تشهد الصين تراجعًا في نسبة المواليد، وذلك بسبب عزوف جيل كامل من الشباب عن الزواج والإنجاب، وبسبب ضغوط تكاليف المعيشة، فإن الاقتصاد الصيني قد يخرج عن مساره بسبب العدد المتزايد من الشيب والشيخوخة.

وفي تقرير لصحيفة "جارديان" البريطانية، قالت شابة صينية تدعى "سيسي" عمرها 27 سنة، إنها لا ترغب في الإنجاب قبل بلوغ سن الخامسة والثلاثين، على الرغم من ضغط والدتها من أجل الزواج والإنجاب.

ولفتت الشابة إلى أن وظيفتها بإحدى شركات التكنولوجيا في بكين تستهلك منها وقتًا طويلا، بجانب إكمالها أيضًا دراستها للحصول على درجة الماجستير في القانون، وبالتالي لا تملك الوقت الكافي للتفكير في تكوين أسرة.

وذكرت "جارديان" أن حالة "سيسي" ليست فريدة من نوعها، إذ تنتشر حول العالم، لكن الظاهرة تهيمن بشدة في الصين، لدرجة أنه خلال العام الماضي انخفض عدد السكان في البلاد بنحو 850 ألف نسمة، وهو الانخفاض الأول منذ أكثر من خمسين عاما. ويعود هذا التطور إلى نسبة المواليد المتراجعة بشدة.

ويمثل هذا التراجع في أعداد السكان إنذارا قويًا بشأن مشكلات خطيرة قد تواجه اقتصاد الصين، بحسب "جارديان".

ربما يكون ما تعيشه "سيسي" مألوفا لدى جيل الألفية في البلدان الغنية في العالم، لكن بحسب البنك الدولي، فالدولة ذات الدخل المرتفع هي التي يزيد فيها الدخل السنوي الإجمالي للفرد عن 13845 دولارا، لكن متوسط حجم الدخل في الصين وصل خلال العام الماضي إلى 12850 دولارا، ما يجعل هناك مخاوف من أن تصاب الصين "بالشيخوخة" قبل أن تصبح دولة "غنية".

وتصل نسبة سكان الصين فوق 65 سنة إلى 14% من المواطنين في البلاد، وحدثت قفزة في هذه النسبة خلال السنوات الـ6 الماضية فقط.

وخلال العقدين المقبلين، بحسب "جارديان"، سوف تكون نسبة السكان فوق 65 سنة من بين الأعلى، مقارنة مثلا بدولة مثل الولايات المتحدة.

تدرك الحكومة الصينية هذا الأمر جيدًا، وقررت عام 2016 التخلي عن سياسة الطفل الواحد التي عملت بها لقرون طويلة، واستبدلتها لتسمح بإنجاب 3 أطفال، فيما تخلت مقاطعات بعينها عن الحد الأقصى للأطفال في الأسرة، من أجل تشجيع السيدات على الإنجاب.

ومن بين السياسات التي انتهجتها بكين أيضًا، منح 30 يوم إجازة مدفوعة الأجر للمتزوجين الجدد، وخصومات على عمليات التلقيح الصناعي، ومنح إعانات نقدية للأسر التي تحظى بالطفل الثاني والثالث.

في عام 2019، حذر مركز الأبحاث الحكومي، الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، من أن صندوق التقاعد الحكومي الرئيسي قد ينفد من الأموال بحلول عام 2035. وكان ذلك قبل التباطؤ الهائل في السنوات القليلة الماضية، والذي أضر بمساهمات المعاشات التقاعدية.

وكإجراء إغاثة طارئ خلال الوباء، سمحت الحكومة للشركات بإيقاف مساهمات الضمان الاجتماعي مؤقتًا لمدة تصل إلى ستة أشهر. وقد أدى ذلك إلى توفير 1.54 تريليون يوان للشركات، لكنه أدى أيضًا إلى ضرب إيرادات صناديق التقاعد بنسبة 13%، مما أدى إلى عجز النظام لأول مرة.

ومع زيادة عدد كبار السن، وتأثر الاقتصاد بفعل كورونا، قالت الزميلة في مركز أبحاث مجلس العلاقات الخارجية، زوي زونخوان ليو، إن هناك عجزا كبيرا في معاشات التقاعد ومع تراجع أعداد السكان "سيكون من الصعب زيادة قاعدة المعاشات، ويجب زيادة الاستثمارات.

