التصعيد الأخطر بين الصين والفلبين.. هل يحدث الصدام؟
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
ما مدى احتمال نشوب صراع بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي؟، حسب الكاتبة السياسية التي تركز على شؤون الصين في شبكة "بلومبرغ" كاريشما فاسواني، في بعض الأحيان، يبدو أن العالم يقترب منه كل يوم.
وضعت التطورات بكين ومانيلا على مسار تصادمي
وبالرغم من أن احتمال قيام الصين بعمل عسكري ضد تايوان يحتل أغلبية العناوين الرئيسية، ينبغي عدم تجاهل التصعيد الحديث في المياه المتنازع عليها.لقد وضعت التطورات بكين ومانيلا على مسار تصادمي، يجب عليهما التراجع عنه. فاستقرار المنطقة على المحك. تحتاج واشنطن إلى مساعدة شريكتها في المعاهدة، ولكن بطريقة تسمح للفلبين بأن يكون لها شخصيتها الخاصة، حتى تتمكن من منع الصدام البحري مع الصين. إن تجنب المزيد من الصراع لن يكون سهلاً، ولكنه ليس مستحيلاً.
ليست معتادة
كان التغيير الأكبر في هذه الدينامية هو الفلبين. في عهد الرئيس فرديناند ماركوس جونيور، تقف الفلبين في وجه الصين بطرق غير مشهودة منذ سنة 2013، عندما بدأت إجراءات قانونية تتحدى شرعية أنشطة بكين في بحر الصين الجنوبي. فازت بهذه القضية سنة 2016، لكن الصين رفضت ذلك الحكم. تصبح مانيلا الآن أكثر جرأة. بكين ليست معتادة على هذا النوع من الرد، ولن ترغب بإرساء سابقة في المياه المتنازع عليها، أو أسوأ من ذلك – بفقدان ماء الوجه –، بينما هي مشتتة في الداخل بسبب تباطؤ اقتصادها.
The Philippines' act of maritime defiance has caught China off guard, writes @KarishmaJourno https://t.co/kbW9hGukKX via @opinion
— Bloomberg (@business) September 28, 2023
يحدث كل هذا في منطقة حددتها الولايات المتحدة بوضوح كأولوية. صرح الرئيس جو بايدن علناً أن الولايات المتحدة "ستؤكد حرية البحار وتبني دعماً إقليمياً مشتركاً للوصول المفتوح إلى بحر الصين الجنوبي –، وهو ممر لما يقرب من ثلثي التجارة البحرية العالمية، وربع التجارة العالمية".
تنتفض بكين غاضبة إزاء ما تعتبره تدخلاً أمريكياً في فنائها الخلفي. إن تخصيص بايدن التجارة بالذكر هو السبب الذي يجعل بحر الصين الجنوبي مرغوباً به ليس فقط من قبل الصين، ولكن من أصحاب المصلحة الآخرين أيضاً. ويمثل البحر أيضاً ما يقرب من 12 في المئة من إجمالي صيد الأسماك حول العالم، وهو مقر لنحو 11 مليار برميل من النفط و190 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وكلها تتطلع إليها البلدان بشدة، بما فيها إندونيسيا وفيتنام وماليزيا التي تدعي حقوقاً لها هناك. لكن بالنسبة للصين، ثمة عامل آخر: تايوان. من يسيطر على تلك المياه يمكنه السيطرة على الجزيرة.
عملت الصين بشكل مطرد على توسيع نفوذها في الممرات المائية المتنازع عليها على مدى العقد الماضي، مما أدى إلى إبعاد أي مصالح متنافسة. في الغالب، امتثل أصحاب المصلحة. لكن مانيلا في عهد ماركوس الابن ليست ما توقعته بكين. هذه ليست المرة الأولى التي تندلع فيها التوترات بين البلدين في هذه المياه، ومن غير المرجح أن تكون الأخيرة. لكنه التصعيد الأكثر خطورة حتى الآن وفق توصيف الكاتبة.
