيش، نمت بشكل كبير في ظل رئاسة السيسي"، لافتة إلى أن "72 شركة تخضع لإشراف وزارتي الإنتاج الحربي والدفاع، في ظل غموض مالي كامل، دون رقابة على حساباتها أو أدائها"، ملمحة إلى احتكار الجيش العقود العامة واستخدام أراضي الدولة، وعدم قدرة البنوك على رفض أي شيء للجيش.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصريين السيسي الطنطاوي مصر السيسي الطنطاوي سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة القوات المسلحة إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحديات وأولويات.. ماذا ينتظر الشرع عقب تنصيبه رئيسا للمرحلة الانتقالية؟

دخلت سوريا مرحلة جديدة بعد إعلان تنصيب أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية وحل كل ما يمت للنظام المخلوع بصلة مثل حزب البعث والأجهزة الأمنية ودستور عام 2012، حسب باحثين تحدثوا مع "عربي21".

وجاء تصيب الشرع في مؤتمر موسع للفصائل العسكرية تحت عنوان مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية، حيث جرى الإعلان عن سلسلة من القرارات الثورية من بينها حل الفصائل وقوى الثورة بهدف دمجها مع مؤسسات الدولة.

ويمثل المؤتمر بداية مرحلة جديدة في مسار إعادة بناء الدولة ومؤسساتها حيث تعبر البلاد إلى المرحلة الانتقالية التي من شأنها أن تسفر عن دستور جديد يضع أسس سوريا الجديدة.

ويرى الباحث السوري عبد الرحمن الحاج أن سوريا دخلت مرحلة جديدة مع إعلان تنصيب الشرع رئيسا، حيث يمتلك الأخير الآن القدرة على اتخاذ جميع القرارات اللازمة في المرحلة الانتقالية.




ويوضح الحاج في حديثه مع "عربي21" أنه سيكون بالإمكان في المرحلة الجديدة مخاطبة المجتمع الدولي وتغيير البعثات الديبلوماسية والمطالبة بالأموال المجمدة، بالإضافة إلى المطالبة بالقبض على المجرمين، وتشكيل الجيش والأمن.

وبحسب تعبير الباحث، فإن سوريا اليوم أمام "إعادة إقلاع" لجميع مؤسسات الدولة سواء من حيث التعافي للمؤسسات الخدمية أو إعادة البناء للمؤسسات السيادية.

وأعلن الناطق الرسمي باسم إدارة العمليات العسكرية العقيد حسن عبد الغني تفويض الشرع بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت للمرحلة الانتقالية، يتولى مهامه إلى حين إقرار دستور دائم للبلاد ودخوله حيز التنفيذ.

ولا يتضح الآن كيف سيكون المجلس التشريعي، وما هي بنيته، حسب عبد الرحمن الحاج، ولكن "الشرعية الثورية تسمح له بتشكيل الهيئة التشريعية بالطريقة التي تسمح له بالإنجاز".

ويرجح الحاج في حديثه مع  "عربي21" ضم المجلس تمثيلا عن مكونات الشعب السوري، لكنه سيكون "هيئة عملية مصغرة يمكنها أن تعمل بسلاسة وبدون عقبات".

تحدي "قسد"
وتواجه سوريا بعد سقوط النظام سلسلة من التحديات المتمثلة في بسط الأمن في المجتمع ودفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام وترميم المؤسسات الرسمية المتهالكة، بالإضافة إلى استكمال تأسيس الجيش وتحقيق العدالة الانتقالية والتعامل مع ملف قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تسيطر على شمال شرقي سوريا.

ويلفت الحاج إلى أن أهم التحديات التي تواجه الشرع هي بقاء جزء من البلاد خارج سلطة الدولة المركزية، في منطقة شرق الفرات، وخصوصا أنها تستحوذ على النفط ومصادر الطاقة وأيضا المناطق الزراعية الأكبر في سوريا.

وتتواصل الجهود الدبلوماسية في محاولة لإيجاد حل لمصير قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في شمال شرقي سوريا، وهي واحدة من أبرز القضايا التي تؤثر على استقرار البلاد ومستقبلها بعد الإطاحة بنظام الأسد.

وتُعتبر "قسد" من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، بينما ترى تركيا فيها تهديدا للأمن القومي بسبب روابطها بحزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من جبال قنديل شمالي العراق مقرا له، وتدرجه أنقرة على قوائم الإرهاب لديها.

يقول الباحث بالشأن العسكري وجماعات ما دون الدولة، عمار فرهود، إن خيارات قسد تتناقص بشكل كبير في ظل حالة التقدم السياسي الملحوظ للادارة الجديدة وكذلك الانفتاح الدولي على ضرورة إنهاء حالة الاضطراب في الملف السوري ومنع تحول سوريا إلى مصدر للقلق لهذه الدول.

كما لا يمكن إغفال حالة الضغط السياسي والعسكري الذي تمارسه الدولة التركية على قسد في الميدان وعلى الولايات المتحدة الأمريكية الراعية لها، وفق لحديث فرهود مع "عربي21".

ويرى الباحث بالشأن العسكري أنه من الممكن الحديث عن حالة من عدم الوضوح في القرار الاستراتيجي لقسد، لافتا إلى أنها منقسمة بين تيار يريد استمرار حالة الارتباط بحزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح الإرهاب، وبين تيار يريد الانفصال عنه والتوجه نحو الدولة السورية وتغليب الخطاب الوطني السوري الجامع.

