كيف نميز البدعة الحسنة من البدعة السيئة؟
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
ثبت -في مقال الأسبوع الماضي– أن البدعة مفهوم "وصفي" (descriptive) لا "معياري" (normative or evaluative)، وأن العموم الوارد في حديث "كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" ليس على ظاهره باتفاق العلماء؛ فقد يقال إن المقصود كل بدعة "سيئة"، أو كل بدعة "في العبادات"، أو غير ذلك. وقد جرى عدد من العلماء على تقسيم البدعة تقسيمات شتى ترجع إلى القسمة الثنائية التي وردت عن بعض الصحابة وعن الإمام الشافعي نفسه، وهي أن البدعة حسنة وسيئة، وهذا يعني أن "البدعة" بحاجة إلى صفة تقويمية إضافية تنقلها من مجرد الوصف إلى التقويم فتقول "بدعة حسنة" أو "بدعة سيئة"، وهذا التقسيم هو الجاري وفق قانون الفقه على اختلاف مذاهبه كما سأوضح.
ثمة أحاديث هي أصلٌ في التمييز بين حسن البدعة وسيئها. أبرزها حديثان؛ الأول: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، والثاني: "من رغب عن سنتي فليس مني". وكلا الحديثين يؤكد أن "البدعة" مفهوم وصفي لا معياري؛ فهما نصان في أن مطلق الإحداث ليس حكما؛ فلا يُحكم على فعل مُحدث بأنه محرم أو مكروه؛ لمجرد أنه "مُحدث"، بل لا بد من علة يُعلل بها.
فالحديث الأول يضع معيارا للمذموم من المحدثات، يتناول صفة الفعل نفسه، وهي "ما ليس منه" (أو فيه كما في بعض الروايات). ويشمل هذا صورتين: الأولى: ما جاء على خلاف السنة، ومخالفة الفعل المُحدث للسنة مخالفةً صريحة كافٍ في رده، وهذا محل اتفاق. الصورة الثانية: الفعل المُحدث الذي لا يندرج تحت أصل عامّ؛ فالعمومات (أو المبادئ العامة) يندرج تحتها ما لا يُحصى من الصور؛ فإن لم يندرج المُحدث تحت أصل شرعي كان مردودا.
أما الحديث الثاني فيضع معيارا يتصل بقصد الفاعل المُحدِث للفعل. فالإحداث يكون مذموما؛ إذا قُصد به الرغبة (عن) السنة النبوية، أي الزهد بها أو الاستقلال لها، كما في حديث الرهط الثلاثة الذين جاؤوا إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم. "فلما أُخبروا، فكأنهم تَقالّوها". بل إن الرغبة عن السنة قد تنقل النقاش من ميدان الفقه إلى ميدان العقيدة؛ فيؤثر ذلك في إيمان المرء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو النموذج الكامل الذي بلغ الكمال في أفعاله، ولذلك كان أبلغ تعريف للسنة هو "ما رُسم ليُحتذى".
وقد تتبعتُ عبارات العلماء في تحديد معيار البدعة المحمودة فوجدتها لا تخرج عن مدلول الحديث الأول المذكور هنا. وجِمَاعها -من جهة الإيجاب- ما وافق السنة، أو كان داخلا تحت أصل عامّ فيها يقاس عليه أو يَرجع إليه، أو ما كان موافقا لقواعد الشريعة. بل ورد في كلام الإمام الشافعي أن البدعة المحمودة معيارها أن يكون الفعل خيّرا في ذاته، وألا يخالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو أثرا. وقد جمع الإمام أبو شامة بين شرطي الإيجاب والسلب، فاشترط أن يوافق الفعل القواعد من جهة، وألا يلزم من فعله محظور شرعي من جهة أخرى. وقد تابعه على ذلك الحافظ السيوطي. أما معيار البدعة المذمومة فهو ما أُحدث وخالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو أثرا، أو ما ليس له أصل من الشريعة يرجع إليه أو ما خالف أصول السنن، أو ما كان بخلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وتوضح هذه المعايير أن مرجعية تقويم الفعل المُحدث تقع خارج كونه مجرد فعل لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يفعله. فمعيار تقويم الفعل المحدث لا يقتصر -فقط- على ورود النص عليه، أو على مجيء فعل نبوي معهودٍ فيه، أو حتى على مجرد كون النبي لم يفعله. وهذا يدفعنا إلى توضيح مسألتين في غاية الأهمية لمنهجية تقويم البدعة وهما:
المسألة الأولى: مفهوم السنة التي تُعتبر مخالفتها بدعةولبيان ذلك أذكر 3 أمور:
الأول: أن مجرد فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يُعد سنة؛ لأن أفعال النبي لا صيغة لها فهي ليست كأقواله، ومن ثم يحتمل الفعلُ النبوي احتمالات عدة. فقد يكون خاصّا به صلى الله عليه وسلم فلا يجوز التأسي به، أو فعلا جِبِليّا لم يرد على سبيل القُربة، أو فعلا جاء بيانا للأمر القرآني فيكون حكمه حكم المبيَّن، أو امتثالا لأمر إلهي سابق فيكون حكمه حكم الأمر الممتَثَل له، وقد يكون فعلا مجردا عن القرائن السابقة؛ بحيث فعله ابتداء. فهنا يقع الخلاف بين العلماء: هل تشترك معه فيه أمته أو لا؟. والغرض من هذا كله بيان أن مجرد فعل النبي ليس دليلا على كون الفعل سنة، بل هو خاضع للبحث والتقويم؛ لمعرفة ما إذا كان قد رُسم ليُحتَذى أو لا. بل إن الإمام الشاطبي ميز بين المداومة على الفعل وعدمها؛ فما فعله النبي كثيرا أو غالبا هو الذي يقال إنه سنة. الثاني: أنه إذا كان النقاش السابق يتناول الفعل النبوي الصريح، فكيف بالترك النبوي الذي لا يدل -بذاته- على شيء؛ فضلا عن أن يُحتج به على كون فعل ما بدعة ضلالة؛ لمجرد أنه لم يفعله النبي؟!. ولكن من توسع في مفهوم البدعة فجعل كل بدعة ضلالة بإطلاق، كان لا بد له من أن يتوسع -أيضا- في الاستدلال باعتبار مجرد ترك النبي لفعل ما دليلا على حظره. وهذا لا يستقيم؛ رغم ضرورة الإقرار بأن كل أفعاله -صلى الله عليه وسلم- فاضلة وكاملة، وهذا يعيدنا مجددا إلى الحديث الثاني المذكور سابقا؛ فالإحداث لا يكون بقصد الزيادة على النبي أو بلوغ درجة أكمل من فعله؛ لأن هذا سيخرج النقاش من باب العمليات إلى باب الاعتقادات.ولنضرب لمفهوم السنة مثلا من المذهب الحنبلي تحديدا. إن معتمد المذهب الحنبلي أن التلفظ بالنية مستحبّ؛ رغم أنه لم يكن من هدي النبي ولم يفعله، أي أنه فعل مُحدث (أو بدعة)، بل إن كلا من الإمام ابن مفلح والإمام المرداوي -وهما من كبار أئمة المذهب الحنبلي- قالا عن النية "ويسن النطق بها سرّا". فجعلا النطق بالنية سنة، ولم يفرقا بين "المسنون" و"المستحب". فمثل هذا الفعل المُحدث -وهو عبادة- صار مستحبّا أو سنة؛ لأنه يَصدق عليه معيار البدعة المحمودة؛ إذ النية أصل من أصول الدين، والتلفظ بها أعون على موافقة اللسان للقلب، وتتعين في حق الموسوس. فهو إحداث هيئة تعبدية داخل تحت أصل عام، ويحقق مصلحة شرعية للمتعبد. ولكن هذا المسلك لم يُعجب بعض علماء الوهابية المعاصرين فضعفوا معتمد المذهب الحنبلي هنا؛ رغم أن استحباب النطق بالنية هو -أيضًا- مذهب الشافعية، بل إن بعض الفقهاء أسرف فذهب إلى أنه واجب!.
