«دانيال» وسد النهضة.. والمخاوف المشروعة
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
الإعصار المدمر «دانيال» الذي ضرب شرق ليبيا الأسبوع قبل الماضي، وقتل وأصاب آلافاً، وشرد الملايين، وهدم آلاف البيوت، لم يكن فقط بسبب غضب الطبيعة، ولكن زادت شدته بسبب انهيار سدين في مدينة درنة، ما أدى إلى تفاقم المأساة غير المسبوقة عربياً، وربما أفريقياً.
لكن السؤال الذي أثاره الإعصار وتداعياته الكارثية في ليبيا جعل البعض يتحدث ويشير إلى خطورة السدود في مناطق مختلفة من العالم، خصوصاً إذا أثير بشأنها الجدل.وفي مصر كان منطقياً أن يصاب كثير من المصريين بالقلق لسبب جوهري، هو وجود سد النهضة الإثيوبي، والأحاديث المتكررة عن الخطورة التي يشكلها في حالة تعرضه لأي خطر، خصوصاً في ظل ما يقال عن عيوب فنية وجيولوجية في المنطقة المقام عليها السد. نعلم أن إثيوبيا قررت بناء هذا السد الذي كان يسمى بـ«الألفية» في شتاء 2011، وبدأت في تحويل مياه النيل الأزرق في شهر أبريل من العام نفسه، ورفضت المطالب المصرية والسودانية للتفاهم بشأن بناء السد، وظلت تشتري الوقت، وفي الأسبوع الماضي أعلنت القاهرة أن جولات التفاوض الأخيرة قد فشلت.
في هذا المقال لا نناقش الخلاف السياسي المعروف بين مصر وإثيوبيا، ولا الاتفاقيات والقوانين الدولية التي تنظم طريقة تقسيم مياه الأنهار العابرة للحدود بصورة قانونية، لكن نحن نتحدث فقط بشأن أمر جيولوجي بحت، هو: ماذا لو انهار سد النهضة لا قدر الله؟ ومن الذي سيدفع الفاتورة الكبرى لو حدث ذلك؟! بطبيعة الحال لست خبيراً جيولوجياً، ولست مختصاً في قضايا الزلازل والبراكين والأعاصير، لكن بحكم عملي الصحافي أتابع كل ما ينشر في هذا الصدد، خصوصاً هذا الموضوع الذي يهم بلدي مصر عموماً، وأهلي في الصعيد خصوصاً. أهم ما جاء في هذا الشأن هو ما ذكره خبير المياه المصري المعروف الدكتور عباس شراقي، أستاذ هندسة المياه والري، حيث قال بوضوح يوم الاثنين الماضي 18 سبتمبر: إن سد النهضة دخل بالفعل دائرة الخطر الكارثي على كل من مصر والسودان، بعد انتهاء التخزين الرابع وحجز نحو 41 مليار متر مكعب. ويضيف أنه طبقاً لمقاييس تقسيم السدود فإن سد النهضة يعد من الأشد خطورة على حياة البشر.
غالبية خبراء السدود يقولون إن تصنيف مخاطر السدود لا يعتمد على حالة السد الهندسية أو حجم سعته، ولكن على مدى الضرر الذي قد يحدث بدول المصب في حالة انهياره.
إن انهيار سدي وادي درنة وأبو منصور، وهما يخزنان 28 مليون متر مكعب فقط، قد أدى إلى مقتل 11 ألف شخص وتشريد عشرات الآلاف، وتدمير ثلث المدينة، الأمر الذي لفت نظر غالبية سكان العالم إلى خطورة بعض السدود، علماً بأن هناك أكثر من 50 ألف سد في العالم. مرة أخرى، ما زلنا نتحدث في الأمور الفنية فقط، وليس السياسية، والمفروض أن التصميم الأمريكي لسد النهضة كان تخزين 11.1 مليار متر مكعب، لكنها زادت لأسباب سياسية لتبلغ 74 مليار متر مكعب، واللافت للنظر أن هذا الرقم هو إجمالي حصتي مصر والسودان الحالية من مياه النيل، حيث لمصر 55.5 مليار متر، وللسودان 18.5 مليار متر.
