وسط تزايد تحديات تغير المناخ والأزمات المترتبة عليه ومنها نقص الغذاء، نجحت دولة قطر في تحقيق إنجازات لافتة على صعيد تنمية القطاع الزراعي، في ظل الرؤية الثاقبة والسديدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي وضع تطوير الثروات الطبيعية، وبالأخص الزراعية، على رأس الأولويات الوطنية، سعيا وراء بلوغ الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي، مع التركيز على تبني سياسات واستراتيجيات وتقنيات مبتكرة تصب في خدمة الاستدامة الزراعية والبيئية على حد سواء، بجانب المبادرات الزراعية والخضراء، ومنها مشروع زراعة مليون شجرة و»أغرس قيمة»، وهي مبادرات تهدف إلى زراعة شتلات من أشجار البيئة القطرية، ما يعكس أهمية الاستدامة كونها أحد المحاور الرئيسية التي يتطرق إليها معرض «إكسبو 2023 الدوحة» المقرر انطلاقه في 2 أكتوبر المقبل، بجانب تنفيذ مشروع التعداد الزراعي، وإجراء عدد من البحوث التطبيقية، والزراعة النسيجية وتطوير مجمعات العزب، ودراسة تأثير المياه المعالجة في زراعة الأعلاف على الثروة الحيوانية، التي أثبتت أمنها وسلامتها، علاوة على تطوير الخدمات الزراعية، وتنفيذ مشاريع التحول الرقمي والرقمنة الزراعية وغيرها.


وتضع دولة قطر نصب أعينها تعزيز الاستثمار الأمثل في التكنولوجيا والبحث والتطوير والرقابة الغذائية، باعتبارها دعائم أساسية لرفع حجم وجودة الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي بطرق آمنة ومستدامة، بما يتواءم وأهداف «استراتيجية التنمية الوطنية للدولة والمتمثلة في زيادة نسبة الإنتاج المحلي من المواشي إلى 30 بالمائة ومن الأسماك إلى 65 بالمائة، وذلك في خطوة داعمة لرؤية قطر الوطنية 2030، ما يرسخ من ريادة قطر كدولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وتوفير العيش الكريم لشعبها والمقيمين على أرضها. وقد انعكست الجهود القطرية في تطوير القطاع الزراعي وزيادة نسب الاكتفاء الذاتي إيجابا في العديد من المنتجات الزراعية المحلية، والمضي خطوات نحو تحقيق الأمن الغذائي، وذلك باحتلال دولة قطر المركز الأول عربيا والرابع والعشرين عالميا في مؤشر الأمن الغذائي لعام 2021، لتقفز بذلك 13 مركزا على هذا المستوى، ما يعد تتويجا لجهود الدولة المستمرة في مجال الأمن الغذائي، خاصة وأن استراتيجية قطر الوطنية للأمن الغذائي 2018 - 2023 ركزت على تعزيز الإنتاج الغذائي الوطني، وتنويع مصادر الاستيراد، وإنشاء احتياطي استراتيجي يحقق التوازن بين المخزونات الغذائية، في وقت سعت فيه الدولة لتطوير السياسات الغذائية والزراعية والبنية التحتية، وأولت اهتماما كبيرا لبحوث الأمن الغذائي، وأنشأت صندوقا لرعاية البحوث الزراعية والغذائية، وكثفت الجهود للتكيف مع تغير المناخ والمحافظة على الموارد المختلفة، وتوظيف الطاقة المتجددة في القطاع الزراعي.
أما الاستراتيجية الجديدة في الأمن الغذائي 2024 - 2030، والتي سيتم تطبيقها بدءا من نهاية شهر أبريل القادم، فترتكز على مجموعة عناصر، منها تحقيق الاستدامة، والاعتماد على التقنيات الحديثة والابتكار في القطاع الزراعي وزيادة الإنتاج الزراعي خلال فصل الصيف، من خلال تبني تقنيات زراعية حديثة.