الثالث: أن إحداث هيئات وصور داخلة تحت العموم والمبادئ العامة التي قررها الشارع، من شأنه أن يستوعب محدثات تدخل تحت الأصل العام ولا تخالف سنة ولا يترتب عليها محذور كما في التلفظ بالنية مثلا. وقد راعى المحدثون فكرة وجود "الأصل" أو عدمه في تصحيح بعض الأحاديث، فيقولون هذا لا أصل له وذاك له أصل؛ بالرد إلى عمومات السنة أو مبادئ عامة قررتها أو ما عرفوه وخبروه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ينسبون ذلك للنبي من قوله دون بأس؛ رغم ضعف سنده، وهذا يؤكد -مجددا- نفي إرادة العموم عن حديث "كل بدعة ضلالة". المسألة الثانية: تنوع مصادر التشريعفمصادر التشريع أوسع من مجرد تحري الفعل النبوي، وعلى هذه الرؤية الواسعة لمصادر التشريع يتحدد مفهوم "السنة" التي تُحتذى عند الفقهاء. فالبدعة قد تكون حسنة وقد تكون سيئة. ومعيار الحسن والقبح مصادر عديدة متنوعة، بعضها نصي وبعضها غير نصي، فتشمل: القرآن والسنة وأفعال الصحابة والآثار والإجماع والقياس، والمصالح المرسلة والاستحسان والعرف، وغير ذلك. بل إن الفقه المذهبي ولّد أحكاما كثيرة بالاستناد إلى "التخريج" (أو القياس) على نصوص الإمام أو المذهب، وهذا كله لا يستقيم مع اعتبار أن "كل محدثة بدعة" بإطلاق.
يجب -إذن- أن يتناول النقاش حول الأفعال المُحدثة مصادر تقويمها وكيفية تعليلها: هل تنسجم مع خطاب الشارع أو لا؟. فهذا الذي يُظهر مدى الفقاهة، لا الجمود الحرفي على ما ورد؛ مع تجاهل عمومات النصوص ومبادئ الشريعة وقواعدها التي يندرج تحتها ما لا حصر له من الأفعال التي قد تأتي على غير مثال سابق، ولكنها قد تدخل تحت أصل أو مبدأ عام مَرعيّ للشارع. ومن ثم كان الإمام العز بن عبد السلام شديد الحصافة حين أجرى البدعة على الأحكام الخمسة. فالعز الذي وصفه الإمام النووي بأنه "الإمام المجمع على إمامته وجلالته وتمكنه في أنواع العلوم وبراعته"، التقط أن قانون الفقه يقتضي أن البدعة لا تخرج عن أن تكون موافقة للسنة أو مخالفة لها. وإذا لحظنا درجات الموافقة والمخالفة وجدنا أن البدعة ترجع -في واقع الأمر- إلى الأحكام الخمسة (الواجب والمحرم والمندوب والمكروه والمباح)؛ وفق درجة قرب الفعل المُحدث من السنة أو بُعده عنها. والله أعلم.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وسلم لم یفعله سنة أو
إقرأ أيضاً:
هل التوسل بالنبي في الدعاء حرام شرعا؟.. الإفتاء توضح
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن علماء الأمة من المذاهب الأربعة وغيرها أجمعوا على جواز واستحباب التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وبعد انتقاله صلى الله عليه وآله وسلم، واتفقوا على أن ذلك مشروعٌ قطعًا ولا حرمة فيه، وهو ما ندين الله به؛ أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مستحبٌّ وأحد صيغ الدعاء إلى الله عز وجل المندوب إليها، ولا عبرة بمن شذ عن إجماع العلماء.
وأضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أن القول في التوسل بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأولياء الله الصالحين؛ فإن جمهور العلماء أكدوا على أنه مشروعٌ ولا حرمة فيه.
أدلة جواز التوسل بالنبي من القرآنوذكرت دار الإفتاء عددا من الأدلة التي تبين جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من القرآن، وفي السطور التالية بيانها:
هل صيام 6 أيام من شوال ثوابه يعادل صوم العمر كله؟.. الإفتاء: بشرط
هل تصح صلاة المرأة بجوار زوجها بسبب ضيق المكان؟.. الإفتاء توضح
هل يتحقق ثواب الجماعة بأداء الرجل الصلوات المفروضة مع زوجته؟.. الإفتاء توضح
هل نسيان النية في صيام الست من شوال يبطلها؟.. الإفتاء توضح الحكم
1- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 35]. وفي ذلك أمرٌ للمؤمنين أن يتقربوا إلى الله بشتى أنواع القربات، والتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء من القربات التي ستثبت تفصيلًا في استعراض أدلة السُّنة، وليس هناك ما يُخَصِّصُ وسيلةً عن وسيلة، فالأمرُ عام بكل أنواع الوسائل التي يرضى الله بها، والدعاء عبادة، ويُقبل ما دام أنه لم يكن بقطيعة رحم أو إثم، أو احتوى على ألفاظ تتعارض مع أصول العقيدة ومبادئ الإسلام.
2- قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ [الإسراء: 57]. وفي هذه الآية يُثنِي الله عز وجل على هؤلاء المؤمنين الذين استجابوا لله، وتقربوا إليه بالوسيلة في الدعاء.
3- قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64]. وهذه الآية صريحة في طلب الله من المؤمنين الذهاب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستغفار الله عند ذاته صلى الله عليه وآله وسلم الشريفة، وأن ذلك أرجى في قبول استغفارهم، وهذه الآية باقية وحكمها باقٍ.
أدلة جواز التوسل بالنبي من السنة النبوية1- عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه: أن رجلًا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ادعُ الله أن يعافيني، قال: «إن شئتَ دعوتُ، وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك»، قال: فادعه، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعوه بهذا الدعاء: «اللهم إني أَسألُكَ وأَتَوَجَّه إليكَ بنبيكَ محمدٍ نبي الرحمة، يا محمد إني قد توجَّهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم فشفعه فِيَّ» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصحَّحه جماعة من الحفاظ منهم: الترمذي وابن خزيمة والطبراني والحاكم.
وهذا الحديث دليلٌ على استحباب هذه الصيغة من الأدعية؛ حيث علمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأحد أصحابه، وأظهر الله معجزة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم حيث استجاب لدعاء الضرير في نفس المجلس، وإذا علَّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحدًا من أصحابه صيغةً للدعاء ونُقِلَتْ إلينا بالسند الصحيح دلَّ ذلك على استحباب الدعاء بها في كل الأوقات حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وليس هناك مُخَصِّصٌ لهذا الدعاء لذلك الصحابي وحده، ولا مُقَيِّد لذلك بحياته صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالأصل في الأحكام والتشريعات أنها مطلقة وعامة، إلا أن يثبت المخصِّص أو المقيِّد لها.
قال الشوكاني في "تحفة الذاكرين" (ص: 212، ط. دار القلم): [وفي الحديث دليل جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله عز وجل، مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى، وأنه المعطي المانع، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن] اهـ.
ومما يدل على أن هذا الدعاء عامٌّ في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد انتقاله الشريف أن ذلك الصحابي الجليل أرشد من له حاجة إلى هذا الدعاء بعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك فيما رواه الطبراني في "المعجم الصغير"، والبيهقي في "دلائل النبوة": "أن رجلًا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له، فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف رضي الله عنه، فشكا إليه ذلك، فقال له عثمان بن حنيف رضي الله عنه: ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلِّ فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فتقضى لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورُحْ إلي حتى أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ما قاله له، ثم أتى باب عثمان بن عفان، فجاء البواب حتى أخذ بيده، فأدخله على عثمان بن عفان وأجلسه معه على الطُّنفسة، وقال له: ما حاجتك؟ فذكر حاجته، فقضاها له، ثم قال: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال ما كانت لك من حاجة فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده، فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيرًا، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليَّ حتى كلمته، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأتاه رجل ضرير ..." ثم ذكر الحديث.
قال العلامة الحافظ السيد عبد الله بن الصديق الغماري: وهذا إسناد صحيح؛ فالقصة صحيحة جدًّا، وقد وافق على تصحيحها أيضًا الحافظ المنذري في "الترغيب"، والحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد". اهـ.
والقصة تدل على ما يدل عليه الحديث مع إغلاق الباب على مَن حاول أن يزعم أن الحديث خاص بحياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا مُخَصِّص كما ذكرنا، ولكن ذلك يشد العضد ويؤيد الصواب إن شاء الله تعالى.
2- حديث الخروج إلى المسجد للصلاة: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من قال حين يخرج إلى الصلاة: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي؛ فإني لم أخرج أشَرًا ولا بَطَرًا ولا رياءً ولا سمعةً، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وكَّل الله به سبعين ألف ملك يستغفرون له وأقبل الله عليه بوجهه حتى يفرغ من صلاته» رواه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة، وهو حديث صحيح، صحَّحَهُ كلٌّ من الحافظ البغوي، والحافظ أبو الحسن المقدسي شيخ المنذري، والحافظ الدمياطي، والحافظ العراقي، والحافظ ابن حجر العسقلاني.
والحديث يدل على جواز التوسل إلى الله في الدعاء بالعمل الصالح وهو سير المتوضئ إلى الصلاة، وبحق السائلين لله.
3- حديث أنس رضي الله عنه عند موت فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنهما، وهو حديث طويل، وفي آخره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الله الذي يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين» رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" وأبو نعيم في "الحلية" وغيرهما. والحديث في سنده مقال، إلا أن معناه مُؤَيَّد بما مر من أحاديث صحيحة.