أولويات المرحلة
تطرق الشرع خلال خطاب النصر أمام الفصائل العسكرية إلى أولويات سوريا في المرحلة المقبلة، مشددا على أن مشيرا إلى أن "ما تحتاجه سوريا اليوم أكثر مما مضى هو العزم على بنائها وتطويرها".
وأشار إلى أن "أولويات سوريا اليوم تحدد بملء فراغ السلطة والحفاظ على السلم الأهلي وبناء مؤسسات الدولة والعمل على بناء بنية اقتصادية تنموية واستعادة سوريا لمكانتها الدولية والإقليمية".

وتحقق الحكومة في دمشق تقدما على صعيد مد جسور التواصل الخارجية، حيث تواصل الوفود العربية والغربية التوافد إلى العاصمة دمشق منذ سقوط الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي.

وأسفرت الجهود المبذولة على الصعيد الخارجية عن تعليق الاتحاد الأوروبي لعقوبات مفروضة على سوريا خلال عهد النظام المخلوع، وذلك بعد خطوة مماثلة اتخذتها واشنطن بهدف تخفيف بعض العقوبات على سوريا لمدة ستة أشهر، بما يسمح بوصول المساعدات الإنسانية.

ويرى عبد الرحمن الحاج أن رفع العقوبات التي تعيق استعادة التعافي وبناء المؤسسات يندرج ضمن التحديات التي تواجه الشرع، الذي شدد على أولوية بناء مؤسسات الدولة ضمن الأولويات.

ويضيف الباحث إلى ذلك "إكمال نزع السلاح من فلول النظام والشبيحة وتثبيت الأمن وإدماج الفصائل التي لم تندمج في قوات الجيش بعد".

وجاء المؤتمر في سياق إعلان حل الفصائل ودمجها في مؤسسات الدولة بعد سلسلة طويلة من اللقاءات التي قادها وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال مرهف أبو قصرة.

ويشير عمار فرهود إلى أن غالب الفصائل ذات الحضور القوي على الساحة العسكرية السورية شاركت في المؤتمر، وهي التي باركت الحالة السياسية الراهنة في سوريا، مشيرا إلى إمكانية أن يكون هناك مجموعات صغيرة لكن "غيابها لن يؤثر على المشهد العام لتوحيد الفصائل وبناء المؤسسة العسكرية السورية".

وتهدف الحكومة السورية إلى إعادة هيكلة القوات المسلحة عبر دمج جميع الفصائل ضمن وزارة الدفاع وحصر السلاح في يد الدولة.


ويوضح فرهود أن بناء الجيش الوطني السوري يواجه "تحديات متعددة منها ما هو سياسي ومنها ما هو تقني ومنها ما هو هيكلي ولكن التحدي الأكبر المتعلق بالفصائل الثورية تم تجاوزه من خلال ضبط سلاحها وكذلك خطابها السياسي تحت سقف الدولة الجديدة".

ويشير إلى أن المرحلة المقبلة في سوريا ستعمل على تحقيق مسارين رئيسيين وعدة مسارات فرعية، لافتا إلى أن المسارين الرئيسيين هما "إرساء الأمن والاستقرار للبدء بتدوير العجلة الاقتصادية السورية وانطلاق عملية الإنتاج والتصدير. ودعم عملية تأمين الخدمات الرئيسية للمواطنين من ماء وكهرباء ومواد غذائية بشكل مقبول وأسعار منطقية".

وعلى صعيد المسارات الفرعية، يلفت فرهود إلى أنها تتمثل أما المسارات الفرعية في إتمام عملية إنهاء حالة الفصائل العسكرية وبناء المؤسسة العسكرية والأمنية السورية لتركيز السلاح بيد الدولة أو ليكون السلاح المتواجد بيد الفصائل هو تحت حالة قانونية تديرها الدولة ويتحرك بقرار منها وليس بقرار من الفصيل العسكري.

كما تتمثل في الاستمرار بعملية توسيع العلاقات الخارجية لسوريا لتحصيل الشرعية الدولية اللازمة لرفع العقوبات وعقد الصفقات مع الدول وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى بناء مؤسسات الدولة الرئيسية التي ستساعد على تحقيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني باعتبارها الرافعة الرئيسية لهذه المخرجات، حسب الباحث.

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة المصري يعلق على أزمة فيلم الملحد.. ماذا قال؟
  • السيسي يهنئ أحمد الشرع على توليه رئاسة سوريا.. ماذا قال؟
  • إعلام العدو: معبر رفح سيفتح اليوم الجمعة وليس الأحد
  • المؤتمر: موقف الرئيس السيسي الرافض للتهجير القسري يعبر عن إرادة مصرية ثابتة
  • قصة حب دمياطي وألمانية.. ماذا قالت زوجة رأفت الهجان عن البطل المصري؟
  • تحديات وأولويات.. ماذا ينتظر الشرع عقب تنصيبه رئيسا للمرحلة الانتقالية؟
  • قيادي بـ«مصر أكتوبر»: تصريحات الرئيس السيسي أكدت أن فلسطين قضية مصرية
  • مصر أكتوبر: الرئيس السيسي أكد أن القضية الفلسطينية قضية مصرية
  • الدبيبة لـ تكالة: هناك خطورة من وجود أجندات حزبية وخارجية تسعى إلى تأخير إجراء الانتخابات
  • «دفاع النواب»: الرئيس السيسي لا يقايض ولا يتاجر بثوابت الأمن القومي المصري