وفي هذا السياق، كشف الدكتور مسعود جارالله المري مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية «قنا» أبرز ما تحقق على صعيد الاكتفاء الذاتي من منتجات اللحوم، والخضراوات، والأسماك، وبيض المائدة، والأعلاف، على مشارف نهاية العمل بالاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2018 - 2023.
وقال: إن نسب الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الأساسية قد شهدت تحسنا ملحوظا، يعزى ذلك بصورة كبيرة إلى تعزيز الإنتاج المحلي كواحد من المستهدفات الاستراتيجية، ولكونه يعد واحدا من المحاور الأساسية التي تعمل عليها الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2018 - 2023، التي استهدفت زيادة الإنتاج المحلي من السلع الغذائية الزراعية سريعة التلف لتجنب الاضطراب في سلاسل الإمداد، وتحقيق الأمن الغذائي للدولة. ولفت إلى أن هذه الاستراتيجية ركزت على سلع محددة تشمل خضراوات البيوت المحمية، والألبان ومشتقاتها، والدواجن الطازجة، واللحوم الحمراء، وبيض المائدة، والأسماك الطازجة، وإنتاج الأعلاف الخضراء باستخدام المياه المعالجة. واستعرض مدير إدارة الأمن الغذائي في تصريحاته لـ «قنا» أبرز الإنجازات التي تحققت فيما يعنى بنسب الاكتفاء الذاتي حتى نهاية النصف الثاني من العام الحالي، وذلك من خلال تنفيذ مبادرات ومشاريع الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2018 - 2023.
وأكد د. المري أن أبرز إنجاز هو تحقيق الاكتفاء الذاتي من سلعتين أساسيتين، حيث اكتفت الدولة من الألبان ومشتقاتها، مقارنة بنسبة 87 بالمائة في العام الأول من عمر الاستراتيجية، كما حققت الاكتفاء الذاتي من الدواجن الطازجة مقارنة بحوالي 82 بالمائة في العام 2018، منوها في سياق ذي صلة إلى أن الدولة حافظت على مستويات ونسب الاكتفاء الذاتي من الألبان بمشتقاتها والدواجن الطازجة لما يزيد على العامين.
وبين أن نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك الطازجة ارتفعت أيضا بنسبة تصل إلى 25 بالمائة، حيث وصلت إلى 84 بالمائة مقارنة بحوالي 67 بالمائة في العام 2018.
كما زاد الاكتفاء الذاتي من بقية السلع المستهدفة بنسب متفاوتة، حيث حققت الدولة نسبة اكتفاء تصل إلى 42 بالمائة من خضراوات البيوت المحمية، مقارنة بحوالي 32 بالمائة في العام 2018، بينما وصلت نسبة الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة إلى 37 بالمائة مقارنة بحوالي 24 بالمائة في العام 2018.
وتوقع مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية دخول عدد من مشاريع إنتاج البيض الجديدة وبداية الإنتاج بنهاية شهر ديسمبر من هذا العام، والتي سيغطي إنتاجها حوالي 40 بالمائة من الاستهلاك المحلي، الأمر الذي سيرفع نسبة الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة إلى حوالي 77 بالمائة.        
وكشف عن أن نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء بالدولة وصلت إلى 19 بالمائة، وقال: «إنه يجري العمل حاليا في عدد من مشاريع التسمين والتي من المتوقع أن تزيد نسب الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء».
وفيما يتعلق بإنتاج الأعلاف الخضراء، نوه الدكتور المري بأن التوجه الاستراتيجي هو إيقاف إنتاج الأعلاف الخضراء باستخدام المياه الجوفية، والتحول بصورة كاملة إلى استخدام المياه المعالجة، موضحا أن نسبة الأعلاف الخضراء المنتجة حاليا باستخدام المياه المعالجة بلغت حوالي 39 بالمائة.
وحول أهم ركائز الاستراتيجية الوطنية الجديدة للأمن الغذائي 2024 - 2030، ذكر الدكتور المري أنها تقوم على عدة محاور، الأولى تتعلق بالإنتاج المحلي والسوق، حيث تتضمن بدورها عدة مبادرات تشمل تعزيز الإنتاج المحلي من عدة سلع غذائية رئيسية (الخضراوات، اللحوم الحمراء، الأسماك، الألبان، الدواجن) بما يعزز الاكتفاء الذاتي من هذه السلع وتأكيد الزراعة المستدامة، وكذا تقليل استخدام المياه الجوفية في الزراعة وتشجيع الاستدامة والتكيف مع تغير المناخ، من خلال التحول إلى نُظم الري الحديثة.
