لماذا أضحى المغرب بلد وجهة لا عبور للمهاجرات الأفريقيات؟
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
شهد المغرب تزايداً في تدفق المهاجرات من أفريقيا جنوب الصحراء خلال السنوات الماضية
من داخل شقتها بحي الشرف السكني في مدينة مراكش المغربية، لا تدخر أومو سال أي جهد في العناية وإطعام مولودها الجديد. وتعود قصة انتقالها من بلدها السنغال إلى المغرب إلى عام 2017، عندما قصدت أومو سال البالغة من العمر 27 عاماً المغرب لإكمال درجة الماجستير في إدارة الأعمال.
وستعود إلى العمل في أحد مراكز الاتصال وخدمة العملاء في غضون أسبوع بعد انتهاء إجازة الوضع والأمومة.
مختارات خبير هجرة: الاتحاد الأوروبي يحاول تصدير أزمته إلى تونس عام على مأساة مليلية.. إدانات ومطالب بتحديد المسؤوليات المغرب والهجرة ..مثال نموذجي أم شوكة في خاصرة أوروبا؟ المغرب يستضيف أمم أفريقيا 2025 وعينه على مونديال 2030أعلن رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، باتريس موتسيبي، فوز المغرب باستضافة كأس أفريقيا 2025 بدلا من غينيا التي جردت من حق التنظيم. وأكد أن هناك اتفاقاً داخل الاتحاد لدعم الملف المغربي في سباق الفوز بتنظيم مونديال 2030.
مدن تاريخية.. كيف هدّد زلزال المغرب الذاكرة الجماعية للسكان؟الكوارث الطبيعية والحروب تهدد الآثار والنظم الثقافية للسكان. هذا ما حدث في بعض أجزاء المغرب بعد الزلزال الأخير. فماذا يعني فقدان مباني ومآثر تاريخية للسكان في هذا الظرف الصعب؟
وتتشابه قصة أومو في أركانها وتفاصيلها مع قصص العديد من المهاجرات من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى اللاتي يتدفقن إلى المغرب بأعداد متزايدة حيث أفادت أرقام الأمم المتحدة أن النساء شكلن نسبة 48.5% من المهاجرين النظاميين في المغرب عام 2020.
وفي مقابلة مع DW، قالت أومو إن تأقلمها في المغرب لم يكن بالأمر الصعب، مضيفة: "سرعان ما وجدت [مهاجرين و مهاجرات] من جنوب الصحراء الكبرى في الشركة التي أعمل بها، والعلاقة بيني وبين أرباب العمل جيدة".
وفي ذلك، يقول خبراء إن هذا المسار يدل على أن المغرب تحول من مجرد "دولة عبور" للمهاجرين والمهاجرات من القارة السمراء إلى "دولة وجهة" للعديد من النساء الباحثات عن وظائف ذات رواتب أعلى لإعالة أنفسهن وأسرهن في بلادهن.
طفرة تشغيل في مراكز الاتصال
شهد العمل في مراكز الاتصال ازدهاراً كبيراً في المغرب خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، مما ساعد العديد من المهاجرين والمهاجرات الناطقين بالفرنسية في العثور على فرصة عمل جيدة.
بدورها، قالت أومو إن إيجاد فرصة عمل في مراكز الاتصال يعد بالأمر البسيط؛ إذ يكفي إتقان اللغة الفرنسية. وتؤكد المهاجرة على عدم ضرورة توافر درجة جامعية. وتصل الأجور إلى 2500 درهم، أي ما يعادل 322 يورو شهرياً بالإضافة إلى مكافآت وحوافز ما يكفي لإعالة أسرتها في السنغال.
وأضافت أومو سال: "نحن نعمل في الواقع للحصول على مكافآت وحوافز لأنه إذا حصلنا عليها، فيمكننا إرسال الأموال إلى عائلاتنا وأيضاً توفير بعض المال".
استطاعت السنغالية خادي فتح صالون تجميل وتصفيف الشعر في المغرب
من "خادمات" إلى سيدات أعمال
وعلى بعد حوالي 250 كيلومتراً من جنوب مراكش وتحديداً في حي السلام في أغادير، تستقبل سيدة الأعمال السنغالية خادي واد بالدي بترحاب زبائن صالون التجميل الذي تمتلكه في المدينة.
وفي الوقت الذي كانت تراقب فيه العمل داخل الصالون وزبائنها ومعظمهن من المغربيات، تروي خادي قصة النجاح التي سطرتها في المغرب حيث قصدتها عام 2008 فيما كان عمرها لم يتجاوز الثالثة والعشرين عاماً بهدف تحسين مهاراتها في تصفيف الشعر. وحصلت على تدريب مهني تحت إشراف رجل مغربي ومن ثم استطاعت بعد سنوات من العمل الشاق والدؤوب افتتاح صالون خاص بها.
وفي مقابلة مع DW، قالت: "عندما وصلت المغرب، كانت معظم النساء الأفريقيات من جنوب الصحراء الكبرى يعملن كخادمات أو مربيات أطفال. لم يكن من الممكن أن يعملن في مجال التجميل وتصفيف الشعر كما هو الحال في يومنا هذا. في البداية ظن الكثير أني خادمة، لكنني أردت أن أصبح مصففة شعر".