فنياً أيضاً فإن موقع السد يقع في منطقة الأخدود الأفريقي الأكثر نشاطاً للزلازل، وينبع من ارتفاعات تزيد على 4 آلاف متر، إضافة إلى فيضانات شديدة في موسم الأمطار، وكميات كبيرة من الطمي، هي الأعلى في العالم. ثم إن سد النهضة يقع على بعد 15 كيلومتراً فقط تقريباً من الحدود السودانية، وإذا انهار ـ لا قدر الله ـ فإنه قد يشكل طوفاناً لم تره البشرية منذ أيام سيدنا نوح، عليه السلام، والوصف للدكتور عباس شراقي.
لو حدث الانهيار فإن حياة نحو 30 مليون شخص مهددة، خصوصاً في السودان، لأنه سيجرف في طريقه سدود الروصيرص وسنار ومروي في السودان، وإذا حدث ذلك فسوف تكون هناك خطورة حقيقية على السد العالي في مصر.
بطبيعة الحال فإن إثيوبيا تؤكد دائماً أنها راعت كل الشواغل الفنية والهندسية في بناء سد النهضة، وأنه آمن تماماً، لكنها في المقابل رفضت وترفض أي إشراف أو فحص أو مراقبة دولية أو مشاركة مصرية في دراسة مدى خطورة السد وكيفية تشغيله، خصوصاً بعد أن قررت زيادة سعته إلى 74 مليار متر مكعب.
كوني مصرياً أتمنى كل الخير والازدهار لإثيوبيا وشعبها، وأن تتقدم في كل المجالات، لكن بشرط بسيط، ألا يكون ذلك على حساب حياة المصريين والسودانيين. نتمنى أن يكون هناك تعاون مشترك بين البلدان الثلاثة لمصلحة شعوبهم، وليس لمصلحة شعب على حساب آخر، خصوصاً بعد أن رأينا ما حدث في درنة الليبية، فربما يكون ذلك بمثابة إنذار مبكر للجميع.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة ملیار متر مکعب سد النهضة
إقرأ أيضاً:
25 ألف زائر لمتحف عُمان عبر الزّمان خلال إجازة العيد الوطني
هلال السليماني والعُمانية: بلغ عدد زوار متحف عُمان عبر الزمان في ولاية منح بمحافظة الداخلية خلال إجازة العيد الوطني الـ 54 المجيد قرابة 25 ألف زائر من داخل سلطنة عُمان وخارجها، لاستكشاف عالم المتحف ومقتنياته في صورة تتكرر عند كل إجازة، وقد طاف زوار المتحف أركانه وقاعاته، في رحلة سفر عبر الذاكرة الحية لعصر النهضة، وتطواف عبر المكان والزمان، واستشعار لهيبة التاريخ وسجلاته وأسفاره، في رحلة تقتضي الوعي بمسارات التاريخ ومفرداته وألوانه وتشكلاته، وقراءة في الصفحات الممتدة عبر العصور والأزمنة؛ فمعروضات المتحف تستعرض بداية من التشكل الجيولوجي لأرض عُمان، قاعتين ثريّتين بمحتواهما ومقتنياتهما.
ويبحر الزائر بين جغرافيا سلطنة عُمان وتاريخها، متأملًا ماضيها وحاضرها ومستشرفًا مستقبلها عبر "رؤية عمان 2040"، بشكل تفاعلي وباستخدام تقنيات العرض المتحفي وتوظيف تقنية الواقع المعزز، إضافة إلى المقتنيات الأثرية التي يستعرضها المتحف بين جنباته.
وينتقل الزائر في رحلة سردية عبر الزمن تبدأ من أواخر عصور ما قبل التاريخ وإلى يومنا الحاضر، وتنقسم قاعات العرض الدائمة إلى قاعتين: قاعة التاريخ وقاعة عصر النهضة، ويقدم المتحف ومضات وإشراقات وتجليات توثقها تقنية الواقع المعزز، فعلى الزائر أن يستطلع عبر ثقافته وخبرته دوائر المكان وإيحاءات الزمان؛ فالشاشات العملاقة المبهرة، والمجسمات المنتشرة، والرسومات الموضحة، والكتابات، والمقتنيات، والتذكارات المتوزعة، كلها مقتنيات ومعروضات تشي بأن الإنسان العُماني كان في مركز الحضارة، يؤثر فيها ويتأثر بها، ويصنع الحدث تارة، ويستجيب لمتطلبات التكيف والامتزاج تارة أخرى، وفي كل من هذه وتلك، يحتفظ لنفسه بالكينونة والشخصية، وقد رصد المتحف حركة التاريخ وحركة الإنسان على هذه الأرض، ويستشعر الزائر أثر الأئمة الأجلاء والسلاطين الأماجد، مما يقتضي الوقوف أمام تلك الحقب التاريخية ثم الانطلاق منها في مسيرة النهضة المتجددة بأبعادها المختلفة.