كما تتضمن تطوير برنامج لإدارة هدر الطعام وتعزيز الاقتصاد الدائري بما يعزز النظم الغذائية المستدامة وتأكيد سلامة وجودة الغذاء والأمن البيولوجي لكافة السلع الغذائية المنتجة محليا والمستوردة عبر كامل سلسلة الإمداد الغذائية وتعزيز التغذية الصحية ومراجعة برنامج دعم المستهلك (تموين) بالسلع الغذائية الأساسية بما يعزز التغذية الصحية.
أما الركيزة الثانية فحول «المخزون الاستراتيجي ونظم الإنذار» فيقول الدكتور المري: إنها تتضمن أيضا محاور ومبادرات بشأن توسيع وتحسين المخزون الاستراتيجي من السلع الغذائية الأساسية والسلع المهمة في أوقات الكوارث والطوارئ لمواجهة أسوأ سيناريو بما يعزز الأمن الغذائي، وبناء مخزون احتياطي من المدخلات الزراعية والحيوانية والسمكية، وتحليل النماذج التشغيلية والآثار المحتملة لتكاليف المخزون الاستراتيجي، وتطوير أنظمة إنذار لمراقبة المخزون الاستراتيجي.
وفيما يتعلق بالركيزة الثالثة «التجارة الدولية والاستثمار»، أوضح مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية أنها تتضمن عدة محاور، تشمل تعزيز حماية المنتجين المحليين للسلع الغذائية من خلال تطبيق بعض التدابير التجارية وتأسيس آلية لتحقيق التنويع التجاري وتنويع مصادر الواردات وتأسيس مركز تجاري إقليمي والاستفادة من مرافق ميناء حمد الدولي بما يعزز دولة قطر كمركز إقليمي تجاري لأهم السلع الغذائية التي تعزز الأمن الغذائي وربط استراتيجية الاستثمار خارج الدولة بما يعزز الأمن الغذائي مثل الاستثمارات في الأعلاف الخضراء واللحوم الحمراء وسلاسل التوريد المبردة.
سلع غذائية ضرورية 
وعما إذا كانت هناك مشاريع زراعية جديدة لدعم الأمن الغذائي بالدولة على صعيد القطاع العام أو الخاص، قال مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية: إنها تشمل تحسين الكفاءة والاحترافية في المشاريع الزراعية الموجودة حاليا، بما يعزز الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الضرورية، إلى جانب دعم إنشاء مشاريع جديدة من مشاريع الاستزراع السمكي لتطوير وتحسين الإنتاج المحلي من الأسماك الطازجة، فضلا عن مشاريع تحسين كفاءة استخدام مياه الري في الزراعة من خلال استخدام نظم الري الحديثة، وأيضا توسيع المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية (السلة الصفراء) والسلع الضرورية في وقت الأزمات والكوارث (السلة الحمراء).
كما تشمل تأسيس مركز تجاري إقليمي لأهم السلع الغذائية والاستفادة من مرافق ميناء حمد وتحسين سلاسل الإمداد، وتطوير الاستثمار الخارجي في مشاريع اللحوم الحمراء والأعلاف الخضراء بما يخدم ويعزز حالة الأمن الغذائي في دولة قطر.
حماية الموارد 
وردا على سؤال حول أولويات القطاع الزراعي فيما يخص الأمن الغذائي، أكد أن التوجهات تقوم على أن يشمل تعزيز الإنتاج المحلي من السلع الغذائية الاستراتيجية وحماية المنتجين المحليين من الواردات، وتنويع الواردات، وتعزيز الاحترافية والكفاءة في الإنتاج الزراعي، وحماية الموارد الطبيعية مثل المياه والتربة والأسماك والتنوع الحيوي.
كما تتضمن الأولويات تحسين كفاءة استخدام الموارد المائية وتقليل استخدام المياه الجوفية من خلال التخلي عن زراعة المحاصيل المستهلكة للمياه بكميات كبيرة مثل (محاصيل الأعلاف) وتعزيز النظم الغذائية المستدامة من خلال تعزيز تطبيق الممارسات الزراعية المستدامة، فضلا عن تطوير برنامج للحد من هدر الغذاء وتعزيز الاقتصاد الدائري مما سيسهم في تعزيز الأمن الغذائي.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر تنمية القطاع الزراعي إكسبو 2023 الدوحة تغير المناخ الأمن الغذائي الاستراتیجیة الوطنیة المخزون الاستراتیجی الإنتاج المحلی من من السلع الغذائیة المیاه المعالجة استخدام المیاه القطاع الزراعی اللحوم الحمراء تعزیز الإنتاج دولة قطر بما یعزز من خلال

