ما استنتجه الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان بعد ثلاث زيارات للبنان لم يقنع "الثنائي الشيعي". فـ "الخيار الثالث" غير وارد بالنسبة إلى كل من "حزب الله" وحركة "أمل"، اللذين أعلنا تمسّكهما بمرشحهما رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية. ولكن ما في هذا الإعلان ما ورد على لسان بعض المقرّبين من "الحزب" و"الحركة" ما يشير إلى إمكانية درس الموضوع على "البارد"، وذلك حين استخدمت تعبير "حتى الآن" المرفقة بمبدأية ترشيح فرنجية.

       ولكن درس موضوع سحب ترشيح فرنجية بالنسبة إلى "حزب الله" ليس بالأمر السهل، لأنه يعتبر أن "كلمته كلمة"، وهي كلمة لا يمكن التراجع عنها من دون ان يحصل على ما يوازي أهمية المساومة على "وعده الصادق" كما حصل مع الرئيس السابق ميشال عون. ولكن كلمة "السهل" لا تعني قطع الطريق على إمكانية التفاهم على "الخيار الثالث"، الذي يروّج له الموفد القطري في تحركاته "السرّية" عملًا بمقولة "واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان".     فما تسرّب من "الطبخة الرئاسية القطرية "من أسماء لمرشحين محتملين لا تختلف من حيث المبدأ مع الأسماء، التي تضمنتها لائحة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، من دون أن يعني ذلك أن تلك الأسماء هي نهائية. المهمّ في ما احتوته هذه التسريبة أن ثمة قناعة عبّر عنها لودريان، وربما هي قناعة مجموعة الدول الخمس، وتقضي بالذهاب طوعًا نحو "الخيار الثالث"، وذلك بعدما لمست فرنسا أن مبادرتها القائمة على تبنّي ترشيح فرنجية غير قابلة للتحقيق بعدما لمست رفضًا مسيحيًا لما كانت تحاول تسويقه.    في المقابل وجد الموفد القطري، الذي كان له لقاء، نسقّه السفير القطري الجديد، مع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" الحاج محمد رعد، رفضًا مبدئيًا لما يُسمّى بـ "الخيار الثالث". فهذا الرفض الذي سبقه رفض مسيحي لترشيح فرنجية سيوصل حتمًا إلى طريق مسدود، وإلى رفع "الخماسية" العشرة، وترك أبواب الساحة الرئاسية مشرّعة لكل الاحتمالات. وقد يكون تمديد الشغور الرئاسي من بين أسوأ هذه الاحتمالات، مع ما يعنيه ذلك من تأجيل أي حلّ للأزمات الكثيرة والمتراكمة، التي تجعل الساحة من دون غطاء خارجي، مع احتمال تفاقم الوضع الاقتصادي الذي سيتأثر حتمًا بما لا يقبل الشك بالأجواء السياسية المسدودة.    قد يكون الردّ الطبيعي والتلقائي لقوى "المعارضة" على تمسك قوى "الممانعة" بمرشحها بالإصرار على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور. وحيال هذا الواقع فإن المراوحة ستكون السمة الرئيسية للمرحلة، التي ستلي انتهاء مهمة كل من الموفدين الفرنسي والقطري، مع ارتفاع ملحوظ لمنسوب التوتر الأمني، الذي ينجم عن تفاعل مضاعفات النزوح السوري، وما يتسبب به الاحتكاك بينهم وبين الأهالي في مختلف المناطق اللبنانية، خصوصًا في ضوء الاستمرار الفوضوي لتدفق النازحين السوريين عبر المعابر غير الشرعية على الحدود الشمالية.    فالفوضى بكل معانيها السيئة هي الخلاصة الطبيعية لما يمكن أن يكون عليه الوضع العام في البلاد، على رغم كل الجهود التي يبذلها الجيش مع سائر القوى الأمنية لضبط مفاعيل هذه الفوضى، التي بدأت بشائرها تبرز من خلال ما تكتشفه القوى العسكرية بعد دهم عدد من مخيمات النازحين من أسلحة وذخائر، يُعتقد أنها بداية لتعميم الفوضى الأمنية التي يعيشها مخيم عين الحلوة في المخيمات السورية الخارجة عنها الرقابة الجدّية. 
وفي اعتقاد بعض المراقبين أن ما تشهده تلك المخيمات من حالات استفزازية لأهالي الجوار هي تحرّكات غير بريئة، وقد يكون لبعض من يحرّكها ارتباطات خارجية لا همّ لأصحابها سوى رؤية لبنان يغرق في الفوضى بكل معاييرها. 
ويرى هؤلاء المراقبون أن الحلّ الوحيد لصدّ أي محاولة لزعزعة الاستقرار الداخلي لا يمكن أن يكون سوى بتقصير عمر الشغور الرئاسي والذهاب إلى انتخابات ديمقراطية وتوافقية بحدّها الأدنى، مع تسهيل إعادة تكوين السلطة التنفيذية وتفعيل عمل السلطتين التشريعية والقضائية لمواكبة ورشة الإصلاح الإداري والمالي.           المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الخیار الثالث ترشیح فرنجیة

إقرأ أيضاً:

الشيعي الأعلى يحذر من تداعيات التطورات في الساحل السوري على لبنان

حذر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، من تداعيات الاشتباكات الأخيرة في منطقة الساحل السوري وما تخللها من انتهاكات بحق مدنيين، داعيا السلطات اللبنانية إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع امتداد الأحداث إلى أراضيها.

