11 أكتوبر .. انطلاق فعاليات المؤتمر الرابع عشر للقصة الشاعرة
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
تنظم جمعية دار النسر الأدبية المؤتمر الرابع عشر للقصة الشاعرة "بين مضامين الأدب الرقمي والذكاء الاصطناعي - دورة الدكتور رجب البيومي"، على مدار يومي (١١ و ١٢ أكتوبر)، وذلك بالتنسيق مع إدارة الجمعيات الثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة وقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة المنصورة ومؤسسة شرف للتنمية المستدامة ومجلة الدراسات الأفريقية والعربية.
وتدور جلسات اليوم الأول (١١ أكتوبر) في قاعة المؤتمرات الكبرى بكلية الآداب جامعة المنصورة، وتستكمل الجلسات في اليوم الثاني (أونلاين) عبر برنامج (زوم) لإتاحة المشاركات، وذلك برعاية الدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر الأسبق والدكتور شريف يوسف خاطر رئيس جامعة المنصورة وعمرو البسيوني رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة.
وينعقد المؤتمر برئاسة ومشاركة الدكتور محمود سليمان الجعيدي عميد كلية الٱداب جامعة المنصورة، والدكتورة عزيزة الصيفي أستاذ ورئيس قسم البلاغة والنقد الأسبق بجامعة الأزهر، وأمانة الدكتور حمدي شاهين المدير التنفيذي لبرنامج اللغة الإنجليزية والترجمة بكلية الآداب، والدكتور حسن مغازي أستاذ النحو والصرف والعروض بجامعة جنوب الوادي.
وحول المشاركين وأهداف ومحاور المؤتمر، قالت الدكتورة رحاب فاروق جاد -رئيس قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ومقرر المؤتمر: "الدعوة عامة، نرحب بالمشاركات من كل الجامعات باللغة العربية آو الإنجليزية وسيتم نشر الابحاث بعد تحكيمها، ويهدف المؤتمر إلى الإسهام في تجديد الخطاب الثقافي، ودعم قضايا القصة الشاعرة وجماليات التعبير بها، لمواكبة معطيات العصر ومتطلبات الذكاء الاصطناعي، وتأكيد صفات التفاعلية والمعاصرة، وتلبية رغبات أشكال المقروئية، ودراسة أسباب وضع استراتيجية للترجمة وإعادة هندسة العملية النقدية من خلال المعطى الرقمي والقواعد التقليدية معا، بالإضافة إلى الوقوف على التجارب الناجحة في مجال أدب القصة الشاعرة Alkesa Alsha'era وإيصالها إلى القطاع الأكبر من المتلقين، ودعم الكتابات الجديدة، وتعزيز قيم التسامح والوعي بأهمية التوازن للاستقرار والتعايش السلمي ونبذ العنف والتطرف الفكري، وتأتي هذه الأهداف من خلال المحور الرئيسي الخاص بمضامين الأدب الرقمي والذكاء الاصطناعي، وعدة محاور فرعية، تتناول أثر القصة الشاعرة في الأدب المعاصر من منظور الثقافة العالمية.
وأيضا الٱليات البلاغية ومستويات التلقي ومعجم أعلام ومصطلحات نقد القصة الشاعرة، وكذلك دراسة عناصر الجمال في معالجة قضايا الترجمة والمشكلات المجتمعية".
ومن جانبه، قال الدكتور حسن مغازي: "من قراءاتنا فى الآداب العالمية، لا سيما الأدب الفرنسى والأدب الإنجليزى بلغة كل منهما نعلن بكل موضوعية خلوهما من ذلك الفن المبتكر؛ (القصة الشاعرة)؛ بما ينتج أن وجوده فى أدبنا العربى يدفعنا أشواطا فى مضمار السباق بين تلك الآداب، يجعلنا لا نكتفى بأننا(مستهلكون)، لا نكتفى بأننا(مترجمون)، يسهم باقتدار فى أننا دوما(منتجون)، و(مانحون)، و(سابقون)، خصوصا إذا وجد عند سوانا من يحاول اقتفاء هذا الأثر الطيب".
وأضاف: "يختلف الباحثون كشأن كل فن في النظر إلى هذا الفن المبتكر ..، ولكل اتجاهه ومعاييره التي يبني عليها رؤيته، بين مؤيد ومتسائل مندهش، إنما المهم في إثبات وجود هذا الفن، فيما نراه، إنه ينماز عن جميع محاولات الخروج عن القصيدة العربية، في أنه فن قائم على سيقانه هو، دون أن يلتف على غيره، والميزة الكبرى عند مؤسسه (محمد الشحات محمد) إنه لا يقحم نفسه في أي خلاف،وإنما يُظهر صدره ويحذر قدمه، مستقلا بذاته من دون احتياج إلى تسلق على أكتاف فنون أخرى؛ لم يسبق لأي مبدع في مصر والمنطقة العربية والعالم أن كتب هذا الإبداع، وأتحدى ونعلن -من خلال تخصصي- أننا لم نقرأ عالميا مثله من قبل، وهذه الحقيقة هي التي تدفعنا إلى شديد الاهتمام به، لأنه شارة واضحة، إلى أننا لسنا مستهلكين، إنما نحن المُنتِج الأول؛ الأمر ليس فرديا، إنما يهمنا جميعا".