4- توسل آدم عليه السلام بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم أن يغفر الله له، وذلك في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَمَّا اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله: يا آدم، وكيف عرفت مُحمدًا ولم أخلقه؟ قال: يا رب؛ لأنك لَمَّا خلقتني بيدك، ونفخت فيَّ من روحك، رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبًا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله: صدقت يا آدم؛ إنه لأحب الخلق إليَّ، ادعني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك» رواه الطبراني في "الأوسط" والحاكم في "المستدرك"، وقد صححه الحاكم حيث عقبه بقوله: هذا حديث صحيح الإسناد، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب.
وقد بالغ الحافظ الذهبي عندما حكم بوضعه؛ لأن في سنده عبد الرحمن، وعبد الرحمن ليس بكذاب ولا متهم، بل هو ضعيف فقط، ومثله لا يجعل الحديث موضوعًا، وأقصى ما فيه أن يكون ضعيفًا، والضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال، وفي الحديث دلالة واضحة على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء.
5- حديث «أعينوا عباد الله»؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من نوى الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فلينادِ: أعينوا عباد الله» رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" والطبراني والبيهقي في "شعب الإيمان"، وقال عن سنده الحافظ الهيثمي: رواه البزار ورجاله ثقات.
وفي الحديث دليل على الاستعانة بمخلوقات لا نراها، قد يسببها الله عز وجل في عوننا ونتوسل بها إلى ربنا في تحقيق المراد كالملائكة، ولا يبعد أن يقاس على الملائكة أرواح الصالحين؛ فهي أجسام نورانية باقية في عالمها.
6- قصة الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عند قبره في زمن عمر، فعن مالك الدار وكان خازن عمر قال: "أصابَ الناسَ قحطٌ في زمان عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله استسقِ لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقال: ائتِ عمر، فأقرئه مني السلام، وأخبره أنهم يُسقَون، وقل له: عليك بالكيس الكيس، فأتى الرجل عمر فأخبر عمر فقال: يا رب ما آلو إلا ما عجزت". رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وهو حديث صحيح صححه الحافظ ابن حجر العسقلاني حيث قال في "فتح الباري" ما نصه: "وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله استسقِ لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأُتِي الرجل في المنام فقيل له: ائتِ عمر... الحديث، وقد روى سيف في "الفتوح" أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة" اهـ. وهذه الرواية صحح إسنادَها كذلك الحافظُ ابن كثير في "البداية والنهاية"، وصححها أيضًا كبار الحفاظ، فتصلح أن تكون دليلًا على جواز الطلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالاستسقاء والدعاء بعد انتقاله الشريف صلى الله عليه وآله وسلم.
7- قصة الخليفة المنصور مع الإمام مالك رضي الله عنه وهي: "أن مالكًا رضي الله عنه لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي ثاني خلفاء بني العباس: يا أبا عبد الله أَأَستقبلُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله عز وجل يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله" اهـ.
وفيه إشارة إلى اعتبار حديث توسل آدم عليه السلام عند الإمام مالك، وأنه يرى أن من الخير استقبال قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاستشفاع به صلى الله عليه وآله وسلم. وقد روى هذه القصة أبو الحسن علي بن فهر في كتابه "فضائل مالك" بإسناد لا بأس به، وأخرجها القاضي عياض في "الشفاء" من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه، كذلك ذكره السبكي في "شفاء السقام"، والسمهودي في "وفاء الوفاء"، والقسطلاني في "المواهب اللدنية"، قال ابن حجر الهيثمي في "الجوهر المنظم": قد رُوِيَ هذا بسند صحيح، وقال العلامة الزرقاني في "شرح المواهب": إن ابن فهر ذكر هذا بسند حسن، وذكره القاضي عياض بسند صحيح.
وللعلامة الشوكاني كلام نفيس في هذه المسألة ننقله على طوله لِمَا فيه من الفوائد، يقول رحمه الله تعالى في كتابه "الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد": [وأما التوسل إلى الله سبحانه بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: إنه لا يجوز التوسل إلى الله تعالى إلا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إن صح الحديث فيه، ولعله يشير إلى الحديث الذي أخرجه النسائي في "سننه" والترمذي وصححه وابن ماجه وغيرهم: أن أعمى أتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إني أصبت في بصري فادعُ الله لي، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «توضَّأ وصلِّ ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد، يا محمد إني أستشفع بك في رد بصري، اللهم شفع النبي فِيَّ، وقال: فإن كان لك حاجة فمثل ذلك»، فَرَدَّ اللهُ بصرَه. وللناس في معنى هذا قولان:
أحدهما: أن التوسل هو الذي ذكره عمر بن الخطاب لَمَّا قال: كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا إليك فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، وهو في "صحيح البخاري" وغيره، فقد ذكر عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته في الاستسقاء، ثم توسل بعمه العباس بعد موته، وتوسلهم هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه، فيكون هو وسيلتهم إلى الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم كان في مثل هذا شافعًا وداعيًا لهم.