إقرأ أيضاً:

«المجمعات الاستهلاكية»: ضخ أطنان من السلع الغذائية بأسعار مخفضة

ضخت وزارة التموين والتجارة الداخلية، آلاف الأطنان من السلع الأساسية والمنظفات والخضروات والفواكه واللحوم والدواجن والبيض في المجمعات الاستهلاكية بجميع أفرعها، لتخفيف العبء عن المواطنين، إذ يجري طرح السلع والمنتجات بأسعار مخفضة عن مثيلاتها بالأسواق الخارجية.

توافر الزيت والسكر في المجمعات الاستهلاكية

وأكد حازم محمد، مدير عام قطاع شرق القاهرة بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، توفر السلع التموينية من زيت، وسكر، ودقيق وملح وجبن، ومكرونة وكل السلع الأساسية بكميات كبيرة بالمجمعات، ويجري ضخها يوميًا للمواقع والفروع.

أسعار الزيت والسمن في المجمعات الاستهلاكية

وأوضح حازم محمد لـ«الوطن»: لدينا احتياطي من كل السلع لا يقل عن 6 أشهر، ويجرى ضخ أي سلعة تنقص من الأسواق بسرعة سواء الدواجن أو اللحوم والخضروات والفواكه، بأسعار أقل من مثيلاتها بالأسواق بنسبة من 25 إلى 30%، جاءت كالتالي: 

- زيت كريستال عباد 800 جم بسعر 71.5 جنيه.

- زيت عافية عباد 800 جم بسعر 72.5 جنيه.

- زيت كريستال ذرة 800 جم بسعر 71.5 جنيه.

- سمنة جنة 700 جم بسعر 71.5 جنيه.

- سمنة روابي 700 جم بسعر 71.5 جنيه.

- خيار طازج بسعر 20 جنيها.

- جزر بسعر 27.5 جنيه.

- مكرونة 300 جم بسعر 13 جنيها. 

- قطعة الصابون بسعر 10 جنيهات. 

سعر طبق البيض 

- طبق البيض بسعر 150 جنيها. 

أسعار اللحوم في المجمعات الاستهلاكية

وقال ماجد سليم، جزار بمجمع استهلاكي لـ«الوطن»: «بينزل لي عجل أو عجلين، حسب ما أنا عايز كل يوم، أما في الواسم نزيد الكمية إلى الضعف حسب المتاح والعرض والطلب»، مضيفًا أن اللحوم المتوفرة حاليًا هي لحوم سودانية طازجة بسعر 285 جنيهًا للكيلو، فيما يبلغ سعر كيلو الكبدة 285 جنيها.

مقالات مشابهة

  • جهود الزراعة لحماية المحاصيل الزراعية للحفاظ على الأمن الغذائي
  • «المجمعات الاستهلاكية»: ضخ أطنان من السلع الغذائية بأسعار مخفضة
  • محافظ القاهرة يشيد بهيئة نظافة وتجميل العاصمة من خلال الاكتفاء الذاتي
  • رئيس زراعة النواب: نواصل الجهود لتحقيق التنمية الزراعية والأمن الغذائي
  • ارتفاع أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية في دول الخليج
  • 10 مليارات دولار حجم صادرات الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية
  • الاثنين .. البحوث الزراعية ينظم ندوة عن التنمية المستدامة 2030
  • أبوظبي.. الوطني للأرصاد يفتتح مركزاً تدريبياً إقليمياً جديداً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية
  • الوطني للأرصاد يفتتح مركزاً إقليمياً جديداً
  • «استكشفوا المناطق الزراعية» ضمن المشاريع الأكثر تأثيراً إقليمياً