ويذكر أن الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر القصة الشاعرة تأتي مع الاحتفال باليوبيل الذهبي لانتصارات أكتوبر المجيدة، وسوف يتم تكريم بعض الرموز، كما يصدر عن المؤتمر ثلاثة كتب، وتنشر الأبحاث المتميزة في مجلة الدراسات الأفريقية والعربية.
ويقدم فقرات اليوم الأول الشاعر والمترجم أحمد السرساوي، ويقدم جلسات اليوم الثاني (أون لاين) الباحث والمنسق التقني د. مصطفى عمار، ويشارك في المؤتمر عدد من المبدعين وأساتذة النقد والترجمة والباحثين والإعلاميين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جامعة المنصورة بکلیة الآداب
إقرأ أيضاً:
خفة النص التي احتملها الغذامي ولم يطقها البازعي!
ما هو الأدب الحقيقي؟ هل هو ذلك الذي يصمد عبر الزمن، أم الذي يلامس قلوب القراء في لحظته؟ هل يرتبط بجمال اللغة وعمق الأفكار، أم بجاذبية السرد ومتعة القراءة؟ ومن له الحق في تحديد الأدب الجيد من الأدب الرديء؟ هل هم النقاد الذين يملكون أدوات التحليل والتقييم، أم القراء الذين يختارون ما يستهويهم؟ وهل النجاح الجماهيري دليل على القيمة الأدبية، أم أن الأعمال الخالدة لا تُقاس بالشعبية؟ وإذا كان الأدب "النخبوي" هو "الحقيقي"، فلماذا يعزف عنه كثير من القراء في حين يقبلون على الأدب "التجاري" أو ما يسمى الـ"بيست سيلر"؟
هذه التساؤلات راودتني وأنا أتابع على منصة إكس "الترند" الذي صنعه الناقد السعودي البارز سعد البازعي في الأسبوع المنصرم، حين عاود في مقابلة تلفزيونية، مهاجمة الروائي السعودي أسامة المسلم الذي اشتهر عربيا على نطاق واسع السنة الماضية عندما حدث تدافع خلال حفلات توقيع كتبه في معارض القاهرة والرباط والجزائر على التوالي، بل إن حفل توقيع الرباط أُوقِف عقب حالة الفوضى التي عمت المعرض بسبب الأفواج البشرية الكبيرة التي حضرت. في الحوار للقناة السعودية كرر البازعي اتهاماته التي سبق أن أطلقها في حسابه على "إكس" لروايات المسلم بأنها "سطحية"، وأن نجاحها الجماهيري ليس سوى "فقاعة أدبية" ستتلاشى مع الزمن. قال الناقد السعودي إن المسلم يكتب أدبًا قائمًا على الإثارة والدهشة دون عمق حقيقي، ولا يمكن مقارنته بروايات أدباء سعوديين آخرين ممن يكتبون الأدب الجاد، وسمى منهم عبده خال وأميمة الخميس وبدرية البشر.
لكن الغريب أن ناقدا سعوديا كبيرًا آخر هو عبدالله الغذامي، لا يرى ما رآه البازعي، بل إنه سبقه بكتابة مقال في تقريظ تجربة المسلم الروائية قال فيه إنه لم يكن يعرف المسلم من قبل، غير أن التدافع الجماهيري حوله في معرض الرباط دفعه إلى قراءة روايته "خوف"، ويضيف: "وأول ملمح فيها أني لم أضجر منها ولم أشعر أني فقط أقوم بدوري المهني، بل استولت علي متعة النص وخفته". إنها إذن خفة النص التي احتملها الغذامي، فوجد أنه مكتوب بلغة سلسة سماها "الفصحى المحكية" التي تشبه أسلوب "ألف ليلة وليلة" وكتب الحكي الشعبي. نعم. لقد شبه الغذامي رواية "خوف" بألف ليلة وليلة، معتبرا أن ما يقدمه المسلم ليس أدبًا تافهًا، بل هو تعبير عن ذائقة جيل جديد وجد لغته الخاصة. هذه القراءة أسعدت المسلم بلا شك، بدليل أنه وصفها في حوار له مع المذيع نفسه الذي حاور البازعي (عبدالله البندر) بالمنصفة، رغم أنه سبق أن هاجم منتقديه، معتبرا أنهم من أولئك "الديناصورات" التي تجاوزها الزمن.
سمعت باسم أسامة المسلم لأول مرة في برنامجي الإذاعي "القارئ الصغير" الذي أحاور فيه قراء من الأطفال والمراهقين منذ عام 2014. وكنت أستغرب من هالة إعجاب كبيرة يضفيها عليه هؤلاء المراهقون أثناء حديثهم عن رواياته، التي يدور عدد غير قليل منها في عالم الجن والشياطين. لكني لم أكن أتدخل، لأنني أؤمن أنه لا بد لأي قارئ صغير أن يمر بمثل هذه المرحلة، قبل أن يشتد عوده ويتطور وعيه ويتوجه إلى كتب أدبية حقيقية غير هذه التي تدغدغ مشاعر الإثارة والتشويق فيه.