والقول الثاني: أن التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه، ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم في حياته، وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعًا سكوتيًّا؛ لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضي الله عنه في التوسل بالعباس رضي الله عنه، وعندي أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام، لأمرين؛ الأول: ما عرَّفناك به من إجماع الصحابة رضي الله عنهم. والثاني: أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسلٌ بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة؛ إذ لا يكون الفاضل فاضلًا إلا بأعماله، فإذا قال القائل: اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني فهو باعتبار ما قام به من العلم، وقد ثبت في "الصحيحين" وغيرهما: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة؛ أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله، فارتفعت الصخرة"، فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز أو كان شركًا كما يزعمه المتشددون في هذا الباب كابن عبد السلام ومن قال بقوله من أتباعه لم تحصل الإجابة لهم ولا سكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم، وبهذا تعلم أن ما يورده المانعون من التوسل بالأنبياء والصُّلَحاء من نحو قوله تعالى: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: 3]، ونحو قوله تعالى: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18]، ونحو قوله تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ [الرعد:14]، ليس بواردٍ، بل هو من الاستدلال على محل النزاع بما هو أجنبي عنه؛ فإن قولهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: 3] مصرِّح بأنهم عبدوهم لذلك، والمتوسل بالعالم مثلًا لم يعبده بل علم أن له مزية عند الله بحمله العلم فتوسل به لذلك، وكذلك قوله: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18] فإنه نهيٌ عن أن يُدعَى مع الله غيرُه كأن يقول: بالله وبفلان، والمتوسِّل بالعالم مثلًا لم يَدْعُ إلا الله، فإنما وقع منه التوسل عليه بعمل صالح عَمِلَه بعض عباده كما توسل الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة بصالح أعمالهم، وكذلك قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ [الرعد: 14]. فإن هؤلاء دعوا من لا يستجيب لهم ولم يدعوا ربهم الذي يستجيب لهم، والمتوسل بالعالم مثلًا لم يَدْعُ إلا الله ولم يَدْعُ غيرَه دونه ولا دعا غيره معه، وإذا عرفت هذا لم يَخْفَ عليك دفع ما يورده المانعون للتوسل من الأدلة الخارجة عن محل النزاع خروجًا زائدَا على ما ذكرناه كاستدلالهم بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للهِ﴾ [الانفطار: 17-19]. فإن هذه الآية الشريفة ليس فيها إلا أنه تعالى المنفرد بالأمر في يوم الدين وأنه ليس لغيره من الأمر شيء، والمتوسل بنبي من الأنبياء أو عالم من العلماء هو لا يعتقد أن لمن توسل به مشاركة لله جل جلاله في أمر يوم الدين، ومن اعتقد هذا لعبد من العباد سواء كان نبيًّا أو غير نبي فهو في ضلال مبين، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: 128]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ [الأعراف: 188]. فإن هاتين الآيتين مصرحتان بأنه ليس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمر الله شيء وأنه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، فكيف يملك لغيره، وليس فيهما منع التوسل به أو بغيره من الأنبياء أو الأولياء أو العلماء، وقد جعل الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم المقام المحمود مقام الشفاعة العظمى، وأرشد الخلق إلى أن يسألوه ذلك ويطلبوه منه وقال له: "سل تُعطه واشفع تشفع". وقيل ذلك في كتابه العزيز بأن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه ولا تكون إلا لمن ارتضى، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله صلى الله عليه وآله وسلم لما نزل قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214]: «يا فلان ابن فلان لا أملك لك من الله شيئًا، يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئًا». فإن هذا ليس فيه إلا التصريح بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالى نفعه، وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلًا عن غيرهم شيئًا من الله، وهذا معلوم لكل مسلم وليس فيه أنه لا يُتوسَّل به إلى الله، فإن ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهي، وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سببًا للإجابة ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين] انتهى كلام الشوكاني.