What is Scarborough Shoal in the South China Sea and why are China and the Philippines disputing it? https://t.co/YSuzY5KdJ3 pic.twitter.com/ESF3YRMPFK
— Reuters (@Reuters) September 27, 2023
أضافت الكاتبة أن هذا الأسبوع شهد عملاً بسيطاً من التحدي البحري من جانب الفلبين، لكنه كان في نظر الصين تصرفاً طائشاً كبيراً: فقد اجتازت مانيلا خطاً لم تجتزه من قبل. ربما لا يكون هناك تصور لما تعتبره بكين جسارة حديثة لدى الفلبين أفضل مما يظهر في فيديو نشره المتحدث باسم خفر السواحل الفلبيني الكومودور جاي تارييلا على موقع إكس، يوم الاثنين. يُظهر الفيديو غواصاً فلبينياً من خفر السواحل يقطع بسكين جزءاً من الحبل المتصل بالحاجز الصيني العائم، الذي تم اكتشافه في 22 سبتمبر (أيلول). وصف تارييلا في منشوره الأمر بأنه "خطر على الملاحة وانتهاك واضح للقانون الدولي".
كثفت الفلبين حرب المعلومات وأرسلت صحافيين في رحلات لخفر السواحل للكتابة بشكل مباشر عن تصرفات بكين. تلقي الصين باللوم في هذا التبجح على واشنطن، محذرة من أنه إذا "استمرت مانيلا في اتباع تعليمات الولايات المتحدة بتكرار النهج الخاطئ لمواجهة الصين بشأن قضية بحر الصين الجنوبي، فسيكون هذا أمراً غير حكيم ومؤسفاً للغاية".
قتال
تلك هي كلمات قتالية وفق فاسواني. لكن بالنسبة للصين، لا يتعلق الأمر فقط بالفلبين أو بحر الصين الجنوبي، بل يتعلق بتايوان. كلما اقتربت مانيلا من الولايات المتحدة، شعرت بكين بتهديد أكبر. هي تعتبر التعاون الدفاعي المتجدد والمعزز بين الولايات المتحدة والفلبين بمثابة "عمل استفزازي"، كما كتب ما بو، زميل زائر في معهد إسياس-يوسف إيشاك السنغافوري. ويشير إلى أنه "سواء طوعاً أو كرهاً، انضمت الفلبين في الواقع إلى الولايات المتحدة في اتخاذ استعدادات للدفاع عن تايوان".
تلعب الولايات المتحدة دوراً ضخماً في العلاقات بين الصين والفلبين، كما يقول درو تومسون، زميل أبحاث زائر في كلية لي كوان يو للسياسة العامة في سنغافورة. وقال للكاتبة: "من المتوقع أن تهب الولايات المتحدة للدفاع عن مانيلا بموجب المعاهدة المبرمة بينهما".
وأضاف: "لكن مانيلا لديها ويجب أن يكون لديها شخصيتها الخاصة أيضاً. لدى الفلبين عدد من الشركاء الأمنيين إلى جانب الولايات المتحدة، لكن ما توفره واشنطن من خلال قواعدها في البلاد هو الردع، وذلك، خصوصاً في ما يتعلق بتايوان، يجعل بكين تتخذ وقفة تأمل".
توصية الخبراء
يمكن لواشنطن أيضاً أن تساعد في تهدئة التوترات، لكن يجب عليها أن تفعل ذلك بطريقة تمنح الفلبين الاستقلال الذي تحتاج إليه لمواصلة اجتياز المطبات في هذه العلاقة. وينبغي تشجيع المزيد من الحوار بين جميع الأطراف للحفاظ على السلام. وكما أوصى خبراء آخرون، حتى التواصل المتواضع سيقطع شوطاً طويلاً نحو تقليل مخاطر النزاع.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة بحر الصین الجنوبی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الجيش الأمريكي يتخبّط في مواجهة صنعاء: الهروب من الهزيمة العسكرية إلى التصعيد الإعلامي
يمانيون../
في مظهَرٍ جديدٍ وفاضحٍ من مظاهِرِ انهيار “الردع” الأمريكي أمام اليمن بعد الهزيمة التاريخية التي منيت بها الولايات المتحدة وأسطولها البحري في البحر الأحمر، أصبح الجيش الأمريكي يعلِّقُ آمالَه على حكومة المرتزِقة؛ مِن أجلِ مساعدته في تصعيد إعلامي جديد ضد صنعاء والشعب اليمني تحت مِظلة قرار التصنيف الأخير؛ مِن أجلِ إنقاذ السُّمعة التي فشلت حاملات الطائرات والسفن الحربية وقاذفات (الشبح) وغيرها في الحفاظ عليها أَو احتواء سقوطها المدوي في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية لغزة خلال أكثر من عام، الأمرُ الذي يجدّد التأكيدَ على امتلاكِ صنعاءَ زمامَ فرض المعادلات المؤثرة والفعالة في ميدان المواجهة المُستمرّ، كما يؤكّـد على أن الواقع الجديد الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية أصبح ثابتًا إلى حَــدّ أنه لم يعد يتأثر باختلاف الإدارات المتواجدة في البيت الأبيض.