وتشعر خادي بالرضا إزاء مسيرتها في المغرب حتى أن صالونها بات مقصداً للكثيرات في المدينة المغربية، لكنها ورغم ذلك تدرك الصعوبات التي تواجهها المهاجرات الأفريقيات الأخريات من جنوب الصحراء الكبرى في المغرب. وقالت: "لا أعرف بالتحديد ما يحدث لهن، لكني أعلم أن الأمر صعب على البعض منهن. لم يحالف الحظ الجميع كما حالفني".
اتخذت السلطات المغربية خطوات لتسهيل تسوية أوضاع المهاجرين والمهاجرات في البلاد
تسوية أوضاع ولكن!
ورغم النجاح التي سجلته كل من أومو وخادي، إلا أن مصير العديد من المهاجرات الأفريقيات مازال غامضاً حيث تشير التقارير إلى وجود ما بين 70 ألف إلى مائتي ألف مهاجر من جنوب الصحراء الكبرى في المغرب، كثير منهم غير نظاميين فيما تتعرض النساء اللواتي لا يملكن أوراقاً ثبوتية لخطر الاستغلال والتهميش خاصة في قطاع الزراعية والعمل في المنازل.
وعلى وقع الأعداد المتزايدة من المهاجرين، اضطرت الرباط إلى مراجعة سياسات الاندماج الخاصة بها، حيث دشنت حملتين ساعدت في تسوية أوضاع أكثر من 50 ألف مهاجر، معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بين عامي 2014 و2017 ما مهد الطريق أمام حصولهم على تصاريح إقامة.
بدورها، أشادت عايدة خير الدين، الباحثة المغربية في قضايا الجندر والهجرة، بالحملتين، قائلة: "لقد شهدنا لأول مرة في تاريخ المغرب عملية تسوية جماعية للمهاجرين، فيما تم إيلاء أهمية خاصة للنساء".
وفي مقابلة مع DW، أضافت: "كانت هناك معايير لتسوية الأوضاع مثل التواجد في المغرب لأكثر من خمس سنوات فيما جرى إعطاء الأولوية للنساء والأطفال. لكن منذ عام 2018، شهدنا تراجعاً".
ورغم الجهود الكبيرة في تسوية أوضاع المهاجرين والمهاجرات غير النظاميين، إلا أنه مازالت هناك عقبات قانونية خاصة أن القانون الذي يُنظم الحصول على تصاريح إقامة يعود إلى عام 2003.
وإزاء ذلك، حذرت عايدة من أن الأفريقيات اللاتي يعملن في وظائف غير مستقرة معرضات للخطر، مضيفة: "يواجهن خطر تعرضهن للعنف، أولاً وقبل كل شيء، العنف الجنسي. العنف الواقع على المهاجرين والمهاجرات غير النظامين واقع يومي" .
تضرر معالم تاريخية في مدينة مراكش بسبب الزلزال
ماذا عن عاملات المنازل ؟
ومن بين المهاجرات الأفريقيات اللواتي لم يحالفهن الحظ في تحقيق نجاح في المغرب السنغالية أدجي (جرى تغيير اسمها) التي وصلت إلى المغرب عام 2019 التي عملت كخادمة ومربية أطفال لدى أسرة مغربية.
وكانت أولوية أدجى ادخار أموال لتعليم أطفالها في السنغال حيث وجدت أول وظيفة لها في المغرب من خلال إحدى وكالات العمل، لكن بعد أربع سنوات فقدت العمل دون تقديم المزيد من التفاصيل عن ظروف ذلك.
وفي مقابلة مع DW، قالت: "لم أطلب قط زيادة في الراتب، كل ما أردته هو أن يساعدوني في تسوية أوضاعي"، مضيفة أنها لم تتمكن من تسوية أوضاعها منذ عام 2019. وعملت قرابة 12 ساعة في اليوم للحصول على راتب يتراوح ما بين 2500 و3000 درهم شهرياً.
وفي ذلك، قالت: "رغم هذه الصعاب، فإن الوضع في المغرب أفضل من الوضع في السنغال. فإذا كنت في بلدي، فلم أتمكن من الحصول على الراتب الذي أحصل عليه في المغرب".
الجدير بالذكر أنه بدأ في عام 2018 العمل بقانون جديد يضع إطاراً قانونياً للعمالة المنزلية بعد نقاش استمر لعشر سنوات. ورغم أن القانون لاقى ترحيباً عند بدء سريانه، إلا أن خمسة آلاف عاملة منزل فقط جرى تسوية أوضاعهن 2021 بموجب النظام الجديد من بين أكثر من مليون عاملة منزل.
وقالت أدجي إنها تواجه في بعض الأحيان بعض أشكال التمييز في وسائل النقل العام أو في العمل، لكنها تأمل في الحصول على دورة تدريبية في مجال المعجنات لتحسين وضعها والعودة في نهاية المطاف إلى مسقط رأسها السنغال.