وقال المهندس اليقظان بن عبدالله الحارثي مدير عام متحف عُمان عبر الزمان إنّ المتحف يُمثل وجهة سياحية متكاملة لمختلف فئات المجتمع ويسهم بشكل كبير في التعريف بالهُوية العُمانية وتاريخ عُمان العريق وتنوعه الجيولوجي والجغرافي، بالإضافة إلى منجزات النهضة المباركة بما زُوّد به من تقنيات حديثة فضلا عن توافر العديد من الخدمات والتسهيلات والإمكانات التي تجعله وجهة للزائرين طوال العام.
وأضاف أن إدارة المتحف وضعت العديد من التسهيلات والإجراءات لاستقبال الأعداد الكبيرة من الزوار خلال هذه الإجازة من ضمنها، إسناد عدد إضافي من الموظفين، وإشراك المجتمع في بعض الأنشطة التطوعية والاستثمارية، وتمديد ساعات الزيارة والحجز المسبق عبر الموقع الإلكتروني للمتحف إلى جانب الكثير من التسهيلات التي تمكّن الزائر من الدخول للمتحف والتعرّف على تاريخ عُمان ونهضتها المتجددة من خلال قاعات العرض المتحفي (قاعة التاريخ / قاعة عصر النهضة) والاستمتاع بمرافق المتحف المتنوعة المخصصة لخدمة الزوار.
وأكد على أن إدارة المتحف سعت خلال الفترة الماضية إلى تسهيل عملية حجز التذاكر عن طريق مجموعة من الخدمات الإلكترونية التي تم توفيرها عبر موقع المتحف للتسهيل على الزوار القادمين للمتحف.
وتستعرض قاعة التاريخ حقبة دولة اليعاربة من خلال عرض صوتي ومرئي فائق الدقة وخرائط افتراضية، وفي نهاية القاعة يتناول جناح دولة البوسعيديين أربع مراحل رئيسية، هي فترة تأسيس الدولة، وفترة الإمبراطورية العُمانية، وفترة انقسام الحكم بين مسقط وزنجبار، وفترة الطريق إلى النهضة، كما يتم تسلّيط الضوء على مظاهر الحياة اليومية والإنجازات التي تحققت في شتى ميادين الحياة خلال فترة حكم الأئمة والسلاطين، وترتكز وسائل العرض المتحفي في هذه القاعة على الوسائط الرقمية لإيجاد بيئات افتراضية متعددة الأبعاد، تمكن الزائر من معايشة الواقع الافتراضي لكل عصر، إضافة إلى ذلك تحتوي القاعة على مجموعة منتقاة من الشواهد المادية والخرائط لإضفاء حالة من الواقعية.
أما في قاعة النهضة المباركة، التي تم تصميم مدخلها على شكل فضاء مفتوح تتوسطه أعمدة مهيبة، فهي تشكل فضاء تفاعليًا لمنظومة العرض الصوتي والمرئي فائقة الدقة، حيث يتم استعراض الأعوام الخمسة الأولى من عمر النهضة المباركة، وتمثل القاعة ذروة تجربة الزائر إلى المتحف ومحوره الأساسي، حيث تستعرض جوانب التطور والازدهار والنماء في سلطنة عُمان.
وتتناول القاعة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والصناعية والسياسية التي شهدتها سلطنة عُمان، مع المحافظة على مكنونات هويتها الأصيلة وتقاليدها الثقافية العريقة، وتحتوي القاعة على وسائل متحفية رقمية تفاعلية تستعرض الخطابات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-، والخطابات السامية للمغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-.