وبعد أن ذاع صيت المسلم في العالم العربي باعتباره الروائي الذي يتدافع القراء على حفلات توقيعه، قررت قراءة رواية "خوف" باعتبارها أشهر رواياته، ولا أخالني أجانب الصواب إذا زعمتُ أن ما قاله الغذامي عن كون النص ممتعا وسلسا وغير مثير للضجر، صحيح، رغم أنني توقفتُ قليلا عند تسميته للشيخ الدجال الذي تَحْمِل أم البطل ابنها إليه لعلاجه: "الشيخ العُماني"! السرد يشدك منذ الصفحات الأولى بالفعل، لكنّ المؤاخذات التي ذكرها البازعي عليه هي الأخرى صحيحة، فلا اللغة الأدبية قوية، ولا النص يقدم أفكارا مهمة، ولا هو يخبر قارئه شيئا مهمّا عن حياته، كما تفعل النصوص العظيمة، عدا أن هناك لونين فقط في رسم الشخصيات هما الأسود والأبيض.
بطل "خوف" يشبه أسامة المسلم نفسه إلى درجة أنه يخبرنا منذ السطر الأول أنها قد تكون سيرة ذاتية، كما أنه مولود في منتصف السبعينيات تماما كما هو المؤلف، والمفارقة هنا أن هذا البطل ينفر من السطحية منذ أن كان طفلًا، يقول واصفًا أقرانه من الأطفال: "كنت أرى في اهتماماتهم سطحية شديدة، رغم محاولاتي المتكررة للاندماج معهم، في تلك المرحلة بدأت بقراءة المؤلفات المحلية لكنها أيضا لم تجذبني لفارق الأسلوب والقوة في الطرح عن مثيلاتها في الطرف الغربي". ولأن هذا بالضبط هو ما فعله البازعي، أي أنه نفر من روايات المسلم لأنه وجدها سطحية، فإنني أجد أنه من المستهجن أن يلمز هذا المؤلفُ البازعي وغيره من النقاد الذين لا تستهويهم مثل هذه الأعمال بوصفهم "ديناصورات"، وأنه يزعجهم أن يحظى كاتب سعودي بإقبال كبير! صحيح أن من حق أي مؤلف أن يكتب للجمهور الذي يريد، وأن يتبنى نوع الكتابة التي يحب، دون وصاية من أحد، غير أن النقطة المهمة هنا هي ضرورة تقبل الكاتب النقد، حتى وإن لم يأتِ على هواه. فالروائي تنتهي علاقته بعمله الروائي بمجرد أن ينشر، ليبدأ عمل القارئ. ولأن القراء ليسوا كتلة واحدة، وإنما هم مشارب وتوجهات متعددة، فمن الطبيعي أن نجد المعجب بالرواية حد التبجيل، وفي المقابل غير المعجب الذي يعدها رواية سطحية وغير ذات عمق.
وإذن، فقد أصبح البازعي المنتقِد "ديناصورًا" في حين كان الغذامي المادح "منصفًا"، رغم أن كليهما ناقد كبير تعدى تأثيره حدود السعودية إلى العالم العربي، وكلاهما تجاوز السبعين من العمر، وهي السنّ التي اختارها المسلم للرجل الذي سيغيّر حياة بطل الرواية الشاب. إذْ لاحظ هذا الشيخ السبعيني أن آراء الشاب المتمرد في المجلس حادّة ومستفِزّة فطلب منه البقاء بعد انفضاض المجلس ليعطيه كتابًا ليقرأَه، وحين فتح الشاب الكتاب في غرفته حدثت له بعض الأمور المزعجة التي هي من فعل الجنّ، ومنها أنه لم يعد يستطيع النوم في بيته، فقرر العودة للشيخ السبعيني، يقول: "فأخبرتُه أني أريد تفسيرًا لما يحدث لأن هذه الأمور لم تحدث إلا بعد قراءتي للكتاب الذي قدمه لي". فكان جواب الشيخ: "أنا لم أنم في مثل هذا الوقت منذ أربعين عاما، واليوم ولأول مرة أنام كالحجر. أنا آسف يا ابني، لكنك ستعيش مع من عاشوا معي كل تلك السنين". كان الشيخ يقصد الجنّ طبعًا ممهِّدًا لبدء فصول الإثارة في الرواية، غير أنني -بقليل من التعسف في التأويل - يمكنني سحب هذه القصة على حكاية مؤلفها مع النقاد؛ فالشيخ السبعيني يمكن أن يكون أيضًا ناقدًا أدبيا كبيرًا (هو هنا سعد البازعي)، والشاب هو أسامة المسلم، أما الكتاب فليس سوى واحدة من أمهات الأدب العالمي التي تجعل قارئها لا يُمكن أن يصبح هو نفسه بعد قراءتها.