موقع 24:
2025-01-10@18:09:03 GMT

«دانيال» وسد النهضة.. والمخاوف المشروعة

تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT

«دانيال» وسد النهضة.. والمخاوف المشروعة

الإعصار المدمر «دانيال» الذي ضرب شرق ليبيا الأسبوع قبل الماضي، وقتل وأصاب آلافاً، وشرد الملايين، وهدم آلاف البيوت، لم يكن فقط بسبب غضب الطبيعة، ولكن زادت شدته بسبب انهيار سدين في مدينة درنة، ما أدى إلى تفاقم المأساة غير المسبوقة عربياً، وربما أفريقياً.

لكن السؤال الذي أثاره الإعصار وتداعياته الكارثية في ليبيا جعل البعض يتحدث ويشير إلى خطورة السدود في مناطق مختلفة من العالم، خصوصاً إذا أثير بشأنها الجدل.

وفي مصر كان منطقياً أن يصاب كثير من المصريين بالقلق لسبب جوهري، هو وجود سد النهضة الإثيوبي، والأحاديث المتكررة عن الخطورة التي يشكلها في حالة تعرضه لأي خطر، خصوصاً في ظل ما يقال عن عيوب فنية وجيولوجية في المنطقة المقام عليها السد. نعلم أن إثيوبيا قررت بناء هذا السد الذي كان يسمى بـ«الألفية» في شتاء 2011، وبدأت في تحويل مياه النيل الأزرق في شهر أبريل من العام نفسه، ورفضت المطالب المصرية والسودانية للتفاهم بشأن بناء السد، وظلت تشتري الوقت، وفي الأسبوع الماضي أعلنت القاهرة أن جولات التفاوض الأخيرة قد فشلت.
في هذا المقال لا نناقش الخلاف السياسي المعروف بين مصر وإثيوبيا، ولا الاتفاقيات والقوانين الدولية التي تنظم طريقة تقسيم مياه الأنهار العابرة للحدود بصورة قانونية، لكن نحن نتحدث فقط بشأن أمر جيولوجي بحت، هو: ماذا لو انهار سد النهضة لا قدر الله؟ ومن الذي سيدفع الفاتورة الكبرى لو حدث ذلك؟! بطبيعة الحال لست خبيراً جيولوجياً، ولست مختصاً في قضايا الزلازل والبراكين والأعاصير، لكن بحكم عملي الصحافي أتابع كل ما ينشر في هذا الصدد، خصوصاً هذا الموضوع الذي يهم بلدي مصر عموماً، وأهلي في الصعيد خصوصاً. أهم ما جاء في هذا الشأن هو ما ذكره خبير المياه المصري المعروف الدكتور عباس شراقي، أستاذ هندسة المياه والري، حيث قال بوضوح يوم الاثنين الماضي 18 سبتمبر: إن سد النهضة دخل بالفعل دائرة الخطر الكارثي على كل من مصر والسودان، بعد انتهاء التخزين الرابع وحجز نحو 41 مليار متر مكعب. ويضيف أنه طبقاً لمقاييس تقسيم السدود فإن سد النهضة يعد من الأشد خطورة على حياة البشر.
غالبية خبراء السدود يقولون إن تصنيف مخاطر السدود لا يعتمد على حالة السد الهندسية أو حجم سعته، ولكن على مدى الضرر الذي قد يحدث بدول المصب في حالة انهياره.
إن انهيار سدي وادي درنة وأبو منصور، وهما يخزنان 28 مليون متر مكعب فقط، قد أدى إلى مقتل 11 ألف شخص وتشريد عشرات الآلاف، وتدمير ثلث المدينة، الأمر الذي لفت نظر غالبية سكان العالم إلى خطورة بعض السدود، علماً بأن هناك أكثر من 50 ألف سد في العالم. مرة أخرى، ما زلنا نتحدث في الأمور الفنية فقط، وليس السياسية، والمفروض أن التصميم الأمريكي لسد النهضة كان تخزين 11.1 مليار متر مكعب، لكنها زادت لأسباب سياسية لتبلغ 74 مليار متر مكعب، واللافت للنظر أن هذا الرقم هو إجمالي حصتي مصر والسودان الحالية من مياه النيل، حيث لمصر 55.5 مليار متر، وللسودان 18.5 مليار متر.
فنياً أيضاً فإن موقع السد يقع في منطقة الأخدود الأفريقي الأكثر نشاطاً للزلازل، وينبع من ارتفاعات تزيد على 4 آلاف متر، إضافة إلى فيضانات شديدة في موسم الأمطار، وكميات كبيرة من الطمي، هي الأعلى في العالم. ثم إن سد النهضة يقع على بعد 15 كيلومتراً فقط تقريباً من الحدود السودانية، وإذا انهار ـ لا قدر الله ـ فإنه قد يشكل طوفاناً لم تره البشرية منذ أيام سيدنا نوح، عليه السلام، والوصف للدكتور عباس شراقي.
لو حدث الانهيار فإن حياة نحو 30 مليون شخص مهددة، خصوصاً في السودان، لأنه سيجرف في طريقه سدود الروصيرص وسنار ومروي في السودان، وإذا حدث ذلك فسوف تكون هناك خطورة حقيقية على السد العالي في مصر.
بطبيعة الحال فإن إثيوبيا تؤكد دائماً أنها راعت كل الشواغل الفنية والهندسية في بناء سد النهضة، وأنه آمن تماماً، لكنها في المقابل رفضت وترفض أي إشراف أو فحص أو مراقبة دولية أو مشاركة مصرية في دراسة مدى خطورة السد وكيفية تشغيله، خصوصاً بعد أن قررت زيادة سعته إلى 74 مليار متر مكعب.
كوني مصرياً أتمنى كل الخير والازدهار لإثيوبيا وشعبها، وأن تتقدم في كل المجالات، لكن بشرط بسيط، ألا يكون ذلك على حساب حياة المصريين والسودانيين. نتمنى أن يكون هناك تعاون مشترك بين البلدان الثلاثة لمصلحة شعوبهم، وليس لمصلحة شعب على حساب آخر، خصوصاً بعد أن رأينا ما حدث في درنة الليبية، فربما يكون ذلك بمثابة إنذار مبكر للجميع.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة ملیار متر مکعب سد النهضة