دشنت السنغالية نادية وزوجها منصة إلكترونية لمساعدة المهاجرين والمهاجرات من القارة السمراء
مهاجرون قدامى يساعدون مهاجرين جدد
وقالت نادية ياسين ندياي، وهي سنغالية تعيش في حي بوركون في الدار البيضاء منذ 15 عاماً: "أعتقد أن الصعوبات التي تواجهها الأفريقيات المهاجرات تتعلق بشكل أساسي بحقيقة مفادها أنه لا يتم إبلاغهن بما ينتظرهن وظروف الحياة والخطوات التي يتعين عليهن البدء فيها لتسوية اوضاعهن في المغرب".
وقد حصلت نادية على درجة الماجستير وتعمل حالياً كمديرة اتصالات في أحد البنوك فيما قررت مع زوجها الانخراط في مساعدة المهاجرين والمهاجرات من جنوب الصحراء الكبرى. وفي هذا السياق، دشنا منصة Attaches Plurielles الإلكترونية بهدف تسليط الضوء على "الجانب الآخر من حياة المهاجرين والمهاجرات من جنوب الصحراء الكبرى في المغرب" من خلال إجراء مقابلات معهم ومع خبراء الهجرة حول القضايا التي تؤثر على حياتهم.
وختمت نادية بالقول: "نحاول تسليط الضوء على النساء الشجاعات اللواتي يقمن بجهد جبار في محاولة تحسين أوضاعهن وتحقيق النجاح".
ماركو سيمونسيلي وماركو فالينزا وديفيد ليمي وعمر سلا / م. ع
مركز بوليتزر ساعد في إعداد التقرير
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: المغرب المهاجرون الأفارقة عنف جنسي استغلال عنصرية فرص عمل سوق العمل الهجرة إلى أوروبا حقوق المرأة المغرب المهاجرون الأفارقة عنف جنسي استغلال عنصرية فرص عمل سوق العمل الهجرة إلى أوروبا حقوق المرأة فی المغرب
إقرأ أيضاً:
المغرب: سنكون من أوائل الدول التي ترخص للعملات المشفرة
أعلن محافظ بنك المغرب (البنك المركزي المغربي) عبد اللطيف الجواهري، أمس الثلاثاء، أن بلاده ستكون من بين أوائل دول العالم التي ترخص العملات المشفرة.
وقال الجواهري خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الرباط: "تم الانتهاء من إعداد الإطار القانوني المتعلق بالترخيص للعملات المشفرة"، لافتا إلى أن مشروع القانون الذي ينظم التعامل بهذه العملات "أصبح جاهزا".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أداء الليرة السورية من الثورة إلى سقوط نظام الأسدlist 2 of 2مصرف سوريا المركزي يعتمد سعر صرف 12500 ليرة للدولارend of listوأضاف: "سنكون من أوائل الدول التي ستنظم التعامل بالعملات المشفرة، وتوفر إطارا واضحا ودقيقا للمستخدمين والمستثمرين"، من دون أن يحدد موعدا رسميا لتقديم المشروع إلى البرلمان لبدء عمليه مناقشته والتصويت عليه.
وكان المغرب أعلن يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 أن التعامل بالعملات الرقمية مخالف للقانون، إذ حذر مكتب الصرف المغربي (حكومي) من مخاطر هذه العملات، قائلا في بيان آنذاك إن "النقود الافتراضية لا تتبناها الجهات الرسمية، وتشكل خطرا على المتعاملين بها نظرا لعدم معرفة هوية أصحابها".
وأوضح الجواهري أن إعداد الإطار القانوني الجديد تم بمساعدة تقنية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن التشريع المقترح يتماشى مع أهداف وتوصيات مجموعة العشرين، التي دعت إلى معالجة نقص البيانات المتعلقة بالأصول المشفرة.
الجواهري: سنمنح بعض المرونة للوصول إلى العملات المشفرة (رويترز)وقال: "سنمنح بعض المرونة للوصول إلى العملات المشفرة، لكننا سنحدد بوضوح المخاطر المحتملة، وسنقر تدابير صارمة لمكافحة استخدامها في عمليات غسل الأموال أو أي أنشطة غير مشروعة".
إعلانويخشى المغرب من تأثير العملات الافتراضية على اقتصاده، خاصة في ما يتعلق بخروج النقد الأجنبي من البلاد عبر التجارة بالعملات الرقمية، وهو ما قد يؤثر سلبا على معروض النقد الأجنبي ويدفع إلى تراجع قيمة العملة المحلية.
وتأتي تصريحات الجواهري بعد يوم مع ارتفاع قياسي في أسعار العملة الرقمية بيتكوين، إذ سجلت العملة المشفرة الكبرى عالميًا 106.5 آلاف دولار، مدفوعة بدعم دونالد ترامب للأصول الرقمية، مع وعود بخلق بيئة تنظيمية أكثر مرونة في الولايات المتحدة.
ولا تخضع العملات المشفرة لسيطرة الحكومات أو البنوك المركزية كالعملات التقليدية، بل يتم التعامل بها عبر شبكة الإنترنت دون أي وجود فيزيائي، وهو ما يثير مخاوف عديد من الدول حول العالم بشأن تأثيرها الاقتصادي.