وأضافت "زوي زونخوان ليو": ومن أجل ذلك بدأت الحكومة في تطوير برامج تسمح باستخدام المعاشات التقاعدية في أنواع مختلفة من الأصول.. لكن هذا سيعتمد على مسار الاقتصاد بشكل عام"، وتابعت: "لو لم يكن الأداء الاقتصادي جيدا، فسوف تتفاقم مشكلة العجز".

ومما يزيد الأمر صعوبة أن الصين تمتلك أصغر سن للتقاعد في العالم، فيمكن للرجال التقاعد عند بلوغ الستين والنساء عند الخامسة والخمسين، بينما أصحاب الياقات الزرقاء من العمال يمكنهم التقاعد عند 50 عاما. وحينما تم مناقشة فكرة رفع سن التقاعد، كان هناك غضب شعبي كبير.

لكن على الرغم من ذلك، قالت وسائل إعلام صينية رسمية إن بكين ماضية في خطط رفع سن التقاعد، ولكن على الرغم من ذلك يبدو أن مشكلة "الشيخوخة" ستستمر في كونها عبئًا على الاقتصاد الصيني.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الصين الجارديان

إقرأ أيضاً:

ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية على الصين والاتحاد الأوروبي والأسواق تترقب

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن إدارته تناقش فرض رسوم جمركية 10% على السلع المستوردة من الصين أول فبراير/شباط لأن مادة الفنتانيل المخدرة تُرسل من هناك إلى المكسيك وكندا.

وأضاف ترامب -في حديثه لصحفيين في البيت الأبيض أمس- أنه فرض بالفعل رسوما جمركية كبيرة على بكين خلال ولايته الأولى.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تواجه أيضا اختلالات تجارية مع دول الاتحاد الأوروبي وغيرها.

وقال ترامب مكررا تصريحات أدلى بها أول أمس "الاتحاد الأوروبي سيئ للغاية معنا. لذا فإنهم سيواجهون الرسوم الجمركية. إنها الطريقة الوحيدة للحصول على العدالة".

رد أوروبي

في الأثناء حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أمس من خطر وصفته بأنه "سباق عالمي نحو القاع" باستخدام أدوات اقتصادية مثل العقوبات وضوابط التصدير والرسوم الجمركية.

وفي كلمة خلال المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي اليوم التالي لتنصيب  ترامب، تحدثت فون دير لاين عن حقبة جديدة من المنافسة الجيوستراتيجية القاسية.

وقالت "مع تكثيف هذه المنافسة، من المرجح أن نستمر في رؤية الاستخدام المتكرر لأدوات اقتصادية، مثل العقوبات وضوابط التصدير والتعريفات الجمركية، التي تهدف إلى حماية الأمن الاقتصادي والوطني" لكنها قالت إنه ينبغي عدم خنق الابتكار.

إعلان

وأضافت "بهذه الروح، يتعين علينا أن نعمل معا لتجنب سباق عالمي نحو القاع لأن قطع الروابط في الاقتصاد العالمي ليس في مصلحة أحد. بل إننا بحاجة إلى تحديث القواعد من أجل دعم قدرتنا على تحقيق مكاسب متبادلة من أجل مواطنينا".

وهذا الأسبوع، أكّد المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية فالديس دومبروفسكيس أن الاتحاد الأوروبي مستعد "للدفاع عن مصالحه".

في حين قال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو -أول أمس- إنه ينبغي على فرنسا وأوروبا ككل الوقوف في وجه الرئيس الأميركي وسياساته وإلا فستواجه "السحق".

ترامب: الاتحاد الأوروبي سيئ للغاية معنا لذا فإنهم سيواجهون الرسوم الجمركية (رويترز) تقلبات الأسواق

ورغم ذلك بدا وكأن المستثمرين تنفسوا الصعداء بعد ما تبين أن السياسة الأولية للرئيس الأميركي بشأن الرسوم الجمركية أقل صرامة مما كانوا يخشون، غير أن الغموض الذي يكتنف هذه السياسة ينذر بحالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية.

وكان ترامب قد تعهد بفرض رسوم جمركية باهظة تتراوح بين 10 و20%على الواردات العالمية إلى الولايات المتحدة، و60% على السلع القادمة من الصين.

وبعد توليه منصبه أول أمس، لم يفرض ترامب رسوما جمركية على الفور، وإنما أصدر أمرا يوجه الوكالات بـ"التحقيق في العجز التجاري الأميركي ومعالجته".

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، أخبر ترامب المراسلين بأنه يفكر في فرض رسوم جمركية بقيمة 25% على المكسيك وكندا أول الشهر المقبل.