إقرأ أيضاً:

سد إثيوبيا .. بين تشغيل محدود ومخاوف من الزلازل

كشف الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، آخر التطورات حول سد النهضة الإثيوبي، وفجر مفاجأة جديدة عن تسريب مياه بحيرة السد.

مع انتهاء التخزين الخامس والأخير فى 24 أغسطس 2024 بإجمالى 60 مليار م3 عند منسوب 638 م فوق سطح البحر وتشغيل توربينين إضافة إلى توربينين آخرين منذ 2022، عملت التوربينات لأيام قليلة ثم توقفت جميعا إلى أن عادت منذ أسبوعين (24 ديسمبر 2024) للتشغيل المحدود باستخدام الإيراد الحالى عند سد النهضة 30 مليون م3/يوم الذى لا يكفى إلا لتشغيل ساعات معدودة، حيث أن مخزون البحيرة لم ينفص أى كمية حتى الآن مما يدل على أن التشغيل يعتمد فقط على الإيراد اليومى. 

كما أنه لم يتم يركيب التوربينات الثلاثة فى ديسمبر، التى أعلن عنها رئيس الوزراء الإثيوبى فى 24 أغسطس 2024، كما أن التخزين ثابت لم يزد متر مكعب واحد كما أعلن أيضا أنه سوف يصل إلى 71 مليار م3 فى ديسمبر رغم أن موسم الأمطار ينتهى فى أكتوبر.

وأكمل الدكتور عباس شراقي أن النشاط الزلزالى بدأ في منطقة الأخدود الإثيوبى فى 21 ديسمبر الماضى بمعدلات غير مسبوقة حيث بلغ عدد الزلازل خلال الـ 19 يوم الماضية 116 زلزال بقوة تتراوح بين 4.3 – 5.8 درجة، آخرها 5 زلزل حتى عصر اليوم منها قوة 5.3 درجة قبل فجر اليوم.

خروج غازات وأبخرة وكتل صخرية

وأدت الزلازل إلى بدء نشاط بركان دوفن الجمعة الماضية 3 يناير بخروج غازات وأبخرة وكتل صخرية ومياه وطين وذلك لغليان المياه على أعماق تصل إلى 10 كم، قد يكون جزء من هذه  المياه من تسريبات بحيرة سد النهضة من خلال أخدود النيل الأزرق الذى يربط بين بحيرة سد النهضة ومنطقة الأخدود الإثيوبى الرئيسى محل الزلازل الحالية، حيث درجات الحرارة العالية مما تتسبب فى غليان المياه وزيادة الضغط، وخروج الغازات والأبخرة من خلال التشققات التى تحدثها الزلازل.

إثيوبيا تحت وطأة الزلازل| هل يزيد سد النهضة من خطر الهزات الأرضية؟3 زلازل تضرب إثيوبيا خلال 24 ساعة.. وخبير يكشف تأثيرها على سد النهضة6 زلازل تضرب إثيوبيا خلال أسبوع.. عباس شراقي يكشف تأثيرها على سد النهضةتحذيرات متزايدة.. زلزال جديد يهز إثيوبيا وخبير يكشف تأثيره على سد النهضة

وتابع شراقي: هذا يحتاج إلى دراسات علمية لتأكيد أو نفى هذه النظرية. كما يخشى من نشاط بركان فنتالى الذى يسكن حوله عشرات الآلاف من السكان، وقد أخلت السلطات الإثيوبية بالفعل حوالى 80 ألف فى الأيام الأخيرة.

وأشار شراقي إلى أن الزلازل الحالية بهذه القوة والمسافة 500 – 600 كم من سد النهضة لا تؤثر عليه إلا إذا زادت عن 6.5 درجة، وهذا عادة ما يحدث فى إثيوبيا بمتوسط مرة كل 10 سنوات، خاصة إذا اقتربت مراكز الزلازل من سد النهضة كما حدث فى 8 مايو 2023 حيث بلغت 100 كم، ولكن كان بقوة 4.4 درجة والتخزين كان حوالى 17 مليار م3 فقط فى ذلك الوقت. زلازل سد النهضة نتيجة وزن البحيرة لم تبدأ بعد.

مقالات مشابهة

  • في ذكرى وضع حجر أساسه.. كيف حمى السد العالي مصر قديمًا وحديثًا؟
  • عامر المري: انتظروا «سايكو» في 2025
  • زي النهاردة.. جمال عبد الناصر يضع حجر الأساس لبناء السد العالي
  • الاحتفال بمرور 65 عامًا على وضع حجر الأساس لمشروع السد العالي
  • صور نادرة لأعمال بناء السد العالي في ذكرى وضع حجر أساسه
  • مصر تحتفل بمرور ٦٥ عام على وضع حجر الأساس لمشروع السد العالى
  • سد إثيوبيا .. بين تشغيل محدود ومخاوف من الزلازل
  • عُمان.. 5 سنوات من النهضة والسلام
  • "بالونة" إمام عاشور والأسئلة المشروعة
  • أردوغان: قيمة الضرر الذي لحق بسوريا خلال 13 عاما تتجاوز 500 مليار دولار