وقال نائب رئيس المجلس علي الخطيب، الأحد، إن "الأنباء الواردة من سوريا عن المذابح التي حصلت في الساحل السوري أوجعتنا وآلمتنا وأدمت قلوبنا لفظاعتها وبشاعتها ،بقدر ما تدفعنا الى الأسف والتوجس من مستقبل مظلم ينتظر هذا البلد الشقيق الذي ما أردنا يوما إلا أن يكون آمنا ومستقرا".


وأضاف في بيان على منصة "فيسبوك"، أن "المشاهد الفظيعة التي وصلتنا وتصلنا عن الانتهاكات التي حصلت بحق المدنيين الأبرياء، تجعلنا في حالة من الصدمة ،لأننا اعتقدنا في مرحلة من المراحل ان هذه الحقبة السوداء من تاريخ بلادنا قد انتهت الى غير رجعة. فلا ديننا ولا قيمنا ولا اخلاقنا تبيح قتل الناس الأبرياء على الهوية".

واعتبر أن ما حصل "يستدعي تدارك هذه المظالم بحق الأبرياء قبل أن تتفاقم الأمور إلى ما هو أكثر عنفا وبطشا، بحيث يصبح من المستحيل التعايش بين المكونات السورية، وبما يحقق أهداف الغرب والصهاينة في تقسيم سوريا وإلغاء كينونتها كدولة واحدة موحدة".


وناشد الخطيب "العقلاء في أمتنا العربية والإسلامية المسارعة الى وضع حد لما جرى ويجري، والعمل بكل قوة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وتأمين الحماية للمدنيين السوريين الى أي طائفة أو منطقة انتموا، قبل أن تذر الفتنة الكبرى بقرنها، وتنتشر الى كامل المنطقة بما يصعب ضبط الأمور وإصلاح الحال". 

كما حذر "الأهل في لبنان من تداعيات هذا الواقع"، مطالبا "الدولة والأجهزة الأمنية باتخاذ أقصى التدابير الآيلة الى ضبط الأوضاع والحؤول دون امتداد الأحداث إلى الأراضي اللبنانية".

وخلال الأيام الأخيرة، شهدت محافظات اللاذقية وطرطوس الساحليتين توترات أمنية غير مسبوقة على وقع هجمات منسقة شنتها قوات موالية للنظام المخلوع، ما أسفر عن قتلى ومصابين في صفوف قوات الأمن العام والمدنيين.

ووثقت تقارير وقوع انتهاكات وإعدامات ميدانية طالت مدنيين في مناطق الاشتباك، ما دفع الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في ملف الانتهاكات بالإضافة إلى لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي في البلاد.

ومساء الأحد، قال الشرع في ثاني كلمة له منذ بدء التطورات في الساحل السوري الخميس الماضي إن "المخاطر التي نواجهها اليوم ليست مجرد تهديدات عابرة، بل هي نتيجة مباشرة لمحاولات انتهازية من قبل قوى تسعى إلى إدامة الفوضى وتدمير ما تبقى من وطننا الحبيب".


وتابع بالقول "نجد أنفسنا أمام خطر جديد يتمثل في محاولات فلول النظام السابق ومن وراءهم من الجهات الخارجية (لم يسمها) خلق فتنة وجر بلادنا إلى حرب أهلية، بهدف تقسيمها وتدمير وحدتها واستقرارها".

وشدد الرئيس السوري على أن "سوريا ستظل صامدة، ولن نسمح لأي قوى خارجية أو أطراف محلية بأن تجرها إلى الفوضى أو الحرب الأهلية".

وأردف قائلا: "لن نتسامح مع فلول الأسد، الذين قاموا بارتكاب الجرائم ضد قوات جيشنا ومؤسسات الدولة، وهاجموا المستشفيات وقتلوا المدنيين الأبرياء، وبثوا الفوضى في المناطق الآمنة".

مقالات مشابهة

  • ماذا نعرف عن الاتفاق الذي ينص على اندماج قسد ضمن مؤسسات الدولة في سوريا
  • اتحاد السلة يُعيد ترشيح القرقاوي لـ «رئاسة العربي»
  • الشيعي الأعلى يحذر من تداعيات التطورات في الساحل السوري على لبنان
  • كيف يكون التعامل مع الأب الذي يسيء معاملة أبنائه ويفرق بينهم؟
  • خالد جاد الله: الأهلي لا يملك سوى الفوز على الزمالك.. والشناوي الخيار الأفضل
  • وزيرة التضامن: الطفل الذي يدخل الحضانة صغيرا يكون تحصيله ووعيه أكبر
  • ماذا قال البابا شنودة في الذكرى الأولى لرحيل البابا كيرلس السادس
  • لوائح مُضادة لـالثنائي الشيعي
  • ماذا نعرف عن المساعدات العسكرية التي قدمتها أمريكا لأوكرانيا قبل قرار ترامب بإيقافها؟
  • رئيس الجيل الديمقراطي: السلام هو الخيار الأول لمصر والدول العربية