وبشكل عام، أدى هذا إلى تقلبات في الأسواق، فقد استعاد الدولار بعض مكاسبه مقابل البيزو المكسيكي والدولار الكندي بمجرد أن أدلى ترامب بتصريحاته.

وكانت "الأخضر الأميركي" قد انخفض بادئ الأمر بسبب الأخبار التي تفيد بأنه لن تكون هناك رسوم جمركية.

وقال مات ويلر رئيس أبحاث السوق في ستون إكس "لا يزال مدى سياسات ترامب الخاصة بالحماية التجارية هو التركيز الأساسي للسوق. وحتى الآن، هناك علامات مبكرة على أنه قد يكون أقل قوة (فيما يتعلق بفرض الرسوم) مما كان يُخشى".

إعلان عدم اليقين

وأكدت الساعات الـ24 الأولى من رئاسة ترامب ما يتوقعه المستثمرون من أن اليقين الوحيد بشأن رئاسة ترامب الثانية هو عدم اليقين على ما يبدو.

وساد ارتياح الأسواق الصينية بعد أن تجنبت بكين "عاصفة" فورية من الأوامر التنفيذية الأميركية، في حين سجل البيزو المكسيكي والدولار الكندي مكاسب أمس بعد انخفاضهما اليوم السابق.

وقال كالي كوكس كبير إستراتيجيي السوق في ريثولتز لإدارة الثروات "تمر الأسواق بلحظة من عدم اتضاح الرؤية. لم تُفرض رسوم باهظة اليوم الأول (من رئاسة ترامب) وقد لا تزال التفاصيل الملموسة بعيدة المنال".

الرئيس الأميركي فرض رسوما جمركية كبيرة على الصين خلال ولايته الأولى (غيتي إيميجز)

من جهته قال نايجل جرين الرئيس التنفيذي لمجموعة دي فير الاستشارية المالية إن عواقب فرض رسوم جمركية بقيمة 25% على المكسيك وكندا "قد تكون كارثية".

وارتفع اليوان الصيني وأسهم هونغ كونغ أمس، لكن أسهم شركات تصنيع البطاريات وطاقة الرياح انخفضت بعد أن أكد ترامب أنه سيعدل عن سياسات الطاقة الخضراء ويسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ.

وقد تدفع جولة قوية من الرسوم الجمركية الأميركية الاقتصادات من كندا إلى أوروبا إلى الركود.

وفي حين أن الأوروبيين يبدون الأكثر قلقا من عودة ترامب، فإن دولا مثل البرازيل والصين والهند وتركيا تعتقد أنه سيكون مفيدا لها وللسلام العالمي، وفقا لاستطلاع حديث أجراه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

رب ضارة نافعة

ومع ذلك، فإن عدم القدرة على التنبؤ بالسياسات الأميركية لا تفزع جميع المستثمرين.

وقال كونستانتين فيت مدير المحافظ الأوروبية في شركة بيمكو العملاقة للسندات "نحن مديرون نشطون، لذا فهذه بيئة رائعة لنا، نحن نحب عدم اليقين ونحب التقلبات لأنها تمنحنا الفرص".

وتتوقع بيمكو أن يؤدي التأثير السلبي للرسوم الجمركية إلى خفض أسعار الفائدة بأوروبا وأماكن أخرى، ولكنها قد تدفع أيضا عائد سندات الخزانة الأميركية إلى 5%.

ويتولى ترامب منصبه بجدول أعمال طموح يشمل التجارة والهجرة وخفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، وهو ما يمكن أن يعزز الاقتصاد الأميركي.

إعلان

مقالات مشابهة

  • ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية على الصين والاتحاد الأوروبي والأسواق تترقب
  • لأول مرة من 2013 .. انخفاض عدد مشاهدي حفل تنصيب الرئيس الأمريكي
  • تورم الجسم وزيادة الوزن.. إشارات لمشكلات صحية خطيرة
  • تراجع أسعار خام البصرة لأكثر من 1% مع انخفاض النفط عالمياً
  • تراجع ملحوظ.. الذهب يفتتح تعاملات الثلاثاء على انخفاض
  • تفويت الإفطار قد يهدد حياتك: تأثيرات خطيرة على مريض السكري
  • الجيباني: هيئة الرقابة الإدارية رصدت تعيين أعداد كبيرة وبإجراءات عشوائية في الوظائف الحكومية
  • أسعار الذهب اليوم الإثنين.. انخفاض 5 جنيهات لعيار 21
  • حسام موافي: الاستخدام المفرط للكورتيزون يهدد بمضاعفات خطيرة
  • التحالف الدولي: انخفاض جديد في أعداد المحتجزين بمخيم الهول السوري