الفضيحة الجديدة جاءت هذه المَرَّة على لسان القيادة المركزية للجيش الأمريكي، التي وجدت نفسها بعد وقف إطلاق النار في غزة محاطة بدلائل واعترافات وإحصائيات وتحليلات تطاردها في كُـلّ مكانٍ؛ مذكرة بهزيمتها المدوية في البحر الأحمر وفشلها التام في ردعِ جبهة الإسناد اليمنية لغزة خلالَ أكثرَ من عام؛ الأمر الذي ألجأها إلى الهروبِ من ميدان العمل العسكري إلى النشاط التحريضي والدعائي، حَيثُ أعلنت عن تحَرُّكات جديدة؛ مِن أجلِ مواجَهةِ وسائل الإعلام اليمنية الوطنية وإغلاقها بمبرّر قرارِ التصنيف الأخير لحركة أنصار الله في ما يسمى بقوائم الإرهاب.
تحَرُّكاتٌ تحملُ في طياتها دلائل فشلها المحتوم مسبقًا؛ كونها تأتي لتعويض عجز أدوات ووسائل “الردع” الأَسَاسية التي كان يفترض بها أن تكون أكثر تأثيرًا وحسمًا، وهي القوةُ البحرية “الأُسطورية” للولايات المتحدة وحاملات طائراتها وقاذفاتها الجوية ونفوذها الإقليمي والدولي، وما رافق ذلك من ضغوطٍ اقتصادية ودبلوماسية مورست لأكثرَ من عام ضد صنعاء، علمًا بأن كُـلَّ ذلك قد تزامن أَيْـضًا مع توجّـه معلن لمحاربة وسائل الإعلام الوطنية تحت عنوان “تحدي الرواية” اليمنية بشأن مجريات المعركة في البحر الأحمر، وبالتالي فَــإنَّ التصعيد “الإعلامي” الجديد الذي يروج له الجيش الأمريكي ليس حتى جديدًا بما يكفي، فضلًا عن كونه انعكاسًا واضحًا لانهيار أدوات الردع ووسائل الضغط الرئيسية.
هذا أَيْـضًا ما أكّـدته الآليةُ التي كشفت عنها القيادةُ المركَزيةُ الأمريكية للتصعيد ضد الإعلام الوطني، حَيثُ تحدثت عن تنسيق مع حكومة المرتزِقة، وكشفت عن لقاء مع ما يسمى وزير الإعلام والسياحة والثقافة المرتزِق معمر الإرياني في هذا السياق، الأمر الذي يجعل الفضيحة أسوأ بكثير مما هي عليه أصلًا؛ فتعويل الجيش الأمريكي على حكومة المرتزِقة لا يكشف فقط انهيار وسائل “الردع” العسكرية وأدوات الضغط الاقتصادية والدبلوماسية فقط، بل يؤكّـد أن الولايات المتحدة تواجه مأزقًا فاضحًا في وقف مسار هذا الانهيار، والخروج من مربع العجز أمام اليمن؛ فمحاولةُ الاستفادة من المرتزِقة؛ مِن أجلِ تصعيد إعلامي ضد اليمن تعكس بدورها ضيق أفق فائدة المرتزِقة في نظر الولايات المتحدة بعد فشل محاولاتها خلال عام كامل لتحريكهم عسكريًّا وأمنيًّا.
بعبارة أُخرى: إذَا كان التصعيدُ الإعلامي هو كُـلّ ما تبقَّى من “الردع” الأمريكي في مواجهة اليمن، وهذه فضيحةٌ كبرى، فَــإنَّ الاستعانةَ بالمرتزِقة؛ مِن أجلِ هذا التصعيد تؤكّـدُ أنه لم يتبقَّ شيء من ذلك “الردع” أصلًا، وهذا ما تعكسه أَيْـضًا بوضوح الشخصية التي لجأت القيادة المركزية الأمريكية إلى الاستعانة بها كواجهة للتصعيد، والمتمثلة في المرتزِق معمر الإرياني، الذي لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال سوى شاهدٍ على حجم الإفلاس الذي تعيشه الولايات المتحدة في مواجهة اليمن.
وفيما قد يُعتبَرُ التصعيد ضد وسائل الإعلام الوطنية مقدمة لخطوات عدوانية وانتقامية أُخرى تعتزم الولايات المتحدة اتِّخاذها ضد اليمن، فَــإنَّ حجم الإفلاس الذي تنطوي عليه هذه المقدمة يؤكّـد بوضوح حتمية فشل أية خطوات أُخرى، حَيثُ أشار السفير الأمريكي، الثلاثاء، في لقاء مع وزير خارجية المرتزِقة إلى أن الولايات المتحدة تسعى لجعل قرار التصنيف الجديد أَسَاسًا للعمل مع الشركاء الإقليميين في مواجهة اليمن، وهو ما يعني أن تحريك الأدوات الإقليمية سيكون محور كُـلّ التوجّـهات العدائية الأمريكية ضد اليمن، بدلًا عن الاشتباك المباشر الذي أثبت فشلًا فاضِحًا، وبما أن هذا المسار قد انطلق من التصعيد الإعلامي بالتعاوُنِ مع حكومة المرتزِقة، فمن الواضح أن الولايات المتحدة لا زالت تواجهُ مشاكِلَ في تحريك الأدوات الأعلى قليلًا في الترتيب الوظيفي، مثل السعوديّة والإمارات، بشكل صريح ومعلَن، وهو ما يعني أن أفق التوجّـهات العدوانية سيظل متمركزًا حول مدى إمْكَانية تحريك المرتزِقة إعلاميًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا وسياسيًّا.
ووفقًا لذلك فَــإنَّ أفق التوجّـهات الأمريكية للاستفادة من قرار التصنيف عن طريق تحريك المرتزِقة ضيق للغاية؛ لأَنَّ ارتباط المرتزِقة بالسعوديّة والإمارات سيخلق تعقيدات تحمل تداعيات مباشرة على الرياض وأبو ظبي، فالأخيرتان لن تكونا بمعزل عن تأثيرات أية محاولة لدفع المرتزِقة للانقلاب على تفاهمات السلام ومضاعفة المعاناة الإنسانية للشعب اليمني على سبيل المثال، وبالتالي ستمتلك الولاياتُ المتحدة داخل معسكرها نفسه الكثير من المشاكل التي تضيّق خياراتها وتجعلها محشورة بين إقناع السعوديّين والإماراتيين بالانضمام إلى التصعيد أَو الاقتناع بالمساحة الضيِّقة جيِّدًا المتبقية لتحَرّكات المرتزِقة، وفي الحالتين لا توجد أية إمْكَانية لتحقيق “ردع” أَو فرض معادلة ضغط مؤثرة تحقّق الأهداف التي تسعى وراءها الولايات المتحدة والمتمثلة في تدمير وإضعاف القدرات العسكرية اليمنية وإجبار صنعاء على تغيير موقفها الداعم لغزة والتخلي عن مِتراسها المتقدم في الصراع مع العدوّ الصهيوني.
وقد سبق للولايات المتحدة أن واجهت مثل هذا المأزق عندما حاولت العام الماضي تحريك المرتزِقة بموافقة سعوديّة للتصعيد ضد البنوك العاملة في المناطق الحرة وإغلاق مطار صنعا، حَيثُ وجدت السعوديّة نفسها في مواجهة وعيد صارم من القيادة اليمنية باستهداف البنوك والمطارات داخل المملكة، الأمر الذي أجبرها بسرعة على دفع مرتزِقتها نحو التراجع عن التصعيد.
ومن نافلة القول إن انخراط السعوديّة أَو الإمارات في التصعيد ضد اليمن هذه المرة، اعتمادًا على حماية إدارة ترامب، سيكون خطأً فادحًا لن تقتصر تداعياتُه على الفشل في تحقيق الأهداف العدوانية؛ فحسب بل سيرتد هذا الفشل بنتائجَ عكسية كبيرة ذات تأثيرات واسعة وطويلة الأمد على مصالح المعتدين.